أرشيف المقالات

{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}؟! - أحمد رشيد

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد..
أتعجّبُ كثيرًا لِما يكون من تناقضٍ رهيب..
من كثيرٍ من إخواننا في الفهم والتصوُّر، وأنا لا أُسيئ الظن بهم، ولكنها عاطفة جيَّاشة في صدورهم، وهذا واجب على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر.
والموضوع باختصار أيها الأحبة:
أننا نلاحظ كثيرًا من المسلمين الغيورين على الأعراض والدماء، يتألمون إذا رأوا صورة مسلم يُقتَل، أو يُعذَّب، أو يُنال من كرامته، أو مسلمة تُعذَّب، أو يُنتهَك عِرضها، على أيدي أعداء الله من اليهود ، أو من الصليبين، أومن الروافض..
أو غيرهم، سواءً كان ذلك في بورما، أو مالي، أو البوسنة، أو الشيشان ، أو في العراق، أو في أي قطرٍ من أقطار الأرض، وفي نفس الوقت ؛ يروا مثل هذه المناظر في بلادهم، على أيدي مسلمين وغير المسلمين، وقد تكون أسوأ منها ولا يتألمون ولا يُنكِرون!
إن المشاهد متكرِّرة، وما كُنَّا نبكي له من قبل صار واقعًا حيًا ملموسًا بيننا ولا حول ولا قوة إلا بالله!
ألم يحدث للمسلمين في بلادهم ما حدث للمسلمين في بلاد الغرب؟
ألم يُستعمَل مع المسلمين في بلادهم نفس الأساليب التي تحدُث معهم في بلاد الغرب؟
فلماذا نتألم لما يُصيبهم هناك، ولا نتألم لما يُصيبهم في بلادنا؟
أليس الدم واحدًا؟!
أليسوا كلهم مسلمين؟!
أليست الحُرمة واحدة؟!
ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون تتكافئ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم»[1]؟
أم أن الدماء تختلِف، فدمٌ هو دم..
ودمٌ هو ماء؟!
ما الذي يحدث؟
حينما أتأمَّل في ذلك أقول: إن هذا الذي نراه إما أن يكون خلل في الفهم، أو تناقض في الحكم، أو هو الورع الباهت!
وإلى هؤلاء نقول:
إن عندنا في الإسلام ثوابت لا ينبغي أن تُغيِّرها الخلافات السياسية، ولا تُبدِّلها الصراعات الحزبية، «إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم كحرمةِ يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا» (رواه البخاري ومسلم).
واعلموا أن الدماء لا تختلِف من فصيلٍ لفصيل، ولا من لونٍ للون، لم يقل الرسول صلى اله عليه وسلم: إن دماء فصيل ما هي أطهر من دماء غيره، ولا أنقى منه، ولا أزكى منه، وإنما قال: «دمائكم»..
«أموالكم»..
«أعراضكم» بصيغة الجمع.
وقال أيضًا: «المؤمنون تتكافئ دماؤهم» بصيغة الجمع.
وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرالجسد بالسهر والحمى» (متفقٌ عليه).
وأقول لهم أيضًا:
لا تأتمُّوا بإعلاميين مُضلِلين {جَاءُوا بِالْإِفْكِ}..
{سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف من الآية:116].
وأزيدكم قائلًا:
إن تهمة المسلم في بلاد الغرب هي نفس التهمة في بلاده، مع أنني لا أُزكِّي فصيلًا بعينه، ولا أحكم على من يختلف معه بردةٍ ولا بكفرٍ فحاشا لله أن أقول بذلك، ولكني أطلب منك في هذا الوقت الذي تتألم فيه لدماءٍ تسيل، أو أعراضٍ تُنتهَك، أو كرامةٍ تُهان في حق مسلمٍ أو مسلمةٍ في بلاد الغرب، وهذا واجب، أن يحترق قلبك لما يُصيب بني جلدتك من المسلمين والمسلمات في بلدك أيًّا كانت انتماءاتهم واتجاهاتهم وهذا مطلوب.
وختامًا أقول:
إن قادة الغرب يقولون: "دمِّروا الإسلام أبيدوا أهله" فهل نعي الدرس؟!
وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]- (رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما).
 

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير