شرح متن الورقات [12]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والشرط يجوز أن يتأخر عن المشروط، ويجوز أن يتقدم عن المشروط، والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق، كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع، وأطلقت في بعض المواضع، فيحمل المطلق على المقيد].

تقدم لنا أن المخصصات تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: مخصصات متصلة.

والقسم الثاني: مخصصات منفصلة.

وذكرنا من المخصصات المتصلة الاستثناء، وذكرنا أنه يشترط في الاستثناء شروط لكي يكون مخصصاً، وهي:

الشرط الأول: النية، وهو أن ينوي الاستثناء قبل تمام المستثنى منه.

والشرط الثاني: الاتصال حقيقةً أو حكماً.

والشرط الثالث: أن يبقى شيء من المستثنى منه.

والشرط الرابع: الاستثناء من الجنس.

والشرط الخامس: أن يكون المستثنى والمستثنى منه صادرين من متكلم واحد.

والشرط السادس: أن يلفظ بالاستثناء، وأنه إذا نوى الاستثناء بقلبه فهل يكفي ذلك أو لا يكفي؟ وذكرنا تفصيلاً لذلك.

ثم بعد ذلك قال المؤلف رحمه الله: (والشرط يجوز أن يتأخر عن المشروط، ويجوز أن يتقدم عن المشروط).

هذا المخصص الثاني من المخصصات المتصلة، وهو الشرط، والشرط تقدم تعريفه، وقلنا: بأنه في اللغة: العلامة، وأما في الاصطلاح: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، والمراد بالشرط هنا: تعليق شيء بشيء بإن الشرطية أو إحدى أخواتها.

أقسام الشرط

من حيث العموم ينقسم الشرط إلى أقسام:

القسم الأول: الشرط العقلي، وهو: ما لا يوجد المشروط ولا يمكن عقلاً بدونه، وهذا مثل: اشتراط الحياة للعلم، فهذا شرط عقلي، لا يوجد المشروط ولا يمكن عقلاً بدونه اشتراط الحياة للعلم.

القسم الثاني: الشرط العادي، وهو: ما يكون شرطاً عادةً، أي: دلت العادة على أنه شرط.

مثاله: كنصب السلم للصعود إلى السطح، فالصعود إلى السطح يشترط له نصب السلم، ولا يمكن الصعود عادةً إلى السطح إلا بأصل السلم.

القسم الثالث: الشرط الشرعي، والمراد به: ما اشترطه الشارع لبعض الأحكام، كاشتراط الطهارة لمس المصحف، واشتراط النية لصحة الصوم وهكذا.

القسم الرابع: الشرط اللغوي، وهو: ما يذكر بصيغة التعليق إن أو إحدى أخواتها، أو -كما تقدم لنا- تعليق شيء بشيء بإن الشرطية أو إحدى أخواتها، وهذا هو المراد من هذه الأقسام الأربعة بقوله: (والشرط يجوز أن يتأخر عن المشروط) فالشرط اللغوي هو: الذي يخصص العموم، وهو المراد هنا.

وقول المؤلف رحمه الله: (والشرط يجوز أن يتأخر عن المشروط، ويجوز أن يتقدم عن المشروط). أي: على المشروط، مثل قوله: أنت طالق إن دخلت الدار، فهنا تأخر على المشروط أنت طالق إن دخلت الدار، أو يتقدم على المشروط مثل قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، أو مثلاً: وهبتك هذا الكتاب إن كنت طالب علم، أو يتقدم، مثل قوله: إن كنت طالب علم فقد وهبتك الكتاب.

فتأخر الشرط مثاله من القرآن قول الله عز وجل: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ [النساء:12] فهنا تأخر، وتقدم بشرط مثاله قول الله عز وجل: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6]، فهنا تقدم الشرط على المشروط, وفي الآية الأولى تأخر الشرط على المشروط.

صيغ الشرط

بالنسبة لصيغ الشرط: إن المخففة, وإذا, ومن, وما, وأينما, وإذ ما, ومهما, وحيثما، وأم هذه الصيغ وقلنا: إن المخففة، وذلك لأمرين:

الأمر الأول: أنها حرف، وما عداها اسم.

والأمر الثاني: أنها تستعمل في جميع صور الشرط، بخلاف بقية الصيغ، فمثلاً: (من) لا تستعمل إلا للعاقل، و(ما) تستعمل لغير العاقل، و(أينما) تستعمل للمكان وهكذا.

شروط صحة التخصيص بالشرط

بالنسبة للشروط التي سبقت في الاستثناء، لابد أن ترد هنا:

فالشرط الأول: لا بد من الاتصال حقيقةً أو حكماً، فمثلاً لو قال: أنت طالق وبعد ساعة قال: إن دخلت الدار، فهل يصح ذلك أو لا يصح؟ نقول: لا يصح، أو قال: هذا بيتي وقف، ثم قال: إن شاء الله، فهذا تأخر ولم يتصل شرطه، أو قال: هذا بيتي وقف ثم بعد ذلك قال: إن دخلت الدار، أو قال: هذا بيتي وقف، ثم قال: إن شاء الله، أو قال: إن رضي أبي، فهل يصح ذلك أو لا يصح؟ نقول: إن كان الفاصل طويلاً فلا يصح هذا.

وكما تقدم لنا في الاستثناء أنه إذا كان الكلام واحداً ولم يطل الفصل فإنه يصح الاستثناء, فكذلك يصح الاستثناء هنا.

وأيضاً نية الشرط لو أنه لم ينو لا يصح النفي، فلا بد أن ينوي الشرط -كما قلنا- في الاستثناء، فلو أنه قال: أنت طالق، ثم بعد ذلك قال: إن شاء الله وهو لم ينو لا يصح، وتقدم لنا أن الصحيح أنه يصح.

وكذلك لابد أن يكون الشرط والمشروط صادرين من متكلم واحد، فلو أنه قال: وهبتك ألف ريال، ثم بعد ذلك قال شخص: إن رضي أبي أو إن شاء الله أو نحو ذلك، فإن هذا لا يصح، فلا بد أن يكون الشرط والمشروط صادرين من متكلم واحد، ولا بد من اللفظ، فلو أنه نوى الشرط بقلبه فإن ذلك لا يكفي، ولهذا قال الملك لسليمان: قل: إن شاء الله.

وأيضاً الشرط الواقع بعد جمل متعاطفة يرجع إلى جميع الجمل، فلو قال: أكرم الرجال، وطلبة العلم إن دخلوا الدار، فقوله: (إن دخلوا الدار) هذا يرجع للرجال، ويرجع لطلبة العلم، فهذا الإكرام ليس خاصاً بطلبة العلم، فالرجال إذا دخلوا الدار فإنهم يكرمون، وطلبة العلم إن دخلوا الدار فإنهم يكرمون، وهذا الشرط يتكلم عليه الفقهاء رحمهم الله كثيراً في أحكام الطلاق، ويتكلمون عليه في الأوقاف والوصايا والإقرارات، ولكن أكثر ما يتكلمون عليه في الطلاق، والعتق, مثل لو قال لرقيقه: أنت حر ثم قال: إن رضي أبي... إلى آخره.

من حيث العموم ينقسم الشرط إلى أقسام:

القسم الأول: الشرط العقلي، وهو: ما لا يوجد المشروط ولا يمكن عقلاً بدونه، وهذا مثل: اشتراط الحياة للعلم، فهذا شرط عقلي، لا يوجد المشروط ولا يمكن عقلاً بدونه اشتراط الحياة للعلم.

القسم الثاني: الشرط العادي، وهو: ما يكون شرطاً عادةً، أي: دلت العادة على أنه شرط.

مثاله: كنصب السلم للصعود إلى السطح، فالصعود إلى السطح يشترط له نصب السلم، ولا يمكن الصعود عادةً إلى السطح إلا بأصل السلم.

القسم الثالث: الشرط الشرعي، والمراد به: ما اشترطه الشارع لبعض الأحكام، كاشتراط الطهارة لمس المصحف، واشتراط النية لصحة الصوم وهكذا.

القسم الرابع: الشرط اللغوي، وهو: ما يذكر بصيغة التعليق إن أو إحدى أخواتها، أو -كما تقدم لنا- تعليق شيء بشيء بإن الشرطية أو إحدى أخواتها، وهذا هو المراد من هذه الأقسام الأربعة بقوله: (والشرط يجوز أن يتأخر عن المشروط) فالشرط اللغوي هو: الذي يخصص العموم، وهو المراد هنا.

وقول المؤلف رحمه الله: (والشرط يجوز أن يتأخر عن المشروط، ويجوز أن يتقدم عن المشروط). أي: على المشروط، مثل قوله: أنت طالق إن دخلت الدار، فهنا تأخر على المشروط أنت طالق إن دخلت الدار، أو يتقدم على المشروط مثل قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، أو مثلاً: وهبتك هذا الكتاب إن كنت طالب علم، أو يتقدم، مثل قوله: إن كنت طالب علم فقد وهبتك الكتاب.

فتأخر الشرط مثاله من القرآن قول الله عز وجل: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ [النساء:12] فهنا تأخر، وتقدم بشرط مثاله قول الله عز وجل: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:6]، فهنا تقدم الشرط على المشروط, وفي الآية الأولى تأخر الشرط على المشروط.

بالنسبة لصيغ الشرط: إن المخففة, وإذا, ومن, وما, وأينما, وإذ ما, ومهما, وحيثما، وأم هذه الصيغ وقلنا: إن المخففة، وذلك لأمرين:

الأمر الأول: أنها حرف، وما عداها اسم.

والأمر الثاني: أنها تستعمل في جميع صور الشرط، بخلاف بقية الصيغ، فمثلاً: (من) لا تستعمل إلا للعاقل، و(ما) تستعمل لغير العاقل، و(أينما) تستعمل للمكان وهكذا.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح متن الورقات [3] 2755 استماع
شرح متن الورقات [11] 2360 استماع
شرح متن الورقات [23] 2274 استماع
شرح متن الورقات [15] 2235 استماع
شرح متن الورقات [7] 2071 استماع
شرح متن الورقات [2] 2042 استماع
شرح متن الورقات [18] 2027 استماع
شرح متن الورقات [17] 1972 استماع
شرح متن الورقات [20] 1946 استماع
شرح متن الورقات [25] 1925 استماع