شرح متن الورقات [3]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله: [والمندوب ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه].

تعريف المندوب

المندوب في اللغة: اسم مفعول من الندب، وهو الدعاء إلى الفعل.

وأما في الاصطلاح فإن المؤلف رحمه الله ذكر تعريفه ببيان ثمرته، والأحسن أن يذكر التعريف ببيان الحقيقة والماهية.

فنقول في تعريف المندوب: هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين، بطلب العمل طلباً غير جازم.

فقولنا: (بطلب العمل) هذا يخرج المحرم والمكروه والمباح، فالمباح لا يتعلق فيه أمر ونهي ولا نهي لذاته، وقولنا: (طلباً غير جازم) هذا يخرج الواجب.

أما بالنسبة لثمرته، فقال المؤلف رحمه الله: (ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه). فالمندوب يجوز تركه، لذلك قال المؤلف رحمه الله: (لا يعاقب على تركه). إلا إن اعتقد استحباب تركه فهذا لا يجوز.

وفي قول المؤلف: (ولا يعاقب على تركه) لدينا مسألتان:

المسألة الأولى: نقول: إذا اعتقد استحباب الترك فإنه يعاقب عليه.

والمسألة الثانية: يذم إذا داوم على الترك، مثلاً بعض المندوبات المؤكدة إذا داوم على تركها فإنه يذم على ذلك، كما لو داوم على ترك الوتر، أو داوم على ترك السنن الرواتب، وفي هذا قال الإمام أحمد رحمه الله: من لم يوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة عندنا. وكذلك أيضاً: فيما يتعلق بالسنن الرواتب، فأصبح أنه إذا اعتقد أسباب الترك فإن هذا لا يجوز، وكذلك أيضاً إذا داوم على ترك السنن المؤكدة.

خلاف الأصوليين في حقيقة المندوب

بالنسبة للمندوب فقد اختلف فيه الأصوليون رحمهم الله هل هو مأمور به أو ليس مأموراً به؟ فاختلفوا على رأيين: فجمهور الأصوليين على أن المندوب مأمور به حقيقة؛ لأنه طاعة، والطاعة إنما تكون بامتثال أمر الله تعالى، وذهب بعض الأصوليين إلى أن المندوب ليس مأموراً به.

مرادفات المندوب

المندوب يسمى مستحباً وسنة، يعني: يطلق عليه نفل ومستحب وسنة ومندوب، وهذه كلها من باب الترابط، يعني: اختلف اللفظ واتفق المعنى، وفرق بعض العلماء فقال: ما ثبت بدليل يقال له: سنة، وما ثبت بتعليل يقال له: مندوب أو مستحب.

كذلك أيضاً ما تقدم لنا بالنسبة للواجب، فالواجب يسمى فرضاً أيضاً عند جمهور الأصوليين، وهذا من باب الترادف، فلا فرق عندهم بين الواجب والفرض، وهذا ما عليه جمهور الأصوليين، وأما بالنسبة للحنفية ففرقوا وقالوا: ما ثبت بدليل قطعي فهو فرض، وما ثبت بدليل ظني فهو واجب، والله أعلم.

المندوب في اللغة: اسم مفعول من الندب، وهو الدعاء إلى الفعل.

وأما في الاصطلاح فإن المؤلف رحمه الله ذكر تعريفه ببيان ثمرته، والأحسن أن يذكر التعريف ببيان الحقيقة والماهية.

فنقول في تعريف المندوب: هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين، بطلب العمل طلباً غير جازم.

فقولنا: (بطلب العمل) هذا يخرج المحرم والمكروه والمباح، فالمباح لا يتعلق فيه أمر ونهي ولا نهي لذاته، وقولنا: (طلباً غير جازم) هذا يخرج الواجب.

أما بالنسبة لثمرته، فقال المؤلف رحمه الله: (ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه). فالمندوب يجوز تركه، لذلك قال المؤلف رحمه الله: (لا يعاقب على تركه). إلا إن اعتقد استحباب تركه فهذا لا يجوز.

وفي قول المؤلف: (ولا يعاقب على تركه) لدينا مسألتان:

المسألة الأولى: نقول: إذا اعتقد استحباب الترك فإنه يعاقب عليه.

والمسألة الثانية: يذم إذا داوم على الترك، مثلاً بعض المندوبات المؤكدة إذا داوم على تركها فإنه يذم على ذلك، كما لو داوم على ترك الوتر، أو داوم على ترك السنن الرواتب، وفي هذا قال الإمام أحمد رحمه الله: من لم يوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة عندنا. وكذلك أيضاً: فيما يتعلق بالسنن الرواتب، فأصبح أنه إذا اعتقد أسباب الترك فإن هذا لا يجوز، وكذلك أيضاً إذا داوم على ترك السنن المؤكدة.

بالنسبة للمندوب فقد اختلف فيه الأصوليون رحمهم الله هل هو مأمور به أو ليس مأموراً به؟ فاختلفوا على رأيين: فجمهور الأصوليين على أن المندوب مأمور به حقيقة؛ لأنه طاعة، والطاعة إنما تكون بامتثال أمر الله تعالى، وذهب بعض الأصوليين إلى أن المندوب ليس مأموراً به.

المندوب يسمى مستحباً وسنة، يعني: يطلق عليه نفل ومستحب وسنة ومندوب، وهذه كلها من باب الترابط، يعني: اختلف اللفظ واتفق المعنى، وفرق بعض العلماء فقال: ما ثبت بدليل يقال له: سنة، وما ثبت بتعليل يقال له: مندوب أو مستحب.

كذلك أيضاً ما تقدم لنا بالنسبة للواجب، فالواجب يسمى فرضاً أيضاً عند جمهور الأصوليين، وهذا من باب الترادف، فلا فرق عندهم بين الواجب والفرض، وهذا ما عليه جمهور الأصوليين، وأما بالنسبة للحنفية ففرقوا وقالوا: ما ثبت بدليل قطعي فهو فرض، وما ثبت بدليل ظني فهو واجب، والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: [والمباح: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه].

تعريف المباح

المباح في اللغة: المعلن والمأذون فيه.

وأما في الاصطلاح فهو: ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته.

وهذا مثل الأكل والشرب واللباس... إلخ، هذه الأشياء المباحة.

وقول العلماء رحمهم الله: (ما لا يتعلق به أمر) هذا يخرج حكمين من الأحكام التكليفية: الواجب والمندوب؛ فإن كلاً من الواجب والمندوب قد تعلق به الأمر.

وقولنا: (ولا نهي) هذا أيضاً يخرج حكمين من الأحكام التكليفية: النهي والكراهة.

وقولنا: (لذاته) أي: لذات المباح، فيخرج ما إذا كان المباح وسيلة لمأمور فإنه يكون مأموراً به, وإذا كان وسيلة لمنهي فإنه يكون منهياً عنه، فمثلاً: البيع مباح، لكن شراء الثوب لكي يستر به الإنسان عورته واجب، وشراء عود الأراك لكي يتسوك به الإنسان يكون سنة، وشراء العنب لكي يعصره خمراً يكون محرماً، وإن كان الأصل في شراء العنب أنه مباح، لكن شراؤه لكي يعصره خمراً هذا نقول: بأنه محرم، وأيضاً شراء الثوم لكي يأكله هذا يكون مكروهاً.

خلاف الأصوليين في المباح

اختلف الأصوليون رحمهم الله: هل المباح مأمور به أو ليس مأموراً به؟ على رأيين:

فجمهور الأصوليين على أن المباح غير مأمور به، قالوا: لأن الأمر يستلزم إيجاب الفعل أو ترجيحه، أو إيجاب الترك أو ترجيحه, وهذا غير موجود في المباح وهذا الرأي الأول.

والرأي الثاني وذهب إليه الكعبي من الأصوليين فقال: بأن المباح مأمور به، وعلته في كونه مأموراً به: أنه يكون وسيلة إلى مأمور به، ووسيلة للمنع, فإذا كان كذلك فالوسائل لها أحكام المقاصد.

ألفاظ الإباحة

الإباحة تستفاد من لفظ الإحلال، وتستفاد أيضاً من لفظ الإذن، وتستفاد أيضاً من لفظ العفو، وتستفاد أيضاً من لفظ رفع الجناح، وتستفاد أيضاً من لفظ التخيير..

وجه إدخال المباح في الأحكام التكليفية

تقدم في تعريف المباح أنه: ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته، فإذا كان لا يتعلق به أمر ولا نهي فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في وجه إدخاله أو إلحاقه بالأحكام التكليفية؛ لأن الأحكام التكليفية هي التي يتعلق به الأمر أو نهي، فإذا كان لا يتعلق به أمر ولا نهي فكيف أدخل مع الأحكام التكليفية؟!

فقال بعض العلماء: بأن هذا من باب المسامحة وإكمال القسمة.

وقال بعض العلماء: بأن هذا من باب التغليب.

والرأي الثالث: أنه أدخل إلى الأحكام التكليفية بالنظر إلى كونه وسيلة.

المباح في اللغة: المعلن والمأذون فيه.

وأما في الاصطلاح فهو: ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته.

وهذا مثل الأكل والشرب واللباس... إلخ، هذه الأشياء المباحة.

وقول العلماء رحمهم الله: (ما لا يتعلق به أمر) هذا يخرج حكمين من الأحكام التكليفية: الواجب والمندوب؛ فإن كلاً من الواجب والمندوب قد تعلق به الأمر.

وقولنا: (ولا نهي) هذا أيضاً يخرج حكمين من الأحكام التكليفية: النهي والكراهة.

وقولنا: (لذاته) أي: لذات المباح، فيخرج ما إذا كان المباح وسيلة لمأمور فإنه يكون مأموراً به, وإذا كان وسيلة لمنهي فإنه يكون منهياً عنه، فمثلاً: البيع مباح، لكن شراء الثوب لكي يستر به الإنسان عورته واجب، وشراء عود الأراك لكي يتسوك به الإنسان يكون سنة، وشراء العنب لكي يعصره خمراً يكون محرماً، وإن كان الأصل في شراء العنب أنه مباح، لكن شراؤه لكي يعصره خمراً هذا نقول: بأنه محرم، وأيضاً شراء الثوم لكي يأكله هذا يكون مكروهاً.

اختلف الأصوليون رحمهم الله: هل المباح مأمور به أو ليس مأموراً به؟ على رأيين:

فجمهور الأصوليين على أن المباح غير مأمور به، قالوا: لأن الأمر يستلزم إيجاب الفعل أو ترجيحه، أو إيجاب الترك أو ترجيحه, وهذا غير موجود في المباح وهذا الرأي الأول.

والرأي الثاني وذهب إليه الكعبي من الأصوليين فقال: بأن المباح مأمور به، وعلته في كونه مأموراً به: أنه يكون وسيلة إلى مأمور به، ووسيلة للمنع, فإذا كان كذلك فالوسائل لها أحكام المقاصد.