شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [20]


الحلقة مفرغة

الفطر قبل الخروج لصلاة عيد الفطر

تقدم لنا شيء من أحكام صلاة الجمعة، وأتممنا الحديث على هذا الباب، ثم شرعنا في باب صلاة العيدين، وأخذنا شيئاً من أحكام صلاة العيدين، فتكلمنا عن حكم صلاة العيدين، وأن المؤلف رحمه الله يرى أنها فرض على الكفاية، وذكرنا أن الأقرب ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله أنها فرض عين، وأيضاً تكلمنا عن عددها، وكذلك أيضاً عن وقتها، وأن وقتها من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى الزوال، وذكرنا الدليل على ذلك، ثم تكلمنا على قول المؤلف رحمه الله: (والسنة فعلها في المصلى..) إلى آخره.

قال المؤلف رحمه الله: [والفطر في الفطر خاصةً قبل الصلاة].

يوم العيد يشتمل على آداب، من هذه الآداب: أن يفطر في الفطر قبل أن يخرج إلى الصلاة، فيستحب للإنسان في يوم عيد الفطر قبل أن يخرج إلى الصلاة أن يفطر، وأن يكون فطره على تمرات؛ لما روى بريدة رضي الله تعالى عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي ).

وورد أيضاً في حديث أنس رضي الله تعالى عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على تمرات، ويأكلهن وتراً ).

فيستحب قبل خروج الإنسان إلى مصلى العيد أن يفطر على تمرات على ثلاث أو خمس أو سبع، ويبدأ مشروعية أكل هذه التمرات من طلوع الفجر الثاني إلى الذهاب إلى المصلى، فإذا ذهب الإنسان إلى المصلى انتهت هذه السنة؛ لأن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

والحكمة من أكل هذه التمرات والإفطار قبل الخروج هو تحقيق فطر ذلك اليوم وتأكيده أن ذلك اليوم يوم عيد، ويوم العيد يحرم صومه، فلتحقيق فطر ذلك اليوم يشرع أن يأكل قبل أن يخرج تمرات.

وأما بالنسبة في عيد يوم الأضحى فالسنة ألا يأكل شيئاً؛ لما تقدم من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يطعم يوم النحر حتى يصلي، فإذا صلى وذبح أضحيته أكل منها )؛ لقول الله عز وجل: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28].

قال العلماء رحمهم الله: ويستحب أن يأكل من كبدها؛ لأن الكبد أسرع نضوجاً وأسهل هضماً، ( والنبي عليه الصلاة والسلام لما نحر بدنه -قد أهدى مائة بعير- أمر أن يؤخذ من كل بدنة قطعةً من اللحم، فطبخت في قدر فأكل من لحمها وشرب من مرقها ).

الغسل

قال المؤلف رحمه الله: [ويسن أن يغتسل].

أيضاً هذا من الآداب، في يوم العيدين يستحب للإنسان أن يغتسل، والاغتسال ورد فيه حديثان ضعيفان: حديث ابن عباس وحديث الفاكه بن سعد رضي الله تعالى عنهم، لكنه ثابت عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهو ثابت عن ابن عمر والسائب بن يزيد .

فنقول: يشرع للإنسان أن يغتسل يوم العيد؛ لورود ذلك عن الصحابة، والغسل يوم العيد يكون من بعد طلوع الفجر الثاني، فإذا طلع الفجر الثاني يوم العيد فإنه يستحب للإنسان أن يغتسل، ولو أن الإنسان وجب عليه الغسل ثم استيقظ بعد الفجر واغتسل فإن هذا كاف.

التنظف

قال المؤلف رحمه الله: [ويتنظف].

المراد بالتنظف أمران:

الأمر الأول: أخذ ما أمر الشارع بأخذه شرعاً.

والأمر الثاني: أخذ ما تدعو الحاجة إلى أخذه طبعاً.

أما الأول فهو أخذ ما أمر الشارع بأخذه فهذا يشمل سنن الفطرة كتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص الشارب، هذه الأشياء يقول المؤلف رحمه الله: (يتنظف) يعني: يأخذها في يوم العيد، لكن لم يرد في ذلك سنة.

والسنة في مثل هذه الأشياء أن يأخذها الإنسان إذا طالت، فإذا طالت هذه الأشياء مع الإنسان فإنه يستحب له أن يأخذها، سواء كان ذلك في يوم العيد أو في غيره، وعلى هذا ينظر الإنسان في يوم العيد فإن كانت هذه الأشياء طويلة يعني أظافره وشاربه وعانته وإبطه فإنه يأخذ ذلك.

وأما الأمر الثاني: قطع ما يشرع قطعه طبعاً أو تدعو الحاجة إلى قطعه طبعاً فهو قطع كل رائحة كريهة، يقطع كل رائحة كريهة؛ لأنه يجتمع بالناس، وإذا كان عنده شيء من الروائح غير الطيبة ربما تأذى الناس بهذه الرائحة.

التطيب

قال المؤلف رحمه الله: [ويتطيب].

أي: يسن أن يتطيب في يوم العيد، وهذا أيضاً لم ترد فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن قال العلماء رحمهم الله: يوم الجمعة يشرع فيه الطيب، وهو يوم عيد، فكذلك أيضاً يوم الأضحى ويوم الفطر كل منهما عيد، فما دام أنه ورد الدليل على التطيب في العيد الأصغر فكذلك أيضاً في العيد الأكبر وهو عيد الفطر وعيد الأضحى.

تقدم لنا شيء من أحكام صلاة الجمعة، وأتممنا الحديث على هذا الباب، ثم شرعنا في باب صلاة العيدين، وأخذنا شيئاً من أحكام صلاة العيدين، فتكلمنا عن حكم صلاة العيدين، وأن المؤلف رحمه الله يرى أنها فرض على الكفاية، وذكرنا أن الأقرب ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله أنها فرض عين، وأيضاً تكلمنا عن عددها، وكذلك أيضاً عن وقتها، وأن وقتها من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى الزوال، وذكرنا الدليل على ذلك، ثم تكلمنا على قول المؤلف رحمه الله: (والسنة فعلها في المصلى..) إلى آخره.

قال المؤلف رحمه الله: [والفطر في الفطر خاصةً قبل الصلاة].

يوم العيد يشتمل على آداب، من هذه الآداب: أن يفطر في الفطر قبل أن يخرج إلى الصلاة، فيستحب للإنسان في يوم عيد الفطر قبل أن يخرج إلى الصلاة أن يفطر، وأن يكون فطره على تمرات؛ لما روى بريدة رضي الله تعالى عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي ).

وورد أيضاً في حديث أنس رضي الله تعالى عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على تمرات، ويأكلهن وتراً ).

فيستحب قبل خروج الإنسان إلى مصلى العيد أن يفطر على تمرات على ثلاث أو خمس أو سبع، ويبدأ مشروعية أكل هذه التمرات من طلوع الفجر الثاني إلى الذهاب إلى المصلى، فإذا ذهب الإنسان إلى المصلى انتهت هذه السنة؛ لأن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

والحكمة من أكل هذه التمرات والإفطار قبل الخروج هو تحقيق فطر ذلك اليوم وتأكيده أن ذلك اليوم يوم عيد، ويوم العيد يحرم صومه، فلتحقيق فطر ذلك اليوم يشرع أن يأكل قبل أن يخرج تمرات.

وأما بالنسبة في عيد يوم الأضحى فالسنة ألا يأكل شيئاً؛ لما تقدم من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يطعم يوم النحر حتى يصلي، فإذا صلى وذبح أضحيته أكل منها )؛ لقول الله عز وجل: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28].

قال العلماء رحمهم الله: ويستحب أن يأكل من كبدها؛ لأن الكبد أسرع نضوجاً وأسهل هضماً، ( والنبي عليه الصلاة والسلام لما نحر بدنه -قد أهدى مائة بعير- أمر أن يؤخذ من كل بدنة قطعةً من اللحم، فطبخت في قدر فأكل من لحمها وشرب من مرقها ).

قال المؤلف رحمه الله: [ويسن أن يغتسل].

أيضاً هذا من الآداب، في يوم العيدين يستحب للإنسان أن يغتسل، والاغتسال ورد فيه حديثان ضعيفان: حديث ابن عباس وحديث الفاكه بن سعد رضي الله تعالى عنهم، لكنه ثابت عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهو ثابت عن ابن عمر والسائب بن يزيد .

فنقول: يشرع للإنسان أن يغتسل يوم العيد؛ لورود ذلك عن الصحابة، والغسل يوم العيد يكون من بعد طلوع الفجر الثاني، فإذا طلع الفجر الثاني يوم العيد فإنه يستحب للإنسان أن يغتسل، ولو أن الإنسان وجب عليه الغسل ثم استيقظ بعد الفجر واغتسل فإن هذا كاف.

قال المؤلف رحمه الله: [ويتنظف].

المراد بالتنظف أمران:

الأمر الأول: أخذ ما أمر الشارع بأخذه شرعاً.

والأمر الثاني: أخذ ما تدعو الحاجة إلى أخذه طبعاً.

أما الأول فهو أخذ ما أمر الشارع بأخذه فهذا يشمل سنن الفطرة كتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، وقص الشارب، هذه الأشياء يقول المؤلف رحمه الله: (يتنظف) يعني: يأخذها في يوم العيد، لكن لم يرد في ذلك سنة.

والسنة في مثل هذه الأشياء أن يأخذها الإنسان إذا طالت، فإذا طالت هذه الأشياء مع الإنسان فإنه يستحب له أن يأخذها، سواء كان ذلك في يوم العيد أو في غيره، وعلى هذا ينظر الإنسان في يوم العيد فإن كانت هذه الأشياء طويلة يعني أظافره وشاربه وعانته وإبطه فإنه يأخذ ذلك.

وأما الأمر الثاني: قطع ما يشرع قطعه طبعاً أو تدعو الحاجة إلى قطعه طبعاً فهو قطع كل رائحة كريهة، يقطع كل رائحة كريهة؛ لأنه يجتمع بالناس، وإذا كان عنده شيء من الروائح غير الطيبة ربما تأذى الناس بهذه الرائحة.

قال المؤلف رحمه الله: [ويتطيب].

أي: يسن أن يتطيب في يوم العيد، وهذا أيضاً لم ترد فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن قال العلماء رحمهم الله: يوم الجمعة يشرع فيه الطيب، وهو يوم عيد، فكذلك أيضاً يوم الأضحى ويوم الفطر كل منهما عيد، فما دام أنه ورد الدليل على التطيب في العيد الأصغر فكذلك أيضاً في العيد الأكبر وهو عيد الفطر وعيد الأضحى.

قال المؤلف رحمه الله: [فإذا حلت الصلاة تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة].

صلاة العيد ركعتان بإجماع المسلمين، ولا يشرع لها الأذان ولا الإقامة؛ لأن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة ولا نداء؛ لأن هذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، والعبادات مبناها على التوقيف.

قال المؤلف رحمه الله: [يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمساً سوى تكبيرة القيام].

وهذا دليله حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( التكبير في الفطر والأضحى في الأولى سبع وفي الثانية خمس ) أخرجه أبو داود ، وكذلك أيضاً حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وهو ثابت يعني يصح بشواهده.

فيستحب للإمام أن يكبر في صلاة العيد في الأولى بسبع، وفي الثانية بخمس؛ كما ثبت ذلك من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، وحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، وهذه التكبيرات تسمى بالتكبيرات الزوائد، وهذه التكبيرات كما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله سبع في الأولى مع تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس بلا تكبيرة القيام، في الأولى سبع ويحسبون تكبيرة الإحرام، في الثانية خمس دون تكبيرة القيام، وهذا قول الإمام أحمد رحمه الله، وأيضاً قال به الإمام مالك ، وأيضاً قال به الشافعي إلا أن الشافعي رحمه الله يقول في الأولى: سبع بلا تكبيرة الإحرام، عند مالك وأحمد : سبع مع تكبيرة الإحرام، وعند الشافعي : سبع بلا تكبيرة الإحرام، لا تحسب تكبيرة الإحرام.

وأما الثانية فهم يتفقون على أنها خمس دون تكبيرة القيام، يعني إذا قمت قلت: الله أكبر هذه لا تحسب، ثم تكبر الخمس الزوائد، هذه يتفق عليها الشافعي ومالك وأحمد ، لكن في الأولى منهم من قال: تحسب تكبيرة الإحرام، ومنهم من قال: سبع بلا تكبيرة الإحرام، وقال أبو حنيفة : التكبيرات الزوائد ثلاث أن يكبر ثلاثاً ثلاثاً، والأقرب في ذلك ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى.

قال المؤلف رحمه الله: [ويرفع يديه مع كل تكبيرة].

يرفع يديه مع كل تكبيرة: الله أكبر، الله أكبر، يرفع يديه مع كل تكبيرة؛ لأن هذا ورد في تكبيرات الجنائز عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كـابن عمر وابن عباس ، وورد أيضاً من حديث ابن عمر مرفوعاً في الدارقطني ، وهذا صححه الشيخ عبد العزيز رحمه الله، فيرفع يديه مع التكبيرات، هذا وارد عن الصحابة، وكذلك أيضاً ورد من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وارد عن الصحابة في تكبيرات الجنائز، وكذلك أيضاً في تكبيرات العيد.

قال المؤلف رحمه الله: [ويحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين].

يعني: بين كل تكبيرتين يقول: الله أكبر ثم يذكر الله يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أو يقول: الله أكبر، اللهم صل على محمد، الحمد لله، يذكر الله بين كل تكبيرتين، وهذا ورد عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه بإسناد حسن كما أخرجه الطبراني والبيهقي ، وهذا أيضاً قال به الشافعي .

وذهب بعض أهل العلم كـأبي حنيفة ومالك أنه لا يذكر بين التكبيرات، أبو حنيفة ومالك قالا: لا يذكر بين التكبيرات، بل يوالي بين التكبيرات، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر يوالي بينها، وقال ابن القيم رحمه الله: يفصل بين كل تكبيرتين بسكتة.

وما ذهب إليه المؤلف رحمه الله هو الوارد عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.

فإذا شرع في صلاة العيدين يبدأ -أولاً- بالاستفتاح يستفتح، ثم بعد الاستفتاح يكبر التكبيرات الزوائد، يكبر أولاً تكبيرة الإحرام ثم يستفتح ثم بعد ذلك يكبر التكبيرات الزوائد، بعد أن ينتهي من التكبيرات الزوائد يستعيذ ويقرأ ويبسمل؛ لأن الاستعاذة والبسملة هذه ليست للصلاة، وإنما هي للقراءة.

فالترتيب كما يلي: أولاً يبدأ بتكبيرة الإحرام، ثم بعد ذلك يستفتح، ثم بعد ذلك يكبر التكبيرات الزوائد، ثم بعد ذلك يستعيذ، ثم يبسمل، ثم يقرأ الفاتحة.

قال المؤلف رحمه الله: [ثم يقرأ الفاتحة وسورة يجهر فيهما بالقراءة].

قوله: (يجهر فيهما بالقراءة) لأن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا الصحابة رضي الله تعالى عنهم أخبروا بما قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم في العيد، فدل ذلك على أنهم كانوا يسمعون قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، فنقول: يجهر فيهما بالقراءة.

ولم يذكر ما هي هذه السورة التي تقرأ، وإنما قال المؤلف رحمه الله: (يقرأ الفاتحة وسورةً يجهر فيهما بالقراءة)، وقد ورد في ذلك سنتان عن النبي صلى الله عليه وسلم:

السنة الأولى: أن يقرأ في الركعة الأولى بـ(سبح)، وفي الركعة الثانية بـ(هل أتاك حديث الغاشية)، وهذا كما ورد من حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه.

والسنة الثانية: أن يقرأ في الركعة الأولى بـ (ق)، وفي الركعة الثانية يقرأ بسورة (اقتربت الساعة).

هاتان سنتان، وقد سبق أن أشرنا إلى أن السنن التي وردت على وجوه متنوعة يستحب للإنسان أن يقرأ بهذا تارة، وبذاك تارةً أخرى.

قال المؤلف رحمه الله: [فإذا سلم خطب خطبتين].

يؤخذ من كلام المؤلف رحمه الله أن هاتين الخطبتين بعد الصلاة، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى، فإن الجمهور يرون أن هاتين الخطبتين بعد الصلاة؛ كما ثبت ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان كانوا يصلون ويخطبون بعد الصلاة.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس أن يخطب قبل الصلاة كالجمعة، قالوا: لوروده عن عمر وعثمان ومعاوية رضي الله تعالى عنهم، لكن الوارد عن عمر وعثمان هذا شاذ لا يثبت، نقول: بأنه شاذ مخالف لما ثبت عنهم في الصحيحين أنهم كانوا يصلون قبل الخطبة في العيد.

ففي الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة )، فنقول: ما ورد عنهم رضي الله تعالى عنهم شاذ، والصواب في ذلك أن الخطبة في العيدين تكون بعد الصلاة.

قال المؤلف رحمه الله: [فإن كان فطراً حثهم على الصدقة، وبين لهم حكمها].

يقول المؤلف رحمه الله: إن كان العيد عيد الفطر فإنه في الخطبة يبين لهم صدقة الفطر، ويحثهم عليها، يعني يحثهم على صدقة الفطر ويبينها لهم.

وهذا فيه نظر؛ لأن صدقة الفطر انتهى وقتها، صدقة الفطر وقتها إلى الصلاة، ولهذا جاء في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطعمةً للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات )، فهذا يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يؤخر زكاة الفطر إلى ما بعد صلاة العيد، فإن تعمد ذلك فإنها لا تقبل منه ويكون آثماً، لكن إن كان معذوراً كأن ينسى إخراجها، أو يوكل أحداً لكي يخرجها ولم يخرجها فإنه يخرجها.

وعلى هذا يكون كلام المؤلف رحمه الله فيه نظر، يقول: يحثهم على الصدقة يعني صدقة الفطر ويبين لهم حكمها هذا فيه نظر؛ لأن وقت الزكاة انتهى، فكونه يحثهم على ذلك هذا يتكلم عن شيء قد مضى حكمه، لكن المؤلف رحمه الله ذكر ذلك؛ لأن الحنابلة رحمهم الله يرون أن زكاة الفطر يمتد وقتها إلى غروب الشمس، يعني يكره أن تؤخرها إلى بعد الصلاة، ويجوز أن تدفعها في سائر اليوم إلى غروب الشمس، فإن كان بعد الغروب فهذا يحرم، والصواب أنه يحرم تأخيرها إلى ما بعد الصلاة.

قال المؤلف رحمه الله: [وإن كان أضحى بين لهم حكم الأضحية].

نقول: هذا صحيح، في الأضحى تبين لهم حكم الأضحية، ولا يقتصر على ذلك، بل يبين للناس ما يحتاجون إليه، يعني يتلمس حاجات الناس وما يحتاجون إلى التنبيه عليه ونحو ذلك فيبينه لهم، ويبين أيضاً في خطبته أحكام الأضحية؛ لأن الناس مقبلون على ذبح الأضاحي، وقد يجهلون شيئاً من أحكامها.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [22] 2512 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [1] 2460 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [4] 2430 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [12] 2419 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [2] 2392 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [14] 2348 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [2] 2347 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب النكاح [1] 2307 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [23] 2302 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [6] 2295 استماع