تركتها وفعلوها لنفس السبب!
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
تَرَكْتَها وفَعَلُوها لنفس السبب! إذا سألتَ أيَّ مسلمٍ هل تُحِبُّ نبيَّكَ؟ لَتَعَجَّبَ من السؤال، فمَا من مسلم لا يُحِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولكن ماذا بعد هذا الحب؟! أو ما دليلُكَ على هذا الحب؟ فالحبُّ أفعال لا أقوال؛ إنَّ الْمُحِبَّ لمن يُحبُّ مطيعٌ، وعلى ما يُحبُّ حريصٌ.
ولذلك إذا كنت تزعم حُبَّك للنبي صلى الله عليه وسلم، فكن صادقًا مع نفسك في الإجابة عن هذه الأسئلة: هل تطيع أوامره وتجتنب نواهيه؟ فإن المحبَّ بحبيبه يقتدي.
هل أنت حريصٌ على اتِّباع سُنَّتِه؟ وإذا كنتَ حريصًا، فكم عدد السُّنَن التي تُؤدِّيها في يومِكَ؟ الإجابة عند كثير منَّا مُحزنة ومُخجلة ومخزية؛ بل نجد كثيرًا من المسلمين إذا سمِعُوا أن ذلك الفعل أو القول سُنَّة تركوه، وقالوا: يكفينا أداء الفرائض.
لكن الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم عرَفُوا قيمة اتِّباع السُّنَّة، فكانوا يعاملونها مُعاملة الفرض ولا يُفرِّقُون بينهما.
فالبعض يتركها لأنها سُنَّة، وكان الصحابة يحرصون عليها لأنها سُنَّة؛ لأنهم عرَفوا أن حُبَّ الله عز وجل للمرء، ومغفرة ذنوبه مرهونٌ باتِّباعه للرسول صلى الله عليه وسلم، ولقد صَرَّحَ بذلك الله عز وجل في كتابه؛ فقال: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].
فحياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت التفسير العمليَّ للقرآن الكريم، كانت التطبيق الواقعيَّ لما أراده الله عز وجل من العباد، كل صغيرة وكبيرة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت لهدف، كانت مقصودةً، وكانت محسوبةً، وكانت مُتابَعةً بالوحي.
وذلك بالإضافة إلى الفضل الكبير والأجر العظيم لمن اتَّبع السُّنَن؛ من تحصين للنفس من الشياطين، ومغفرة الذنوب وعِتْق الرقابِ من النار، وأن تكون في حفظ الله تعالى، فهي أعمال يسيرة، يُثيب الله عليها عبادَه بأجور عظيمة.
أما نستطيع حفظ أذكار النوم والاستيقاظ والصباح والمساء وغيرها؟! هل تعرف أذكار دخول المنزل والخروج منه؟ وأذكار الوضوء وما يُقال عند الأذان وبعده، وعند دخول المسجد والخروج منه؟ لن تأخذ من وقتِكَ إلَّا دقائق معدودة خلال اليوم؛ لكنَّك ستشعُر بأثَرِها في حياتك، وفي صحيفة أعمالك يوم القيامة.
ستجدها في كُتَيِّبات الأذكار، أو مطبوعةً في بطاقات أو أوراق، وفي تطبيقات الجوَّال، فمن السهل الوصول إليها لو كُنَّا حريصين على اتِّباع سُنَّة نبيِّنا.
للأسف نبخل على أنفسنا بثواب كبير، نحصل عليه بأمور سهلةٍ لن تستغرق وقتًا ولا مجهودًا.
ولو طبَّقناها والتزمنا بها على سهولتها، سنعيش على سُنَّة رسولنا صلى الله عليه وسلم، وما أسهل أن نعيش على سُنَّته؛ فالسُّنَّة ليست مجرد أذكارٍ للصباح والمساء والنوم أو نوافل الصلوات؛ بل تشمل كل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله!
ما الصعوبة في أن تبدأ عند ارتداء ملابسك بيدك اليمين، وعند خلعها تبدأ بيدك اليُسرى؟!
ما الصعوبة في أن تدخل الخلاء - أكرمك الله - برِجْلِك اليُسرى، وتخرُج برجلك اليُمنى؟
ما الوقت الذي تحتاج إليه لتُسمِّي الله قبل أي فعل؟
أين المشكلة إذا صَلَّيت وأمامك سترة؟ وسُترة المصلِّي هي كل ما يَضَعُه أو ينصبه الإمام أو المنفرد أمامه من عصًا ونحوها عند صلاته.
ما المشقَّة في قولك عند صعود السُّلَّم: "الله أكبر" وقولك عند نزوله "سبحان الله"؟ أمورٌ يسيرة نستطيع أن نجعلها من عاداتنا اليومية، وعَدَّ بعضهم سُنَن النبي في كل يوم وليلة فوجدها ١٠٠٠ سُنَّة، فكم سُنَّة منها تعرف؟ وعلى كم سُنَّة منها حرصت؟
أتدرون أين المشكلة؟ المشكلة تكمُن فينا، في عدم حرصنا على اتِّباع الرسول صلى الله عليه وسلم، في عدم اهتمامنا بالسُّنَن؛ فلا نحاول معرفتها، ولو عرَفناها فإننا لا نُطبِّقها؛ لأنها ليست من اهتماماتنا ولا أولويَّاتنا.
كم ساعة من يومك تقضيها مع وسائل التواصل والإنترنت عمومًا؟
ألا نستطيع أن نقتطع منها لحظات، نتَّبِع فيها سُنَّة رسولنا وقدوتنا؟
اجعل شعارك دائمًا: على سُنَّتِك نعيش.
اللهم ارزقنا صُحبة نبيِّك صلى الله عليه وسلم وشفاعته.