شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [22]


الحلقة مفرغة

قال الحجاوي رحمه الله تعالى في باب صلاة الجماعة: [ ويسن لإمام التخفيف مع الإتمام, وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية، ويستحب انتظار داخل إن لم يشق على مأموم، وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها، وبيتها خير لها.

فصل: في أحكام الإمامة.

الأولى بالإمامة الأقرأ العالم فقه صلاته, ثم الأفقه، ثم الأسن، ثم الأشرف، ثم الأقدم هجرة، ثم الأتقى، ثم من قرع، وساكن البيت وإمام المسجد أحق إلا من ذي سلطان، وحر وحاضر ومقيم وبصير ومختون ومن له ثياب أولى من ضدهم، ولا تصح خلف فاسق ككافر، ولا امرأة ولا خنثى للرجال، ولا صبي لبالغ، ولا أخرس].

تكلمنا في الدرس السابق عن حكم قراءة المأموم للفاتحة، وهل يجب عليه أن يقرأها أو لا يجب عليه؟ وذكرنا أن العلماء رحمهم الله اختلفوا على أقوال، وأن أقرب الأقوال ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المأموم يجب عليه أن يقرأ في ما يسر به الإمام من الركعات، وأما ما يجهر به الإمام من الركعات فإنه لا يجب عليه أن يقرأ، وذكرنا أن المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى أن المأموم لا يجب عليه أن يقرأ مطلقاً سواء كان ذلك في الصلاة السرية أو كان ذلك في الصلاة الجهرية.

وتكلمنا أيضاً عن مسابقة المأموم للإمام، وذكرنا أن المشهور من المذهب أن المسابقة لا تخلو من أربع حالات، وذكرنا حكم المسابقة في تكبيرة الإحرام، وحكم المسابقة في السلام، وأما ماعدا ذلك فإن له أربع حالات، وذكرنا الحال الأولى, وهي السبق إلى الركن.

والحال الثانية: السبق بركن الركوع.

والحال الثالثة: السبق بركن غير الركوع.

والحال الرابعة: السبق بركنين ليس فيهما الركوع، وبينا حكم كل حالة من هذه الحالات.

وذكرنا أن أحوال المأموم مع الإمام أربع حالات: المسابقة والتخلف والموافقة والمتابعة، وأن السنة هي المتابعة, وأنهينا ما يتعلق بالمسابقة.

موافقة المأموم للإمام

الحالة الثانية: وهي ما يتعلق بالموافقة، والموافقة هي: أن يوافق المأموم الإمام في شيء من أقوال الصلاة أو أفعالها, ومثال أن يوافقه في بقية الأقوال غير تكبيرة الإحرام وغير السلام، فهذا لا شيء فيه, فمثلاً لو أن الإمام ركع وجعل يقول: سبحان ربي العظيم والمأموم أيضاً ركع وجعل يقول: سبحان ربي العظيم، وتوافقا في تسبيحة الركوع أو السجود، أو قول: رب اغفر لي، فهذا لا شيء فيه.

ومثال أن يوافقه في بقية الأفعال، كأن يركع مع الإمام، أو أن يرفع مع الإمام, أو أن يسجد مع الإمام، فهذا يكره خلافاً للحنفية، فهم يرون أن المتابعة هي أن توافقه في الفعل، فإذا ركع تركع معه، وإذا سجد تسجد معه، وهذا لاشك أنه ضعيف، والصحيح ما ذهب إليه الفقهاء رحمهم الله, وأن كونك توافق الإمام نقول: بأنه مكروه.

ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا )، وفي سنن أبي داود : ( ولا تركعوا حتى يركع ).

تخلف المأموم عن الإمام

الحال الثالثة: التخلف عن الإمام، والمشهور من المذهب أن حكم التخلف هو حكم المسابقة كما سبق، والأقرب في ذلك أن نقول: التخلف عن الإمام ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن يكون التخلف لعذر، مثلاً: إنسان حصل له غفلة وركع الإمام وهو لم يركع، أو حصل له سهو أو نعاس بحيث سجد الإمام وهو ما سجد، أو قرأ الإمام في الصلاة السرية وهو ما قرأ، المهم: أن التخلف كان لعذر، فنقول: إذا كان التخلف لعذر فإن المأموم يأتي بما تخلف به عن إمامه ويتابع الإمام، إلا أن يصل إليه الإمام في موضع تخلفه، فإذا وصل إليه الإمام في موضع تخلفه فإنه يتابع الإمام ولا يأتي بما تخلف به عن الإمام، ويأتي بعد سلام الإمام بركعة, مثال ذلك: مأموم قام مع الإمام، ثم الإمام ركع وهو لم يركع، ورفع الإمام وسجد وهذا المأموم لا يزال في غفلة، ثم بعد ذلك زالت عنه هذه الغفلة، فنقول: اركع وارفع واسجد وتابع الإمام، لكن لو أن الإمام ركع، ورفع، وسجد سجدتين، وقام حتى وصل إليه في موضع تخلفه فنقول: بأنه يتابع الإمام ويأتي بركعة عند نهاية الصلاة، ولا يأتي بالأركان التي تخلف فيها عن الإمام.

القسم الثاني: أن يكون التخلف لغير عذر، يعني: عمداً، كأن ركع الإمام وهو لم يركع، أو سجد الإمام وهو لم يسجد، فنقول: هنا خالف السنة، فإن أدرك الإمام في الركن فصلاته صحيحة, لكنه خالف السنة، وإن لم يدرك الإمام في الركن بأن لحقه الإمام في موضع التخلف نقول: بطلت عليه صلاته.

ولنفرض أن مأموماً قام مع الإمام، ثم الإمام ركع والمأموم لم يركع، ثم بعد ذلك ركع المأموم -تخلفه كان لغير عذر، تخلف عمداً- وأدرك الإمام في الركوع، فنقول هنا: صلاته صحيحة, لكنه خالف السنة.

ولو أن الإمام فرغ من الركن قبل أن يدركه المأموم في الركن الذي تخلف عنه فيه فإن صلاته تبطل عليه، كأن ركع الإمام والمأموم لا يزال قائماً، ثم بعد ذلك الإمام رفع من الركوع -فرغ من الركن الذي تخلف عنه فيه المأموم- فنقول: بأن صلاة هذا المأموم تبطل عليه.

فتلخص لنا: أن التخلف عن الإمام ينقسم إلى قسمين: إما أن يكون لعذر, وهذا بيناه، وإما أن يكون لغير عذر، فنقول: إن أدرك المأموم الإمام في الركن الذي تخلف عنه فيه فصلاته صحيحة، لكنه خالف السنة، وإن لم يدركه في الركن الذي تخلف فيه فنقول: بأن صلاته تبطل عليه مادام أن التخلف كان لغير عذر، أي: كان متعمداً.

متابعة المأموم للإمام

الحالة الرابعة: المتابعة، وهي: أن يأتي المأموم بالركن بعد أن يتلبس به الإمام، فإذا ركع وظننت أنه استتم راكعاً تركع، وإذا سجد وظننت أنه استتم ساجداً فإنك تسجد، هذه هي المتابعة المشروعة.

وسبق أن أشرنا إلى مذهب أبي حنيفة رحمه الله أن المتابعة المشروعة هي: أن يوافق المأموم الإمام في الأفعال، فيركع معه، ويرفع معه ... إلى آخره، ولهذا الذين يتابعون مذهب أبي حنيفة تجد أحدهم يركع مع الإمام إذا ركع، وإذا هوى الإمام للسجود سجد، ولاشك أن هذا غير صحيح، والصواب في ذلك: أن المتابعة المشروعة أن يأتي المأموم بالركن بعد أن يتلبس به الإمام.

ويدل لذلك: حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: ( سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداً )، وفي حديث عمرو بن حريث : ( حتى يستتم ساجداً ). وحديث البراء في البخاري ، وحديث عمرو بن حريث في مسلم .

الحالة الثانية: وهي ما يتعلق بالموافقة، والموافقة هي: أن يوافق المأموم الإمام في شيء من أقوال الصلاة أو أفعالها, ومثال أن يوافقه في بقية الأقوال غير تكبيرة الإحرام وغير السلام، فهذا لا شيء فيه, فمثلاً لو أن الإمام ركع وجعل يقول: سبحان ربي العظيم والمأموم أيضاً ركع وجعل يقول: سبحان ربي العظيم، وتوافقا في تسبيحة الركوع أو السجود، أو قول: رب اغفر لي، فهذا لا شيء فيه.

ومثال أن يوافقه في بقية الأفعال، كأن يركع مع الإمام، أو أن يرفع مع الإمام, أو أن يسجد مع الإمام، فهذا يكره خلافاً للحنفية، فهم يرون أن المتابعة هي أن توافقه في الفعل، فإذا ركع تركع معه، وإذا سجد تسجد معه، وهذا لاشك أنه ضعيف، والصحيح ما ذهب إليه الفقهاء رحمهم الله, وأن كونك توافق الإمام نقول: بأنه مكروه.

ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا )، وفي سنن أبي داود : ( ولا تركعوا حتى يركع ).

الحال الثالثة: التخلف عن الإمام، والمشهور من المذهب أن حكم التخلف هو حكم المسابقة كما سبق، والأقرب في ذلك أن نقول: التخلف عن الإمام ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن يكون التخلف لعذر، مثلاً: إنسان حصل له غفلة وركع الإمام وهو لم يركع، أو حصل له سهو أو نعاس بحيث سجد الإمام وهو ما سجد، أو قرأ الإمام في الصلاة السرية وهو ما قرأ، المهم: أن التخلف كان لعذر، فنقول: إذا كان التخلف لعذر فإن المأموم يأتي بما تخلف به عن إمامه ويتابع الإمام، إلا أن يصل إليه الإمام في موضع تخلفه، فإذا وصل إليه الإمام في موضع تخلفه فإنه يتابع الإمام ولا يأتي بما تخلف به عن الإمام، ويأتي بعد سلام الإمام بركعة, مثال ذلك: مأموم قام مع الإمام، ثم الإمام ركع وهو لم يركع، ورفع الإمام وسجد وهذا المأموم لا يزال في غفلة، ثم بعد ذلك زالت عنه هذه الغفلة، فنقول: اركع وارفع واسجد وتابع الإمام، لكن لو أن الإمام ركع، ورفع، وسجد سجدتين، وقام حتى وصل إليه في موضع تخلفه فنقول: بأنه يتابع الإمام ويأتي بركعة عند نهاية الصلاة، ولا يأتي بالأركان التي تخلف فيها عن الإمام.

القسم الثاني: أن يكون التخلف لغير عذر، يعني: عمداً، كأن ركع الإمام وهو لم يركع، أو سجد الإمام وهو لم يسجد، فنقول: هنا خالف السنة، فإن أدرك الإمام في الركن فصلاته صحيحة, لكنه خالف السنة، وإن لم يدرك الإمام في الركن بأن لحقه الإمام في موضع التخلف نقول: بطلت عليه صلاته.

ولنفرض أن مأموماً قام مع الإمام، ثم الإمام ركع والمأموم لم يركع، ثم بعد ذلك ركع المأموم -تخلفه كان لغير عذر، تخلف عمداً- وأدرك الإمام في الركوع، فنقول هنا: صلاته صحيحة, لكنه خالف السنة.

ولو أن الإمام فرغ من الركن قبل أن يدركه المأموم في الركن الذي تخلف عنه فيه فإن صلاته تبطل عليه، كأن ركع الإمام والمأموم لا يزال قائماً، ثم بعد ذلك الإمام رفع من الركوع -فرغ من الركن الذي تخلف عنه فيه المأموم- فنقول: بأن صلاة هذا المأموم تبطل عليه.

فتلخص لنا: أن التخلف عن الإمام ينقسم إلى قسمين: إما أن يكون لعذر, وهذا بيناه، وإما أن يكون لغير عذر، فنقول: إن أدرك المأموم الإمام في الركن الذي تخلف عنه فيه فصلاته صحيحة، لكنه خالف السنة، وإن لم يدركه في الركن الذي تخلف فيه فنقول: بأن صلاته تبطل عليه مادام أن التخلف كان لغير عذر، أي: كان متعمداً.

الحالة الرابعة: المتابعة، وهي: أن يأتي المأموم بالركن بعد أن يتلبس به الإمام، فإذا ركع وظننت أنه استتم راكعاً تركع، وإذا سجد وظننت أنه استتم ساجداً فإنك تسجد، هذه هي المتابعة المشروعة.

وسبق أن أشرنا إلى مذهب أبي حنيفة رحمه الله أن المتابعة المشروعة هي: أن يوافق المأموم الإمام في الأفعال، فيركع معه، ويرفع معه ... إلى آخره، ولهذا الذين يتابعون مذهب أبي حنيفة تجد أحدهم يركع مع الإمام إذا ركع، وإذا هوى الإمام للسجود سجد، ولاشك أن هذا غير صحيح، والصواب في ذلك: أن المتابعة المشروعة أن يأتي المأموم بالركن بعد أن يتلبس به الإمام.

ويدل لذلك: حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: ( سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداً )، وفي حديث عمرو بن حريث : ( حتى يستتم ساجداً ). وحديث البراء في البخاري ، وحديث عمرو بن حريث في مسلم .

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ويسن لإمام التخفيف مع الإتمام).

وقول المؤلف رحمه الله: (لإمام) يخرج المأموم والمنفرد، أما المأموم فهو تبع للإمام، وأما المنفرد فهو أمير نفسه، وأما الإمام فيستحب له أن يخفف مع الإتمام، أما كونه يخفف فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أم أحدكم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ). ومع الإتمام لأن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم, ( وكلكم راع, وكلكم مسئول عن رعيتهن)، فالإمام راع ومسئول عن المأمومي, فعليه أن يرعاهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بالتخفيف, ومع ذلك كان يؤم الناس في فجر الجمعة بـ (الم) السجدة، و هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1]، ويقرأ في الفجر بالطور والواقعة ونحوها من السور، ويقرأ: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1]. وشرع في قراءة سورة المؤمنون... إلى آخره.

وعلى هذا نقول: إن تخفيف الإمام ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: تخفيف لازم دائم، وهذا التخفيف أن يحرص على أن يأتي بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الفجر يقرأ بطوال المفصل؛ يقرأ: بـ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق:1]، ويقرأ بالطور، ويقرأ بالواقعة، ونحوها من السور، وكما جاء في حديث أبي برزة يقرأ في فجر الجمعة (الم) السجدة و هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1]، فهذا تخفيف لازم، ويكون قدر ركوعه عشر تسبيحات كما سلف لنا، والسجود عشر تسبيحات، والرفع كما في حديث البراء بن عازب : ( كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم ورفعه وسجوده وجلسته بين السجدتين قريباً من السواء )، هذا حد التخفيف لازم.

والقسم الثاني: تخفيف عارض، يعني: أن يخفف عما جاءت به السنة أحياناً؛ لعارض يعرض لبعض المأمومين، ويدل لذلك: حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز؛ مخافة أن أشق على أمه )هذا فيه تخفيف عارض، وحديث أبي قتادة في البخاري.

قال: (وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية).

من السنة أن يطول الركعة الأولى أكثر من الثانية، ويدل لذلك: حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطول في الركعة الأولى )، خرجاه في الصحيحين.

وحديث أبي سعيد : ( أن صلاة الظهر كانت تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع ويقضي حاجته ويتوضأ والرسول صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى )، رواه مسلم في صحيحه.

وكونه يطول الركعة الأولى هنا مقتضى الحكمة؛ لأن الإنسان في أول الصلاة أنشط منه في بقية الصلاة، فكانت الحكمة أن يكون التطويل في أول الصلاة.

وقال المؤلف: (ويستحب انتظار داخل إن لم يشق على مأموم).

يقول المؤلف: يستحب للإمام أن ينتظر الداخل, لكن اشترط ألا يكون هناك مشقة على المأمومين، فإن كان هناك مشقة فلا ينتظر الداخل؛ لأن مراعاة من معه أولى من مراعاة من ليس معه؛ لأن من معه حرمتهم أعظم لكونهم تقدموا، بخلاف من ليس معه فإنهم تأخروا، وانتظار الداخل ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: انتظار الداخل في إقامة الصلاة، بمعنى: أننا نتأخر في إقامة الصلاة حتى يأتي فلان، فهذا ليس مشروعاً، إنما المشروع أن تقام الصلاة في وقتها الذي يستحب أن تقام فيه، وتقدم لنا أن جميع الصلوات يستحب أن تصلى في أول الوقت إلا صلاتين، صلاة الظهر في شدة الحر، وصلاة العشاء الآخرة, فالسنة أن تؤخر إلى آخر وقتها نصف الليل.

واستثنى بعض العلماء إذا كان الشخص له رتبة دينية أو دنيوية فإننا نؤخر حتى يأتي؛ لما فيه من تأليف هذا الشخص، وعلى كل حال: إن كان فيه مشقة على المأمومين فلا تؤخر الصلاة، لكن لو فرضنا أنه ليس هناك مشقة وأخرنا شيئا يسيراً لأجل من له رتبة - مراعاة لهؤلاء لما فيه من تألفيهم- فهذا استثناه بعض العلماء.

القسم الثاني: انتظار الداخل في الركوع, فإذا أحس الإمام بشخص دخل فإنه يستحب له أن ينتظره ولو زاد شيئاً في ركوعه، ويدل لهذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم تصرف في الصلاة من أجل المأموم، فالنبي عليه الصلاة والسلام تجوز في الصلاة من أجل بكاء الصبي؛ لكي لا يشق على أمه، ففيه مراعاة للمأموم.

فنقول: هذا جائز ولا باس به، لكن كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى بشرط ألا يكون هناك مشقة على المأمومين.

القسم الثالث: انتظار الداخل في ركن لا يستفيد منه شيئاً، يعني: في ركن غير الركوع, فهذا نقول: بأنه لا ينتظره، بل إذا كان ساجداً ثم أحس بمأموم دخل فإنه لا ينتظره في السجود, اللهم إلا أنه يستثنى من ذلك انتظاره في التسليمة الأولى؛ لأنه إذا انتظره حتى يدخل ويدرك معه السلام فإن من العلماء من قال: إنه أدرك الجماعة كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله.

فتلخص لنا: أن انتظار الداخل ينقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة، انتظاره في إقامة الصلاة, وفي الركوع، وفي ركنٍ غير الركوع لا يستفيد منه إدراك الركعة، وقلنا: هذا الأخير لا ينتظره، اللهم إلا فيما يتعلق بانتظاره في التسليمة الأولى؛ لأن من العلماء من يرى أنه يكون مدركاً للجماعة إذا كبر قبل سلام إمامه الأول.

قال: (وإذا استأذنت المرأة إلى المسجد كره منعها).

قوله: المرأة يشمل الحرة والأمة، فإذا استأذنت المرأة وليها إلى المسجد فإنه يكره له أن يمنعها، مع أن بيتها خير لها كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى.

وذهب بعض العلماء إلى أن منعها محرم ولا يجوز، يعني: إذا استأذنت للمسجد لصلاة الفرائض؛ لأن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يشهدن معه صلاة العشاء وصلاة الفجر، فإذا استأذنت لكي تصلي مع الناس فيكره أن يمنعها، وقال بعض العلماء: يحرم أن يمنعها.

ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين: أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لما قال ابنه بلال : والله لنمنعهن، فغضب ابن عمر وسبه وهجره، مما يدل على أن منعها من المسجد لا يجوز.

وقال المؤلف: (وبيتها خير لها).

يعني: كونها تصلي في بيتها فهذا خير لها، وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أن بيتها خير لها ولو كانت في مكة أو في المدينة؛ لأن الأصل في أمر المرأة أن تقر في بيتها.

فإن قيل: المسجد النبوي الصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، والمسجد الحرام الصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة. نقول: نعم، هذا فضل من جهة العدد، وكونها تصلي في بيتها لها فضل من جهة الكيفية.

ونظير ذلك: رجل قام وصلى عشر ركعات, لكن صلاته ليس فيها شيء من الخشوع، ورجل صلى ركعتين فيهما خشوع وحضور قلب لله عز وجل، الأول صلاته فيها فضل من جهة كثرة العدد, لكن الثاني فيها فضل من جهة الكيفية؛ حيث إن هذه الصلاة اشتملت على الخضوع والخشوع لله عز وجل, وربما أن الصلاة الثانية تكون أفضل من الصلاة الأولى؛ لأن المقصود هو إصلاح القلب, ولا شك أن هذه الصلاة الخاشعة تكون أصلح للقلب من الصلاة غير الخاشعة.

ويشترط أن تخرج غير متطيبة، فإن كانت متطيبة فإنه لا يجوز لها أن تخرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أيما امرأة مست بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ).

وأيضاً يشترط ألا يكون هناك ضرر, أو يخشى فتنة، فإن كان هناك ضرر أو فتنة فإن له أن يمنعها.

وكذلك يشترط أن يكون ذلك في الصلوات، وأما ما عدا الصلاة كما لو أرادت أن تحضر درساً أو محاضرة ونحو ذلك فإن له أن يمنعها، لكن إذا استأذنت للصلاة فهذا هو الذي يكره أو يحرم أن يمنعها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فصل: الأولى بالإمامة الأقرأ العالم فقه صلاته).

هنا شرع المؤلف رحمه الله في هذا الفصل في بيان جملة من أحكام الإمامة.

والإمامة في اللغة: القصد، وأما في الاصطلاح: فهي ربط صلاة المؤتم بالإمام.

ومذهب الشافعية رحمهم الله في جملة كبيرة من أحكام الإمامة أحسن المذاهب، يعني: فيما يتعلق بارتباط صلاة المأموم بالإمام كما سيأتي إن شاء الله.

قول المؤلف رحمه الله تعالى: (الأولى بالإمامة) يعني: من يقدم في الإمامة، وصورة المسألة هنا في مسجد ليس له إمام، أو في جماعة خرجوا لحاجة، كأن خرجوا مثلاً لنزهة أو سفر، أما إن كان المسجد له إمام رتب من قِبل ولي الأمر كما تقدم، أو من قِبل جماعة المسجد فهو أولى بالإمامة بلا إشكال، لكن المقصود هنا مسجد ليس له إمام، أو جماعة خرجوا في سفر أو في نزهة، فمن يقدم للإمامة؟

الأقرأ

قال المؤلف رحمه الله: الأولى بالإمامة الأقرأ، وهذا المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله.

والقراءة في الإمامة نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، فالأولى يقول عنه المؤلف رحمه الله: هو الأقرأ، وعند جمهور العلماء أن الأولى هو الأفقه، يعني: الأعلم بأحكام الصلاة، ولكل منهم دليل.

أما الذين قالوا بأن الأولى هو الأقرأ كما ذهب إليه المؤلف على المشهور من المذهب فالأدلة على ذلك كثيرة، ومن ذلك: حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم ) رواه مسلم.

وأيضاً حديث ابن عمر : ( أن المهاجرين الأولين لما قدموا المدينة كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة)، وسالم مولى من الموالي, وفيهم عمر رضي الله تعالى عنه وأبو سلمة، لكن لما كان سالم أكثرهم قرآناً قدم.

وعمرو بن سلمة رضي الله تعالى عنه أم قومه وهو ابن ست أو سبع سنوات لما كان أكثرهم قرآناً.

فيقول المؤلف: الأولى هو الأقرأ.

وعند الجمهور الأولى هو الأفقه، واستدلوا على ذلك: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر في الصلاة، وهناك من هو أقرأ من أبي بكر كـابن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ومع ذلك قدم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر في الصلاة لما مرض، قال: ( مروا أبا بكر فليصل بالناس ).

والصواب في هذه المسألة: ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله تعالى، أن الأولى بالإمامة الأقرأ؛ لحديث أبي سعيد , وحديث أبي مسعود البدري : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله )، فهذا خبر بمعنى الأمر، يعني: ليؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله.

وأما تقديم أبي بكر فهذا إشارة إلى خلافته، فالنبي صلى الله عليه وسلم قدمه في الصلاة إشارة إلى خلافته في أمور الدنيا، ولهذا المهاجرون احتجوا على الأنصار في سقيفة بني ساعدة لما أراد الأنصار أن يبايعوا رجلاً من الأنصار فقالوا: رضيه لديننا, أفلا نرضاه لدنيانا؟!

والمشهور من المذهب أن المراد بالأقرأ هو: الأجود قراءة، وليس المقصود التجويد الاصطلاحي، وإنما المقصود من يجيد القراءة بمعنى: أنه يخرج الحروف من مخارجها، ولا يلحن في قراءته.

والقول الثاني في المذهب أن المقصود بالأقرأ: الأكثر حفظاً، وعلى هذا إذا كان عندنا رجلان هذا يحفظ عشرين جزءاً وهذا يحفظ عشرة فإننا نقدم من يحفظ العشرين، وهذا القول هو الصواب، وكما ذكرنا حديث ابن عمر أنه قال: لما قدم المهاجرون الأولون كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وفيهم عمر ، كان أكثرهم قرآناً, يعني: كان أكثر من عمر في حفظ القرآن.

وعمرو بن سلمة أم قومه وهو ابن ست أو سبع سنوات؛ لأنهم نظروا فوجدوه أكثرهم قرآناً.

فالصواب: أن المقصود هنا بالأقرأ: الأكثر حفظاً لكتاب الله عز وجل.

ثم الأفقه

قال: (ثم الأفقه).

المرتبة الثانية: الأفقه، والمراد بالفقه هنا هو: معرفة أحكام الصلاة، ويدل لذلك: حديث ابن مسعود في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة )، ولأن كونه يعرف أحكام الصلاة هذا له أثر في صلاته.

وعلى هذا لو كان عندنا رجلان تساويا في القراءة كل منهما يحفظ عشرين جزءاً، وهذا عالم بأحكام الصلاة، وهذا عالم بأحكام البيوع فإننا نقدم من كان عالماً بأحكام الصلاة.

ثم الأسن

قال رحمه الله: (ثم الأسن).

المرتبة الثالثة: الأسن، يعني: الأكبر.

وعلى هذا إذا تساووا في القراءة وفي الفقه ننظر إلى أيهما أكبر ونقدمه، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى.

والرأي الثاني هو الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله واختارها ابن قدامة والمجد بن تيمية جد شيخ الإسلام رحمه الله: أنه يقدم من قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة )، فنقول: يقدم الأقدم هجرة، فإذا كان عندنا شخصان أسلما وهاجرا من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين فإننا نقدم الأقدم هجرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة )، وهذا هو الصواب.

ثم الأشرف

قال: (ثم الأشرف).

الأشرف هو: القرشي، يعني: من ينتسب إلى قريش.

وقريش لقب رجل اختلف فيه, فقيل: بأنه فهر بن مالك، وقيل: بأنه النضر بن كنانة .

فيقول المؤلف رحمه الله: نجعل في المرتبة الرابعة القرشي، إذا كان عندنا رجل ينتسب إلى قريش فإننا نقدمه، إذا تساووا في القراءة، وفي السنة، وفي السن على ما ذهب إليه المؤلف، والهجرة فننظر إن كان أحدهما قرشياً نقدمه.

ويستدلون على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( قدموا قريشاً ولا تقدموها ).

وعند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن أمور الدين لا يعتبر فيها النسب، فالنسب بين الله عز وجل وبين خلقه هو التقوى, إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]. فالنسب لا عِبرة له في ميزان الله عز وجل، إنما العِبرة في ميزان الله عز وجل هو التقوى، صحيح أن النسب ينظر إليه في أمور الدنيا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الأئمة من قريش )، لكن هذا في إمامة الدنيا، أما في إمامة الدين فنقول: لا عِبرة، ولهذا فإن الشيخ السعدي رحمه الله تعالى يقول: تأتي مرتبة التقوى، يعني: عندما تساووا في القراءة ثم في السنة ثم في الهجرة، ثم بعد ذلك التقوى، فإن كان أحدهما أتقى من الآخر فإننا نقدم الأتقى؛ لقول الله عز وجل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]. أما ما يتعلق بالشرف فهذا لا عِبرة به.

ثم الأقدم هجرة ثم الأتقى

قال: (ثم الأقدم هجرة).

تقدم الصواب أن الأقدم هجرة يأتي في المرتبة الثالثة، أما المؤلف رحمه الله تعالى فإنه أخره في المرتبة الخامسة.

قال: (ثم الأتقى).

وذكرنا الصواب أن التقوى تأتي بعد مرتبة الهجرة.

فتكون المراتب: القراءة، ثم الفقه، ثم الهجرة، ثم التقى.

ثم القرعة

قال: (ثم من قرع).

قبل القرعة ننظر إلى الأكبر، فيكون السن في المرتبة الخامسة أو السادسة، القراءة أولاً، ثم الفقه، ثم الهجرة، ثم التقى، ثم بعد ذلك في المرتبة الخامسة السن؛ لحديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم ). فنقول: مرتبة السن تأتي في المرتبة الخامسة.

وهناك مرتبة ذكرها أيضاً العلماء رحمهم الله تعالى قالوا: بعد ذلك من رضيه الجيران أو أهل المسجد أو أكثرهم، فإذا كان عندنا شخصان أحدهما يرضاه جماعة المسجد والآخر لا يرضونه، أو أكثر الجماعة يرضونه والآخر لا يرضاه إلا القلة فإنه يقدم من يرضاه الجماعة أو الأكثر؛ لأن الجماعة المقصود منها التأليف، وإذا كان الجماعة لا يرضونه حصلت النفرة... إلى آخره، هذه هي المرتبة السادسة.

ثم بعد ذلك المرتبة السابعة قال: (ثم من قرع)، يعني: نجري القرعة، فمن خرجت له القرعة فإنه يقدم؛ لأن القرعة طريق للتمييز بين المستحقين عند الاشتباه.

قال المؤلف رحمه الله: الأولى بالإمامة الأقرأ، وهذا المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله.

والقراءة في الإمامة نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، فالأولى يقول عنه المؤلف رحمه الله: هو الأقرأ، وعند جمهور العلماء أن الأولى هو الأفقه، يعني: الأعلم بأحكام الصلاة، ولكل منهم دليل.

أما الذين قالوا بأن الأولى هو الأقرأ كما ذهب إليه المؤلف على المشهور من المذهب فالأدلة على ذلك كثيرة، ومن ذلك: حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم ) رواه مسلم.

وأيضاً حديث ابن عمر : ( أن المهاجرين الأولين لما قدموا المدينة كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة)، وسالم مولى من الموالي, وفيهم عمر رضي الله تعالى عنه وأبو سلمة، لكن لما كان سالم أكثرهم قرآناً قدم.

وعمرو بن سلمة رضي الله تعالى عنه أم قومه وهو ابن ست أو سبع سنوات لما كان أكثرهم قرآناً.

فيقول المؤلف: الأولى هو الأقرأ.

وعند الجمهور الأولى هو الأفقه، واستدلوا على ذلك: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر في الصلاة، وهناك من هو أقرأ من أبي بكر كـابن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ومع ذلك قدم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر في الصلاة لما مرض، قال: ( مروا أبا بكر فليصل بالناس ).

والصواب في هذه المسألة: ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله تعالى، أن الأولى بالإمامة الأقرأ؛ لحديث أبي سعيد , وحديث أبي مسعود البدري : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله )، فهذا خبر بمعنى الأمر، يعني: ليؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله.

وأما تقديم أبي بكر فهذا إشارة إلى خلافته، فالنبي صلى الله عليه وسلم قدمه في الصلاة إشارة إلى خلافته في أمور الدنيا، ولهذا المهاجرون احتجوا على الأنصار في سقيفة بني ساعدة لما أراد الأنصار أن يبايعوا رجلاً من الأنصار فقالوا: رضيه لديننا, أفلا نرضاه لدنيانا؟!

والمشهور من المذهب أن المراد بالأقرأ هو: الأجود قراءة، وليس المقصود التجويد الاصطلاحي، وإنما المقصود من يجيد القراءة بمعنى: أنه يخرج الحروف من مخارجها، ولا يلحن في قراءته.

والقول الثاني في المذهب أن المقصود بالأقرأ: الأكثر حفظاً، وعلى هذا إذا كان عندنا رجلان هذا يحفظ عشرين جزءاً وهذا يحفظ عشرة فإننا نقدم من يحفظ العشرين، وهذا القول هو الصواب، وكما ذكرنا حديث ابن عمر أنه قال: لما قدم المهاجرون الأولون كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وفيهم عمر ، كان أكثرهم قرآناً, يعني: كان أكثر من عمر في حفظ القرآن.

وعمرو بن سلمة أم قومه وهو ابن ست أو سبع سنوات؛ لأنهم نظروا فوجدوه أكثرهم قرآناً.

فالصواب: أن المقصود هنا بالأقرأ: الأكثر حفظاً لكتاب الله عز وجل.

قال: (ثم الأفقه).

المرتبة الثانية: الأفقه، والمراد بالفقه هنا هو: معرفة أحكام الصلاة، ويدل لذلك: حديث ابن مسعود في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة )، ولأن كونه يعرف أحكام الصلاة هذا له أثر في صلاته.

وعلى هذا لو كان عندنا رجلان تساويا في القراءة كل منهما يحفظ عشرين جزءاً، وهذا عالم بأحكام الصلاة، وهذا عالم بأحكام البيوع فإننا نقدم من كان عالماً بأحكام الصلاة.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2818 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2731 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2678 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2645 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2640 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2558 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2555 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2528 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2521 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2498 استماع