شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [6]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان، ولبثه فوق حاجته، وبوله في طريق وظل نافع، وتحت شجرة عليها ثمرة، ويستجمر بحجر ثم يستنجي بالماء، ويجزئه الاستجمار إن لم يعد الخارج موضع العادة، ويشترط للاستجمار بأحجار ونحوها أن يكون طاهراً منقياً غير عظم وروث وطعام ومحترم ومتصل بحيوان، ويشترط ثلاث مسحات منقية فأكثر، ولو بحجر ذي شعب، ويسن قطعه على وتر، ويجب الاستنجاء لكل خارج إلا الريح، ولا يصح قبله وضوء ولا تيمم.

باب: السواك وسنن الوضوء.

التسوك بعود لين منقٍ غير مضر لا يتفتت، لا بأُصبع وخرقة، مسنونٌ كل وقت لغير صائم بعد الزوال، متأكد عند صلاة وانتباه وتغير فم، ويستاك عرضاً ].

سبق لنا جملة من أحكام الاستنجاء، وذكرنا جملةً من آداب قضاء الحاجة، وذكرنا من أحكام الاستنجاء ما يتعلق بتعريفه، وكذلك مناسبة الباب لما بعده، وكذلك هل الاستجمار رافع أو مبيح.

ثم بعد ذلك تكلمنا عن جملة من آداب قضاء الحاجة، وذكرنا من هذه الآداب آداباً قولية وآداباً فعلية، ومن ذلك: التسمية, والاستعاذة, وتقديم الرجل اليسرى.

استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة

قال رحمه الله تعالى: (ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان).

هذا هو الأدب العشرون من آداب قضاء الحاجة: يقول المؤلف رحمه الله تعالى: يحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وكذلك أيضاً هو مذهب المالكية والشافعية، يعني: الأئمة الثلاثة يقولون: يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء, وأما في البنيان فيجوز لك أن تستقبل القبلة وتستدبرها.

واستدلوا على ذلك بحديث أبي أيوب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا )، وهذا في الصحيحين، وحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه, وحديث سلمان والأحاديث في هذا كثيرة. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ورد في ذلك بضعة عشر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والمؤلف فصل، فقال: في الصحراء يحرم عليك أن تستقبل أو تستدبر، وأما في البنيان كدورات المياه الموجودة الآن، فيجوز لك أن تستقبل القبلة وأن تستدبرها أثناء قضاء الحاجة، والدليل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس لقضاء حاجته، واستدبر الكعبة في بيت حفصة، يقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (رقيت على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يبول, وقد استقبل بيت المقدس واستدبر الكعبة). وهذا الحديث في الصحيحين. قالوا: كون النبي صلى الله عليه وسلم استدبر الكعبة يدل على جوازه في البنيان، وهذا هو الرأي الأول في هذه المسألة.

الرأي الثاني: أن الاستقبال والاستدبار محرم ولا يجوز، سواء كان ذلك في الصحراء أو كان ذلك في البنيان، وهذه الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن القيم رحمه الله، واستدلوا بعموم حديث أبي أيوب الذي سلف، وحديث أبي هريرة في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها )، وهذا يشمل الصحراء والبنيان.

والرأي الثالث ونقتصر عليه؛ لأن المسألة فيها آراء كثيرة, لكن ما ذكرنا هو أشهر الآراء, وهو رأي الأئمة رحمهم الله.

فتلخص لنا أن الأئمة الثلاثة يجوزونه في البنيان ويمنعونه في الصحراء، وأبو حنيفة رحمه الله يمنعه في الصحراء وفي البنيان استقبالاً واستدباراً، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم .

الرأي الثالث: أن النهي على سبيل الكراهة، يعني: يكره أن تستقبل أو تستدبر, ولو فعلت فإن هذا جائز, ولا بأس به.

وعند داود الظاهري رحمه الله أنه يجوز بلا كراهة، يعني: بعض العلماء ذهب إلى أنه مكروه, وليس محرماً، وعند داود الظاهري أنه جائز بلا كراهة.

والذين قالوا بالجواز سواء كان بالكراهة أو بالجواز مطلقاً دون كراهة يستدلون على ذلك بحديث جابر رضي الله تعالى عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها إذا أهرقنا الماء، يقول جابر : ثم رأيته قبل أن يموت بعام وهو مستقبل القبلة يبول ). وهذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، إذا عنعن لا تقبل روايته، لكنهم يقولون هنا: صرح محمد بن إسحاق بالتحديث.

وأقرب الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم ، وأن استقبال القبلة أو استدبارها أثناء قضاء الحاجة سواء كان في البنيان أو في الصحراء محرم, ولا يجوز.

وأما حديث جابر رضي الله تعالى عنه فنقدم عليه أحاديث الصحيحين، كحديث أبي أيوب في الصحيحين، وحديث أبي هريرة في مسلم وحديث سلمان ، وكما تقدم أن ابن القيم يقول: لبضعة عشر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما ما دل له حديث ابن عمر في أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس واستدبر الكعبة فهذا فعل، وحديث النهي عن الاستقبال والاستدبار في البنيان قول, وهو مقدم على الفعل.

كما أن الفعل يحتمل عدة احتمالات، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لحاجة، ويحتمل الخصوصية، مع أن حديث جابر الذي في إسناده محمد بن إسحاق معلول عند بعض المحدثين, فلا يرى قبوله، فأسلم شيء في هذه المسألة ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله، وهو اختيار شيخ الإسلام ، وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله.

كراهة طول اللبث في الخلاء

قال رحمه الله: (ولبثه فوق حاجته).

هذا هو الأدب الحادي والعشرون: يحرم على الإنسان أن يلبث فوق حاجته، يعني: إذا انتهى من قضاء الحاجة فإنه يبادر بالاستنجاء أو الاستجمار, ولا يلبث فوق حاجته، ويقولون: هذا محرم ولا يجوز؛ لعلتين:

العلة الأولى: أنه مضر عند الأطباء، فالأطباء يقولون بأن هذا يدمي الكبد.

والعلة الثانية: فيه من كشف العورة.

والرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى: أن هذا مكروه؛ لأن التحريم صعب, وليس هناك دليل, لكن نقول: يكره؛ لما في ذلك من كشف العورة بلا حاجة، لكن إن ثبت أن هذا يضر - يعني: كونه يلبث فوق حاجته زائداً عما يحتاجه, وأن هذا مضر- فإن الله سبحانه وتعالى يقول: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195].

عدم قضاء الحاجة في الأماكن التي يحتاجها الناس

قال رحمه الله: (وبوله في طريق وظل نافع وتحت شجرة عليها ثمرة).

هذا هو الأدب الثاني والعشرون: يحرم عليك أن تبول في هذه الأشياء وتحت الشجرة التي عليها ثمرة، وما ذكره المؤلف رحمه الله إنما هو على سبيل المثال، والضابط في ذلك أن نقول: يحرم أن تقضي حاجتك في مكان يحتاجه الناس ويتأذى الناس بفعلك، وهذا يشمل الطريق، والحدائق والمنتزهات، وأماكن الجلوس العامة، والأسواق، المهم: الأماكن التي يحتاجها الناس، إذا قضيت حاجتك فيها فإن الناس يتأذون فنقول: هذا لا يجوز؛ لقول الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب:58]، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟! قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم ).

الجمع بين الاستجمار والاستنجاء

قال رحمه الله: (ويستجمر بحجر ثم يستنجي بالماء).

هذا هو الأدب الثالث والعشرون: أن يجمع بين الاستجمار والاستنجاء، يعني: يستجمر بحجر أو بمناديل ونحو ذلك، ثم بعد ذلك يستنجي بالماء؛ لأنه إذا نظف المحل بالحجر والمناديل لم تباشر يده النجاسة، ومباشرة اليد للنجاسة في هذا الموضع أجازه العلماء رحمهم الله تعالى للحاجة إليه، فالأدب أن تبدأ بالاستجمار ثم بعد ذلك تستنجي.

حالات الجمع بين الاستجمار والاستنجاء

إذا قضى الإنسان حاجته فله ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يجمع بين الاستجمار والاستنجاء كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى.

والحالة الثانية: أن يستنجي بالماء.

والحالة الثالثة: أن يستجمر بالحجارة.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: وكان النبي صلى الله عليه وسلم تارة يستجمر بالحجارة، وتارة يستنجي بالماء. ونقول: إن جمع فهذا أعلى المراتب.

المرتبة الثانية: الاستنجاء بالماء؛ لأن الاستنجاء بالماء يقطع الأذى بالكامل، وأما الاستجمار بالحجارة فإنه يبقى معه شيء من الأذى وإن كان معفواً عنه, كما سيأتينا إن شاء الله.

وبعض السلف لا يرى الاستنجاء بالماء, لكن هذا فيه نظر؛ لأن الاستنجاء بالماء قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث المغيرة رضي الله تعالى عنه، وحديث أنس رضي الله تعالى عنه.

قال رحمه الله تعالى: (ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان).

هذا هو الأدب العشرون من آداب قضاء الحاجة: يقول المؤلف رحمه الله تعالى: يحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وكذلك أيضاً هو مذهب المالكية والشافعية، يعني: الأئمة الثلاثة يقولون: يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء, وأما في البنيان فيجوز لك أن تستقبل القبلة وتستدبرها.

واستدلوا على ذلك بحديث أبي أيوب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا )، وهذا في الصحيحين، وحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه, وحديث سلمان والأحاديث في هذا كثيرة. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ورد في ذلك بضعة عشر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والمؤلف فصل، فقال: في الصحراء يحرم عليك أن تستقبل أو تستدبر، وأما في البنيان كدورات المياه الموجودة الآن، فيجوز لك أن تستقبل القبلة وأن تستدبرها أثناء قضاء الحاجة، والدليل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس لقضاء حاجته، واستدبر الكعبة في بيت حفصة، يقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (رقيت على بيت حفصة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يبول, وقد استقبل بيت المقدس واستدبر الكعبة). وهذا الحديث في الصحيحين. قالوا: كون النبي صلى الله عليه وسلم استدبر الكعبة يدل على جوازه في البنيان، وهذا هو الرأي الأول في هذه المسألة.

الرأي الثاني: أن الاستقبال والاستدبار محرم ولا يجوز، سواء كان ذلك في الصحراء أو كان ذلك في البنيان، وهذه الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن القيم رحمه الله، واستدلوا بعموم حديث أبي أيوب الذي سلف، وحديث أبي هريرة في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها )، وهذا يشمل الصحراء والبنيان.

والرأي الثالث ونقتصر عليه؛ لأن المسألة فيها آراء كثيرة, لكن ما ذكرنا هو أشهر الآراء, وهو رأي الأئمة رحمهم الله.

فتلخص لنا أن الأئمة الثلاثة يجوزونه في البنيان ويمنعونه في الصحراء، وأبو حنيفة رحمه الله يمنعه في الصحراء وفي البنيان استقبالاً واستدباراً، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم .

الرأي الثالث: أن النهي على سبيل الكراهة، يعني: يكره أن تستقبل أو تستدبر, ولو فعلت فإن هذا جائز, ولا بأس به.

وعند داود الظاهري رحمه الله أنه يجوز بلا كراهة، يعني: بعض العلماء ذهب إلى أنه مكروه, وليس محرماً، وعند داود الظاهري أنه جائز بلا كراهة.

والذين قالوا بالجواز سواء كان بالكراهة أو بالجواز مطلقاً دون كراهة يستدلون على ذلك بحديث جابر رضي الله تعالى عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها إذا أهرقنا الماء، يقول جابر : ثم رأيته قبل أن يموت بعام وهو مستقبل القبلة يبول ). وهذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، إذا عنعن لا تقبل روايته، لكنهم يقولون هنا: صرح محمد بن إسحاق بالتحديث.

وأقرب الأقوال في هذه المسألة ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم ، وأن استقبال القبلة أو استدبارها أثناء قضاء الحاجة سواء كان في البنيان أو في الصحراء محرم, ولا يجوز.

وأما حديث جابر رضي الله تعالى عنه فنقدم عليه أحاديث الصحيحين، كحديث أبي أيوب في الصحيحين، وحديث أبي هريرة في مسلم وحديث سلمان ، وكما تقدم أن ابن القيم يقول: لبضعة عشر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما ما دل له حديث ابن عمر في أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس واستدبر الكعبة فهذا فعل، وحديث النهي عن الاستقبال والاستدبار في البنيان قول, وهو مقدم على الفعل.

كما أن الفعل يحتمل عدة احتمالات، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لحاجة، ويحتمل الخصوصية، مع أن حديث جابر الذي في إسناده محمد بن إسحاق معلول عند بعض المحدثين, فلا يرى قبوله، فأسلم شيء في هذه المسألة ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله، وهو اختيار شيخ الإسلام ، وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله.

قال رحمه الله: (ولبثه فوق حاجته).

هذا هو الأدب الحادي والعشرون: يحرم على الإنسان أن يلبث فوق حاجته، يعني: إذا انتهى من قضاء الحاجة فإنه يبادر بالاستنجاء أو الاستجمار, ولا يلبث فوق حاجته، ويقولون: هذا محرم ولا يجوز؛ لعلتين:

العلة الأولى: أنه مضر عند الأطباء، فالأطباء يقولون بأن هذا يدمي الكبد.

والعلة الثانية: فيه من كشف العورة.

والرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى: أن هذا مكروه؛ لأن التحريم صعب, وليس هناك دليل, لكن نقول: يكره؛ لما في ذلك من كشف العورة بلا حاجة، لكن إن ثبت أن هذا يضر - يعني: كونه يلبث فوق حاجته زائداً عما يحتاجه, وأن هذا مضر- فإن الله سبحانه وتعالى يقول: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195].

قال رحمه الله: (وبوله في طريق وظل نافع وتحت شجرة عليها ثمرة).

هذا هو الأدب الثاني والعشرون: يحرم عليك أن تبول في هذه الأشياء وتحت الشجرة التي عليها ثمرة، وما ذكره المؤلف رحمه الله إنما هو على سبيل المثال، والضابط في ذلك أن نقول: يحرم أن تقضي حاجتك في مكان يحتاجه الناس ويتأذى الناس بفعلك، وهذا يشمل الطريق، والحدائق والمنتزهات، وأماكن الجلوس العامة، والأسواق، المهم: الأماكن التي يحتاجها الناس، إذا قضيت حاجتك فيها فإن الناس يتأذون فنقول: هذا لا يجوز؛ لقول الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب:58]، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟! قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم ).

قال رحمه الله: (ويستجمر بحجر ثم يستنجي بالماء).

هذا هو الأدب الثالث والعشرون: أن يجمع بين الاستجمار والاستنجاء، يعني: يستجمر بحجر أو بمناديل ونحو ذلك، ثم بعد ذلك يستنجي بالماء؛ لأنه إذا نظف المحل بالحجر والمناديل لم تباشر يده النجاسة، ومباشرة اليد للنجاسة في هذا الموضع أجازه العلماء رحمهم الله تعالى للحاجة إليه، فالأدب أن تبدأ بالاستجمار ثم بعد ذلك تستنجي.

إذا قضى الإنسان حاجته فله ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يجمع بين الاستجمار والاستنجاء كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى.

والحالة الثانية: أن يستنجي بالماء.

والحالة الثالثة: أن يستجمر بالحجارة.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: وكان النبي صلى الله عليه وسلم تارة يستجمر بالحجارة، وتارة يستنجي بالماء. ونقول: إن جمع فهذا أعلى المراتب.

المرتبة الثانية: الاستنجاء بالماء؛ لأن الاستنجاء بالماء يقطع الأذى بالكامل، وأما الاستجمار بالحجارة فإنه يبقى معه شيء من الأذى وإن كان معفواً عنه, كما سيأتينا إن شاء الله.

وبعض السلف لا يرى الاستنجاء بالماء, لكن هذا فيه نظر؛ لأن الاستنجاء بالماء قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث المغيرة رضي الله تعالى عنه، وحديث أنس رضي الله تعالى عنه.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2816 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2730 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2676 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2643 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2638 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2556 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2553 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2526 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2520 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2497 استماع