المعاملات المالية المعاصرة [6]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، أحمده وأستعينه وأستغفره، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

تكلمنا عن شيء من أحكام المسابقات، وذكرنا أن المسابقات تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: المسابقات المشروعة، وهذه هي التي رخص فيها الشارع ببذل العوض من الجانبين، كما في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر ).

وتكلمنا أيضاً عن أحكام بذل العوض في هذا النوع، وذكرنا أن بذل العوض ينقسم إلى أربعة أقسام... إلى آخره.

ثم تطرقنا للقسم الثاني وهو: المسابقات المحرمة، وذكرنا ضابطاً لها، وتكلمنا عن حكم بذل العوض فيها، وأنه لا يجوز مطلقاً.

ثم تكلمنا عن القسم الثالث وهو: المسابقات المباحة، وهو ما عدا هذين القسمين، وذكرنا ضابطاً لها، وذكرنا شروطها وما يتعلق ببذل العوض فيها... إلى آخره.

بقي علينا في درس هذا اليوم من المسابقات ما يتعلق بالمسابقات العلمية التي تكون في علوم الشريعة، وقد سبق أن ذكرنا عندما تحدثنا عن الجوائز أن من أقسام الجوائز التي تكون عن طريق المسابقات؛ ويُقصد منها تعليم الناس وإرشادهم أمور دينهم.

مثل: أن تقوم مؤسسة تربوية أو مؤسسة تعليمية بإقامة مسابقة على شريط من الأشرطة الهادفة التي تربي الناس أو تعلمهم، أو على كتاب علمي، أو على أسئلة شرعية علمية يقصد من ذلك تبيين هذا الحكم للناس.

الخلاف في المسابقات على المسائل العلمية

أشرنا أن هذه المسابقة تبنى على خلاف أهل العلم رحمهم الله في أخذ العوض على المسابقات في المسائل العلمية، والعلماء رحمهم الله اختلفوا فيه على رأيين:

الرأي الأول وهو رأي جمهور أهل العلم: أنه لا يجوز أخذ العوض -يعني: الرهان- على المسائل العلمية، وأن هذه المسائل حكمها حكم المسابقات المباحة، يعني: إذا كان العوض من كلٍ منهما فإنه لا يجوز.

إذاً: رأي الجمهور أنها تلحق بالمسابقات المباحة ولا تُلحق بالمسابقات الشرعية، فلا يجوز أخذ العوض -الرهان- عليها؛ بحيث يبذل كل واحد من المتسابقين عوضاً، ومن فاز فإنه يأخذ هذا العوض، فلا يلحقونها بالقسم الأول وهو المسابقات الشرعية.

واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر ) فقالوا: النبي صلى الله عليه وسلم حصر العوض ( لا سبق ) يعني: لا عوض إلا في هذه الأشياء الثلاثة.

الرأي الثاني وهو مذهب أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم : أنه يجوز بذل العوض في مثل هذه المسابقات، ويجوز أخذ الرهان عليها، وتُلحق بالقسم الأول المسابقات الشرعية.

واستدلوا على ذلك بأدلة، ومنها: أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه راهن كفار مكة على غلبة الروم للفرس، وقد بذل كلٌ منهم جعلاً.. أبو بكر رضي الله تعالى عنه بذل جعلاً، وكفار مكة بذلوا جعلاً.

أبو بكر يذهب إلى غلبة الروم، وكفار مكة يذهبون إلى غلبة الفرس.

إذاً: بذل كلٌ منهم جعلاً ولم يقم دليلٌ على نفي ذلك، وهذه المراهنة ليست من الأصناف الثلاثة التي حصرها النبي صلى الله عليه وسلم، وأقره النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك، وهذا أخرجه الترمذي في سننه، وقال ابن حجر في الإصابة: رجاله ثقات.

وكذلك أيضاً استدلوا: بأن الدين كما أنه قام بالسيف والسنان أيضاً قام بالعلم والبيان؛ فالدين قام بالعلم والبيان كما أنه قام بالسيف والسنان، والنبي عليه الصلاة والسلام في المرحلة المكية ظل ثلاث عشرة سنة وهو يعلم الناس ويبين لهم، ولم يؤذن له بالجهاد، ولم يُفرض عليه الجهاد حتى انتقل إلى المدينة.

وأيضاً مما ذكروا: أن تعلم العلم من الجهاد في سبيل الله، ولهذا في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من خرج في طلب العلم فهو سبيل الله حتى يرجع )، وهذا القول هو الصواب، وأنه يجوز بذل العوض في المسابقات العلمية.

وعلى هذا نقول: المسابقات العلمية تُلحق بالقسم الأول وهي المسابقات الشرعية، فيجوز أخذ العوض من كل من المتسابقين، يعني: إذا كان بذل العوض من كل من المتسابقين جاز ذلك، وإذا كان بذل العوض من الإمام جاز ذلك، وإذا كان من أحدهما جاز ذلك، إذا كان من أجنبي جاز ذلك.

شروط جواز المسابقات العلمية

قلنا: إن هذا القسم يلحق بالقسم الأول هو المسابقات الشرعية، لكنا نشترط لهذا القسم -في المسابقات العلمية- ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن تكون المسابقات في المسائل العلمية الشرعية، كمسائل الفقه، والعقيدة، والحديث، وأصول الفقه، والتفسير... وغير ذلك، ولا تكون في المسائل العلمية المباحة.

الشرط الثاني: أن لا يُقصد من هذه المسابقات الكسب والتجارة، يعني: من أقام هذه المسابقة لا يقصد بذلك الكسب والتجارة، وإنما يقصد تعليم الناس وإرشادهم، وعلى هذا فما تفعله بعض الجهات التجارية أو المؤسسات التجارية من إقامة مسابقات شرعية قصدها بذلك الكسب والتجارة، ولا تقصد بذلك إرشاد الناس وتعليمهم؛ ولهذا تجد أن هذه المسابقات سهلة جداً، قد تكون صح وخطأ، ولا تحتاج إلى بحث وقراءة، أو تكون الإجابة عليها في متناول الناس؛ ويقصدون من هذا الكسب والتجارة.. فهذا لا يصح ولا يجوز؛ لأنه إنما رخّص الشارع في مثل هذه الأمور، ورخّص أخذ الرهان والميسر فيها إذا كان في ذلك نصرة للدين، وتعلم لأحكامه، وتبيين هذه الأحكام وإرشاد الناس إليها.

أما إذا قُصد من وراء ذلك الكسب والتجارة كما قد تفعله بعض المؤسسات التجارية وليس قصدها الأول هو تعليم الناس، وإنما قصدها الأول بيع مثل هذه السلع ونحو ذلك، فيدخل الناس عن طريق رسوم بطاقات، أو عن طريق دفع أو نحو ذلك، وقصدهم الكسب والتجارة، أو عن طريق شراء السلع، وهذه الجوائز أثرت في أثمان السلع بزيادتها، فنقول: هذا لا يجوز.

الشرط الثالث: أن يحذر من الميسر بعد إقامة المسابقة؛ لأن هذه المسابقات التي تقام يدخل فيها الناس وهم غانمون أو غارمون وهي بدون عوض، هذا جوزه الشارع، ولكن بعد انتهاء المسابقة القائمون على مثل هذه المسابقات يقومون بإجراء القرعة بين الفائزين، أو بالسحب، وهذا من الميسر، فكونهم يقومون بالسحب ولا يعطون كل من فاز جائزة هذا من الميسر؛ لأن هذا إما يغنم أو يغرم، يعني: أُقيمت المسابقة على كتاب علمي، شارك في المسابقة مائتا شخص، فاز مائة شخص، هؤلاء المائة الذين فازوا تجد أن القائمين على المسابقة لا يعطونهم كلهم جوائز، مع أنهم كلهم استحقوا الجائزة، لكن يجرون بينهم القرعة، وإجراء القرعة كما ذكر العلماء رحمهم الله مع الاستحقاق يعني: أن كل واحد منهم مستحق، هذا من الميسر.

فكونهم بعدما يفرزون الفائزين يقومون بإجراء القرعة على من فاز، فمن خرجت له القرعة أخذ ومن لم تخرج له القرعة لم يأخذ، هذا لا يجوز ومحرم وهو من الميسر.

وقد ذكر العلماء هذا في أحكام القرعة وأن القرعة يصار إليها عند اشتباه الحقوق وتساويها.. أما إذا استحق كلٌ منهم فإنه لا يجوز إجراء القرعة، فمثلاً: في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، إذا وجد عندنا قارئان اجتمعت فيهما الصفات الشرعية للإمامة من القراءة، والسنة، والسبق للهجرة، والإسلام، والسن... وغير ذلك، فإننا نجري القرعة حينئذ، أما إذا كان كل واحد منهما مستحقاً ويمكن القسمة بين هذين المستحقين ولا تزاحم بينهما، أو لم يتبين لنا المستحق هنا تجرى القرعة.

فتلخص لنا: أن هذه المسابقات العلمية الأصل فيها الجواز، كما دل لذلك رهان أبي بكر رضي الله تعالى عنه مع المشركين، وذكرنا لذلك ثلاثة شروط.

أشرنا أن هذه المسابقة تبنى على خلاف أهل العلم رحمهم الله في أخذ العوض على المسابقات في المسائل العلمية، والعلماء رحمهم الله اختلفوا فيه على رأيين:

الرأي الأول وهو رأي جمهور أهل العلم: أنه لا يجوز أخذ العوض -يعني: الرهان- على المسائل العلمية، وأن هذه المسائل حكمها حكم المسابقات المباحة، يعني: إذا كان العوض من كلٍ منهما فإنه لا يجوز.

إذاً: رأي الجمهور أنها تلحق بالمسابقات المباحة ولا تُلحق بالمسابقات الشرعية، فلا يجوز أخذ العوض -الرهان- عليها؛ بحيث يبذل كل واحد من المتسابقين عوضاً، ومن فاز فإنه يأخذ هذا العوض، فلا يلحقونها بالقسم الأول وهو المسابقات الشرعية.

واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر ) فقالوا: النبي صلى الله عليه وسلم حصر العوض ( لا سبق ) يعني: لا عوض إلا في هذه الأشياء الثلاثة.

الرأي الثاني وهو مذهب أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم : أنه يجوز بذل العوض في مثل هذه المسابقات، ويجوز أخذ الرهان عليها، وتُلحق بالقسم الأول المسابقات الشرعية.

واستدلوا على ذلك بأدلة، ومنها: أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه راهن كفار مكة على غلبة الروم للفرس، وقد بذل كلٌ منهم جعلاً.. أبو بكر رضي الله تعالى عنه بذل جعلاً، وكفار مكة بذلوا جعلاً.

أبو بكر يذهب إلى غلبة الروم، وكفار مكة يذهبون إلى غلبة الفرس.

إذاً: بذل كلٌ منهم جعلاً ولم يقم دليلٌ على نفي ذلك، وهذه المراهنة ليست من الأصناف الثلاثة التي حصرها النبي صلى الله عليه وسلم، وأقره النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك، وهذا أخرجه الترمذي في سننه، وقال ابن حجر في الإصابة: رجاله ثقات.

وكذلك أيضاً استدلوا: بأن الدين كما أنه قام بالسيف والسنان أيضاً قام بالعلم والبيان؛ فالدين قام بالعلم والبيان كما أنه قام بالسيف والسنان، والنبي عليه الصلاة والسلام في المرحلة المكية ظل ثلاث عشرة سنة وهو يعلم الناس ويبين لهم، ولم يؤذن له بالجهاد، ولم يُفرض عليه الجهاد حتى انتقل إلى المدينة.

وأيضاً مما ذكروا: أن تعلم العلم من الجهاد في سبيل الله، ولهذا في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من خرج في طلب العلم فهو سبيل الله حتى يرجع )، وهذا القول هو الصواب، وأنه يجوز بذل العوض في المسابقات العلمية.

وعلى هذا نقول: المسابقات العلمية تُلحق بالقسم الأول وهي المسابقات الشرعية، فيجوز أخذ العوض من كل من المتسابقين، يعني: إذا كان بذل العوض من كل من المتسابقين جاز ذلك، وإذا كان بذل العوض من الإمام جاز ذلك، وإذا كان من أحدهما جاز ذلك، إذا كان من أجنبي جاز ذلك.

قلنا: إن هذا القسم يلحق بالقسم الأول هو المسابقات الشرعية، لكنا نشترط لهذا القسم -في المسابقات العلمية- ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن تكون المسابقات في المسائل العلمية الشرعية، كمسائل الفقه، والعقيدة، والحديث، وأصول الفقه، والتفسير... وغير ذلك، ولا تكون في المسائل العلمية المباحة.

الشرط الثاني: أن لا يُقصد من هذه المسابقات الكسب والتجارة، يعني: من أقام هذه المسابقة لا يقصد بذلك الكسب والتجارة، وإنما يقصد تعليم الناس وإرشادهم، وعلى هذا فما تفعله بعض الجهات التجارية أو المؤسسات التجارية من إقامة مسابقات شرعية قصدها بذلك الكسب والتجارة، ولا تقصد بذلك إرشاد الناس وتعليمهم؛ ولهذا تجد أن هذه المسابقات سهلة جداً، قد تكون صح وخطأ، ولا تحتاج إلى بحث وقراءة، أو تكون الإجابة عليها في متناول الناس؛ ويقصدون من هذا الكسب والتجارة.. فهذا لا يصح ولا يجوز؛ لأنه إنما رخّص الشارع في مثل هذه الأمور، ورخّص أخذ الرهان والميسر فيها إذا كان في ذلك نصرة للدين، وتعلم لأحكامه، وتبيين هذه الأحكام وإرشاد الناس إليها.

أما إذا قُصد من وراء ذلك الكسب والتجارة كما قد تفعله بعض المؤسسات التجارية وليس قصدها الأول هو تعليم الناس، وإنما قصدها الأول بيع مثل هذه السلع ونحو ذلك، فيدخل الناس عن طريق رسوم بطاقات، أو عن طريق دفع أو نحو ذلك، وقصدهم الكسب والتجارة، أو عن طريق شراء السلع، وهذه الجوائز أثرت في أثمان السلع بزيادتها، فنقول: هذا لا يجوز.

الشرط الثالث: أن يحذر من الميسر بعد إقامة المسابقة؛ لأن هذه المسابقات التي تقام يدخل فيها الناس وهم غانمون أو غارمون وهي بدون عوض، هذا جوزه الشارع، ولكن بعد انتهاء المسابقة القائمون على مثل هذه المسابقات يقومون بإجراء القرعة بين الفائزين، أو بالسحب، وهذا من الميسر، فكونهم يقومون بالسحب ولا يعطون كل من فاز جائزة هذا من الميسر؛ لأن هذا إما يغنم أو يغرم، يعني: أُقيمت المسابقة على كتاب علمي، شارك في المسابقة مائتا شخص، فاز مائة شخص، هؤلاء المائة الذين فازوا تجد أن القائمين على المسابقة لا يعطونهم كلهم جوائز، مع أنهم كلهم استحقوا الجائزة، لكن يجرون بينهم القرعة، وإجراء القرعة كما ذكر العلماء رحمهم الله مع الاستحقاق يعني: أن كل واحد منهم مستحق، هذا من الميسر.

فكونهم بعدما يفرزون الفائزين يقومون بإجراء القرعة على من فاز، فمن خرجت له القرعة أخذ ومن لم تخرج له القرعة لم يأخذ، هذا لا يجوز ومحرم وهو من الميسر.

وقد ذكر العلماء هذا في أحكام القرعة وأن القرعة يصار إليها عند اشتباه الحقوق وتساويها.. أما إذا استحق كلٌ منهم فإنه لا يجوز إجراء القرعة، فمثلاً: في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، إذا وجد عندنا قارئان اجتمعت فيهما الصفات الشرعية للإمامة من القراءة، والسنة، والسبق للهجرة، والإسلام، والسن... وغير ذلك، فإننا نجري القرعة حينئذ، أما إذا كان كل واحد منهما مستحقاً ويمكن القسمة بين هذين المستحقين ولا تزاحم بينهما، أو لم يتبين لنا المستحق هنا تجرى القرعة.

فتلخص لنا: أن هذه المسابقات العلمية الأصل فيها الجواز، كما دل لذلك رهان أبي بكر رضي الله تعالى عنه مع المشركين، وذكرنا لذلك ثلاثة شروط.

عندنا الآن الإجارة المنتهية بالتمليك، وهذا المصطلح اصطلاح معاصر، لم يكن عند الفقهاء السابقين، فهو مركب من كلمتين: الكلمة الأولى: التأجير أو الإجارة، والكلمة الثانية: التمليك.

وسنعرف هاتين الكلمتين، ثم نقوم بتعريف هذا العقد مركباً.

معنى التأجير

التأجير في اللغة: مشتق من الأجر وهو الجزاء عن العمل، ويطلق أيضاً على الثواب، وكذلك أيضاً الإجارة تُطلق على أنها اسمٌ للأجرة، وهي ما يُعطى من الأجر على العمل.

وأما الإجارة في اصطلاح الفقهاء رحمهم الله فهي: عقد على منفعة معلومة مباحة من عين معينة أو موصوفة في الذمة، أو على عمل معلوم بعوض معلوم، مدة معلومة.

فتلخص لنا أن الإجارة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: إجارة أعيان.

القسم الثاني: إجارة أعمال.

معنى التمليك

والتمليك في اللغة: جعل الغير مالكاً للشيء.

وفي الاصطلاح: ما يخرج عن المعنى اللغوي.

والتمليك قد يكون تمليكاً للعين، وقد يكون تمليكاً للمنفعة، وقد يكون بعوض، وقد يكون بغير عوض.

فإذا كان تمليكاً للعين بعوض فهذا هو البيع، وإذا كان تمليكاً للمنفعة بعوض فهذه هي الإجارة، وإذا كان تمليكاً للعين بلا عوض فهذه هي الهبة، وإذا كان تمليكاً للمنفعة بلا عوض فهذه عارية.

تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك على أنها مركبة من هاتين الكلمتين، فكما يلي:

تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك وتأريخ نشأتها

الإجارة المنتهية بالتمليك في اصطلاح المتأخرين هي: تمليك منفعة من عين معلومة مدة معلومة، يتبعه تمليك العين على صفة مخصوصة على عوض معلوم.

وقولهم: (تمليك منفعة) هذا هو الإجارة.

وقولهم (يتبعه تمليك العين) هذا البيع؛ فهي إجارة منتهية بالتمليك.

وعقد الإجارة المنتهية بالتمليك وجد عام 1846م في إنجلترا، وأول من تعامل بهذا العقد أحد تجار الآلات الموسيقية في إنجلترا، فكان يؤجر آلاته الموسيقية إجارة يتبعها تمليك العين، وقصد من ذلك ضمان حقه، ثم بعد ذلك انتشر مثل هذا العقد، وانتقل من الأفراد إلى المصانع، وكان أول هذه المصانع تطبيقاً لهذا العقد مصنع كنجر لآلات الخياطة في إنجلترا، ثم بعد ذلك تطور هذا وانتشر بصفة خاصة في شركات السكك الحديدية التي تشتري المركبات وتؤجرها لمناجم الفحم تأجيراً ينتهي بالتمليك، ثم بعد ذلك انتقل هذا العقد وانتشر إلى بقية دول العالم، وانتقل إلى الولايات المتحدة عام 1953م، ثم بعد ذلك انتقل إلى فرنسا عام 1962م، ثم بعد ذلك انتقل إلى البلاد العربية والإسلامية عام 1397هـ.

التكييف الفقهي لمسألة الإجارة المنتهية بالتمليك

قبل أن ندخل في الإجارة المنتهية بالتمليك لا بد من بحث بعض المسائل الفقهية التي تبنى على هذا العقد، فإن الذين منعوا مثل هذا العقد مطلقاً، وقالوا بأن هذا العقد اشتراط عقد في عقد، وهذا لا يجوز عند جمهور أهل العلم، وقالوا: إنه أيضاً يتضمن تعليق عقد البيع على شرط المستقبل، وهذا لا يجوز، تعليق الهبة على شرط المستقبل أيضاً لا يجوز، وحكم الوعد هذا مبني على الإلزام به، والوعد هذا غير لازم عند جمهور العلماء رحمهم الله.

فمثل هذه المسائل سنشير إلى كلام أهل العلم رحمهم الله فيها عن طريق الإجمال؛ لأنه كما أسلفت عقد الإجارة المنتهي بالتمليك يبنى على مثل هذه المسائل، فإذا عرفنا الحكم في هذه المسائل يتبين لنا الإجارة، ويتبين لنا الإجابة عن قول من منع مثل هذا العقد مطلقاً بكل أقسامه وصوره، وسيأتينا أن هذا العقد له ثلاثة أقسام: قسم جائز، وقسم محرم، وقسم ذكر له العلماء ضوابط.

فالذين منعوا هذه الأقسام كلها ومنعوا صور الإجارة المنتهية بالتمليك كلها، تمسكوا بالمسائل الفقهية التي ذكرت، قالوا: هذا فيه شرط منفعة في عقد البيع.. وشرط المنفعة هذه أكثر العلماء على منعها.

- اشتراط عقد في عقد: أكثر العلماء على منعه.

- حكم الوعد والإلزام به: جمهور العلماء على أنه لا يجب الوفاء بالوعد.

- تعليق عقد البيع على شرط المستقبل: جمهور العلماء قالوا: إن هذا التعليق يفسد العقد.

- تعليق الهبة على شرط المستقبل، قالوا: إن كل العلماء يمنعون من ذلك.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
المعاملات المالية المعاصرة [1] 2087 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [2] 1997 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [10] 1513 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [11] 1418 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [8] 1379 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [4] 1331 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [5] 1240 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [9] 1123 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [7] 958 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [3] 881 استماع