خطب ومحاضرات
أبواب النكاح [1]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المصنف رحمه الله: [ أبواب النكاح.
باب ما جاء في فضل النكاح.
حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة قال: حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بن قيس، قال: ( كنت مع عبد الله بن مسعود بمنى، فخلا به عثمان، فجلست قريباً، فقال له عثمان: هل لك أن أزوجك جارية بكراً، تذكرك من نفسك بعض ما قد مضى؟ فلما رأى عبد الله أنه ليس له حاجة سوى هذا، أشار إلي بيده، فجئت وهو يقول: لئن قلت ذلك، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ).
حدثنا أحمد بن الأزهر قال: حدثنا آدم قال: حدثنا عيسى بن ميمون عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصيام، فإن الصوم له وجاء ).
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا سعيد بن سليمان قال: حدثنا محمد بن مسلم قال: حدثنا إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لم ير للمتحابين مثل النكاح ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن التبتل.
حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن سعد، قال: ( لقد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا ).
حدثنا بشر بن آدم و زيد بن أخزم قالا: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن الحسن عن سمرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل ).
زاد زيد بن أخزم: وقرأ قتادة: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [الرعد:38] ].
يؤخذ من قول الله عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [الرعد:38]، أنه لا يوجد في الأنبياء أعزب. ويؤخذ منها أنهم معددون أيضاً (أزواجاً وذريةً). ويؤخذ منها أن الرسالة في الرجال، ويوجد آية أخرى هي أصرح من هذا.
قال المصنف رحمه الله: [ باب حق المرأة على الزوج.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن شعبة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه، ( أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق المرأة على الزوج؟ قال: أن يطعمها إذا طعم، وأن يكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح، ولا يهجر إلا في البيت ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا الحسين بن علي عن زائدة عن شبيب بن غرقدة البارقي عن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي: ( أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ، ثم قال: استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، إن لكم من نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فأما حقكم على نسائكم: فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب حق الزوج على المرأة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلاً أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود، ومن جبل أسود إلى جبل أحمر، لكان نولها أن تفعل ).
حدثنا أزهر بن مروان قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن القاسم الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: ( لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: ما هذا يا معاذ؟! قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن أفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه ) ].
قد روى ابن أبي شيبة في المصنف من حديث الحكم: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتفقون على أن المولى لا يتزوج إذا أراد التعدد إلا اثنتين على نصف الحر.
قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن أبي نصر عبد الله بن عبد الرحمن عن مساور الحميري عن أمه، قالت: سمعت أم سلمة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض، دخلت الجنة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب فضل النساء.
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الدنيا متاع، وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة ).
حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة قال: حدثنا وكيع عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال: ( لما نزل في الفضة والذهب ما نزل، قالوا: فأي المال نتخذ؟ قال عمر رضي الله عنه: فأنا أعلم لكم ذلك. فأوضع على بعيره، فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا في أثره، فقال: يا رسول الله! أي المال نتخذ؟ فقال: ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا صدقة بن خالد قال: حدثنا عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ( ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله ) ].
ويكفي في ذلك ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح أن عيالة البنت أعظم عند الله من عيالة الابن، وكذلك عيالة الأخت أعظم من عيالة الأخ، وكذلك في تقديمها إذا ماتت وهي صغيرة هي أعظم أجراً على وليها من الابن، وهذا أيضاً من خصائص الفضل.
قال المصنف رحمه الله: [ باب تزويج ذات الدين.
حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تنكح النساء لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ).
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبد الرحمن المحاربي و جعفر بن عون عن الإفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب تزويج الأبكار.
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن عبد الملك عن عطاء: ( عن جابر بن عبد الله، قال: تزوجت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتزوجت يا جابر؟ قلت: نعم. قال: أبكراً أو ثيباً؟ قلت: ثيب. قال: فهلا بكراً تلاعبها؟ قلت: كن لي أخوات، فخشيت أن تدخل بيني وبينهن. قال: فذاك إذاً ).
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدثنا محمد بن طلحة التيمي قال: حدثني عبد الرحمن بن سالم بن عتبة بن عويم بن ساعدة الأنصاري عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب تزويج الحرائر والولود.
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سلام بن سوار قال: حدثنا كثير بن سليم عن الضحاك بن مزاحم قال: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من أراد أن يلقى الله طاهراً مطهراً، فليتزوج الحرائر ).
حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا عبد الله بن الحارث المخزومي عن طلحة عن عطاء عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( انكحوا، فإني مكاثر بكم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب النظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن محمد بن سليمان عن عمه سهل بن أبي حثمة عن محمد بن مسلمة قال: ( خطبت امرأة، فجعلت أتخبأ لها، حتى نظرت إليها في نخل لها، فقيل له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظر إليها ).
حدثنا الحسن بن علي الخلال و زهير بن محمد و محمد بن عبد الملك، قالوا: قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس بن مالك: ( أن المغيرة بن شعبة أراد أن يتزوج امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فانظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم- يعني: بينكما- ففعل، فتزوجها، فذكر من موافقتها ) ].
النظر إلى المخطوبة فيه دليل على مسألة وقرينة على مسألة أخرى، دليل على عدم اختلاط الرجل بالمرأة، ولو كان ذلك فما فائدة النظر للمخطوبة إذا كانت معه، هي معه في عمله ومعه في مجلسه ثم ينظر إليها في بيتها يجاز له بنظرة واحدة، هل هذا يسوغ عقلاً؟ غير سائغ هذا يدل إذاً على منع الاختلاط أصلاً، وهو قرينة على ستر المرأة لوجهها، أنه لا يراها ولو نظرة واحدة إلا تحت رخصة شرعية لوجهها.
وفي هذا أيضاً أنه يجوز لمن أراد أن يتزوج امرأة أن ينظر إليها من غير علمها، جاء في هذا جملة من الأحاديث، جاءت في مسند الإمام أحمد وغيره.
لكن لا يكون هذا مدعاة لأن يفتح باب التسكع وتتبع النساء.
قال: [ حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال: أنبأنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت البناني عن بكر بن عبد الله المزني: ( عن المغيرة بن شعبة، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له امرأة أخطبها فقال: اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما، فأتيت امرأة من الأنصار، فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة، وهي في خدرها، فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر، فانظر، وإلا فإني أنشدك كأنها أعظمت ذلك، قال: فنظرت إليها فتزوجتها. فذكر من موافقتها ) ].
ومن القرائن في هذه المسألة: أن المرأة لماذا لم يأت دليل أنها تنظر إلى الرجل إذا خطبها، هذا قرينة على سترها لوجهها لأنه كاشف لوجهه على الدوام، ولو كان ساتراً لوجهه لحثت على أن تنظر إليه، ولكن لما كان الأمر في ذلك معروف باعتبار أنه كاشف لوجهه، فهي تنظر إليه والأمر في ذلك سائغ بخلاف العكس، ولهذا جاء النص بنظر الرجل إلى المرأة؛ لأن الأصل فيها الستر وعدم المخالطة وتغطية الوجه كذلك.
وأنا مع كثرة التتبع لا أعلم صحابية ولا تابعية ذكرت في دواوين السنة باسمها كاشفة لوجهها، وأما ما جاء بعد هاتين الطبقتين، فيرد في ذلك شيء يسير.
وثبتت بعض النصوص كما في حديث سفعاء الخدين وهو في الصحيح، لا يستطيع الإنسان أن يجزم بأنها أمة أو حرة، كذلك لا يستطيع أن يجزم بأنها قاعدة أو غير قاعدة، قال: ( امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين )، هل هي كبيرة أو صغيرة، ثم إنها غير معروفة باسمها، وليست معروفة هل هي حرة أو أمة، فثمة أحكام هنا، فهذه تكون إذاً مشتبهة.
كذلك في الخثعمية قد جاء في حديث عبد الله بن عباس، أن أباها يعرضها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخطبها، وقد يكون جدها، لأنه ذكر في بعض الروايات الجد، وإسناد هذه الرواية التي ذكرتها صحيح، قد رواها أبو يعلى في المسند من حديث سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس.
هاتان القصتان هما أشهر ما في الباب، وهي واضحة وبينة لا تقضي على القطعي.
قال المصنف رحمه الله: [ باب لا يخطب الرجل على خطبة أخيه.
حدثنا هشام بن عمار و سهل بن أبي سهل قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ).
حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم بن صخير العدوي، قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا حللت فآذنيني، فآذنته، فخطبها معاوية وأبو الجهم بن صخير وأسامة بن زيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما معاوية فرجل ترب لا مال له، وأما أبو الجهم فرجل ضراب للنساء، ولكن أسامة، فقالت بيدها هكذا: أسامة، أسامة ! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: طاعة الله وطاعة رسوله خير لك، قالت: فتزوجته فاغتبطت به ) ].
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أبواب الأذان والسنة فيها | 2550 استماع |
أبواب التجارات [1] | 2408 استماع |
أبواب الوصايا | 2393 استماع |
أبواب الطهارة وسننها [3] | 2382 استماع |
أبواب الأحكام | 2344 استماع |
أبواب الجنائز [2] | 2271 استماع |
أبواب الحدود | 2230 استماع |
أبواب الزكاة | 2225 استماع |
أبواب المساجد والجماعات | 2217 استماع |
أبواب الرهون | 2171 استماع |