المعاملات المالية المعاصرة [5]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن الحمد لله، أحمده وأستعينه وأستغفره، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

تكلمنا في الدرس السابق عن الجوائز التي يعطيها أصحاب المحلات التجارية للمشترين، وذكرنا أن هذه الجوائز تنقسم إلى أقسام:

فمن هذه الأقسام: أن تكون الجوائز عن طريق المسابقات، وذكرنا أن الجائزة إذا كانت عن طريق المسابقة فإن تحتها أنواعاً وبيّنا هذه الأنواع.

وذكرنا القسم الثاني وهو: أن تكون الجائزة ليست عن طريق المسابقة، وإنما يستحقها المشتري إذا اشترى سلعة معينة، أو إذا اشترى من هذا المحل التجاري.

وذكرنا القسم الثالث: الجوائز التابعة للسلع، وذكرنا ما تحتها من أنواع.

بقي ما يتعلق بالبطاقات التخفيضية، والبطاقات التخفيضية بحسب الاستقراء لها ثلاث صور:

الصورة الأولى: البطاقات التخفيضية العامة.

والصورة الثانية: البطاقات التخفيضية الخاصة.

والصورة الثالثة: البطاقات التخفيضية المجانية.

وهذه البطاقات استجدت في هذه الأزمان، وتكلم عليها العلماء وكتب فيها الباحثون.

البطاقات التخفيضية العامة

أما البطاقات التخفيضية العامة، فهي: البطاقات التي يستفيد منها المستهلك أو العميل في الخصم من الأسعار والخدمات لدى جهات تجارية عديدة.

وهذا النوع من هذه البطاقات الغالب أن الذي يقوم بإصدارها شركات السياحة والدعاية والإعلان.

والفرق بين هذه البطاقات العامة والبطاقات الخاصة: أن البطاقات العامة تكون الاستفادة منها من عدة محلات تجارية محدودة، فالمشترك في هذه البطاقة يستفيد من مجموعة من الفنادق، تخفض له في السعر، تجده يستفيد من بعض المطاعم، أو يستفيد من بعض المحلات التجارية.. وهكذا.

يعني: ليست جهة التخفيض واحدة، وإنما هي جهات متعددة، فتجد أنه يستفيد من هذا الفندق، ومن هذا المطعم، ومن هذا المحل التجاري... وغير ذلك من جهات التخفيض التي تشترك مع الجهة المصدرة.. جهة الدعاية والإعلان أو جهة السياحة.. إلى آخره.

أما البطاقات التخفيضية الخاصة فإن جهة التخفيض جهة واحدة، وأيضاً الأطراف في البطاقات التخفيضية الخاصة طرفان: المستهلك وهو جهة الإصدار، فمثلاً: مستشفى خاص أو مستوصف خاص يقوم بإصدار مثل هذه البطاقات، فمن اشترك معه في رسم سنوي أو شهري حسب ما يتفقان عليه يستفيد من التخفيض الذي يبذله هذا المستشفى أو هذا المستوصف، أو غيرهما من الجهات التجارية كالمحل التجاري، أو الفندق.. إلى آخره.

فتبين لنا الفرق بين جهات البطاقات التخفيضية العامة وبين البطاقات التخفيضية الخاصة من وجهين:

الوجه الأول: أن البطاقات التخفيضية العامة أطرافها ثلاثة:

الطرف الأول: المصدر للبطاقة، والغالب أن المصدر للبطاقة هي شركات السياحة والدعاية والإعلان التي تقوم بإصدار مثل هذه البطاقات.

الطرف الثاني: الجهات التجارية المشتركة في هذه البطاقة.

الطرف الثالث: العميل أو المستهلك.

أما البطاقات التخفيضية الخاصة فإن أطرافها طرفان فقط: العميل، وجهة الإصدار.

فالعميل أو المستهلك يشترك في هذه البطاقة من جهة الإصدار مباشرة من المستشفى، أو المستوصف، أو الفندق، أو المحل التجاري، أو المطعم... أو غير ذلك، يشترك اشتراكاً مباشراً، وليس هناك طرف ثالث آخر بين العميل وبين جهة التخفيض. هذا الفرق الأول.

الفرق الثاني: أن البطاقات التخفيضية العامة يستفيد المستهلك من جهات تجارية عديدة وليست جهة تجارية واحدة، فتجد أنه يستفيد من مجموعة من الفنادق، أو من مجموعة من شركات الطيران، أو من المطاعم، أو من المحلات التجارية، أو من هذه كلها، فيستفيد من المحلات التجارية والمطاعم والفنادق وشركات الطيران وغير ذلك.

أما بالنسبة للبطاقات التخفيضية الخاصة، فالعميل إنما يستفيد من جهة واحدة فقط وهي التي قامت بإصدار هذه البطاقة، فهي جهة تجارية واحدة فقط لا يستفيد من غيرها.

البطاقات التخفيضية العامة أكثر أهل العلم على أنها محرمة ولا تجوز، وبهذا صدرت الفتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة، ووجه التحريم -كما قالوا- أن جهة التخفيض وهي الجهات التجارية تقوم باستئجار جهة الإصدار، وجهة الإصدار هي شركات السياحة وشركات الدعاية والإعلان، فالعلاقة بين المحلات التجارية جهة التخفيض وبين جهة الإصدار علاقة عقد إجارة.

فجهة التخفيض تقوم باستئجار جهة الإصدار، وجهة الإصدار هي شركة الدعاية والإعلان أو شركة السياحة تبذل لها رسماً إما أن يكون مقطوعاً وإما أن يكون نسبة من المبيعات التي حصل عليها التخفيض من هذه البطاقة..

الآن جهة التخفيض دفعت الأجرة لجهة الإصدار، ما هي المنفعة التي تأخذها؟ هي منفعة الدعاية لهذا الفندق، ويقومون بإصدار كتيبات ونشرات، فيستفيد هذا المحل التجاري أو هذا المطعم أو غير ذلك ما يحصل له من الدعاية، أيضاً تسهيل استفادة جمع كثير من الناس من هذه الشركة.

فالعلاقة بين جهة الإصدار وبين جهة التخفيض هي علاقة إجارة.

وقالوا: إذا كانت هذه العلاقة علاقة عقد إجارة بين جهة التصدير وبين جهة التخفيض فالإجارة هنا فيها غرر، ووجه الغرر: أن المنفعة هنا مجهولة.. المنفعة التي تستفيدها جهة التخفيض هي الشراء، والشراء هذا قد يحصل وقد لا يحصل، فإذا كان كذلك فإنه يكون محرماً.

إذاً: الوجه الأول: أن هذه إجارة فيها غرر؛ إذ إن جهة التخفيض الآن استأجرت جهة الإصدار، ودفعت إليها إما مقطوعاً وإما نسبة من المبيعات، فقالوا: المنفعة التي تستفيدها جهة التخفيض مقابل هذا الذي دفعته هو ما قد يحصل من الشراء أو الاستئجار، وهذا الشراء أو الاستئجار فيه غرر، قد يحصل لهذا الفندق وقد لا يحصل له.

الوجه الثاني: قالوا: إذا كانت جهة الإصدار أجرتها هي نسبة من مبيعات جهة التخفيض، فعندئذ هذه الأجرة مجهولة لا يدرى كم تكون، قد تكون قليلة وقد تكون كثيرة... إلى آخره. هذا الوجه الثاني.

الوجه الثالث: قالوا: إن العلاقة بين الإصدار -وهي شركة الدعاية والإعلان أو شركة السياحة- وبين العميل المستهلك علاقة عقد إجارة؛ فإن العميل يقوم بدفع رسم سنوي أو شهري مقابل أخذ هذه البطاقة، لكي يستفيد من التخفيضات، وهذه قالوا: منفعة مجهولة فيها غرر، قد يستفيد وقد لا يستفيد.

أيضاً من جهة أخرى: أن هذه المنفعة ومنفعة الاستفادة عند غير المؤجر، عند الفندق وعند المحل التجاري.. إلى آخره، فالمؤجر الآن ليست عنده المنفعة، فهذه منفعة غير مقدور على تسليمها، فالعميل يدفع رسماً لجهة الإصدار وهي شركة السياحة والمنفعة ليست عنده.. المنفعة التي قد يستفيدها العميل وهو التخفيض هذه غير مقدور عليها بالنسبة لجهة الإصدار وهي الشركة السياحية. وهذا من أقوى الأدلة على تحريم هذه البطاقات العامة.

فهو الآن يشترك ويدفع البطاقة على أنه سيأخذ منفعة التخفيض، وهذه ليست موجودة عند المؤجر وهي جهة الإصدار.. وهي الشركة السياحية وشركة الدعاية والإعلان، وإنما منفعة التخفيض عند المحلات التجارية.

قد يذهب ويقدم هذه البطاقة ويستفيد من التخفيض وقد لا يستفيد من التخفيض، وقد يعطيه المحل التجاري يخفض له وقد لا يخفض له ويرفض مثل هذه البطاقة، فحينئذ تكون جهة الإصدار عقداً على منفعة لا يملكها هو الآن، صحيح أن العميل يستفيد كتيبات تصدرها جهة الإصدار فيها الشركات، وفيها الفنادق، وفيها المحلات التجارية... إلى آخره، لكن ليس هي المقصود له.. المقصود له هو التخفيض، والتخفيض هذا لا تملكه جهة الإصدار الذي استأجره هذا العميل ودفع له هذه النسبة، فحينئذ تكون جهة الإصدار باعت شيئاً لا تملكه.. عقدت على منافع لا تملكها، وهي منافع التخفيض التي تكون عند المحلات التجارية.

وعلى هذا كان الراجح في هذه البطاقات التخفيضية أنها محرمة؛ لما ذكرنا من هذه الوجوه الأربعة، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد قد أفتت بتحريم مثل هذه البطاقات، مع أن اللجنة الدائمة أيضاً أشارت إلى أن كثيراًمن هذه البطاقات وهمية يقصد منها استغلال الناس، وأكل أموالهم بالباطل، وأما ما قد يتوهمه المستهلك من أنه سيحصل له تخفيض في هذه المحلات التجارية، أو في شركات النقل... أو غير ذلك، فإن هذا لا وجود له.

هذا فيما يتعلق بالبطاقات التخفيضية العامة.

البطاقات التخفيضية الخاصة

الصورة الثانية: البطاقات التخفيضية الخاصة.

وهي: التي لا يستعملها المستهلك إلا في جهة تخفيضية واحدة، والأطراف فيها طرفان:

الطرف الأول: العميل المستهلك.

الطرف الثاني: جهة الإصدار، وجهة الإصدار هي جهة التخفيض.

فالأطراف فيها طرفان فقط: العميل المستهلك، وجهة الإصدار التي هي جهة التخفيض.

وهذا كما لو قام فندق من الفنادق بإصدار بطاقات يدخل فيها الراغبون عن طريق رسوم يدفعونها، يعني: البطاقة ثمنها مائة ريال تستفيد من هذا الفندق إذا أردت أن تسكن فيه بالخصم مثلاً: عشرين بالمائة، ثلاثين بالمائة... إلى آخره.

أو مستشفى من المستشفيات التجارية، أو مستوصف من المستوصفات التجارية، أو شركة طيران... إلى آخره يقوم بإصدار بطاقة يشتريها الراغبون، وبمقابل هذه البطاقة يستفيدون من التخفيضات التي تقدمها هذه الجهة المصدرة لهذه البطاقة التي هي الجهة التخفيضية.

هذه البطاقة اختلف فيها المتأخرون، ولا شك أن هذه البطاقة هي أخف من البطاقة التخفيضية العامة؛ لأننا ذكرنا أن أقوى الأدلة وهي أن جهة الإصدار المؤجر في البطاقات التخفيضية العامة لا تملك المنفعة، وأن المنفعة هذه غير مقدور عليها.. إنما هي عند جهة التخفيض.

أما هنا فجهة الإصدار هي جهة التخفيض، فجهة الإصدار الآن تملك المنفعة، فزال هذا المحذور.

ولهذا فإن الخلاف في هذه المسألة أخف من الخلاف في المسألة السابقة، وهي: البطاقات التخفيضية العامة.

وعلى كل حال فالعلماء رحمهم الله لهم في ذلك رأيان:

الرأي الأول: إلحاق هذه البطاقات التخفيضية الخاصة بالبطاقات التخفيضية العامة، وأن هذه البطاقات محرمة ولا تجوز.

وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة، قالوا: هذه محرمة ولا تجوز.

ووجه التحريم أن العلاقة بين المستهلك وجهة الإصدار التي هي جهة التخفيض علاقة إجارة.

فالعميل يدفع مثلاً مائة ريال أو خمسين ريالاً أو عشرين ريالاً... إلى آخره، مقابل المنفعة التي هي التخفيض التي يستفيدها من المستوصف، أو يستفيدها من الفندق، أو يستفيدها من المحل التجاري... إلى آخره.

فالعلاقة بينهما علاقة عقد إجارة، قالوا: إن المنفعة في هذه العلاقة وهي التخفيض مجهولة، وإذا كانت مجهولة فلا يجوز، قد يستفيد هذا العميل من هذا الفندق وقد لا يستفيد، وأيضاً إذا استفاد ما هو قدر الاستفادة؟!

قد يحتاج إلى هذا المستوصف في كل أسبوع، وقد لا يحتاج إليه إلا في الشهر مرة واحدة، وقد لا يحتاج إليه طيلة السنة... إلى آخره، فقالوا: المنفعة المتعلقة بالتخفيض مجهولة، ويترتب على ذلك الغرر للعميل وكذلك أيضاً مصدر هذه البطاقة.

ولهذا ذهبت اللجنة الدائمة إلى أن هذه البطاقة محرمة ولا تجوز.

وبعض الباحثين ذهب إلى جوازها وقيدها بقيدين:

القيد الأول: أنه يُشترط أن تكون نسبة التخفيضات معلومة.

فمثلاً: الداخل في هذه البطاقة يدفع مائة ريال، كم يحصل من التخفيض؟ يحصل على عشرين في المائة من أسعار هذا المستوصف، أو على ثلاثين في المائة... إلى آخره.

القيد الثاني: أن تكون المنفعة معلومة، يعني: ما تكون به التخفيضات التي يتمكن المستهلك من الإفادة منها تكون معلومة، فمثلاً: مستوصف تستفيد من العلاج الفلاني فيه كذا وكذا وكذا، ويكون لك من نسبة التخفيضات كذا وكذا وكذا. فقيدوا هذين القيدين.

أما على الرأي الأول فقالوا: حتى مع هذين القيدين لا يزال الغرر موجوداً.

البطاقات التخفيضية المجانية

الصورة الثالثة: البطاقات التخفيضية المجانية.

وهي البطاقات التي تمنحها الجهات التجارية للمستهلكين مكافأة لهم على تعاملهم معها، أو تشجيعاً عليه.

فمثلاً: رجل استخدم هذا المحل التجاري فأعطاه المحل التجاري بطاقة تخفيضية؛ على أن لك الحق في أن يخصم لك من الأسعار كذا وكذا، أو أنه استخدم هذا الفندق فأعطاه الفندق بطاقة مجانية على أنه إذا استخدمه مرة أخرى أن له الحق في الخصم، أو استخدم هذا المستوصف فأعطاه المستوصف هذه البطاقة بدون مقابل، فهذه جائزة، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أفتوا بجواز مثل هذه البطاقة، وأن هذا جائز ولا بأس بها؛ لعدم المحذور الشرعي في ذلك، ولأن الأصل في المعاملات الحل.

أما البطاقات التخفيضية العامة، فهي: البطاقات التي يستفيد منها المستهلك أو العميل في الخصم من الأسعار والخدمات لدى جهات تجارية عديدة.

وهذا النوع من هذه البطاقات الغالب أن الذي يقوم بإصدارها شركات السياحة والدعاية والإعلان.

والفرق بين هذه البطاقات العامة والبطاقات الخاصة: أن البطاقات العامة تكون الاستفادة منها من عدة محلات تجارية محدودة، فالمشترك في هذه البطاقة يستفيد من مجموعة من الفنادق، تخفض له في السعر، تجده يستفيد من بعض المطاعم، أو يستفيد من بعض المحلات التجارية.. وهكذا.

يعني: ليست جهة التخفيض واحدة، وإنما هي جهات متعددة، فتجد أنه يستفيد من هذا الفندق، ومن هذا المطعم، ومن هذا المحل التجاري... وغير ذلك من جهات التخفيض التي تشترك مع الجهة المصدرة.. جهة الدعاية والإعلان أو جهة السياحة.. إلى آخره.

أما البطاقات التخفيضية الخاصة فإن جهة التخفيض جهة واحدة، وأيضاً الأطراف في البطاقات التخفيضية الخاصة طرفان: المستهلك وهو جهة الإصدار، فمثلاً: مستشفى خاص أو مستوصف خاص يقوم بإصدار مثل هذه البطاقات، فمن اشترك معه في رسم سنوي أو شهري حسب ما يتفقان عليه يستفيد من التخفيض الذي يبذله هذا المستشفى أو هذا المستوصف، أو غيرهما من الجهات التجارية كالمحل التجاري، أو الفندق.. إلى آخره.

فتبين لنا الفرق بين جهات البطاقات التخفيضية العامة وبين البطاقات التخفيضية الخاصة من وجهين:

الوجه الأول: أن البطاقات التخفيضية العامة أطرافها ثلاثة:

الطرف الأول: المصدر للبطاقة، والغالب أن المصدر للبطاقة هي شركات السياحة والدعاية والإعلان التي تقوم بإصدار مثل هذه البطاقات.

الطرف الثاني: الجهات التجارية المشتركة في هذه البطاقة.

الطرف الثالث: العميل أو المستهلك.

أما البطاقات التخفيضية الخاصة فإن أطرافها طرفان فقط: العميل، وجهة الإصدار.

فالعميل أو المستهلك يشترك في هذه البطاقة من جهة الإصدار مباشرة من المستشفى، أو المستوصف، أو الفندق، أو المحل التجاري، أو المطعم... أو غير ذلك، يشترك اشتراكاً مباشراً، وليس هناك طرف ثالث آخر بين العميل وبين جهة التخفيض. هذا الفرق الأول.

الفرق الثاني: أن البطاقات التخفيضية العامة يستفيد المستهلك من جهات تجارية عديدة وليست جهة تجارية واحدة، فتجد أنه يستفيد من مجموعة من الفنادق، أو من مجموعة من شركات الطيران، أو من المطاعم، أو من المحلات التجارية، أو من هذه كلها، فيستفيد من المحلات التجارية والمطاعم والفنادق وشركات الطيران وغير ذلك.

أما بالنسبة للبطاقات التخفيضية الخاصة، فالعميل إنما يستفيد من جهة واحدة فقط وهي التي قامت بإصدار هذه البطاقة، فهي جهة تجارية واحدة فقط لا يستفيد من غيرها.

البطاقات التخفيضية العامة أكثر أهل العلم على أنها محرمة ولا تجوز، وبهذا صدرت الفتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة، ووجه التحريم -كما قالوا- أن جهة التخفيض وهي الجهات التجارية تقوم باستئجار جهة الإصدار، وجهة الإصدار هي شركات السياحة وشركات الدعاية والإعلان، فالعلاقة بين المحلات التجارية جهة التخفيض وبين جهة الإصدار علاقة عقد إجارة.

فجهة التخفيض تقوم باستئجار جهة الإصدار، وجهة الإصدار هي شركة الدعاية والإعلان أو شركة السياحة تبذل لها رسماً إما أن يكون مقطوعاً وإما أن يكون نسبة من المبيعات التي حصل عليها التخفيض من هذه البطاقة..

الآن جهة التخفيض دفعت الأجرة لجهة الإصدار، ما هي المنفعة التي تأخذها؟ هي منفعة الدعاية لهذا الفندق، ويقومون بإصدار كتيبات ونشرات، فيستفيد هذا المحل التجاري أو هذا المطعم أو غير ذلك ما يحصل له من الدعاية، أيضاً تسهيل استفادة جمع كثير من الناس من هذه الشركة.

فالعلاقة بين جهة الإصدار وبين جهة التخفيض هي علاقة إجارة.

وقالوا: إذا كانت هذه العلاقة علاقة عقد إجارة بين جهة التصدير وبين جهة التخفيض فالإجارة هنا فيها غرر، ووجه الغرر: أن المنفعة هنا مجهولة.. المنفعة التي تستفيدها جهة التخفيض هي الشراء، والشراء هذا قد يحصل وقد لا يحصل، فإذا كان كذلك فإنه يكون محرماً.

إذاً: الوجه الأول: أن هذه إجارة فيها غرر؛ إذ إن جهة التخفيض الآن استأجرت جهة الإصدار، ودفعت إليها إما مقطوعاً وإما نسبة من المبيعات، فقالوا: المنفعة التي تستفيدها جهة التخفيض مقابل هذا الذي دفعته هو ما قد يحصل من الشراء أو الاستئجار، وهذا الشراء أو الاستئجار فيه غرر، قد يحصل لهذا الفندق وقد لا يحصل له.

الوجه الثاني: قالوا: إذا كانت جهة الإصدار أجرتها هي نسبة من مبيعات جهة التخفيض، فعندئذ هذه الأجرة مجهولة لا يدرى كم تكون، قد تكون قليلة وقد تكون كثيرة... إلى آخره. هذا الوجه الثاني.

الوجه الثالث: قالوا: إن العلاقة بين الإصدار -وهي شركة الدعاية والإعلان أو شركة السياحة- وبين العميل المستهلك علاقة عقد إجارة؛ فإن العميل يقوم بدفع رسم سنوي أو شهري مقابل أخذ هذه البطاقة، لكي يستفيد من التخفيضات، وهذه قالوا: منفعة مجهولة فيها غرر، قد يستفيد وقد لا يستفيد.

أيضاً من جهة أخرى: أن هذه المنفعة ومنفعة الاستفادة عند غير المؤجر، عند الفندق وعند المحل التجاري.. إلى آخره، فالمؤجر الآن ليست عنده المنفعة، فهذه منفعة غير مقدور على تسليمها، فالعميل يدفع رسماً لجهة الإصدار وهي شركة السياحة والمنفعة ليست عنده.. المنفعة التي قد يستفيدها العميل وهو التخفيض هذه غير مقدور عليها بالنسبة لجهة الإصدار وهي الشركة السياحية. وهذا من أقوى الأدلة على تحريم هذه البطاقات العامة.

فهو الآن يشترك ويدفع البطاقة على أنه سيأخذ منفعة التخفيض، وهذه ليست موجودة عند المؤجر وهي جهة الإصدار.. وهي الشركة السياحية وشركة الدعاية والإعلان، وإنما منفعة التخفيض عند المحلات التجارية.

قد يذهب ويقدم هذه البطاقة ويستفيد من التخفيض وقد لا يستفيد من التخفيض، وقد يعطيه المحل التجاري يخفض له وقد لا يخفض له ويرفض مثل هذه البطاقة، فحينئذ تكون جهة الإصدار عقداً على منفعة لا يملكها هو الآن، صحيح أن العميل يستفيد كتيبات تصدرها جهة الإصدار فيها الشركات، وفيها الفنادق، وفيها المحلات التجارية... إلى آخره، لكن ليس هي المقصود له.. المقصود له هو التخفيض، والتخفيض هذا لا تملكه جهة الإصدار الذي استأجره هذا العميل ودفع له هذه النسبة، فحينئذ تكون جهة الإصدار باعت شيئاً لا تملكه.. عقدت على منافع لا تملكها، وهي منافع التخفيض التي تكون عند المحلات التجارية.

وعلى هذا كان الراجح في هذه البطاقات التخفيضية أنها محرمة؛ لما ذكرنا من هذه الوجوه الأربعة، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد قد أفتت بتحريم مثل هذه البطاقات، مع أن اللجنة الدائمة أيضاً أشارت إلى أن كثيراًمن هذه البطاقات وهمية يقصد منها استغلال الناس، وأكل أموالهم بالباطل، وأما ما قد يتوهمه المستهلك من أنه سيحصل له تخفيض في هذه المحلات التجارية، أو في شركات النقل... أو غير ذلك، فإن هذا لا وجود له.

هذا فيما يتعلق بالبطاقات التخفيضية العامة.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
المعاملات المالية المعاصرة [1] 2092 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [2] 1998 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [10] 1516 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [11] 1419 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [8] 1380 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [4] 1333 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [9] 1124 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [7] 961 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [6] 935 استماع
المعاملات المالية المعاصرة [3] 883 استماع