أرشيف المقالات

من الشعور الوجداني

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
كتب الأستاذ هاني مراد 
قد تعطي المال للفقير لينتفع به، لكنّ ذلك المال وحده، لا يُطفئ في قلبه، أو يكبح في نفسه، ما قد يكون من نار الحسد ، أو الشره إلى الحقد، أو النقمة على القدر ، أو الضيق بمشاق الحياة وكدرها، ولا يمحو ما فعلته النوائب به، ولا يملأ قلبه بالحبّ لغيره! أمّا الذي يفعل ذلك، فهو "الشعور الوجداني" بذلك الفقير، وأن نشعره بأنه مثلنا، وأننا مثله، لكننا نملك المال اليوم، وهو قد يملكه غدا.
فذلك "الشعور الوجداني" بالفقير، وإشعاره بأنه إنسان مثلنا، له كرامته واعتزازه بنفسه، هو الذي ينفع ذلك الفقير أكثر من المال الذي نعطيه له، وهو الذي يثقل ميزان حسناتنا، أكثر من المال الذي نعطيه له.

فبسمة صادقة، وشعور نبيل، ولمسة عطوف، وتحية ملؤها التقدير الصادق، نلقيها على الفقير، قد تكون أحبَّ إليه من النقود التي نعطيها له دون شعور! ألم نعلم أننا إذا أعطيناه دون شعور، فقد أنقصنا من شأنه؟ وكأننا قد أفقدناه إنسانيته! ولماذا نحرمه ذلك الشعور بإنسانيته؟ ألأنه فقير؟ ألا يملك قلبا وشعورا مثلنا، أو ربّما أفضل منّا؟ ألا يمكن أن يكون أفضلَ عند الله ممن يعطيه؟ ألا يمكن أن يكون ربّ أسرة ومسؤولا عن عائلة وأطفال، ينظرون إليه نظرة أمل وإعزاز وإكبار؟
كثير من الناس يمكن أن يمنح المال؛ قليله أو كثيره، لكنّ ذلك "الشعور الوجداني" بالفقير وإنسانيته، وإشعاره بالقرب منه، والتقدير له، وحماية نفسه من تجرّع كأس المذلة، وإشعاره بالاعتزاز به، لا يستطيعه كل أحد، ولا يصدق فيه كل أحد!
فالذي يحسن الشعور بوجدان الفقير، ويدرك معنى الصدقة ويحسنها، هو الذي يتصدق بشعوره ووجدانه وإنسانيته وعطاء قلبه، قبل عطاء جيبه!

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣