خطب ومحاضرات
برنامج يستفتونك - فضائل شعبان
الحلقة مفرغة
المقدم: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الإخوة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله إلى لقاءٍ متجدد من برنامجكم الفقهي الإفتائي المباشر يستفتونك.
ضيفنا في هذا المساء صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء، والداعية الإسلامي المعروف، فباسمكم مشاهدي الكرام واسم الزملاء نرحب به أجمل ترحيب، أهلاً وسهلاً بك يا دكتور!
الشيخ: حياك الله أخي العزيز عبد العزيز ! وحيا الله المشاهدين والمشاهدات.
المقدم: الله يحييك ومشتاقين لك يا شيخ!
الشيخ: حياك الله.
المقدم: الله يرضى عليك.
وأهلاً وسهلاً بكم ثانية، ونسعد بتواصلكم على الأرقام التي تظهر على الشاشة، أو عبر حساب البرنامج على التويتر.
صاحب الفضيلة! حديثنا في هذه الحلقة عن شهر شعبان، ونحن الآن نستقبل شهر شعبان، نريد أن نقف مع فضل شهر شعبان، هل له يا شيخ! فضيلة ومزية على غيره من الشهور؟ هذا المحور الأول.
ثم المحور الثاني عن ليلة النصف من شعبان أو يوم النصف من شعبان أيضاً، وإحياء هذه الليلة أو هذا اليوم بمزيد عبادة، هل له أصل في الشرع؟
ونختم بالصيام بعد منتصف شهر شعبان حفظكم الله.
الأحاديث الواردة في فضل صيام شهر شعبان
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم في شهر شعبان ما لا يهتم في غيره؛ ولهذا روى النسائي والإمام أحمد من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: ( يا رسول الله! رأيتك تكثر من صيام شعبان أكثر من صيامك من شهر رجب، قال صلى الله عليه وسلم: ذاك شهر بين رجب ورمضان، وهو شهر تغفل الناس عنه، وهو شهر أحب أن أصوم فيه، وهو شهر ترفع فيه الأعمال، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم )، فدل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم في شعبان بالصيام، ودل ذلك على أنه أفضل من صيام رجب؛ ولهذا قال أهل العلم: أفضل الصيام بعد رمضان شهران:
أولهما: شهر الله المحرم، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ).
ثم يأتي بعد ذلك شهر شعبان؛ وذلك لقول عائشة رضي الله عنها، وكذلك ابن عباس : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر صياماً من شهر بعد رمضان من شهر شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً )، وقد جاء في حديث أم سلمة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله ).
وقد اختلف العلماء: هل يستحب صيام شعبان كله أم يفرد فيه بعض الأيام حتى لا يتشبه برمضان؟
فذهب عبد الله بن المبارك وروي عن سفيان ، وروي عن أحمد أنه لا ينبغي له أن يصوم شهر شعبان كاملاً، وأما ما جاء في قول عائشة : ( كان يصوم شعبان إلا قليلاً ) فإن عبد الله بن المبارك أشار إلى أن العرب تقول: كان فلان يصوم شهراً كاملاً يقصدون بذلك إلا بعض الأيام؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، أي: كان يصوم شعبان إلا قليلاً.
وأما ما جاء عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله )، فإن أهل العلم يقولون: إنه محتمل على أن أم سلمة إنما روت بما تظن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم، أو أن أم سلمة رضي الله عنها إنما أخذت بلغة العرب أن النبي كان يصوم شعبان كله، وتقصد بذلك إلا يوماً أو يومين.
إذا ثبت هذا فإن استحباب صيام شعبان متأكد تأكيداً شديداً سواء كان الإنسان يصوم أوله، أو يصوم وسطه ما دام أنه يقصد شعبان، وأما ما جاء في الحديث الذي رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا )، فهذا الحديث حاول الإمام ابن حبان أن يصححه، وحاول أن يجمع، وكذلك الشيخ الألباني وقالوا: إن المقصود بذلك أن من كان يصوم أول شعبان، ثم جاء منتصف شعبان وهو يصوم فلا حرج أن يصوم؛ لأنه غير مخاطب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً.
حكم الصيام في النصف الثاني من شعبان
وقد حاول البعض أن يقول: إن الحديث منسوخ، والصحيح أن الحديث ضعيف، إذا ثبت هذا، فإننا نقول للناس: يشرع لكم أن تصوموا شعبان، سواء ابتدأتم صيامه من أوله، أو من وسطه، أو من ثلثه، أو من الثلث الأخير شريطة ألا يكون ذلك قبل رمضان بيوم أو يومين؛ لأجل ألا يدخل في رمضان ما ليس فيه.
إذا ثبت هذا فإن شعبان فيه فضيلة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه.
فضيلة ليلة النصف من شعبان
أشار أبو العباس بن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم اقتضاء الصراط المستقيم إلى اختلاف أهل العلم في فضل ليلة النصف من شعبان، وذلك بناءً على الأحاديث والآثار المروية في ذلك، فبعض أهل العلم من المتأخرين والمتقدمين صحح هذه الأحاديث، وكان مكحول رضي الله عنه ورحمه يبالغ في ذلك، وهو يراها فضيلة، بل إن بعضهم كان يرى أن أجر ليلة النصف من شعبان مثل أجر ليلة القدر، كما ذكر ذلك عبد الرزاق عن ابن أبي مليكة أنه حدث أن زياداً المنقري النميري كان يقول: إن أجر صيام ليلة النصف من شعبان مثل صيام ليلة القدر، فقال ابن أبي مليكة : لو أني سمعت زياداً يقول ذلك وبيدي عصا لضربته، مما يدل على أن هذه مبالغة.
ولقد ذكر ابن الوضاح في كتابه العظيم البدع عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رضي الله عنه أنه لم يدرك أحداً من علمائنا ولا فقهائنا يذكر في ليلة النصف من شعبان فضيلة أو عملاً، ولم يدرك أحداً يقول بقول مكحول ، وقال ابن أبي زيد : لم يكن فقهاؤنا يهتمون بها، يعني: من باب العبادة.
وقد قال أبو العباس بن تيمية كلاماً فصلاً في هذا، قال: أما فضلها، فقد اختلف فيها، والصحيح كما هو مذهب أحمد وغيره أن ليلة النصف من شعبان لها فضل، لكن هذا الفضل لا يجوز الاحتفال فيه، ولا تخصيص عبادة فيها من صيام أو قيام أو غير ذلك من العبادات، فكونها لها فضل لا يلزم أن يكون لها عبادة تخصها؛ ولهذا فقد جاءت أحاديث في هذا الباب تدل على فضلها، من ذلك: ما جاء من حديث أبي بكر رضي الله عنه كما رواه البزار وغيره، وكذلك ابن ماجه من حديث أبي بكر رضي الله عنه يرويه القاسم بن محمد عن عمه أو أبيه عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله ليطلع ليلة النصف من شعبان، فيغفر لكل عبدٍ إلا لمشرك أو مشاحن )، وهذا الحديث وإن كان في سنده ضعف، وفيه عبد الملك بن عبد الملك أشار الإمام البخاري إلى أن فيه نظراً، وأشار الإمام البزار إلى أن فيه ضعفاً فقال: ولما رأيت أهل العلم يتداولونه ويذكرونه ويحتملونه ذكرته، فهذا يدل على أن هذا محتمل، ومما يدل على ذلك أن هذه اللفظة: ( إلا لمشرك أو مشاحن ) جاءت من طرق غير حديث أبي هريرة ، فمن ذلك حديث أبي موسى يرويه ابن ماجه وغيره من طريق مكحول عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فيغفر لكل عبدٍ إلا لمشرك أو مشاحن )، وإن كان في الحديث انقطاع؛ وذلك لأن مكحولاً لم يسمع من مالك بن يخامر ، ولكن الحديث يدل على أن له أصلاً، وقد جاء من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وفي سنده أيضاً ابن لهيعة .
الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شبعان
الحديث الأول: حديث عائشة ، وفي سنده الحجاج بن أرطاة ، وكذلك يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة كما أشار إلى ذلك غير واحد من أهل العلم كـالترمذي و البخاري .
الحديث الثاني: حديث أبي موسى وفي سنده أيضاً ضعف، فإن في سنده الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب لم يسمع من أبي موسى وكذلك فيه ابن لهيعة .
الحديث الثالث: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وفي سنده ضعف.
وكذلك حديث أبي بكر قد مر معنا، وحديث معاذ بن جبل وقد مر معنا، وكذلك حديث أبي ثعلبة وقد مر معنا، وحديث علي بن أبي طالب، وغير ذلك من الأحاديث الواردة.
على هذا فإننا نقول: إن ليلة النصف من شعبان فيها فضل، لكن ليس فيها ما يدل على وجود تخصيص عبادة فيها كما أشار إلى ذلك أبو العباس بن تيمية في كتابه الفذ اقتضاء الصراط المستقيم، وعليه فالاحتفال بليلة النصف من شعبان لا يجوز، أو تخصيص عبادة فيها لا يجوز؛ لأن كل عبادة خصت بزمن أو مكان أو أشخاص فهي من البدع الإضافية التي يشير إليها أهل العلم، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخ! وجزاكم خيراً على هذا التوضيح المبارك، وبارك فيكم وفي علمكم.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم في شهر شعبان ما لا يهتم في غيره؛ ولهذا روى النسائي والإمام أحمد من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال: ( يا رسول الله! رأيتك تكثر من صيام شعبان أكثر من صيامك من شهر رجب، قال صلى الله عليه وسلم: ذاك شهر بين رجب ورمضان، وهو شهر تغفل الناس عنه، وهو شهر أحب أن أصوم فيه، وهو شهر ترفع فيه الأعمال، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم )، فدل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهتم في شعبان بالصيام، ودل ذلك على أنه أفضل من صيام رجب؛ ولهذا قال أهل العلم: أفضل الصيام بعد رمضان شهران:
أولهما: شهر الله المحرم، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ).
ثم يأتي بعد ذلك شهر شعبان؛ وذلك لقول عائشة رضي الله عنها، وكذلك ابن عباس : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر صياماً من شهر بعد رمضان من شهر شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً )، وقد جاء في حديث أم سلمة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله ).
وقد اختلف العلماء: هل يستحب صيام شعبان كله أم يفرد فيه بعض الأيام حتى لا يتشبه برمضان؟
فذهب عبد الله بن المبارك وروي عن سفيان ، وروي عن أحمد أنه لا ينبغي له أن يصوم شهر شعبان كاملاً، وأما ما جاء في قول عائشة : ( كان يصوم شعبان إلا قليلاً ) فإن عبد الله بن المبارك أشار إلى أن العرب تقول: كان فلان يصوم شهراً كاملاً يقصدون بذلك إلا بعض الأيام؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، أي: كان يصوم شعبان إلا قليلاً.
وأما ما جاء عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله )، فإن أهل العلم يقولون: إنه محتمل على أن أم سلمة إنما روت بما تظن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم، أو أن أم سلمة رضي الله عنها إنما أخذت بلغة العرب أن النبي كان يصوم شعبان كله، وتقصد بذلك إلا يوماً أو يومين.
إذا ثبت هذا فإن استحباب صيام شعبان متأكد تأكيداً شديداً سواء كان الإنسان يصوم أوله، أو يصوم وسطه ما دام أنه يقصد شعبان، وأما ما جاء في الحديث الذي رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا )، فهذا الحديث حاول الإمام ابن حبان أن يصححه، وحاول أن يجمع، وكذلك الشيخ الألباني وقالوا: إن المقصود بذلك أن من كان يصوم أول شعبان، ثم جاء منتصف شعبان وهو يصوم فلا حرج أن يصوم؛ لأنه غير مخاطب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
برنامج يستفتونك - فقه الخلاف [2] | 2743 استماع |
برنامج يستفتونك - الاستغفار [1] | 2017 استماع |
برنامج يستفتونك - وقفات مع الدعاء | 1835 استماع |
برنامج يستفتونك - الزكاة [3] | 1803 استماع |
برنامج يستفتونك - استغلال الإجازة | 1748 استماع |
برنامج يستفتونك - الزكاة [2] | 1733 استماع |
برنامج يستفتونك - الاستغفار [2] | 1704 استماع |
برنامج يستفتونك - الزكاة [1] | 1652 استماع |
برنامج يستفتونك - فقه الخلاف [1] | 1474 استماع |
برنامج يستفتونك - أحكام المسح على الجورب | 1378 استماع |