أرشيف المقالات

لمصلحة من؟! - محمد علي يوسف

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
"يا دكتور محمد..
يا دكتور..".
التفتُ وأنا أهمُّ بالصعود لأرى من يناديني بهذا الحماس، فوجدته حارس العقار الذي أسكنه يناديني قائلًا:
- هو صحيح يا دكتور اليافطة دي غلط؟!
نظرت فوجدته يشير إلى ملصقٍ كبير..
على حائط المدخل أمام المصعد لا يحتوى إلا العبارة الشهيرة وبألوانٍ جذَّابة وطباعة جميلة: هل صليت على النبي اليوم صلى الله عليه وسلم؟

هكذا بلا حرف زائد أو حرف ناقص..

وقفت مشدوها أمام سؤاله! تصاعدت الدماء إلى رأسي تكاد تغلي من الغضب..

العقار الذي نسكنه ملكية خاصة ليس فيه أي مصلحة حكومية ولا يدخله إلا السكان وزائروهم، ولا يوجد في البرج أي ساكن غير مسلم واللافتة بداخل المبنى..
فما المشكلة إذن؟!

أيُّ علةٍ تجعل الحارس الطيب يسأل هذا السؤال؟!

حتى بيوتنا؟!

حتى ملكياتنا الخاصة؟!

ولمصلحة من تخويف البسطاء من أيِّ مشهدٍ ديني أو رمزية إسلامية مهما كانت بساطتها؟!

للأسف لم أكن أنا من نال أجر لصق هذا الملصق، لكنني دعوتُ لمن قام به من السكان كثيرًا..
فبفضل الله ثم تذكرته الطيبة لنا فترة طويلة نصلي على النبي كلما ولجنا إلى المصعد أو خرجنا منه، والمرء يغفل كثيرًا والذكرى تنفع المؤمنين..

أوقن أن الحارس الطيب لا يحمل تجاه المعنى المذكور في الملصق إلا كل خير..
وأؤمن أن عاطفته الدينية البسيطة لا ترتاح إلى التخويف منه لكنه في النهاية رجل مسكين ويريد أن يعيش..

ويبدو أن الصلاة على النبي تحوَّلت بمكر مجرمي المكالمات الليلية وضيوفهم إلى شعار سياسي يُخيف مثل هذا المواطن البسيط أو من حذَّره..

كيف لا؟! وشبهاتهم الحقيرة تنهال على مسامعه ومسامع غيره كل ليلة مؤكدة تارةً أن هذا شعار طائفي وتارةً أخرى أن من خلفه أهدافًا خبيثةً..
ومن وراء نشره شياطين بالدين متاجرين وأن الصلاة على النبي ليست فرضًا ولا نفلًا بل هي إثارة للفتنة الطائفية ومؤامرة صهيوأمريكية! وأن من يُذكِّرك بها إنما هو يُكفِّرك! ويريد المزايدة على عقيدتك وعليك رفع دعوى تكفير عليه..!

ماذا ينتظر من حارس العقار أو أي شخص بسيط بعد ذلك؟

وبأيِّ وجهٍ تطمعون أن تلقوه به على الحوض وقد خوفتم الناس من مجرد الصلاة عليه..
حتى صاروا يقلقون من مجرد ملصق في داخل ملكية خاصة..
والله أعلم مما سيخافون بعد ذلك..
حسبنا الله ونعم الوكيل..
حسبنا الله ونعم الوكيل..

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١