سيراً على نهج المرسلين
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
بقلم/ ماهر إبراهيم جعوانجمال الحياة الحقيقي أن يكون لك هدف وغاية تسعد في السعي لها والعمل من أجلها وتحث الناس عليها بل وتضحي لها.
ولا أجمل من أن يكون الله غايتك والرسول قدوتك والقرآن دستورك والجهاد سبيلك والموت في سبيل الله أسمى أمانيك.
هذا ليس زهدا في الحياة ونعيمها أو الراحة والمتعة والسرور
بل هو عين النعيم بالحياة والراحة والمتعة والسرور بها
أن تعمل في مشروع رباني بدأ ببداية الحياة ولا ينتهي إلا بنهايتها.
مشروع مجرب من قبل، ومضمون النتائج ولو بعد حين، ولك به سابق خبرة ودراية، مسطر خطواته وملامحه ومظاهره وخصومه وأعدائه بل وصفات رجاله وحامليه ورافعي لوائه في أصدق كتاب على وجه الأرض.
أن تكون امتداد أجيال وعصور وتاريخ رجال ضارب في جذور التاريخ.
أن ترفع راية رفعها أولوا العزم من الرسول عليهم السلام وتحدى موسى ﷺ بها فرعون وذبح في سبيلها يحيى ﷺ وقدمت رأسه لبغي من بغايا بني إسرائيل ونشر زكريا بالمناشير وألقى بسببها في النار إبراهيم عليه السلام وأغرق الله الكون لنوح ﷺ لينجيه ومن معه ولها وبها ومعها ما استراح محمد ﷺ يوما حتى يؤدي حقها.
أن تشعر أنك سجين كيوسف ﷺ ومبتلى وحزين كيعقوب ﷺ وصابر كأيوب ﷺ ومضح وراض كإسماعيل ﷺ مطارد كعيسى ﷺ ومحمد ﷺ.
أن تستشعر همة الأنبياء وطريق المرسلين وعزائم الصادقين وإرادة المخلصين ومضاء الأولياء وصفوف المصطفين الأخيار.
تعمل لغاية عظمى لا دونية فيها، تتطلع للسماء بعيدا عن جواذب الأرض.
لا تعمل لنفسك فما أسهل العمل للذات، إنما لدينك لوطنك لأمتك لتاريخ جدودك الفاتحين.
أن تستشعر أنك المعني بفتح روما وعودة القدس والأندلس أن توطن نفسك ليبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل.
أن تعمل لخلافة راشدة لجمع شتات المسلمين وأستاذية العالم رأفة ورحمة وإنقاذ للبشرية المعذبة التائهة الحائرة، رغم قلة الإمكانات وقلة الأنصار وفجر الأعداء وسخرية السفهاء.
وتواجه سخرية الجهلاء وتكذيبهم وإشاعاتهم وأباطيلهم بثبات وثقة نوح ﷺ {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَر مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } [هود 38]
أن تثق بوعد الله ونصره رغم أنك مدرك مبعد مطارد في سكنك ملاحق في رزقك سجين محاكم أو محال لعسكرية أو لجبار لا يعرف معنى الحق والعدل
لكن طمأنينة موسى ﷺ تلازمك {كلا إن معي ربي سيهدين}
ويمسح محمد ﷺ بيديه على قلبك وهو يخاطبك { لا تحزن إن الله معنا} .
أن تستشعر معية الله في جل وقتك تتفرغ له تقطع عوالق وعلائق الدنيا ومشاغلها ليصنعك على عينه بعدما كنت تعطي فضول الأوقات له ولدعوته.
يريد أن يصنع بك أمرا لدينه، يمهد بك لأمر عظيم ولابد له من تضحيات عظام
يمهد لدينه ويغرس لدعوته ويحفظ أولياءه وينصر جنوده يغرس لدينه بكلتا يديه فيد الله تعمل في الخفاء فلا تستعجلوها.
كل من حولك يدعمك مقبلين غير مدبرين الأمهات والأرامل واليتامى المعذبين قلوبهم معك ترق لك، تخشى عليك، تدعوا لك، هتافهم يا رب، عيونهم تشفق عليك، يدعموك بثبات الرجال وابتسامة الشهداء وحسن الخاتمة وشهادة المؤمنين وأثرك في الدنيا ولو بعد الممات ودعوات الصالحين والرؤيا الصادقة.
أن تشعر أنك امتداد لرسالة الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا، فلابد ولا مناص من مزاحمتهم على الحوض حتى يعلموا أنهم تركوا خلفهم {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب 23 ]