فقه العبادات - الطهارة [14]


الحلقة مفرغة

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم، وبعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فضل طلب العلم

الشيخ: إخوتي المشاهدين والمشاهدات! وها نحن قد عدنا والعود أحمد، ونسأله سبحانه وتعالى ألا يشغلنا عن طاعته ولا عن طلب العلم؛ فإن طلب العلم من أعظم القربات لمن صلحت نيته كما يقول الإمام أحمد ، فمن تعلم العلم ليرفع الجهل عن نفسه وعن إخوانه المسلمين والمسلمات، فإن ذلك من أعظم القربات، ولهذا روى الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله روايةً عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لأن أتعلم مسألةً ربما احتاج الخلق إليها، أحب إلي من أن أقوم شهراً وأصوم شهراً.

وهذا يدل على أن تعلم العلم من أعظم القربات؛ لأن العبد لا يمكن أن يعبد الله إلا على علم، ولهذا أمر الله نبيه سبحانه وتعالى بأن يعلم معنى لا إله إلا الله، وأن يستغفر لذنبه، فقال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19]، وهذا يدل على أن العالم الذي يستغفر الله بعلم أفضل من العابد الذي يستغفر بلا علم، فلربما استغفر عن بعض المسائل التي يكون فعلها هو الصحيح، ولهذا ذكر أهل العلم أن العبد أحياناً يؤتى من قبل جهله، ولا يؤتى من قبل أهل العلم، ولهذا جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم زار رجلاً من الأنصار حتى كأنه كالفرخ، فقال له صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو بدعاء؟ قال: كنت أقول: اللهم إن كنت معذبي في الآخرة فعجل لي العقوبة في الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! سبحان الله! لا تطيقه! هلا قلت: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] ).

فالإنسان أحياناً يؤتى من قبل جهله، ولكن أهل العلم هم أهل الدراية:

دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى الآثار

لا ترغبن عن الحديث وأهله فالرأي ليل والحديث نهار

ولربما نسي الفتى أثر الهدى والشمس طالعة لها أنوار

أهمية التأصيل في الاستدلال والترجيح لطالب العلم

الشيخ: أيها الإخوة والأخوات! درسنا في هذا اليوم هو عن باب التيمم، والإخوة الذين يقومون بإدارة هذه الدروس، وهذه الغرف والفصول الافتراضية، رغبوا أن نتعجل في شرحنا لكتاب الطهارة حتى ننتهي في هذا الفصل إلى نهاية كتاب الصلاة، ونحن إن شاء الله لا يمكن أن ننتهي من هذا إلا ببعض الاختصار، فسامحوني على هذا الاختصار.

نحن بداية هذا الدرس كنا نختصر، ورغبوا أن يزيد هذا الاختصار فيكون اختصار الاختصار، ولكن لن نعدم إن شاء الله من فائدة، ولهذا سوف نذكر رءوس المسائل المهمة في كل باب عل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا.

وإذا تأصل طالب العلم، وطالبة العلم في معرفة الدليل في أصول المسائل فإنهم بإذن الله سوف يستطيعون أن يبحثوا في كتب أهل العلم عن المسائل الأخرى، فيبنوا الأصول الجديدة على الأصول التي بنوها بمعرفة الدليل، وكيفية الاستدلال، وطريقة الاستدلال، ومناقشة الأدلة، فإن هذه المعالم وهذه المعارف هي من أهم مهمات طالب العلم؛ لأن طالب العلم إذا عرف كيف يستدل، وعرف كيف يناقش، وعرف كيف يرجح، فإن هذا هو أساس العلم.

ولهذا يحسن بأهل العلم والمشايخ وطلبة العلم أن يركزوا على طلاب العلم في معرفة الخلاف، وكذلك يركزوا على رفع الملام عن الأئمة الأعلام، أي: لماذا اختلف الأئمة؟

كذلك ينبغي أن يركزوا على طريقة فهم الدليل، وللعلم ليس فهم الدليل مبنياً على عقول بعض الناس، فربما تجد الرجل من عباقرة الناس ولكنه ليس فقيهاً بالفقه الشرعي، ولربما رأيت رجلاً يجيد علم الكلام وعلم المنطق لكن فتاويه ليست مبنية على التأصيل الشرعي؛ ولهذا ليس الفقه دليلاً على العبقرية، لكن ربما يكون الشخص عبقرياً وليس بفقيه، فكل من أخذ العلم وطريقة الاستدلال من أهله، فإنه بإذن الله سوف ينجح ويفلح أشد الفلاح، ولهذا كان من أهم المهمات أن يتعلم طالب العلم كيف يستدل، وكيف يناقش، وكيف يرجح.

ومعرفة كيفية المناقشة مهمة لطالب العلم؛ لأن المناقشة أحياناً تكون من غير علم، والذي يناقش من غير علم ربما يخطئ، أو يتكلف المناقشة، ويخرج النص الشرعي عن مدلوله الظاهر، ولهذا يقول أبو العباس بن تيمية رحمه الله: ينبغي أن يحمل كلام الله وكلام رسوله على ما أراده الله وأراده رسوله، لا على ما أراده المجتهد في نفس الأمر.

فلهذا ربما يأتي بعض الناس إلى دليل فيؤوله حتى يسلم قوله، وهذا ليس من الحكمة، وليس من الفقه، وليس من العقل، ولعلي أذكر مثالاً على هذا، وهو ما يذكره بعض أهل العلم حينما جاء إلى حديث: ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، وأن يمس من الطيب ما قدر عليه )، والحديث متفق عليه.

فعندما كان يرجح أن غسل الجمعة مستحب قيل له: ما معنى (غسل يوم الجمعة واجب)؟ قال: (واجب) يأتي في اللغة بمعنى الساقط، كما قال تعالى: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [الحج:36]، ثم قال تعالى: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا [الحج:36]، يعني سقطت على جنوبها، قال: فهذا الحديث دليل على أن الغسل ليس بواجب، والمعنى: غسل يوم الجمعة ساقط على كل محتلم، كما أشار إلى ذلك بعض الفقهاء الحنفية! وهذا من التكلف الذي لا ينبغي؛ لأن هذا يخرج النص الشرعي عن معناه.

والواقع أن الواجب في لغة الشرع يأتي بمعنى الحتم والأهمية واللزوم، واللزوم لا يلزم منه الوجوب التكليفي الذي عرفه الفقهاء من مصطلحاتهم وفي علم الأصول، والله أعلم.

الترجيح في الغالب يوافق قول الجمهور

الشيخ: هذه بداية أحببنا أن نذكر بها إخوتي وأخواتي المشاهدين والمشاهدات، الطلاب والطالبات، أو الذين يشاهدوننا عبر الشاشة الافتراضية أو غير ذلك.

وإذا درسنا معنى هذا المنهج، عرفنا كيف نستدل، وكيف نناقش، وكيف نرجح، والغالب أن الراجح لا يكاد يخرج عن قول جمهور أهل العلم، كما يقول الإمام الذهبي ويقول: أنا لا أقول: إنه إجماع، ولكني أقول: إنه لا يكاد يخرج الحق عن مذهب جمهور أهل العلم؛ لأنهم أخذوا العلم عن مدارس الصحابة، فإذا اجتمعت هذه المدارس على قول فإنه لا يكاد يخرج الحق عن هذا إلا إلى قول مبني على غير أصول الأئمة.

ودائماً تجدون أن الراجح أو الدليل لا بد أن يبني أصوله على قواعد ومقدمات، وهذه من المهمات بمكان، وإن شاء الله سوف يكون لنا محاضرات خارج هذه الأكاديمية الإسلامية المفتوحة؛ لنبين كيف يستدل طالب العلم، وكيف يرجح، وقد كان لنا بعض المحاضرات وبعض الكلمات بعنوان: (كيف تكون فقيهاً)، وهي موجودة في الإنترنت، فلو استمع الإنسان لها فإنه يستفيد.

كذلك العناية بفقه السلف، فإن الإنسان إذا سمع فقه السلف عرف أن قول المتقدمين أقوى وأقعد وأضبط من قول المتأخرين.

الشيخ: إخوتي المشاهدين والمشاهدات! وها نحن قد عدنا والعود أحمد، ونسأله سبحانه وتعالى ألا يشغلنا عن طاعته ولا عن طلب العلم؛ فإن طلب العلم من أعظم القربات لمن صلحت نيته كما يقول الإمام أحمد ، فمن تعلم العلم ليرفع الجهل عن نفسه وعن إخوانه المسلمين والمسلمات، فإن ذلك من أعظم القربات، ولهذا روى الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله روايةً عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لأن أتعلم مسألةً ربما احتاج الخلق إليها، أحب إلي من أن أقوم شهراً وأصوم شهراً.

وهذا يدل على أن تعلم العلم من أعظم القربات؛ لأن العبد لا يمكن أن يعبد الله إلا على علم، ولهذا أمر الله نبيه سبحانه وتعالى بأن يعلم معنى لا إله إلا الله، وأن يستغفر لذنبه، فقال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19]، وهذا يدل على أن العالم الذي يستغفر الله بعلم أفضل من العابد الذي يستغفر بلا علم، فلربما استغفر عن بعض المسائل التي يكون فعلها هو الصحيح، ولهذا ذكر أهل العلم أن العبد أحياناً يؤتى من قبل جهله، ولا يؤتى من قبل أهل العلم، ولهذا جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم زار رجلاً من الأنصار حتى كأنه كالفرخ، فقال له صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو بدعاء؟ قال: كنت أقول: اللهم إن كنت معذبي في الآخرة فعجل لي العقوبة في الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! سبحان الله! لا تطيقه! هلا قلت: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] ).

فالإنسان أحياناً يؤتى من قبل جهله، ولكن أهل العلم هم أهل الدراية:

دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى الآثار

لا ترغبن عن الحديث وأهله فالرأي ليل والحديث نهار

ولربما نسي الفتى أثر الهدى والشمس طالعة لها أنوار

الشيخ: أيها الإخوة والأخوات! درسنا في هذا اليوم هو عن باب التيمم، والإخوة الذين يقومون بإدارة هذه الدروس، وهذه الغرف والفصول الافتراضية، رغبوا أن نتعجل في شرحنا لكتاب الطهارة حتى ننتهي في هذا الفصل إلى نهاية كتاب الصلاة، ونحن إن شاء الله لا يمكن أن ننتهي من هذا إلا ببعض الاختصار، فسامحوني على هذا الاختصار.

نحن بداية هذا الدرس كنا نختصر، ورغبوا أن يزيد هذا الاختصار فيكون اختصار الاختصار، ولكن لن نعدم إن شاء الله من فائدة، ولهذا سوف نذكر رءوس المسائل المهمة في كل باب عل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا.

وإذا تأصل طالب العلم، وطالبة العلم في معرفة الدليل في أصول المسائل فإنهم بإذن الله سوف يستطيعون أن يبحثوا في كتب أهل العلم عن المسائل الأخرى، فيبنوا الأصول الجديدة على الأصول التي بنوها بمعرفة الدليل، وكيفية الاستدلال، وطريقة الاستدلال، ومناقشة الأدلة، فإن هذه المعالم وهذه المعارف هي من أهم مهمات طالب العلم؛ لأن طالب العلم إذا عرف كيف يستدل، وعرف كيف يناقش، وعرف كيف يرجح، فإن هذا هو أساس العلم.

ولهذا يحسن بأهل العلم والمشايخ وطلبة العلم أن يركزوا على طلاب العلم في معرفة الخلاف، وكذلك يركزوا على رفع الملام عن الأئمة الأعلام، أي: لماذا اختلف الأئمة؟

كذلك ينبغي أن يركزوا على طريقة فهم الدليل، وللعلم ليس فهم الدليل مبنياً على عقول بعض الناس، فربما تجد الرجل من عباقرة الناس ولكنه ليس فقيهاً بالفقه الشرعي، ولربما رأيت رجلاً يجيد علم الكلام وعلم المنطق لكن فتاويه ليست مبنية على التأصيل الشرعي؛ ولهذا ليس الفقه دليلاً على العبقرية، لكن ربما يكون الشخص عبقرياً وليس بفقيه، فكل من أخذ العلم وطريقة الاستدلال من أهله، فإنه بإذن الله سوف ينجح ويفلح أشد الفلاح، ولهذا كان من أهم المهمات أن يتعلم طالب العلم كيف يستدل، وكيف يناقش، وكيف يرجح.

ومعرفة كيفية المناقشة مهمة لطالب العلم؛ لأن المناقشة أحياناً تكون من غير علم، والذي يناقش من غير علم ربما يخطئ، أو يتكلف المناقشة، ويخرج النص الشرعي عن مدلوله الظاهر، ولهذا يقول أبو العباس بن تيمية رحمه الله: ينبغي أن يحمل كلام الله وكلام رسوله على ما أراده الله وأراده رسوله، لا على ما أراده المجتهد في نفس الأمر.

فلهذا ربما يأتي بعض الناس إلى دليل فيؤوله حتى يسلم قوله، وهذا ليس من الحكمة، وليس من الفقه، وليس من العقل، ولعلي أذكر مثالاً على هذا، وهو ما يذكره بعض أهل العلم حينما جاء إلى حديث: ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، وأن يمس من الطيب ما قدر عليه )، والحديث متفق عليه.

فعندما كان يرجح أن غسل الجمعة مستحب قيل له: ما معنى (غسل يوم الجمعة واجب)؟ قال: (واجب) يأتي في اللغة بمعنى الساقط، كما قال تعالى: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [الحج:36]، ثم قال تعالى: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا [الحج:36]، يعني سقطت على جنوبها، قال: فهذا الحديث دليل على أن الغسل ليس بواجب، والمعنى: غسل يوم الجمعة ساقط على كل محتلم، كما أشار إلى ذلك بعض الفقهاء الحنفية! وهذا من التكلف الذي لا ينبغي؛ لأن هذا يخرج النص الشرعي عن معناه.

والواقع أن الواجب في لغة الشرع يأتي بمعنى الحتم والأهمية واللزوم، واللزوم لا يلزم منه الوجوب التكليفي الذي عرفه الفقهاء من مصطلحاتهم وفي علم الأصول، والله أعلم.

الشيخ: هذه بداية أحببنا أن نذكر بها إخوتي وأخواتي المشاهدين والمشاهدات، الطلاب والطالبات، أو الذين يشاهدوننا عبر الشاشة الافتراضية أو غير ذلك.

وإذا درسنا معنى هذا المنهج، عرفنا كيف نستدل، وكيف نناقش، وكيف نرجح، والغالب أن الراجح لا يكاد يخرج عن قول جمهور أهل العلم، كما يقول الإمام الذهبي ويقول: أنا لا أقول: إنه إجماع، ولكني أقول: إنه لا يكاد يخرج الحق عن مذهب جمهور أهل العلم؛ لأنهم أخذوا العلم عن مدارس الصحابة، فإذا اجتمعت هذه المدارس على قول فإنه لا يكاد يخرج الحق عن هذا إلا إلى قول مبني على غير أصول الأئمة.

ودائماً تجدون أن الراجح أو الدليل لا بد أن يبني أصوله على قواعد ومقدمات، وهذه من المهمات بمكان، وإن شاء الله سوف يكون لنا محاضرات خارج هذه الأكاديمية الإسلامية المفتوحة؛ لنبين كيف يستدل طالب العلم، وكيف يرجح، وقد كان لنا بعض المحاضرات وبعض الكلمات بعنوان: (كيف تكون فقيهاً)، وهي موجودة في الإنترنت، فلو استمع الإنسان لها فإنه يستفيد.

كذلك العناية بفقه السلف، فإن الإنسان إذا سمع فقه السلف عرف أن قول المتقدمين أقوى وأقعد وأضبط من قول المتأخرين.

تعريف التيمم

الشيخ: أيها الإخوة والأخوات! بابنا في هذا اليوم هو باب التيمم.

والتيمم في اللغة: بمعنى القصد، قال الله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ [البقرة:267]، يعني: ولا تقصدوا الخبيث لأجل النفقة والصدقة والزكاة، فإن بعض الناس إذا أراد أن يزكي الحبوب أو الثمار التي عنده يقصد الحبوب والثمار الرديئة، التي سماها الله (الخبيث)، يعني: الرديء. فيتصدق بها، لذلك قال: (ولا تيمموا)، أي: ولا تقصدوا، (الخبيث)، فدل هذا على أن التيمم هو القصد.

وأما في الاصطلاح: فإن التيمم هو التعبد لله تعالى في رفع حدث بمسح وجهه ويديه بنية مخصوصة على صفة مخصوصة.

الأدلة على مشروعية التيمم

الشيخ: والتيمم ثابت بكتاب ربنا، وسنة نبينا، وإجماع سلف هذه الأمة، فقد قال الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [المائدة:6].

وأما السنة فقد تكاثرت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتواترت على أنه كان يتيمم، منها حديث عمار بن ياسر ، الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيده الأرض ضربةً واحدة، ومسح ظاهر وجهه وكفيه ).

وكذلك حديث حذيفة وحديث جابر وحديث أبي هريرة ، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص في أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل من خصائص هذه الأمة أن الله أباح لهم التيمم، فجاء في حديث جابر في الصحيحين: ( أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، وذكر منها قال: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ).

وكذلك في حديث حذيفة : ( فضلت على الأنبياء بثلاث )، وفي حديث أبي هريرة : ( فضلت على الأنبياء بست )، وذكروا أن منها: ( جعلت تربتها لنا طهور )، فهذا يدل على أن التيمم من خصائص هذه الأمة، حيث حرم الله سبحانه وتعالى ذلك أمماً أخرى، ولم يبحه إلا لهذه الأمة؛ لأن الله رفع عنها الآصار والأغلال والشدة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين ).

ولهذا قال أبو العباس بن تيمية رحمه الله: من ترك التيمم وهو محتاج إليه فإن فيه شبهاً من اليهود والنصارى، أي: من ترك التيمم وهو محتاج إليه الاحتياج الشرعي؛ بأن يتكلف، ولا يستطيع أن يتيمم يظن بذلك أنه لا يرفع حدثه، فلا بارك الله في رجل لم ترفع حدثه سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قال الحبيب عليه الصلاة والسلام كما عند أهل السنن و أحمد من حديث أبي هريرة ، و أبي ذر : ( الصعيد الطيب طهور المؤمن، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته )، والحديث رواه أبو داود واللفظ له، وكذلك الترمذي ، وأما لفظ (عشر سنين)، فإن بعض الروايات لم تذكره.

وأما الإجماع فقد أجمع أهل العلم على أن التيمم بدل عن الماء حين العجز عنه، وقد نقل الإجماع الكاساني من الحنفية، ونقله ابن المنذر -ويقال: إن ابن المنذر أصوله شافعية- ونقله ابن قدامة رحمه الله، وكذا النووي والله تبارك وتعالى أعلم.

التيمم بين الرخصة والعزيمة

الشيخ: وهنا مسألة أيها الإخوة: إذا ثبت هذا، فهل التيمم عزيمة أم هو رخصة؟

الصحيح أن التيمم منه ما هو عزيمة، ومنه ما هو رخصة.

أما العزيمة فهو إذا حضرت الصلاة ولم يجد الإنسان الماء، فإنه يجب عليه أن يستعمل التراب، فإنها حينئذ تكون عزيمة؛ لأن الإنسان واجب عليه أن يصلي بطهارة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )، والوضوء يعني: رفع الحدث، ورفع الحدث إنما يكون بالماء، أو يكون بالتيمم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( الصعيد الطيب طهور المؤمن، وإن لم يجد الماء، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته )، هذا العزيمة.

وأما كونه رخصة فمثاله: الرجل الذي يشق عليه استعمال الماء، إما لخوف برد فيزيد مرضه، أو يتباطأ شفاؤه، أو يجد حرجاً في استعماله، مثل: لو كان بيده جرح فالماء لا يؤدي به إلى التهلكة لكنه يتضرر، أو يتباطأ برؤه، فإن الشارع أباح له أن يتيمم، كما جاء ذلك عند أهل السنن من حديث عبد الرحمن بن حاطب ، عن عمرو بن العاص : أنه تيمم ثم صلى بأصحابه، فقال له صلى الله عليه وسلم: ( صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم )، والحديث في سنده انقطاع كما أشار إلى ذلك الإمام البيهقي ، حيث إن عبد الرحمن بن حاطب لم يسمع من عمرو بن العاص ، والحديث جاء من طريق عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص ، عن عمرو بن العاص ، وهذا أصح، لكن ليس فيه التيمم، ( وإنما توضأ فغسل مغابنه وصلى بأصحابه ).

على كل حال يكون التيمم رخصة في حال عجز الإنسان عن استعمال الماء لمرض نحو، فإن استخدم الماء وتحمل المشاق فهو مأجور على ذلك، وإن تركه خوفاً من مرض أو برد فإنه لا بأس بذلك.

ومن ذلك ربما يكون بعض الناس في البر، وهو شديد البرودة وشديد الهواء، وربما صعب على الناس التوقي منه إلا في البيوت أو في الخيام المحصنة عن البرد، وإلا فإن الإنسان إذا كان خارج الصحراء فإنه يجد كلفةً وحرجاً، وربما إذا احتلم في الليل وأراد الاغتسال -خاصةً لعدم وجود ماء حار- فربما خاف على نفسه المرض، أو خاف على نفسه الهلكة، بمعنى زيادة المرض، فربما تيمم، فهذا التيمم إنما هو رخصة.

الشيخ: أيها الإخوة والأخوات! بابنا في هذا اليوم هو باب التيمم.

والتيمم في اللغة: بمعنى القصد، قال الله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ [البقرة:267]، يعني: ولا تقصدوا الخبيث لأجل النفقة والصدقة والزكاة، فإن بعض الناس إذا أراد أن يزكي الحبوب أو الثمار التي عنده يقصد الحبوب والثمار الرديئة، التي سماها الله (الخبيث)، يعني: الرديء. فيتصدق بها، لذلك قال: (ولا تيمموا)، أي: ولا تقصدوا، (الخبيث)، فدل هذا على أن التيمم هو القصد.

وأما في الاصطلاح: فإن التيمم هو التعبد لله تعالى في رفع حدث بمسح وجهه ويديه بنية مخصوصة على صفة مخصوصة.

الشيخ: والتيمم ثابت بكتاب ربنا، وسنة نبينا، وإجماع سلف هذه الأمة، فقد قال الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً [المائدة:6].

وأما السنة فقد تكاثرت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتواترت على أنه كان يتيمم، منها حديث عمار بن ياسر ، الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيده الأرض ضربةً واحدة، ومسح ظاهر وجهه وكفيه ).

وكذلك حديث حذيفة وحديث جابر وحديث أبي هريرة ، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص في أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل من خصائص هذه الأمة أن الله أباح لهم التيمم، فجاء في حديث جابر في الصحيحين: ( أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، وذكر منها قال: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ).

وكذلك في حديث حذيفة : ( فضلت على الأنبياء بثلاث )، وفي حديث أبي هريرة : ( فضلت على الأنبياء بست )، وذكروا أن منها: ( جعلت تربتها لنا طهور )، فهذا يدل على أن التيمم من خصائص هذه الأمة، حيث حرم الله سبحانه وتعالى ذلك أمماً أخرى، ولم يبحه إلا لهذه الأمة؛ لأن الله رفع عنها الآصار والأغلال والشدة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين ).

ولهذا قال أبو العباس بن تيمية رحمه الله: من ترك التيمم وهو محتاج إليه فإن فيه شبهاً من اليهود والنصارى، أي: من ترك التيمم وهو محتاج إليه الاحتياج الشرعي؛ بأن يتكلف، ولا يستطيع أن يتيمم يظن بذلك أنه لا يرفع حدثه، فلا بارك الله في رجل لم ترفع حدثه سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قال الحبيب عليه الصلاة والسلام كما عند أهل السنن و أحمد من حديث أبي هريرة ، و أبي ذر : ( الصعيد الطيب طهور المؤمن، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته )، والحديث رواه أبو داود واللفظ له، وكذلك الترمذي ، وأما لفظ (عشر سنين)، فإن بعض الروايات لم تذكره.

وأما الإجماع فقد أجمع أهل العلم على أن التيمم بدل عن الماء حين العجز عنه، وقد نقل الإجماع الكاساني من الحنفية، ونقله ابن المنذر -ويقال: إن ابن المنذر أصوله شافعية- ونقله ابن قدامة رحمه الله، وكذا النووي والله تبارك وتعالى أعلم.