نصيحة الأستاذ الإمام لأهل الجزائر وتونس
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
من يعرف الأستاذ الإمام يعرف أن كل حديثه في جميع أوقاته نصح وتعليم
فمُجالسه ومُسايره يستفيد علمًا وحكمة في كل أمر من أمور الدنيا والآخرة ولذلك
نعتقد أن الذين عرفوه واجتمعوا به في رحلته الأخيرة إلى الجزائر وتونس قد سمعوا
منه نصائح لا تُحصى ولكن النصيحة العامة الشاملة التي كان يشافِه بها أهل العلم
والدراية في القطرين هي:
(1) الجد في تحصيل العلوم الدينية والدنيوية من طرقها القريبة التي أرشد
إليها في الخطاب الذي ألقاه في تونس.
(2) الجد في الكسب وعمران البلاد من الطرق المشروعة الشريفة مع
الاقتصاد في المعيشة.
و (3) مسالمة الحكومة وترك الاشتغال بالسياسة. بهذا الأخير يتم لهم كل ما يريدون من مساعدة الحكومة الفرنسية لهم على ما قبله فإن الحكومات في جميع الأرض يضيقون على البلاد التي يستعمرونها ماداموا يعتقدون أن أهلها ساخطون عليهم أو لهم ضلع مع حكومة أخرى. وهذا الإعراض عن السياسة لا ينافي مخاطبة الحكومة فيما يرونه ضارًّا بهم من القوانين والمعاملات فإذا لم تكشف ظُلامتهم بعد الالتجاء إليها في كشفها كانوا معذورين إذا سخطوا وتربصوا بها الدوائر. والمشهور عند العارفين بالسياسة العامة أن فرنسا تبحث دائمًا عن طريقة يطمئن بها أهل الجزائر لحكومتهم وتطمئن هي لرضاهم عنها ولا شك أن هذه الطريقة تنفع الحاكم والمحكوم وعدم السير فيها يضر بالمحكوم أكثر مما يضر بالحاكم.
ونحن نعتقد أن الطريقة الوحيدة هي حسن المعاملة من فرنسا وإعراض الجزائريين والتونسيين عن السياسة إلى العلم الذي ينير العقول، والعمل الذي يشغل عن الفضول. وقد ذكرنا في الجزء الماضي أن الأستاذ الإمام أنس من الحكومة الفرنسية هناك الميل إلى هذه المعاملة وأنس من أهالي الجزائر الرجاء الحسن بحاكمهم الجديد (موسيو جونار) وقد ذكرنا في جزء سابق أن الموسيو (روا) يميل في تونس إلى هذا المذهب. حقق الله الرجاء وأصلح الأحوال بمنه وكرمه.