خطب ومحاضرات
عمدة الفقه - كتاب النكاح [14]
الحلقة مفرغة
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المشاهدون الكرام! متابعي قناة المجد العلمية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
وأهلاً ومرحباً بكم إلى هذا الدرس المبارك ضمن دروس الأكاديمية نشرح من خلاله كتاب النكاح من عمدة الفقه لـابن قدامة المقدسي رحمه الله، ومعنا في حلقات هذا الدرس المبارك صاحب الفضيلة الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي، وكيل المعهد العالي للقضاء لشئون الدورات والتدريب بالمملكة العربية السعودية.
باسمكم جميعاً نرحب بالدكتور عبد الله ، فأهلاً ومرحباً بكم يا شيخ!
الشيخ: حياكم الله، وبالإخوة المستمعين والمستمعات والحاضرين.
المقدم: ترحيبنا موصول بكم وبالإخوة الحضور معنا، ونسعد كثيراً بتواصلكم من خلال اتصالاتكم الهاتفية على أرقام الهواتف التي تظهر تباعاً أمامكم على الشاشة، وكذلك من خلال تواصلكم عبر موقع الأكاديمية بإرسال أسئلتكم للدرس والإجابات التي نود المشاركة بها إجابة عن السؤال الذي يطرحه الشيخ في نهاية كل درس.
أهلاً ومرحباً بكم يا شيخ!
الشيخ: حياكم الله.
المقدم: كان سؤالنا في الحلقة الماضية: عن شروط نكاح المسيار؟
وكما جرت العادة نستعرض مجموعة من الإجابات التي وردت عبر البريد الإلكتروني لموقع الأكاديمية!
الحقيقة ورد مجموعة من الرسائل أستهل هذا اللقاء باستعراض مشاركة الأخ: عبد الرحيم المغراوي من المغرب.
يقول فيها: أحسن الله إليكم يا شيخ! وبارك في علمكم، الجواب عن السؤال: ما شروط نكاح المسيار؟
أولاً: البيتوتة والنفقة والسكنى حق للمرأة، ولها أن تسقطه إن شاءت وترجع عن إسقاطه متى شاءت، وإن كتب ذلك في العقد، وعلى الزوج أن لا يمتنع عن أدائه إن رجعت في اسقاطه قياساً على الحضانة.
ثانياً: أن تكون القوامة للزوج وليست لها؛ كأن تحدد له موعداً للمجيء أو وقتاً للمكوث عندها، أو تخرج متى وكيف شاءت أو نحو ذلك.
ثالثاً: أن لا يكونا قد اتفقا صراحة أو ضمناً على الطلاق، حتى لا يكون كنكاح المتعة المحرم.
رابعاً: أن يكون هذا الأمر لمعالجة مشكلة في المجتمع، ولا ينبغي أن تكون هي الأصل في النكاح؛ لأن الأصل في النكاح كما قال جل وعلا: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة:187].
الشيخ: جواب شاف واف، إلا أنا نريد أن نزيد في مسألة القوامة، بعض الإخوة يقولون: ما الدليل على ذلك؟
نقول: قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث ابن عمر : ( والرجل راع في بيت أهله ومسئول عن رعيته )، ولا يجوز للزوج أن يترك هذه المسئولية لأي أحد إلا بما يعود على أصل الأسرة بالفلاح والخيرية.
المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، ومن الإجابات التي وردت: جاءت إجابات مشكورة من الإخوة والأخوات: الأخت: خديجة من المغرب، الأخت: غادة من الولايات المتحدة، جميلة من العراق، أم فجر من السعودية، وكذلك الأخ: عبد الرحيم واستعرضنا إجابته قبل قليل، الأخ: نبيل إبراهيم السيد حجازي من السعودية.
وأيضاً من الإجابات التي وردت كذلك إجابة الأخت: خلود من السعودية، وكذلك مريم من السعودية، و عزيزة باخلعة من السعودية، ومصعب من المغرب.
وأيضاً : نبيلة حمود الصالح من السعودية، وغزلان من المغرب، هذه أبرز الإجابات التي وردت.
الشيخ: جزاهم الله خيراً على اهتمامهم وحضورهم في مثل هذا المنتدى، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لهم في جهودهم، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه.
والعبادة لا شك أنها ليست مقتصرة على العبادات المحضة، فإن التعلم والتفقه في الدين من أعظم العبادات، ولهذا قال أبو هريرة رضي الله عنه كما روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله: (لأن أتعلم مسألة ربما احتاج الخلق إليها، خير لي من أن أصوم يوماً وأقومه).
هذا يدل على فضل التعلم لمن صلحت نيته، قال الإمام أحمد : لا أعلم شيئاً أحسن من الفقه في الدين لمن صلحت نيته، وله كلام في مثل هذا في أشياء كثيرة.
لعلك تقرأ يا شيخ! باب العيوب التي يفسخ بها النكاح.
المقدم: قال المصنف رحمه الله: [ باب العيوب التي يفسخ بها النكاح:
متى وجد أحد الزوجين الآخر مملوكاً، أو مجنوناً، أو مجذوماً، أو أبرص، أو وجدها الرجل رتقاء، أو وجدته مجبوباً، فله فسخ النكاح إن لم يكن علم ذلك قبل العقد، ولا يجوز الفسخ إلا بحكم حاكم.
وإن ادعت المرأة أن زوجها عنين لا يصل إليها، فاعترف أنه لم يصبها، أجل سنة منذ ترافعه، فإن لم يصبها خيرت في المقام معه أو فراقه، فإن اختارت فراقه فرق الحاكم بينهما، إلا أن تكون قد علمت عنته قبل نكاحها، أو قالت: رضيت به عنيناً في وقت، وإن علمت بعد العقد وسكتت عن المطالبة لم يسقط حقها.
وإن قال: قد علمت عنتي، أو رضيت بي بعد علمها، فأنكرته، فالقول قولها، وإن أصابها مرة لم يكن عنيناً، وإن ادعى ذلك فأنكرته، فإن كانت عذراء أريت النساء الثقات، ورجع إلى قولهن، وإن كانت ثيباً فالقول قوله مع يمينه ].
تعريف العيوب التي يفسخ بها النكاح
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
هذا الباب هو باب العيوب في النكاح، والمراد بهذا الباب هو: حق أحد الزوجين في فسخ النكاح إذا وجد في صاحبه عيباً من العيوب.
والعيوب: جمع عيب.
والعيب هو: نقص بدني أو عقلي في أحد الزوجين يمنع من تحصيل مقاصد النكاح والتمتع بالحياة الزوجية.
أقسام العيوب التي يفسخ بها النكاح
القسم الأول: قسم مشترك بين الذكر والأنثى، أي بين الزوج والزوجة، ومن أمثلة ذلك: ما ذكره المؤلف في الجنون، فالجنون عيب، ويحصل للزوج ويحصل للمرأة.
وكذا الجذام، والجذام: مرض وعلة يحمر منها العضو ثم يسود ثم يتقطع ويتناثر، أي: يتآكل ثم يتقطع ويتناثر، ويأتي في كل عضو من أعضاء البدن، إلا أن وصوله إلى الوجه أكثر كما ذكر ذلك علماء اللغة والطب.
وكذلك البرص وهو: علة يبيض منها الجلد، والنفوس ربما تقززت من ذلك.
والقسم الثاني: قسم مختص بالزوجة، وهو كل عيب يمنع استمتاع الزوج بزوجته ووطئه لها، وهذه معلومة عند الناس، فإذا لم يستطع الرجل أن يأتي أهله بسبب عيب فيها، فإن هذا من العيوب التي تختص بالمرأة.
القسم الثالث: العيوب التي تختص بالزوج، وقد ذكره المؤلف، وهو العنة، والعنة: مرض لا يستطيع الرجل أن يأتي أهله.
وكذلك المجبوب، وهو الذي قطعت آلته.
فهذه الأنواع الثلاثة عيوب قسمناها للاستحضار والإدراك.
الشيخ: جزاك الله خيراً، بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
هذا الباب هو باب العيوب في النكاح، والمراد بهذا الباب هو: حق أحد الزوجين في فسخ النكاح إذا وجد في صاحبه عيباً من العيوب.
والعيوب: جمع عيب.
والعيب هو: نقص بدني أو عقلي في أحد الزوجين يمنع من تحصيل مقاصد النكاح والتمتع بالحياة الزوجية.
الشيخ: والعيوب في النكاح تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم مشترك بين الذكر والأنثى، أي بين الزوج والزوجة، ومن أمثلة ذلك: ما ذكره المؤلف في الجنون، فالجنون عيب، ويحصل للزوج ويحصل للمرأة.
وكذا الجذام، والجذام: مرض وعلة يحمر منها العضو ثم يسود ثم يتقطع ويتناثر، أي: يتآكل ثم يتقطع ويتناثر، ويأتي في كل عضو من أعضاء البدن، إلا أن وصوله إلى الوجه أكثر كما ذكر ذلك علماء اللغة والطب.
وكذلك البرص وهو: علة يبيض منها الجلد، والنفوس ربما تقززت من ذلك.
والقسم الثاني: قسم مختص بالزوجة، وهو كل عيب يمنع استمتاع الزوج بزوجته ووطئه لها، وهذه معلومة عند الناس، فإذا لم يستطع الرجل أن يأتي أهله بسبب عيب فيها، فإن هذا من العيوب التي تختص بالمرأة.
القسم الثالث: العيوب التي تختص بالزوج، وقد ذكره المؤلف، وهو العنة، والعنة: مرض لا يستطيع الرجل أن يأتي أهله.
وكذلك المجبوب، وهو الذي قطعت آلته.
فهذه الأنواع الثلاثة عيوب قسمناها للاستحضار والإدراك.
الشيخ: وإذا ثبت العيب في حق أحد الزوجين، فإنه يترتب عليه أحكام، فالأحكام الفقهية التي تترتب عليها هي:
أولاً: للمتضرر الخيار في فسخ النكاح، وهذا الحق يشمل الزوج والزوجة، فللزوجة أن تطلب فسخ النكاح، وللزوج أن يطلب فسخ النكاح.
وعلى هذا فإذا طلب الزوج فسخ النكاح فإنه يعود على من غره بالمهر الذي بذله كما سوف يأتي تفصيل ذلك، فنقول: الحكم الأول: أنه يحق للمتضرر فسخ النكاح والخيار في ذلك.
الثاني: أن هذا الخيار والفسخ على التراخي، وليس هو على الفور.
ومعنى (على التراخي): أنه إذا ثبت العيب في حق أحد الزوجين، فللمتضرر الذي وجد العيب في صاحبه الخيار، ولا يسقط هذا الخيار إلا بالرضا الصريح، أو استمتاع الزوج بزوجته مع وجود العيب، وكذلك تمكين المرأة لزوجها بأن يأتيها وفيه عيب.
فهنا ثلاثة أشياء:
الأول: الرضا الصريح من أحد الزوجين أو من كليهما.
الثاني: استمتاع الزوج بزوجته وفيها عيب.
الثالث: تمكين المرأة لزوجها مع وجود العيب.
وينبغي أن نقول: تمكين المرأة لزوجها مع وجود العيب، هل هو رضا صريح؟
بعضهم يقول: إذا مكنت المرأة من نفسها فهو إسقاط لحقها، والأقرب أن نقول: إذا مكنته بما يفهم منه الرضا، فإن ادعت بعد ذلك أنها لم تعلم بالعيب، فقد قال بعض الفقهاء: يسقط حقها، والأقرب أنه لا يسقط، ولكنها تحلف، هل كانت تعلم بأن لها حقاً في الخيار أم لا؟ فإن حلفت فلها ذلك، وهذا أظهر خلافاً للمؤلف.
فلو مكنت المرأة الزوج من نفسها، ثم طلبت بعد ذلك النسخ بالعيب، فقد قال المؤلف: إن حقها يسقط، والأقرب أن نقول: لا يسقط إذا حلفت أنها لم تعلم بأن لها الخيار، وكذلك يقال في الزوج.
الأمر الثالث: أن هذا الفسخ لابد أن يكون بحكم حاكم، هذه ثلاثة أشياء، ولندخل في تفاصيل كل مسألة:
الحكم الأول: ثبوت الخيار في النكاح بالعيب وأدلته
اعلم وفقني الله وإياك، أن ثبوت الخيار في العيب لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء صراحة، إلا ما يفهم مما جاء في الصحيحين من حديث عقبة بن عامر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ).
فظاهره: أن هذا الشرط إذا انتفى، فإنه والحالة هذه يحق للمتضرر أن يفسخ، والأصل في عقد النكاح سلامة كل من الزوجين من أي عيب موجود، فكأن هذا الأمر صار عرفاً، فكأن كل واحد من الزوجين اشترط السلامة في العقد، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
وقد جاءت بعض الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تفيد جواز الفسخ إذا وجد أحد الزوجين بالآخر عيباً:
الأثر الأول: ما جاء عند سعيد بن منصور و ابن أبي شيبة و البيهقي وغيرهم، من طريق سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: أيما رجل تزوج امرأة فوجدها برصاء أو مجنونة أو مجذومة، فلها الصداق بمسيسه إياها، وهو على من غره منها.
هذا الأثر هو من طريق سعيد بن المسيب عن عمر ، ومن المعلوم أن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر على الراجح، ولكن أهل العلم قبلوه؛ لأن سعيداً لا يروي عن عمر إلا ما ثبت لديه عن الثقات الأثبات، حتى إنه سمي: راوية عمر ، وكان ابن عمر إذا أراد أن يعلم أو أن يستفسر عن أخبار عمر وأحكامه وفتاويه يسأل سعيد بن المسيب في ذلك، مما يدل على أن سعيداً قد حفظ مالم يحفظه الناس عن عمر .
وعلى هذا قال أبو حاتم : سعيد عن عمر مرسل وإسناده صحيح! وهذا من فقهه في الحديث رضي الله عنه ورحمه، وقوله: (وإسناده صحيح)، بمعنى: أنه له حكم الاتصال.
الأثر الثاني: ما جاء عند ابن أبي شيبة من طريق عامر الشعبي عن علي بن أبي طالب : أيما رجل تزوج امرأة فوجد بها برصاً، أو وجد بها قرناً، فله الخيار، فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها.
وهذا الأثر منقطع، إذ إن الشعبي لم يسمع من علي بن أبي طالب .
الأثر الثالث: جاء عند ابن أبي شيبة في مسألة العنين عن ابن مسعود رضي الله عنه، وإسناده صحيح: أنه يؤجل سنة، فإن أتاها وإلا فرق بينهما.
وكذلك روي عن المغيرة بن شعبة و ابن عباس رضي الله عنهم.
فهؤلاء خمسة من الصحابة: عمر و علي و ابن مسعود و المغيرة و ابن عباس .
وعلى هذا فإذا تزوج الرجل المرأة: فإن دخل بها فإنها لها المهر بما استحل من فرجها، وإن غر ولم يعلم بالعيب إلا بعد الدخول، فله الرجوع على من غره في هذا الأمر.
وإن علم قبل الدخول فله أن يفسخ من غير مهر، ومعنى (من غير مهر): أن الأصل أنه يثبت المهر.
إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول يثبت نصف المهر المسمى، أما إذا دخل بها فإن لها المهر بما استحل من فرجها، وله الرجوع على من غره، هذا الحكم الأول.
الحكم الثاني: الخيار الثابت بعيوب النكاح ليس على الفور
والضمني هو: أن يستمتع الرجل بامرأته بعد علمه بالعيب، أو تمكن المرأة من نفسها لزوجها بعد علمها بالعيب، ونقول: شريطة أن تعلم أن لها الخيار، فإن بعض النساء لا تعلم أن لها حق الخيار في ذلك، فتظن أنها ضربة لازب لا ترجع إلى حقها، ولكن الأقرب ما ذكرنا.
الحكم الثالث: الفسخ بعيوب النكاح يحتاج لحكم حاكم
وعليه: فلو أن امرأة وجدت في زوجها عيباً فذهبت إلى أهلها، فإنه لا يسمى طلاقاً، ولهذا ينبغي أن نبين هذا؛ لأن بعض الناس بسبب الجهل يجدون في الزوج عيباً، أو يجد الزوج في المرأة عيباً فيتركها، فتمضي سنون، فتظن المرأة أنه طلقها، فتتزوج فتكون قد تزوجت على زوج! وهذا قد يقع، وليس بأمر مستحيل!
وعلى هذا فلا يسمى فسخاً إلا بحكم حاكم، إلا أن يطلق الرجل، وهذا الفسخ ثابت -كما قلنا- أنه قول الصحابة، وهو قول الجمهور، خلافاً لمن منع ذلك، بأن أثبت الفسخ للمرأة ولم يثبته للزوج، قال: إن الزوج إذا وجد بالمرأة عيباً فإنه يطلق!
ولكن الراجح: أن له الفسخ، والفرق بينهما ثابت، بمعنى: أنه لو طلق ثبت المهر، أما إذا قلنا له: الفسخ، فإنه له الرجوع على من غره.
هذه ثلاثة أحكام.
الشيخ: الحكم الأول: ثبوت الخيار:
اعلم وفقني الله وإياك، أن ثبوت الخيار في العيب لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء صراحة، إلا ما يفهم مما جاء في الصحيحين من حديث عقبة بن عامر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ).
فظاهره: أن هذا الشرط إذا انتفى، فإنه والحالة هذه يحق للمتضرر أن يفسخ، والأصل في عقد النكاح سلامة كل من الزوجين من أي عيب موجود، فكأن هذا الأمر صار عرفاً، فكأن كل واحد من الزوجين اشترط السلامة في العقد، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
وقد جاءت بعض الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تفيد جواز الفسخ إذا وجد أحد الزوجين بالآخر عيباً:
الأثر الأول: ما جاء عند سعيد بن منصور و ابن أبي شيبة و البيهقي وغيرهم، من طريق سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: أيما رجل تزوج امرأة فوجدها برصاء أو مجنونة أو مجذومة، فلها الصداق بمسيسه إياها، وهو على من غره منها.
هذا الأثر هو من طريق سعيد بن المسيب عن عمر ، ومن المعلوم أن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر على الراجح، ولكن أهل العلم قبلوه؛ لأن سعيداً لا يروي عن عمر إلا ما ثبت لديه عن الثقات الأثبات، حتى إنه سمي: راوية عمر ، وكان ابن عمر إذا أراد أن يعلم أو أن يستفسر عن أخبار عمر وأحكامه وفتاويه يسأل سعيد بن المسيب في ذلك، مما يدل على أن سعيداً قد حفظ مالم يحفظه الناس عن عمر .
وعلى هذا قال أبو حاتم : سعيد عن عمر مرسل وإسناده صحيح! وهذا من فقهه في الحديث رضي الله عنه ورحمه، وقوله: (وإسناده صحيح)، بمعنى: أنه له حكم الاتصال.
الأثر الثاني: ما جاء عند ابن أبي شيبة من طريق عامر الشعبي عن علي بن أبي طالب : أيما رجل تزوج امرأة فوجد بها برصاً، أو وجد بها قرناً، فله الخيار، فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها.
وهذا الأثر منقطع، إذ إن الشعبي لم يسمع من علي بن أبي طالب .
الأثر الثالث: جاء عند ابن أبي شيبة في مسألة العنين عن ابن مسعود رضي الله عنه، وإسناده صحيح: أنه يؤجل سنة، فإن أتاها وإلا فرق بينهما.
وكذلك روي عن المغيرة بن شعبة و ابن عباس رضي الله عنهم.
فهؤلاء خمسة من الصحابة: عمر و علي و ابن مسعود و المغيرة و ابن عباس .
وعلى هذا فإذا تزوج الرجل المرأة: فإن دخل بها فإنها لها المهر بما استحل من فرجها، وإن غر ولم يعلم بالعيب إلا بعد الدخول، فله الرجوع على من غره في هذا الأمر.
وإن علم قبل الدخول فله أن يفسخ من غير مهر، ومعنى (من غير مهر): أن الأصل أنه يثبت المهر.
إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول يثبت نصف المهر المسمى، أما إذا دخل بها فإن لها المهر بما استحل من فرجها، وله الرجوع على من غره، هذا الحكم الأول.
الشيخ: الحكم الثاني: أن هذا الخيار ليس هو على الفور مالم يدل عليه رضا صريح أو ضمني.
والضمني هو: أن يستمتع الرجل بامرأته بعد علمه بالعيب، أو تمكن المرأة من نفسها لزوجها بعد علمها بالعيب، ونقول: شريطة أن تعلم أن لها الخيار، فإن بعض النساء لا تعلم أن لها حق الخيار في ذلك، فتظن أنها ضربة لازب لا ترجع إلى حقها، ولكن الأقرب ما ذكرنا.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
عمدة الفقه - كتاب الحج [3] | 2652 استماع |
عمدة الفقه - كتاب البيع [1] | 2535 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [1] | 2451 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [17] | 2397 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [4] | 2317 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [16] | 2170 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [5] | 2167 استماع |
عمدة الفقه - كتاب البيع [4] | 2130 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [2] | 2111 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [21] | 2108 استماع |