عمدة الفقه - كتاب النكاح [10]


الحلقة مفرغة

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المشاهدون الكرام متابعي قناة المجد العلمية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم إلى هذا الدرس المبارك ضمن دروس الأكاديمية، وهو درس: شرح كتاب النكاح من كتاب عمدة الفقه، ومعنا في هذا الدرس المبارك شارحاً لهذا المتن صاحب الفضيلة الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي وكيل المعهد العالي للقضاء بالمملكة العربية السعودية لشئون الدورات والتدريب.

باسمكم جميعاً أرحب بضيفنا الدكتور عبد الله، فأهلاً ومرحباً بكم!

الشيخ: حياكم الله وبإخوتي الحضور والمستمعين والمستمعات.

المقدم: ترحيبنا موصول بكم، ونسعد كثيراً بتواصلكم مع حلقات هذا الدرس المبارك .. نسعد كثيراً باتصالاتكم الهاتفية على الأرقام التي تظهر أمامكم في الشاشة، وأيضاً نسعد بتواصلكم عبر إجابات أسئلة هذا الدرس عبر موقع الأكاديمية على الشبكة العنكبوتية، وأيضاً بأسئلتكم التي توجهونها لضيفنا.

هذا الدرس بإذن الله تعالى سنخصص جزءاً كبيراً منه للإجابة عن أسئلتكم سواءً الهاتفية أو عبر الإنترنت، فنرحب بكم جميعاً.

يا شيخ عبد الله !كما كانت عادة البرنامج ومستمر في هذه العادة بأن نستعرض إجابات الإخوة الواردة في الدرس الماضي، أستأذنكم في ذلك.

الشيخ: حسناً!

المقدم: كان السؤال المطروح: أيهما المعتبر في الرضاع المحرم أهو الفطام أم الحولين؟ مع ذكر الدليل والمناقشة؟

هناك مجموعة كبيرة من الإجابات الواردة، لعلنا نبدأ بأولى الإجابات، وهي التي وردت من الأخت: أم فجر من السعودية تقول:

أولاً: الأئمة رحمهم الله ذكروا أن العبرة بالحولين سواءً كان الفطام قبل الحولين أو بعده، فلا عبرة بالفطام لقوله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [البقرة:233]، فهذا خبر بمعنى الأمر، أي: لا يرضع أكثر من ذلك، وهذا يسمى مفهوم الغاية، وهو حجة.

ثانياً: وذهب أبو العباس رحمه الله: إلى أن العبرة بالفطام، وعليه فلو فطم الطفل بعد مضي سنة وقبل إتمام الحولين فالرضاع بعده ليس ناشراً للحرمة، ولو استمر فالرضاع بعد الحولين فإنه لا يزال رضيعاً، فعلق ذلك بالفطام حتى لو كان بعد الحولين، أي: فما لم يفطم الطفل بعد الحولين فإن الرضاع، ينشر الحرمة، وهو قول قوي وله ما يعضده، وهو ما رواه الترمذي من حديث أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحرم الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام )، وهذا الحديث حسن صحيح.

وأكثر الأئمة أن العبرة بالحولين وقالوا: أما حديث أم سلمة فهو معلق بمدته لا بنفسه، لأن الغالب أن الفطام يكون في الحولين، فلو ارتضع طفل بعد السنة وقد فطم، فيرى ابن تيمية: أنه لا ينشر الحرمة، وعلى قول الجمهور ينشر الحرمة، والله تعالى أعلم.

الشيخ: الحمد لله، هذه إجابة وافية كافية إلا أنني قلت: وهذا القول قوي فيما إذا الفطام قبل الحولين، أما إن كان الفطام بعد الحولين فإنه لا ينشر الحرمة، وهذا هو قول الأوزاعي، فعلق الأوزاعي الفطام بما إذا كان في زمن مدة الحولين أما إذا كان الفطام بعد الحولين فالعبرة بالحولين، وقلت إن هذا قول قوي، وقول الجمهور له حظه من النظر، فهذا استدل بالحديث وهذا استدل بالآية، ويمكن الجمع بينهما كما أشار إلى ذلك أبو العباس بن تيمية بقول الأوزاعي: أن يكون ذلك في مدة الحولين، فلو كان الفطام، قبل ذلك فالعبرة بوجود الفطام، فلو لم يفطم إلا بعد الحولين لكان الحولان كافيين في ذلك.

المقدم: نعم، أحسن الله إليك، نستعرض أسماء الإخوة الذين أجابوا معنا في هذا الدرس مشكورين:

الأخ: نبيل إبراهيم السيد حجازي من السعودية أيضاً أجاب.

الأخت: خديجة من المغرب أجابت عن هذا السؤال.

الأخت: سماء الإسلام من مصر أيضاً لها إجابة.

الأخت: فوزية من الكويت أيضاً لها إجابة قريبة.

غادة من الولايات المتحدة، و طلحة من السعودية، وعزيزة باخلعة من السعودية كذلك، عبد الرحيم المغراوي من المغرب، والأخت: مريم من السعودية، وخلود من السعودية، وأسماء وهبون من المغرب، غزلان من المغرب، ونورة من السعودية؛ كل هؤلاء الإخوة والأخوات أرسلوا إلينا بالإجابات!

الشيخ: جزاهم الله خيراً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

من طلق زوجته بايناً هل يجوز له خطبة أختها

الشيخ: ذكرنا أيها الإخوة في الدرس بالأمس حينما سألت الأخت: هل يجوز للرجل إذا طلق المرأة طلاقاً بائناً، أن يخطب أختها بالتصريح أو بالتعريض؟

وذكرت أنه لا ينبغي له، وقلت: لا يجوز ولا ينبغي أن يصرح بالخطبة إلا إذا انتهت عدتها، أما من كانت في عدتها فإنه لا يصرح، بل يعرض إذا كان طلاقها بائناً، أما الرجعية فلا.

وهذا الذي جعلني أتوقف، وهو أنني ذكرت في الدرس قبل ثلاثة أسابيع مسألة الخطبة بالتصريح، وقلت: المعتدة من طلاق بائن مذهب الحنفية والحنابلة ورواية عن علي بن أبي طالب: أنه لا يجوز التصريح بخطبتها، بل يجوز التعريض.

وقلت أيضاً: إن المطلقة طلاقاً بائناً لا يجوز أن يتزوجها إلا بعد انتهاء العدة، فلو طلق رابعة فلا يجوز أن يتزوج خامسة حتى تنتهي العدة.

فعلى القول بالمنع لا يجوز التصريح.

أما على رأي الشافعي ومالك وابن المنذر فإنهم قالوا: إذا كان الطلاق بينونة صغرى فيجوز للإنسان أن يتزوج خامسة ولو كانت في عدتها، فهؤلاء على قولهم يجوز التصريح ويجوز التعريض، لأن كل من جاز إبرام العقد عليها جاز التصريح فيه والتعريض، لكن على مذهب الحنابلة وهذا الذي رجحناه لا يجوز، فكانت الإجابة كما هي؛ لكنني أنا توقفت أنظر هل للحنفية أو الحنابلة قول، فلم أجد بعد بحث، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين.

المقدم: آمين.. أحسن الله إليك يا شيخ.

الشيخ: الآن لعلنا نكمل القراءة ..

المقدم: لكن أريد أن أذكر الإخوة بأن ما تبقى من الشرح في هذا الباب المتعلق بالرضاع ستكون مدته محدودة بإذن الله تعالى في هذه الحلقة، ونسعد كثيراً بتواصلكم من خلال أسئلتكم حول باب الرضاع وما قبله من أبواب شرحت في هذا الدرس، نعرض أسألتكم الحية الهاتفية على فضيلة الشيخ، وكذلك الأسئلة التي ترد عبر البريد الإلكتروني وأسئلة الإخوة الحضور معنا في هذا الدرس، أستأذنكم يا شيخ في القراءة!

الشيخ: تفضل!

الشيخ: ذكرنا أيها الإخوة في الدرس بالأمس حينما سألت الأخت: هل يجوز للرجل إذا طلق المرأة طلاقاً بائناً، أن يخطب أختها بالتصريح أو بالتعريض؟

وذكرت أنه لا ينبغي له، وقلت: لا يجوز ولا ينبغي أن يصرح بالخطبة إلا إذا انتهت عدتها، أما من كانت في عدتها فإنه لا يصرح، بل يعرض إذا كان طلاقها بائناً، أما الرجعية فلا.

وهذا الذي جعلني أتوقف، وهو أنني ذكرت في الدرس قبل ثلاثة أسابيع مسألة الخطبة بالتصريح، وقلت: المعتدة من طلاق بائن مذهب الحنفية والحنابلة ورواية عن علي بن أبي طالب: أنه لا يجوز التصريح بخطبتها، بل يجوز التعريض.

وقلت أيضاً: إن المطلقة طلاقاً بائناً لا يجوز أن يتزوجها إلا بعد انتهاء العدة، فلو طلق رابعة فلا يجوز أن يتزوج خامسة حتى تنتهي العدة.

فعلى القول بالمنع لا يجوز التصريح.

أما على رأي الشافعي ومالك وابن المنذر فإنهم قالوا: إذا كان الطلاق بينونة صغرى فيجوز للإنسان أن يتزوج خامسة ولو كانت في عدتها، فهؤلاء على قولهم يجوز التصريح ويجوز التعريض، لأن كل من جاز إبرام العقد عليها جاز التصريح فيه والتعريض، لكن على مذهب الحنابلة وهذا الذي رجحناه لا يجوز، فكانت الإجابة كما هي؛ لكنني أنا توقفت أنظر هل للحنفية أو الحنابلة قول، فلم أجد بعد بحث، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين.

المقدم: آمين.. أحسن الله إليك يا شيخ.

الشيخ: الآن لعلنا نكمل القراءة ..

المقدم: لكن أريد أن أذكر الإخوة بأن ما تبقى من الشرح في هذا الباب المتعلق بالرضاع ستكون مدته محدودة بإذن الله تعالى في هذه الحلقة، ونسعد كثيراً بتواصلكم من خلال أسئلتكم حول باب الرضاع وما قبله من أبواب شرحت في هذا الدرس، نعرض أسألتكم الحية الهاتفية على فضيلة الشيخ، وكذلك الأسئلة التي ترد عبر البريد الإلكتروني وأسئلة الإخوة الحضور معنا في هذا الدرس، أستأذنكم يا شيخ في القراءة!

الشيخ: تفضل!

المقدم: قال المصنف رحمه الله: [ولو دبت الصغرى إلى الكبرى وهي نائمة فارتضعت منها خمس رضعات حرمتها على الزوج، ولها نصف مهرها يرجع به على الصغرى إن كان قبل الدخول، وإن كان بعده فلها مهرها كله لا يرجع به على أحد، ولا مهر للصغرى.

ولو نكح امرأة ثم قال: هي أختي من الرضاع، انفسخ نكاحها، ولها المهر إن كان دخل بها، ونصف المهر إن كان لم يدخل بها ولم تصدقه، وإن صدقته قبل الدخول فلا شيء لها، وإن كانت هي التي قالت: هو أخي من الرضاع فأكذبها ولا بينة لها، فهي امرأته في الحكم].

الشيخ: جزاك الله خيراً، قبل أن نبدأ لابد أن نذكر لأهل الفضل فضلهم، فبعض الإخوة جزاه الله خيراً يتصل بي ويناقشني في بعض المسائل ويستفسر ويزيد بعض الفوائد في هذا الدرس، فلهم منا جزيل الشكر وعظيم الدعاء، وأن يرزقنا وإياهم الفقه في الدين، وهذا من باب ذكر الفضل لأهل الفضل، وقد كان السلف رضي الله تعالى عنهم يذكرون ذلك لتلاميذهم فيقول: أفادنيها فلان.

وأنا أشكر الإخوة الذين يذكرون أو يستشكلون بعض المسائل أو يطلبون الاستفسار، وقد جاءتني رسالة بالكتابة تطلب مني أن أذكر بعض المسائل التي نجد الناس بحاجة إليها، فهذا أمر طيب شكر فاعله؛ لأن مثل ذلك يحصل فيه تفاعل واستثمار لأوقات الإخوة المستمعين حتى يعم النفع وتكثر الفائدة.

أما كتابنا فقد وصلنا فيه إلى قول المؤلف: (ولو دبت الصغرى إلى الكبرى).

صورة المسألة: رجل تزوج امرأتين: الكبيرة اسمها مريم، والصغيرة اسمها هند، فدبت الصغرى، ومعنى (دبت): سارت وحبت حتى التقمت ثدي الكبرى، وهذا اللبن الذي من الكبرى ليس هو من لبن الزوج إنما هو من لبن زوج آخر، فجاءت الصغرى فدبت حتى ارتضعت من الكبرى رضاعاً ينشر الحرمة، وإذا قلنا: (رضاعاً ينشر الحرمة) فمعناه أنه خمس رضعات مشبعات ويكون في الحولين أو قبل الفطام على الخلاف الذي سبق معنا.

فعلى هذا فلو دبت الصغرى وشربت خمس رضعات مشبعات، (وهي نائمة)، أي: الكبرى، يعني: لم تعلم الكبرى بذلك، والكبرى عاقلة والصغرى غير عاقلة.

يقول المؤلف: (حرمتها على الزوج)، أي: الصغرى تحرم الكبرى على الزوج؛ لأن الكبرى تصير أم الزوجة الصغرى، فينفسخ نكاح الكبرى، وهل ينفسخ نكاح الصغرى؟

نقول: إن كان قد دخل بالكبرى فسخ نكاح الصغرى، وإن كان لم يدخل بالكبرى فإن الصغرى ما زال نكاحها باقياً.

يقول المؤلف: (حرمتها على الزوج)، وهذا إذا لم يكن قد دخل بالكبرى، يقول: (ولها نصف مهرها يرجع به على الصغرى) أي: وللكبرى نصف مهرها؛ لأنها فسخ نكاحها قبل الدخول، وكل من فسخ نكاحها قبل الدخول، فلها نصف المهر.

أي: أن مهرها على الزوج، لكن الزوج حينئذٍ يرجع به على الصغرى.

ونلحظ أن الصغرى غير عاقلة، والله سبحانه وتعالى إنما وضع التكليف على العاقل، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند أهل السنن كـالنسائي من حديث عائشة : ( رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصبي حتى يبلغ )، وهذه في حكم الصبي، فلماذا جعل المهر على الصغيرة وقال: (يرجع به على الصغرى) وهي غير عاقلة، فكيف أرجع المؤلف المهر للزوج على الصغرى وهي غير عاقلة؟

مداخلة: يا شيخ! لأنها تسببت في فسخ النكاح.

الشيخ: أنت قلت: لأنها تسببت في فسخ النكاح، أي: صارت سبباً؟ وهذا يسميه العلماء خطاب وضعي، وهو خلاف خطاب التكليف المتعلق بذات العبد نفسه، وخطابات التكليف خمسة: الواجب، والمستحب، والمحرم، والمكروه، والمباح، أما خطاب الوضع فلا يتعلق بأفعال المكلفين، إنما هو متعلق بالسبب أو المانع أو الشرط أو العزيمة أو الرخصة.

وهنا في المسألة كانت الصغرى سبباً للنسخ.

فلا ينظر في خطاب الوضع إلى البلوغ والعقل، فحينئذٍ صار ذلك تعلقاً بلا نظر بين الفاعل هل هو مكلف أو غير مكلف، ولذا لو قتل الصبي خطأ وجبت عليه الدية؛ لأنه من باب خطاب الوضع الذي لا ينظر فيه إلى الفاعل، لكن متى ينظر فيه إلى الفاعل؟ من حيث الحرمة وعدمها، أي: هل هذا حرام عليه أو ليس بحرام.

فلما كانت الصغرى قد تسببت في فسخ نكاح الزوجة الكبرى ووجب للكبرى نصف المهر، فحينئذٍ نقول: يرجع به على الصغرى؛ لأنه ضمان، أي: لأن الصغرى ضامنة فسخ نكاح نكاح الكبرى.

وإذا كان الفسخ قبل الدخول فلها نصف المهر)، يقول المؤلف: (وإن كان بعده فلها) يعني: للزوجة الكبرى (المهر كاملاً)، أي: فللزوجة الكبرى المهر كاملاً؛ لأن كل من دخل بامرأة وخلا بها واستمتع بها كما يستمتع الرجل من امرأته فإن لها كامل المهر، سواء كان هذا النكاح شرعياً أو غير شرعي؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( فلها المهر بما استحل من فرجها )، مع أنه نكاح قال قبله عليه الصلاة والسلام: ( فنكاحها باطل باطل باطل ).

يقول المؤلف: (وإن كان بعده فلها مهرها كله لا يرجع به على أحد) لماذا لا يرجع به على أحد؟

نقول: لأن المهر هنا لأجل الاستمتاع، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( فلها المهر بما استحل من فرجها )، نقول: المهر ثبت لأجل استحلال البضع؛ ولهذا لا يرجع به على أحد.

يقول المؤلف: (ولا مهر للصغرى)، الآن الصغرى لم يدخل بها، فلا مهر لها كما يقول المؤلف، والمفترض أن يكون لها نصف المهر؛ لكن لا مهر لها لأنها تسببت في فسخ نكاحها بنفسها، والقاعدة: كل من تسبب في فسخ نكاح امرأة فإنه يعود الزوج عليه إما بالمهر كاملاً وإما نصفه.

الشيخ: انتهى المؤلف من مسألة رضاعة الكبرى والصغرى ثم دخل في مسألة دعوى الرضاع، قال: (ولو نكح امرأة ثم قال بعد العقد: هي أختي من الرضاع)، فهذا القول يوجب فسخ النكاح؛ لأنه أقر على نفسه بما يوجب فسخ النكاح، كما لو أقر على نفسه أنه طلق امرأته آخر ثلاث تطليقات.

يقول المؤلف: (ولها) أي: أخته من الرضاع، (لها المهر إن كان دخل بها)؛ لأنه بما استحل من فرجها كما قال صلى الله عليه وسلم.

ولها نصفه إن كان لم يدخل بها ولم تصدقه، وإنما ثبت لها النصف؛ لأن الفسخ كان من قبل الزوج بإقراره، وليس ثمة تغرير من المرأة.

وقوله: (إن لم يدخل بها ولم تصدقه)، أي أن المؤلف فرق فقال: إن كان قبل الدخول نظرت: فإن صدقته على أنه أخوها من الرضاع فليس لها شيء؛ لأنها أقرت ببطلان العقد، فبإقرارها بطل عقدها؛ أي أنه لما عقد عليها وهي أخته كان العقد باطلاً، وبالتالي فالمهر باطل؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل، ولهذا قال: (ولم تصدقه)، يعني: فإن صدقته فلا مهر لها وإن لم تصدقه فلها المهر.

إذاً: لماذا جعل لها المهر إن لم تصدق وهو قد أقر بأنها أخته من الرضاع؟

نقول في الجواب: لأنه لا يقبل قوله فيها؛ لأنه تعلق به مال، والقاعدة: أن الإقرار حجة قاصرة، وبالتالي فإن لم تصدقه ثبت لها المهر، فإن كان قبل الدخول فلها نصفه.

المؤلف يقول: (وإن صدقته قبل الدخول) يعني: قال: هي أختي من الرضاع، وكان قوله هذا قبل أن يدخل بها، قال المؤلف: (فلا شيء لها) لماذا؟

الجواب: لأنها أقرت بالنكاح الباطل، فيكون هذا النكاح باطلاً وما ترتب عليه فهو باطل. فيكون في حكم الزنا والعياذ بالله؛ لأنها عالمة فسكتت، انتهينا من هذا.

ادعاء الزوجة بأن الزوج أخوها من الرضاع

الشيخ: الآن المؤلف دخل في مسألة أخرى: (وإن كانت هي التي قالت: هو أخي من الرضاع)، يعني: رجل تزوج امرأة فقالت: هو أخي من الرضاع بعدما تزوجها، فلا يخلو الأمر من أحوال:

الحال الأولى: إن كان قبل الدخول فسخ النكاح ولا مهر لها؛ لأنها هي التي تسببت، وهذا إذا أصدقها الزوج بأنها أخته من الرضاع.

وإن لم يقر بأن أنكر فهل لها المهر؟ فنقول: أيضاً ليس لها المهر؛ لأنها هي التي أقرت، هذا انتهينا منه، وهو في حال ما إذا كان ذلك قبل الدخول.

الحال الثانية: إن كان بعد الدخول، فهنا ينظر: فإن قالت هو أخي من الرضاع فأكذبها ولها بينة فلا مهر لها.

أو دعنا نقسمها تقسيماً آخر فنقول:

(إن قالت: هو أخي من الرضاع فأكذبها) هذه هي المسألة، أي قالت الزوجة: هو أخي من الرضاع فأكذبها الزوج فما الحكم؟ نقول: هذا ينقسم أقساماً:

القسم الأول: أن يكون لها بينة بذلك، فإن كان لها بينة في ذلك فسخ العقد، ولا مهر لها إن كان ذلك قبل الدخول؛ لأنها أقرت وأثبتت أن النكاح باطل.

وإذا كان بعد الدخول فهل يكون زنا، أم يكون وطأ بشبهة؟

الجواب: إذا كان قبل الدخول فلا إشكال أنه لا مهر لها، وإن كان بعد الدخول فأقرت فنقول: هل كنتِ عالمة أم لست بعالمة؟ فإن كانت عالمة بذلك قبل العقد فلا مهر لها؛ لأنها أقرت على نفسها بأنها كانت مطاوعة زانية والعياذ بالله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( ومهر البغي خبيث ).

وإن أنكرت وقالت: أنا ما علمت إلا بعد العقد وعندي بينة، فإنه والحالة هذه يثبت لها المهر؛ لأنه حينئذٍ وطء بشبهة.

فهذا إن كان لها بينة.

القسم الثاني: إن كان ليس لها بينة، فينظر: فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها.

وإن كان ليس لها بينة وأكذبها وقد دخل بها فنقول: إن كانت عالمة بأنها أخته فليس لها مهر، لأنها كانت عالمة بأنها أخته وسكتت حتى استمتع بها وهي مطاوعة بذلك، وهذا في حكم الزنا والعياذ بالله!

وإذا قالت: ما علمت إلا بعد الدخول، فلها المهر بما استحل من فرجها.

قال المؤلف: (وهي زوجته في الحكم) أي: هو أنكر وأكذبها فيما ادعت من الرضاع بينهما، فتبقى زوجته في الحكم، أما بينها وبين الله فلا، كيف ذلك؟

نقول: إن قالت: عندي بينة أنه أخي من الرضاع فلا إشكال، وإن لم يكن لها بينة، كأن قالت: هو أخي من الرضاع، وإن أمي التي ماتت أقرت لي بذلك، فقال: لا، بل هي زوجتي -وقد دخل بها- فنقول حينئذٍ: هي زوجته في الحكم ويلزمها ألا تمكنه من نفسها، لأنها بينها وبين الله ليست بزوجته، فلا تمكنه من نفسها ولا يحل لها أن تساكنه، ويجب عليها أن تخالعه، فإذا أبى وقال: هي زوجتي، وأنكر أن تكون أخته من الرضاع، فحينئذٍ يجب عليها أن تفتدي نفسها فتدفع هي الخلع الذي يسمونه بدل الخلع، وهو العوض، وحينئذٍ نكون قد انتهينا من كتاب الرضاع، والله أعلم.

الشيخ: الآن المؤلف دخل في مسألة أخرى: (وإن كانت هي التي قالت: هو أخي من الرضاع)، يعني: رجل تزوج امرأة فقالت: هو أخي من الرضاع بعدما تزوجها، فلا يخلو الأمر من أحوال:

الحال الأولى: إن كان قبل الدخول فسخ النكاح ولا مهر لها؛ لأنها هي التي تسببت، وهذا إذا أصدقها الزوج بأنها أخته من الرضاع.

وإن لم يقر بأن أنكر فهل لها المهر؟ فنقول: أيضاً ليس لها المهر؛ لأنها هي التي أقرت، هذا انتهينا منه، وهو في حال ما إذا كان ذلك قبل الدخول.

الحال الثانية: إن كان بعد الدخول، فهنا ينظر: فإن قالت هو أخي من الرضاع فأكذبها ولها بينة فلا مهر لها.

أو دعنا نقسمها تقسيماً آخر فنقول:

(إن قالت: هو أخي من الرضاع فأكذبها) هذه هي المسألة، أي قالت الزوجة: هو أخي من الرضاع فأكذبها الزوج فما الحكم؟ نقول: هذا ينقسم أقساماً:

القسم الأول: أن يكون لها بينة بذلك، فإن كان لها بينة في ذلك فسخ العقد، ولا مهر لها إن كان ذلك قبل الدخول؛ لأنها أقرت وأثبتت أن النكاح باطل.

وإذا كان بعد الدخول فهل يكون زنا، أم يكون وطأ بشبهة؟

الجواب: إذا كان قبل الدخول فلا إشكال أنه لا مهر لها، وإن كان بعد الدخول فأقرت فنقول: هل كنتِ عالمة أم لست بعالمة؟ فإن كانت عالمة بذلك قبل العقد فلا مهر لها؛ لأنها أقرت على نفسها بأنها كانت مطاوعة زانية والعياذ بالله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( ومهر البغي خبيث ).

وإن أنكرت وقالت: أنا ما علمت إلا بعد العقد وعندي بينة، فإنه والحالة هذه يثبت لها المهر؛ لأنه حينئذٍ وطء بشبهة.

فهذا إن كان لها بينة.

القسم الثاني: إن كان ليس لها بينة، فينظر: فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها.

وإن كان ليس لها بينة وأكذبها وقد دخل بها فنقول: إن كانت عالمة بأنها أخته فليس لها مهر، لأنها كانت عالمة بأنها أخته وسكتت حتى استمتع بها وهي مطاوعة بذلك، وهذا في حكم الزنا والعياذ بالله!

وإذا قالت: ما علمت إلا بعد الدخول، فلها المهر بما استحل من فرجها.

قال المؤلف: (وهي زوجته في الحكم) أي: هو أنكر وأكذبها فيما ادعت من الرضاع بينهما، فتبقى زوجته في الحكم، أما بينها وبين الله فلا، كيف ذلك؟

نقول: إن قالت: عندي بينة أنه أخي من الرضاع فلا إشكال، وإن لم يكن لها بينة، كأن قالت: هو أخي من الرضاع، وإن أمي التي ماتت أقرت لي بذلك، فقال: لا، بل هي زوجتي -وقد دخل بها- فنقول حينئذٍ: هي زوجته في الحكم ويلزمها ألا تمكنه من نفسها، لأنها بينها وبين الله ليست بزوجته، فلا تمكنه من نفسها ولا يحل لها أن تساكنه، ويجب عليها أن تخالعه، فإذا أبى وقال: هي زوجتي، وأنكر أن تكون أخته من الرضاع، فحينئذٍ يجب عليها أن تفتدي نفسها فتدفع هي الخلع الذي يسمونه بدل الخلع، وهو العوض، وحينئذٍ نكون قد انتهينا من كتاب الرضاع، والله أعلم.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
عمدة الفقه - كتاب الحج [3] 2652 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [1] 2536 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [1] 2451 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [17] 2398 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [4] 2317 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [16] 2171 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [5] 2167 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [4] 2130 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [2] 2112 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [21] 2108 استماع