عمدة الفقه - كتاب البيع [7]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

اللهم إنا نسألك إيماناً صادقاً، ويقيناً ليس بعده كفر، ورحمة ننال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة، اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا، وارزقنا علماً وعملاً يا كريم!

اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً، اللهم زدنا إيماناً ويقيناً وصبراً وفقهاً يا رب العالمين، وبعد:

فقد قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الربا: عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل سواء بسواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ).

ولا يجوز بيع مطعوم مكيل أو موزون بجنسه إلا مثلاً بمثل، ولا يجوز بيع مكيل من ذلك بشيء من جنسه وزناً، ولا موزون كيلاً، وإن اختلف الجنسان جاز بيعه كيف شاء يداً بيد، ولم يجز النسأ فيه، ولا التفرق قبل القبض إلا في لثمن بالمثمن.

وكل شيئين جمعهما اسم خاص فهما جنس واحد إلا أن يكونا من أصلين مختلفين، فإن فروع الأجناس أجناس وإن اتفقت أسماؤها كالأدقة والأدهان.

ولا يجوز بيع رطب منها بيابس من جنسه ولا خالصه بمشوبه ولا نيئه بمطبوخه.

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المزابنة وهو شراء التمر بالتمر في رءوس النخل، ورخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطباً ].

تعريف الربا وأهمية التفقه فيه ومعرفة أحكامه

قول المؤلف رحمه الله: (باب الربا)، الربا في اللغة: هو الزيادة كما قال الله تعالى: فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ [الحج:5]، يعني: زادت ونمت، وقال تعالى: أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ [النحل:92]، يعني: هي أكثر زيادة في العدد.

وأما في الاصطلاح الشرعي: فهو الزيادة في أشياء مخصوصة من غير عِوض.

وقولنا: في أشياء مخصوصة، دل ذلك على أن الزيادة في غير هذه الأشياء المخصوصة التي خصها الشارع لا بأس بها، وقولنا: من غير عِوض؛ لأن الربا هو أن يزيد درهماً بدرهمين فيكون الدرهم الثاني من غير عوض له، ولهذا قال العلماء: الزيادة في أشياء مخصوصة من غير عِوض.

وباب الربا من أدق أبواب المعاملات المالية ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم أحسن الناس معرفة بالربا وأكثرهم تجارة كما روى أبو نضرة رضي الله عنه قال: جاءني رجل فسألني في شراء أو في صرف الذهب بالفضة؟ فقلت: ربا، يعني: نسيئة، قال: قد بعته في السوق، فلم يُنكر ذلك عليّ أحد، تأملوا، قال الراوي لـأبي نضرة : بعته في السوق، يروي أبو نضرة عن أبي سعيد فسأل أبا سعيد ؟ فقال أبو سعيد : ربا، قال: قد بعته في السوق ولم ينكر ذلك عليّ أحد، قال: اذهب إلى زيد بن ثابت فإنه كان أعظم تجارة مني، فذهب إلى زيد بن ثابت فأخبره بذلك، وقوله: فإنه أعظم تجارة مني، دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا أكثروا من المال أكثروا من الفقه فيه، بخلاف زماننا والله المستعان، فكلما كثُر المال كلما كثُر الانشغال عن العلم والاشتغال بالمال.

ولقد تناظر أبو الوليد الباجي المالكي مع أبي محمد علي بن حزم الظاهري فجلسا أياماً يتناظران في أصول المالكية وفي أصول الظاهرية، حتى إذا انتهى بهما المطاف في المناظرة، قال أبو الوليد الباجي : سامحني يا أبا محمد! فإني لا أكاد أقرأ الكتب إلا على ضوء القمر، يريد أن يُشير إلى أنه ليس عنده كتباً كثيرة؛ لأنه كان فقيراً وليس عنده من الكتب ما يقرأ، فقال أبو محمد : وأنت اعذرني فإني لا أكاد أقرأ إلا على ضوء الذهب والفضة، يعني: أنني كنت وزيراً وصاحب مال وصاحب تجارة، فلم تُلهني هذه التجارة في طلب العلم إلا قليلاً، وهذا يدل على أن الفتنة بالمال أكثر من الفتنة بالفقر، ولهذا قيل: إن أبا محمد كاد أن يفلجه أبو الوليد لولا ختمه في نهاية هذه المناظرة.

أقول أيها الإخوة: باب الربا باب عظيم وينبغي لطلاب العلم أن يتأملوه خاصة في المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية الربوية، فإن الربا يمشي في تصرفات البنوك بحيث لا يشعر به إلا الحُذاق من أهل العلم، وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليأتين على الناس زمان من لم يأكل الربا أصابه من غباره، أو قال: من دخانه )، وهذا أمر مُشاهد فلو سألت أي جماعة في مسجد ما: هل عندكم بطاقة من البطاقات الائتمانية التي اشترط فيها الربا؟ وجدت أن كثيرين مع الأسف الشديد من المسلمين عندهم بطاقات ائتمانية قد اشترط فيها الربا، وربما وقع في الربا وهو لا يشعر، وقد جاء عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليأتين على الناس زمان لا يُبالي المرء أمن الحلال أخذ أم من الحرام )، والعياذ بالله، ولقد قال عمر بن الخطاب : إن كنا لنترك تسعة أعشار المباح خوفاً من الوقع في الحرام، وقول عبد الله بن المبارك : والله لئن تترك درهماً فيه شبهة خير لك من أن تتصدق بمائة ألف، ثم مائة ألف، ثم مائة ألف، والبعض يسأل وخاصة الذين يسألوننا في خارج هذه البلاد، يقول: أضع مالي في البنوك الربوية وآخذ عليها فوائد ربوية ثم أتخلص منها أو بالتصدق بها في أوجه الخير، فنقول له: حالك هذه كالحالة التي قال فيها الشاعر:

ومطعمة الأيتام من كسب فرجها لك الويل لا تزني ولا تتصدقي

حكم الربا ودليله

ولقد ثبتت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع سلف هذه الأمة على حرمة الربا، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279].

والعجب الذي لا ينقضي أن تجد الناس لا يكترثون لأكل الربا، بخلاف بعض المحرمات التي ربما لا تصل إلى المنكرات الكبيرات من الموبقات ونحوها، خذ مثالاً بسيطاً على ذلك، وهذا مع الأسف الشديد قد فشا وانتشر حتى لربما لا تتمعض فيه الوجوه ولا تتمعر، لو قلت لكم أيها الإخوة: إن من جماعة هذا الحي من أخذ فتاة لا تحل له أجنبية وأغراها بمعسول القول، وأركبها في سيارته ثم ذهب إلى المطاعم العائلية ودخل هو وإياها وربما كان بينه وبينها بعض الأحاديث المتبادلة المحرمة، وربما حدث بينهما بعض الذي يفعله الرجل مع زوجته من غير الوقوع في الزنا، لربما رأيت كثيرين منا قد وضعوا أيديهم على رءوسهم وعلى قلوبهم يسألون الله سبحانه وتعالى أن ينجيهم وذريتهم وجميع المسلمين من هذا المنكر، ولرأيت تمعر الوجه ظاهراً في وجوههم، وهذا بلا شك محرم ويجب أن يُنكر، وأن يظهر الإنكار فيه، غير أننا ربما لو رأينا رجلاً قد خرج من البنك الربوي وقد أبرم عقداً محرماً ربما نقول: الله يهديه فلان يأكل الربا، ولا يمانع أحدنا أن يكون أكيله وجليسه ولا ينكر عليه.

إذاً: مع أن هذا قد وقع في كبيرة من أكبر الكبائر، فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279]، قال أبو العباس بن تيمية : وذكر الله هذه الآية بقوله: إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:278]، دليل على أن حصول الربا يُذهب غالب الإيمان الواجب الذي يجب على المسلم أن يُطيعه، وهذا يدل على ذهاب الإيمان الواجب وإن كان أصل الإيمان باق فيه، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.

وجاء في السنة أيضاً حرمة الربا: قال صلى الله عليه وسلم: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: ما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات )، وقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث جابر : ( لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء )، هذه أدلة الكتاب والسنة.

وأما الإجماع: فقد نقل غير واحد من أهل العلم وكل من كتب في باب الربا نقل الإجماع على أن الربا محرم تحريماً مُجمعاً عليه وأنه من الكبائر، ولا أعلم عالماً من علماء الإسلام له قدم صدق في الإسلام وفي خدمة دينه قال: إن الربا محرم من غير كبيرة، بل كلهم أجمعوا على أنه من كبائر الذنوب.

قول المؤلف رحمه الله: (باب الربا)، الربا في اللغة: هو الزيادة كما قال الله تعالى: فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ [الحج:5]، يعني: زادت ونمت، وقال تعالى: أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ [النحل:92]، يعني: هي أكثر زيادة في العدد.

وأما في الاصطلاح الشرعي: فهو الزيادة في أشياء مخصوصة من غير عِوض.

وقولنا: في أشياء مخصوصة، دل ذلك على أن الزيادة في غير هذه الأشياء المخصوصة التي خصها الشارع لا بأس بها، وقولنا: من غير عِوض؛ لأن الربا هو أن يزيد درهماً بدرهمين فيكون الدرهم الثاني من غير عوض له، ولهذا قال العلماء: الزيادة في أشياء مخصوصة من غير عِوض.

وباب الربا من أدق أبواب المعاملات المالية ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم أحسن الناس معرفة بالربا وأكثرهم تجارة كما روى أبو نضرة رضي الله عنه قال: جاءني رجل فسألني في شراء أو في صرف الذهب بالفضة؟ فقلت: ربا، يعني: نسيئة، قال: قد بعته في السوق، فلم يُنكر ذلك عليّ أحد، تأملوا، قال الراوي لـأبي نضرة : بعته في السوق، يروي أبو نضرة عن أبي سعيد فسأل أبا سعيد ؟ فقال أبو سعيد : ربا، قال: قد بعته في السوق ولم ينكر ذلك عليّ أحد، قال: اذهب إلى زيد بن ثابت فإنه كان أعظم تجارة مني، فذهب إلى زيد بن ثابت فأخبره بذلك، وقوله: فإنه أعظم تجارة مني، دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا أكثروا من المال أكثروا من الفقه فيه، بخلاف زماننا والله المستعان، فكلما كثُر المال كلما كثُر الانشغال عن العلم والاشتغال بالمال.

ولقد تناظر أبو الوليد الباجي المالكي مع أبي محمد علي بن حزم الظاهري فجلسا أياماً يتناظران في أصول المالكية وفي أصول الظاهرية، حتى إذا انتهى بهما المطاف في المناظرة، قال أبو الوليد الباجي : سامحني يا أبا محمد! فإني لا أكاد أقرأ الكتب إلا على ضوء القمر، يريد أن يُشير إلى أنه ليس عنده كتباً كثيرة؛ لأنه كان فقيراً وليس عنده من الكتب ما يقرأ، فقال أبو محمد : وأنت اعذرني فإني لا أكاد أقرأ إلا على ضوء الذهب والفضة، يعني: أنني كنت وزيراً وصاحب مال وصاحب تجارة، فلم تُلهني هذه التجارة في طلب العلم إلا قليلاً، وهذا يدل على أن الفتنة بالمال أكثر من الفتنة بالفقر، ولهذا قيل: إن أبا محمد كاد أن يفلجه أبو الوليد لولا ختمه في نهاية هذه المناظرة.

أقول أيها الإخوة: باب الربا باب عظيم وينبغي لطلاب العلم أن يتأملوه خاصة في المصارف الإسلامية والمصارف التقليدية الربوية، فإن الربا يمشي في تصرفات البنوك بحيث لا يشعر به إلا الحُذاق من أهل العلم، وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليأتين على الناس زمان من لم يأكل الربا أصابه من غباره، أو قال: من دخانه )، وهذا أمر مُشاهد فلو سألت أي جماعة في مسجد ما: هل عندكم بطاقة من البطاقات الائتمانية التي اشترط فيها الربا؟ وجدت أن كثيرين مع الأسف الشديد من المسلمين عندهم بطاقات ائتمانية قد اشترط فيها الربا، وربما وقع في الربا وهو لا يشعر، وقد جاء عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليأتين على الناس زمان لا يُبالي المرء أمن الحلال أخذ أم من الحرام )، والعياذ بالله، ولقد قال عمر بن الخطاب : إن كنا لنترك تسعة أعشار المباح خوفاً من الوقع في الحرام، وقول عبد الله بن المبارك : والله لئن تترك درهماً فيه شبهة خير لك من أن تتصدق بمائة ألف، ثم مائة ألف، ثم مائة ألف، والبعض يسأل وخاصة الذين يسألوننا في خارج هذه البلاد، يقول: أضع مالي في البنوك الربوية وآخذ عليها فوائد ربوية ثم أتخلص منها أو بالتصدق بها في أوجه الخير، فنقول له: حالك هذه كالحالة التي قال فيها الشاعر:

ومطعمة الأيتام من كسب فرجها لك الويل لا تزني ولا تتصدقي

ولقد ثبتت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع سلف هذه الأمة على حرمة الربا، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279].

والعجب الذي لا ينقضي أن تجد الناس لا يكترثون لأكل الربا، بخلاف بعض المحرمات التي ربما لا تصل إلى المنكرات الكبيرات من الموبقات ونحوها، خذ مثالاً بسيطاً على ذلك، وهذا مع الأسف الشديد قد فشا وانتشر حتى لربما لا تتمعض فيه الوجوه ولا تتمعر، لو قلت لكم أيها الإخوة: إن من جماعة هذا الحي من أخذ فتاة لا تحل له أجنبية وأغراها بمعسول القول، وأركبها في سيارته ثم ذهب إلى المطاعم العائلية ودخل هو وإياها وربما كان بينه وبينها بعض الأحاديث المتبادلة المحرمة، وربما حدث بينهما بعض الذي يفعله الرجل مع زوجته من غير الوقوع في الزنا، لربما رأيت كثيرين منا قد وضعوا أيديهم على رءوسهم وعلى قلوبهم يسألون الله سبحانه وتعالى أن ينجيهم وذريتهم وجميع المسلمين من هذا المنكر، ولرأيت تمعر الوجه ظاهراً في وجوههم، وهذا بلا شك محرم ويجب أن يُنكر، وأن يظهر الإنكار فيه، غير أننا ربما لو رأينا رجلاً قد خرج من البنك الربوي وقد أبرم عقداً محرماً ربما نقول: الله يهديه فلان يأكل الربا، ولا يمانع أحدنا أن يكون أكيله وجليسه ولا ينكر عليه.

إذاً: مع أن هذا قد وقع في كبيرة من أكبر الكبائر، فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279]، قال أبو العباس بن تيمية : وذكر الله هذه الآية بقوله: إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:278]، دليل على أن حصول الربا يُذهب غالب الإيمان الواجب الذي يجب على المسلم أن يُطيعه، وهذا يدل على ذهاب الإيمان الواجب وإن كان أصل الإيمان باق فيه، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.

وجاء في السنة أيضاً حرمة الربا: قال صلى الله عليه وسلم: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: ما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات )، وقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث جابر : ( لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء )، هذه أدلة الكتاب والسنة.

وأما الإجماع: فقد نقل غير واحد من أهل العلم وكل من كتب في باب الربا نقل الإجماع على أن الربا محرم تحريماً مُجمعاً عليه وأنه من الكبائر، ولا أعلم عالماً من علماء الإسلام له قدم صدق في الإسلام وفي خدمة دينه قال: إن الربا محرم من غير كبيرة، بل كلهم أجمعوا على أنه من كبائر الذنوب.