عمدة الفقه - كتاب الحج [10]


الحلقة مفرغة

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

مشاهدينا الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في درس جديد من دروس عمدة الفقه، ضيفنا في هذا اللقاء هو فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله بن ناصر السلمي أستاذ الفقه المساعد بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

يسرنا باسمكم جميعاً أن نرحب بضيفنا الكريم فحياكم الله يا شيخ عبد الله !

الشيخ: حياكم الله وبالإخوة المستمعين والمستمعات.

المقدم: أيضاً أرحب بالإخوة الحاضرين معنا في الأستوديو وأرحب بالإخوة والأخوات على موقع الأكاديمية من خلال استقبال أسئلتكم واقتراحاتكم وتوجيهاتكم وإجاباتكم أيضاً وعرضها على ضيفنا الكريم، كما أسعد أيضاً بتلقي اتصالات الإخوة والأخوات المشاهدين والمشاهدات على أرقام الهواتف والتي ستعرض تباعاً بين الفينة والأخرى، وعلى بركة الله نستهل درس هذا اليوم.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً يا كريم، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

وبعد:

أحبتي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقد وصلنا في باب الفدية إلى نهاية الباب، وقد وصلنا إلى قول المؤلف: [وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم، إلا فدية الأذى فإنه يفرقها في الموضع الذي حلق به. وهدي المحصر ينحره في موضعه، وأما الصيام فيجزئه بكل حال].

في كلام المؤلف هنا مسائل:

مكان ذبح الهدي والإطعام في فدية الأذى

الشيخ: المسألة الأولى: ترك ما كان واجباً على المرء فعله يقسم إلى أقسام:

القسم الأول: ما كان من هدي كهدي التمتع والقران أو ما كان فيه إطعام من فدية الأذى أو غيره، فالمؤلف رحمه الله يقول: ( فهو لمساكين الحرم ) يعني: يجب على المسلم أن يذبحه في الحرم؛ لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، ولما جاء عند مسلم وغيره من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نحرت هاهنا ومنى كلها فجاج ومنحر )، ولقول ابن عباس رضي الله عنه كما رواه البيهقي وغيره قال: ( الهدي والطعام بمكة والصوم حيث شاء ) وعلى هذا فإذا كان على المسلم هدي كهدي التمتع والقران فإنه يجب عليه أن يذبحه في الحرم؛ لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، وللحديث الذي مر معنا، وكذلك الإطعام، فإذا وجد عليه الإطعام فإنه حينئذ يطعمه فقراء الحرم.

مكان ذبح الشاة في فدية الأذى

الشيخ: القسم الثاني: فدية الأذى، ومعنى فدية الأذى هي: ما يفعله المسلم متعمداً -لعذر أو لغير عذر- من محظورات الإحرام، حينها يجب عليه أن يكفر لأجل فعل الفدية، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: ( أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو اذبح شاة أو صم ثلاثة أيام ) فالشاة هنا في فدية الأذى يقول المؤلف: (يفرقها في الموضع الذي حلق فيه)، يعني: حين وجد سببه كما قال صاحب الروض، فلو أن مسلماً احتاج إلى لبس الفدية في الميقات فله أن يذبحه في الميقات، وإذا احتاج إلى فعل الفدية في الحرم فإنه يذبحها في الحرم، هذا هو مذهب الحنابلة ومذهب المالكية.

وذهب الحنفية والشافعية إلى أنه يذبحها في الحرم ويوزعها على فقراء الحرم، والأقرب والله أعلم أن له أن يذبحها كيف شاء إلا أن الأفضل أن يذبحها في الحرم؛ لأن ذبحها في الحرم أفضل من غيرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث الهدي من غير حج ولا عمرة فتذبح في الحرم، إلا أنه يجوز له في فدية الأذى أن يذبحها خارج الحرم، ودليل ذلك: حديث كعب بن عجرة الذي رواه البخاري و مسلم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى القمل يتناثر على وجهه، قال: ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك ما أرى، أتجد شاة؟ قال: لا فأنزل الله قوله تعالى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196]، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار أيها شاء )، وفي بعض الروايات: ( أنه ذبح شاة )، ومعلوم أن كعب بن عجرة حينما أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان زمنها زمن الحديبية، ومن المعلوم قطعاً عند الكافة والخاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية منع من دخول الحرم، فهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره أن يبعث بهذا الهدي ليذبحه في الحرم، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

مكان ذبح هدي الإحصار

الشيخ: القسم الثالث: هدي الإحصار، يقول المؤلف: ( وهدي المحصر ينحره في موضعه )، يعني: في موضعه الذي أحصر فيه، هذا هو مذهب جماهير الفقهاء خلافاً للأحناف وغيرهم، ومما يدل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه العزيز يوم الحديبية: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح:25].

ومن المعلوم أن محل النحر في الحرم؛ لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، وعلى هذا فإن من أحصر له أن يذبحه في المكان الذي أحصر فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حينما أمروا بالهدي فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] حينما أمروا ذبحوها، وقد جاء في رواية الإمام أحمد أنهم كانوا في الحل، والله أعلم.

مكان صيام فدية الأذى

الشيخ: يقول المؤلف: ( وأما الصيام فيجزئه بكل مكان )، ولا نعلم بذلك خلافاً كما أشار إلى ذلك ابن المنذر و ابن قدامة ومعنى الصيام هنا هو صيام فدية الأذى، أما صيام الهدي فإننا نعلم أنه يصوم إذا لم يجد هدي التمتع ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، يعني: يجب عليه أن يصوم السبعة إذا رجع، يعني: حين الانتهاء من الأنساك فإنه يشرع في الصوم، كما هو مذهب الجمهور خلافاً للشافعية، وكذلك الثلاثة الأيام يجب عليه أن يصومها في الحرم أو يصومها في مكة، ودليل ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه قال: (الدم والطعام بمكة، والصوم حيث شاء)، ودليل ذلك من العقل: أن الصيام لا يتعدى نفعه إلى غيره، إنما يتعدى النفع لصاحب الصوم نفسه، فإذا لم يتعد الصوم إلى غيره فلا معنى لتخصيصه بمكان.

توجيه لمن يذبح هديه خارج الحرم

الشيخ: ومما ينبغي التنبيه إليه إذا ثبت هذا فإن بعض الإخوة هداهم الله يتساهلون في ذبح الهدي الذي وجب عليهم كالمتمتعين والقارنين حيث إنهم لا يذبحونها في منطقة الحرم، فلربما ذهبوا إلى مكان في الشرائع يباع فيه الأضاحي والهدي، وربما تساهلوا فذهبوا إلى بعض الأشجار واستظلوا بها وذبحوها، فإذا هي خارج منطقة الحرم، ولهذا ذهب جماهير أهل العلم إلى أنه يجب عليه أن يعيد هذا الهدي؛ لأن الله أمرهم بذلك لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( نحرت هاهنا ومنى كلها فجاج ومنحر )، وهذا هو فتوى اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله تعالى عليه وعلى جميع أئمة الإسلام في القديم والحديث.

هنا نكون قد انتهينا من باب الفدية، وندخل في باب: دخول مكة.

وأنا أتأسف للإخوة حينما لم نستطلع هذا الكتاب قبل الحج، ولكن عذرنا أننا استفدنا فائدة عظيمة؛ وهي أن نعرف أثر اختلاف أهل العلم وفائدة اختلاف أهل العلم وأنهم كلهم ينحى بما يدل عليه دليل من كتاب أو سنة، ويعرف طالب العلم كيف يحاول أن ينمي قدرته الفقهية، وكيف يستطيع أن يرد على هذه الأقوال؛ لأننا في زمن أصبح العالم قرية واحدة فأصبح الناس يسمعون الدليل الموجب والدليل المحرم، فلا بد أن يعرف كيف يستدل وكيف يناقش.

الشيخ: المسألة الأولى: ترك ما كان واجباً على المرء فعله يقسم إلى أقسام:

القسم الأول: ما كان من هدي كهدي التمتع والقران أو ما كان فيه إطعام من فدية الأذى أو غيره، فالمؤلف رحمه الله يقول: ( فهو لمساكين الحرم ) يعني: يجب على المسلم أن يذبحه في الحرم؛ لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، ولما جاء عند مسلم وغيره من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نحرت هاهنا ومنى كلها فجاج ومنحر )، ولقول ابن عباس رضي الله عنه كما رواه البيهقي وغيره قال: ( الهدي والطعام بمكة والصوم حيث شاء ) وعلى هذا فإذا كان على المسلم هدي كهدي التمتع والقران فإنه يجب عليه أن يذبحه في الحرم؛ لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، وللحديث الذي مر معنا، وكذلك الإطعام، فإذا وجد عليه الإطعام فإنه حينئذ يطعمه فقراء الحرم.

الشيخ: القسم الثاني: فدية الأذى، ومعنى فدية الأذى هي: ما يفعله المسلم متعمداً -لعذر أو لغير عذر- من محظورات الإحرام، حينها يجب عليه أن يكفر لأجل فعل الفدية، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: ( أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو اذبح شاة أو صم ثلاثة أيام ) فالشاة هنا في فدية الأذى يقول المؤلف: (يفرقها في الموضع الذي حلق فيه)، يعني: حين وجد سببه كما قال صاحب الروض، فلو أن مسلماً احتاج إلى لبس الفدية في الميقات فله أن يذبحه في الميقات، وإذا احتاج إلى فعل الفدية في الحرم فإنه يذبحها في الحرم، هذا هو مذهب الحنابلة ومذهب المالكية.

وذهب الحنفية والشافعية إلى أنه يذبحها في الحرم ويوزعها على فقراء الحرم، والأقرب والله أعلم أن له أن يذبحها كيف شاء إلا أن الأفضل أن يذبحها في الحرم؛ لأن ذبحها في الحرم أفضل من غيرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث الهدي من غير حج ولا عمرة فتذبح في الحرم، إلا أنه يجوز له في فدية الأذى أن يذبحها خارج الحرم، ودليل ذلك: حديث كعب بن عجرة الذي رواه البخاري و مسلم ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى القمل يتناثر على وجهه، قال: ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك ما أرى، أتجد شاة؟ قال: لا فأنزل الله قوله تعالى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196]، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار أيها شاء )، وفي بعض الروايات: ( أنه ذبح شاة )، ومعلوم أن كعب بن عجرة حينما أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان زمنها زمن الحديبية، ومن المعلوم قطعاً عند الكافة والخاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية منع من دخول الحرم، فهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره أن يبعث بهذا الهدي ليذبحه في الحرم، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

الشيخ: القسم الثالث: هدي الإحصار، يقول المؤلف: ( وهدي المحصر ينحره في موضعه )، يعني: في موضعه الذي أحصر فيه، هذا هو مذهب جماهير الفقهاء خلافاً للأحناف وغيرهم، ومما يدل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه العزيز يوم الحديبية: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح:25].

ومن المعلوم أن محل النحر في الحرم؛ لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، وعلى هذا فإن من أحصر له أن يذبحه في المكان الذي أحصر فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حينما أمروا بالهدي فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] حينما أمروا ذبحوها، وقد جاء في رواية الإمام أحمد أنهم كانوا في الحل، والله أعلم.

الشيخ: يقول المؤلف: ( وأما الصيام فيجزئه بكل مكان )، ولا نعلم بذلك خلافاً كما أشار إلى ذلك ابن المنذر و ابن قدامة ومعنى الصيام هنا هو صيام فدية الأذى، أما صيام الهدي فإننا نعلم أنه يصوم إذا لم يجد هدي التمتع ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، يعني: يجب عليه أن يصوم السبعة إذا رجع، يعني: حين الانتهاء من الأنساك فإنه يشرع في الصوم، كما هو مذهب الجمهور خلافاً للشافعية، وكذلك الثلاثة الأيام يجب عليه أن يصومها في الحرم أو يصومها في مكة، ودليل ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه قال: (الدم والطعام بمكة، والصوم حيث شاء)، ودليل ذلك من العقل: أن الصيام لا يتعدى نفعه إلى غيره، إنما يتعدى النفع لصاحب الصوم نفسه، فإذا لم يتعد الصوم إلى غيره فلا معنى لتخصيصه بمكان.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
عمدة الفقه - كتاب الحج [3] 2652 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [1] 2536 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [1] 2451 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [17] 2398 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [4] 2317 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [16] 2171 استماع
عمدة الفقه - كتاب النكاح [5] 2167 استماع
عمدة الفقه - كتاب البيع [4] 2130 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [2] 2112 استماع
عمدة الفقه - كتاب الحج [21] 2108 استماع