برنامج معكم على الهواء - الشركات المساهمة ما لها وما عليها


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم إلى حلقة هذا اليوم في برنامجكم المباشر معكم على الهواء.

هذه تحايا عطرة أنقلها لكم من فريق العمل المشارك في هذه الحلقة: من تنسيق إذاعة القرآن الكريم للزملاء جمعان بن ناصر الجمعان و أحمد الرسي وأستديو الإذاعة في التنفيذ على الهواء الأستاذ صالح بن علي القصيري ، الإشراف الهندسي سعود بن إبراهيم الجربوع ، الصيانة سعد البيشي و منصور الطلحة ، في المراقبة الرئيسة خالد بن إبراهيم الجربوع، بالتنفيذ على الهواء عبد الله بن الشويش الشويش ، وفي الإخراج إسماعيل بن محمد البهيجان، ومن المتابعة مدير إذاعة القرآن الكريم الأستاذ عبد الله بن محمد الدوسري، ولكم التحية من معد ومقدم هذه الحلقة محدثكم ناصر بن محمد الشيباني فأهلاً ومرحباً بكم.

أحبتنا الكرام! تمر بالمجتمعات المدنية جملة من المتغيرات والمستجدات على شتى الصُعد ومختلف النواحي، بعض هذه المستجدات تحرك نحوها المجالس بأحاديثها والصحف بأقوالها ومقالاتها، والأخبار بعناوينها، والناس باهتمامهم ومتابعتهم، وتُحدث ضجة كبيرة وتُثير أصداء واسعة. من هذه الأمور ما يسمى بالاكتتاب والمساهمة في الشركات أو حركة بيع وشراء الأسهم، فقد أحدثت هذه الحركة مؤخراً ضجة إعلامية على مستويات كبيرة، وما ذاك إلا نتيجة مغريات عدة وراء السعي نحو الربح السريع والمتاجرة الميسرة.

أمام هذا السعي نجد البعض يجهل أو يتجاهل كثيراً من الأحكام والضوابط الشرعية في باب المساهمة في هذه الشركات، وموضوع حلقتنا كما تعلمون حول الشركات المساهمة ما لها وما عليها، وضيفنا في الاستديو هو فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي - عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء.

باسمكم جميعاً نرحب بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله فأهلاً ومرحباً بكم.

الشيخ: حياكم الله.

المقدم: نكرر ترحيبنا بكم يا شيخ! وبالإخوة المستمعين معنا عبر تواصلهم بالمشاركات الهاتفية، أو عن طريق الفاكس، وهذه المشاركات التي تحمل إضافات أو أسئلة أو استفسارات حول المحاور التي سنتطرقها معكم يا شيخ عبد الله!

بداية كمدخل لهذه الحلقة يا شيخ عبد الله! ودنا أن نعرف الإخوة المستمعين المراد بالشركة المساهمة، ما هي الشركة المساهمة وما هي خصائصها؟ تفضل.

المقصود بالشركات المساهمة

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:

فالشركة المساهمة شركة حدثت بسبب التطورات الاقتصادية، وبسبب ما يحتاجه الناس في كل زمان ومكان، والشركة المساهمة لم تكن لها ذكر في كتب الفقهاء، وهي التي: يكون رأس مالها مقسماً إلى أجزاء متساوية القيمة، كل جزء منها يسمى سهماً قابلاً للتداول، ولا يكون كل شريك فيها مسئولاً إلا بمقدار حصته في رأس المال، وهي بهذا التعريف تكون من شركات الأموال التي لا تعتمد على العنصر الشخصي، وإنما تعتمد على ما يقدمه كل شريك من حصته في رأس المال دون النظر إلى شخصه، بخلاف شركات الأشخاص التي يُنظر فيها إلى الشخص الطبيعي مثل: شركات العنان وشركة المفاوضة وغيرها من الشركات التي ذكرها الفقهاء، فالعنصر الشخصي له أثر فيها؛ لأنك إذا نظرت إلى الشخص أصبح متضامناً لجميع ماله الذي له في هذه الشركة وغيرها من شركاته وأمواله، بخلاف الشركات المساهمة فإن العلاقة بينها وبين مساهميها إنما بقدر حصصهم من رأس المال.

بسبب التطور أصبح للشركة المساهمة قسمان:

القسم الأول: مسئوليتها المحدودة، ومعنى مسئوليتها المحدودة أن مسئولية الشريك في الشركة المساهمة تتحدد بقدر القيمة الاسمية لما يملكه من أسهم في رأس مال الشركة، فلا يُسأل الشريك عن خسائر الشركة إلا بمقدار الأسهم التي يملكها، وإفلاس الشركة لا يترتب عليه إفلاس الشركاء.

القسم الثاني: الشخصية الاعتبارية للشركة المساهمة بمعنى أن الشركة المساهمة لها شخصية يصنعها النظام، ويضفي عليها كثيراً من سمات وصفات الأشخاص الطبيعيين، فيجعل لها ذمة مالية صالحة بأن تكون لها التزامات وعليها حقوق، ويجعل لها اسماً وحياة قانونية وجنسية وموطناً، فتكون الشركة كأنها شخص من الأشخاص، فهي كيان مستقل لها علاقة بالمساهمين، ويقوم أعضاء مجلس الإدارة بالبيع والشراء وأنواع التعاقدات لها هي.

خصائص الشركات المساهمة

الشركة المساهمة لها خصائص:

أولاً: أن رأس مالها مقسم إلى أجزاء متساوية.

ثانياً: المسئولية المحدودة للشركاء.

ثالثاً: أن اسمها لا يؤخذ من الشركاء أنفسهم بل يكون لها اسم خاص.

حكم تأسيس الشركات المساهمة

المقدم: جميل، بارك الله فيكم، ذكرتم أن هذه الشركات بهذا النظام هو مُحدث نتيجة التطورات لكن ما هو المستند الشرعي لجواز تأسيس مثل هذه الشركات؟ وهذا يقودنا أيضاً إلى قضية السؤال عن الحكم هل يجوز تأسيسه أولاً؟

الشيخ: الشركة المساهمة بهذا الكيان والخصائص كما ذكرت غير مذكورة في كتب الفقهاء، فهي وليدة التطورات الاقتصادية، فغالب الشركات العملاقة لا تستطيع الحكومات ولا الأفراد إنشاءها، فجاءت فكرة هذه الشركة حتى تعمل بالمشاريع العملاقة كي يدخل فيها أعداد كبيرة لهم حقوق متساوية من أرباح وغيرها.

وقد حاول بعض الفقهاء والمعاصرين والباحثين في تكييف الشركة المساهمة على أنها شركة عنان أو عنان ومضاربة؛ لأن الشركة المساهمة يوجد فيها مساهمون دفعوا مالاً ليتجر آخرون بالمال، فالمساهمون منهم المال، والتجارة بالمال من غيرهم، وفيها أيضاً أعضاء مجلس الإدارة، وهم القائمون بالعمل، وقد نص نظام الشركات السعودي على أن مجلس الإدارة يجب أن يكون مساهماً فإذا كان يأخذ مكافآت نسبية من الربح كانت عناناً ومضاربة؛ لأن من أعضاء مجلس الإدارة عمل ومال، ومن المساهمين المال، فهي جمعت بين عنان ومضاربة، وإن قلنا: إن مجلس الإدارة يأخذ أجرة أو مكافأة ولا يكون مساهماً تكون حينئذٍ شركة عنان؛ لأن مجلس الإدارة حينئذٍ يعمل بالوكالة عن جميع الشركاء، والوكالة بالأجر جائزة، وبعضهم يخالف في ذلك، وأرى أنه لا داعي لأن نتكلف في التخريج الفقهي للشركة المساهمة؛ بل نقول: إن الشركة المساهمة من الشركات الجديدة في الفقه الإسلامي؛ لأن هذا أدعى للتخريج الفقهي وحتى لا نُلزم بالتزامات في شركة العنان لا توجد في الشركة المساهمة.

وإذا كان الشركاء يتساوون في الحقوق والالتزامات والربح في حصة مشاعة بينهم، وليس في هذه الشركة ربا ولا غرر ولا جهالة، وقائمة على التراضي فيما بينهما، فالأصل في العقود والشروط هو الصحة والجواز، وكون الشركاء لا يسألون إلا بمقدار حصصهم من رأس المال بخلاف شركة العنان فإن هذا اتفاق فيما بينهم فرضته المدنية المعاصرة، وقننه وضبطه وأصله النظام الذي يسير عليه الناس، فهذا اتفاق جائز و(المؤمنون على شروطهم)، والأصل في العقود والشروط الصحة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية .

لو سمحت لي يا شيخ ياسر ! كون المساهم يبيع حصته في السوق المالية مع أن السهم يمثل أحياناً نقوداً أو ديوناً على الشركة، فهذا لا بأس به؛ لأن بعض الناس شكك في الشركة المساهمة قال: لأن عند الشركة ديوناً ونقوداً فلا يجوز أصلاً تأسيس هذه الشركة.

وأرى أن هذه النقود الموجودة في الشركة إذا كانت الشركة تعمل العمل الذي أنشئت من أجله، فهذه النقود غير مقصودة فتدخل تبعاً، والقاعدة الشرعية تقول: يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، وهذه القاعدة معتبرة في الشريعة بالمبدأ الذي وضعت لأجله، وقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع عبداً وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع )، فالنبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي جوز بيع العبد مع ماله بثمن نقدي ولم يراعِ في ذلك مسألة الصرف؛ لأن مع العبد مالاً ولم يقل: إذا كان المال الذي مع العبد كثيراً أو قليلاً أو ديناً أو عيناً؛ لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.

وبعضهم شكك في الشركة المساهمة بأن قال: ليس لها أصل في الفقه الإسلامي حيث إن الناس لا يلتزمون إلا بما قدموا من أموال.

فنقول: الأصل في العقود الصحة فإذا دخل الناس في هذه الشركة على أنهم ملزمون فقط بأموالهم فكما قال ابن تيمية رحمه الله والأصل في هذا أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه، كما لا يشرع لهم من العبادات التي يتقربون بها إلى الله إلا ما دل الكتاب والسنة على تشريعه، وقال أيضاً: الأصل في الشروط الصحة واللزوم إلا ما دل الدليل على خلافه.

ومما يدل أيضاً على أن الشركة المساهمة لها أصل في الفقه الإسلامي قضية التخارج بين الورثة، فالمرأة إذا أرادت أن تخرج من الورثة ولا تنتظر إلى التصفية فتطلب من الورثة أن يعطوها مبلغاً من المال، مع العلم أن الميراث فيه نقود وفيه عقار وعليه ديون وقع فهذا جائز، وقد جاء أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته تماضر بنت الأصبغ، فقضى عثمان رضي الله عنه أن لها ونسوة معها الميراث فتصالح الورثة مع تماضر فأعطوها جزءاً من مالها، وهذا يعتبر صلحاً وهو مخارجة، مع العلم أن ثمة في الميراث ديناً ونقوداً وغير ذلك، وهذا الحديث أخرجه البيهقي، وهذا يدل على أن التخارج أصل من أصول الشريعة، وهو يدل أيضاً على جواز الشركة المساهمة.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:

فالشركة المساهمة شركة حدثت بسبب التطورات الاقتصادية، وبسبب ما يحتاجه الناس في كل زمان ومكان، والشركة المساهمة لم تكن لها ذكر في كتب الفقهاء، وهي التي: يكون رأس مالها مقسماً إلى أجزاء متساوية القيمة، كل جزء منها يسمى سهماً قابلاً للتداول، ولا يكون كل شريك فيها مسئولاً إلا بمقدار حصته في رأس المال، وهي بهذا التعريف تكون من شركات الأموال التي لا تعتمد على العنصر الشخصي، وإنما تعتمد على ما يقدمه كل شريك من حصته في رأس المال دون النظر إلى شخصه، بخلاف شركات الأشخاص التي يُنظر فيها إلى الشخص الطبيعي مثل: شركات العنان وشركة المفاوضة وغيرها من الشركات التي ذكرها الفقهاء، فالعنصر الشخصي له أثر فيها؛ لأنك إذا نظرت إلى الشخص أصبح متضامناً لجميع ماله الذي له في هذه الشركة وغيرها من شركاته وأمواله، بخلاف الشركات المساهمة فإن العلاقة بينها وبين مساهميها إنما بقدر حصصهم من رأس المال.

بسبب التطور أصبح للشركة المساهمة قسمان:

القسم الأول: مسئوليتها المحدودة، ومعنى مسئوليتها المحدودة أن مسئولية الشريك في الشركة المساهمة تتحدد بقدر القيمة الاسمية لما يملكه من أسهم في رأس مال الشركة، فلا يُسأل الشريك عن خسائر الشركة إلا بمقدار الأسهم التي يملكها، وإفلاس الشركة لا يترتب عليه إفلاس الشركاء.

القسم الثاني: الشخصية الاعتبارية للشركة المساهمة بمعنى أن الشركة المساهمة لها شخصية يصنعها النظام، ويضفي عليها كثيراً من سمات وصفات الأشخاص الطبيعيين، فيجعل لها ذمة مالية صالحة بأن تكون لها التزامات وعليها حقوق، ويجعل لها اسماً وحياة قانونية وجنسية وموطناً، فتكون الشركة كأنها شخص من الأشخاص، فهي كيان مستقل لها علاقة بالمساهمين، ويقوم أعضاء مجلس الإدارة بالبيع والشراء وأنواع التعاقدات لها هي.

الشركة المساهمة لها خصائص:

أولاً: أن رأس مالها مقسم إلى أجزاء متساوية.

ثانياً: المسئولية المحدودة للشركاء.

ثالثاً: أن اسمها لا يؤخذ من الشركاء أنفسهم بل يكون لها اسم خاص.

المقدم: جميل، بارك الله فيكم، ذكرتم أن هذه الشركات بهذا النظام هو مُحدث نتيجة التطورات لكن ما هو المستند الشرعي لجواز تأسيس مثل هذه الشركات؟ وهذا يقودنا أيضاً إلى قضية السؤال عن الحكم هل يجوز تأسيسه أولاً؟

الشيخ: الشركة المساهمة بهذا الكيان والخصائص كما ذكرت غير مذكورة في كتب الفقهاء، فهي وليدة التطورات الاقتصادية، فغالب الشركات العملاقة لا تستطيع الحكومات ولا الأفراد إنشاءها، فجاءت فكرة هذه الشركة حتى تعمل بالمشاريع العملاقة كي يدخل فيها أعداد كبيرة لهم حقوق متساوية من أرباح وغيرها.

وقد حاول بعض الفقهاء والمعاصرين والباحثين في تكييف الشركة المساهمة على أنها شركة عنان أو عنان ومضاربة؛ لأن الشركة المساهمة يوجد فيها مساهمون دفعوا مالاً ليتجر آخرون بالمال، فالمساهمون منهم المال، والتجارة بالمال من غيرهم، وفيها أيضاً أعضاء مجلس الإدارة، وهم القائمون بالعمل، وقد نص نظام الشركات السعودي على أن مجلس الإدارة يجب أن يكون مساهماً فإذا كان يأخذ مكافآت نسبية من الربح كانت عناناً ومضاربة؛ لأن من أعضاء مجلس الإدارة عمل ومال، ومن المساهمين المال، فهي جمعت بين عنان ومضاربة، وإن قلنا: إن مجلس الإدارة يأخذ أجرة أو مكافأة ولا يكون مساهماً تكون حينئذٍ شركة عنان؛ لأن مجلس الإدارة حينئذٍ يعمل بالوكالة عن جميع الشركاء، والوكالة بالأجر جائزة، وبعضهم يخالف في ذلك، وأرى أنه لا داعي لأن نتكلف في التخريج الفقهي للشركة المساهمة؛ بل نقول: إن الشركة المساهمة من الشركات الجديدة في الفقه الإسلامي؛ لأن هذا أدعى للتخريج الفقهي وحتى لا نُلزم بالتزامات في شركة العنان لا توجد في الشركة المساهمة.

وإذا كان الشركاء يتساوون في الحقوق والالتزامات والربح في حصة مشاعة بينهم، وليس في هذه الشركة ربا ولا غرر ولا جهالة، وقائمة على التراضي فيما بينهما، فالأصل في العقود والشروط هو الصحة والجواز، وكون الشركاء لا يسألون إلا بمقدار حصصهم من رأس المال بخلاف شركة العنان فإن هذا اتفاق فيما بينهم فرضته المدنية المعاصرة، وقننه وضبطه وأصله النظام الذي يسير عليه الناس، فهذا اتفاق جائز و(المؤمنون على شروطهم)، والأصل في العقود والشروط الصحة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية .

لو سمحت لي يا شيخ ياسر ! كون المساهم يبيع حصته في السوق المالية مع أن السهم يمثل أحياناً نقوداً أو ديوناً على الشركة، فهذا لا بأس به؛ لأن بعض الناس شكك في الشركة المساهمة قال: لأن عند الشركة ديوناً ونقوداً فلا يجوز أصلاً تأسيس هذه الشركة.

وأرى أن هذه النقود الموجودة في الشركة إذا كانت الشركة تعمل العمل الذي أنشئت من أجله، فهذه النقود غير مقصودة فتدخل تبعاً، والقاعدة الشرعية تقول: يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، وهذه القاعدة معتبرة في الشريعة بالمبدأ الذي وضعت لأجله، وقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع عبداً وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع )، فالنبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي جوز بيع العبد مع ماله بثمن نقدي ولم يراعِ في ذلك مسألة الصرف؛ لأن مع العبد مالاً ولم يقل: إذا كان المال الذي مع العبد كثيراً أو قليلاً أو ديناً أو عيناً؛ لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.

وبعضهم شكك في الشركة المساهمة بأن قال: ليس لها أصل في الفقه الإسلامي حيث إن الناس لا يلتزمون إلا بما قدموا من أموال.

فنقول: الأصل في العقود الصحة فإذا دخل الناس في هذه الشركة على أنهم ملزمون فقط بأموالهم فكما قال ابن تيمية رحمه الله والأصل في هذا أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه، كما لا يشرع لهم من العبادات التي يتقربون بها إلى الله إلا ما دل الكتاب والسنة على تشريعه، وقال أيضاً: الأصل في الشروط الصحة واللزوم إلا ما دل الدليل على خلافه.

ومما يدل أيضاً على أن الشركة المساهمة لها أصل في الفقه الإسلامي قضية التخارج بين الورثة، فالمرأة إذا أرادت أن تخرج من الورثة ولا تنتظر إلى التصفية فتطلب من الورثة أن يعطوها مبلغاً من المال، مع العلم أن الميراث فيه نقود وفيه عقار وعليه ديون وقع فهذا جائز، وقد جاء أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته تماضر بنت الأصبغ، فقضى عثمان رضي الله عنه أن لها ونسوة معها الميراث فتصالح الورثة مع تماضر فأعطوها جزءاً من مالها، وهذا يعتبر صلحاً وهو مخارجة، مع العلم أن ثمة في الميراث ديناً ونقوداً وغير ذلك، وهذا الحديث أخرجه البيهقي، وهذا يدل على أن التخارج أصل من أصول الشريعة، وهو يدل أيضاً على جواز الشركة المساهمة.

المقدم: ذكرتم يا شيخ عبد الله! في معرض حديثكم تعريف الشركة المساهمة وخصائصها أن الشركة يتشكل رأس مالها بناء على مجموعة من الأسهم متساوية القيمة، نريد منكم بيان أو تعريف السهم.. ما حقيقته؟ وما هي خصائصه؟

تعريف السهم

الشيخ: السهم: يعتبر حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة المساهمة، أو هو حصة مشاعة من مكونات الشركة ليشمل بذلك الموجودات والحقوق والالتزامات والامتيازات والديون والأرباح.

وعرفه بعضهم: بأنه صك يمثل رصيداً عينياً أو نقدياً في رأس مال الشركة قابل للتداول يعطي مالكه حقوقاً خاصة، فالسهم يطلق على معنيين:

الأول: نصيب الشريك في موجودات الشركة.

الثاني: الصك أو الورقة المكتوب فيها الحق المثبت للمساهم، ومع أن الجميع متفقون على أن الورقة المالية أعني بها السهم هي حصة مشاعة من مكونات الشركة، وهناك نظرة اقتصادية بحتة لا يعول عليها جعلت السهم عبارة عن صك يثبت حقاً مجرداً للمساهم في الشركة في الأرباح والتسويق فقط، ولا أجدني مضطراً للرد على هذا القول في تعريف السهم؛ لأن مآلاته تؤول إلى أشياء عظيمة من جواز تداول أسهم البنوك الربوية، مع العلم أنه بسبب ضغط الواقع، والاستماتة على تصحيح أخطاء الناس وجد لهذه الفكرة من يحييها ويحاول تكييفها، وأنا دائماً أقول إن المشكلة أن بعض الناس إذا وجد بعض الفوارق الشكلية يحاول يجعل لهذه الفوارق حكماً مختلفاً عن مثيلاتها.

أقول: ومع تطور المعاملات التجارية وقابلية التداول بالسهم والتسيير بسهولة، جعلت الكثير من التجار يبيع ويشتري في هذه الأسهم باعتبار قيمتها السوقية، بغض النظر عما تمثله هذه الأسهم في موجودات الشركة، فهم لا ينظرون إلى هذه الشركة أهي شركة تجارية أم صناعية أم عندها نقود أو غير ذلك؛ بل يبيع ويشتري وينظر إلى الفرق بين العرض والطلب، وبين سعر الشراء وسعر البيع فيبيع.

خلاف العلماء في حقيقة السهم

من أجل هذه التطورات ونظرة التجار إلى هذه الأسهم بيعاً وشراء وقع الخلاف بين العلماء في تكييف السهم أو في حقيقة هذا السهم مع اتفاقهم أن الحصة مشاعة من صافي موجودات الشركة، والخلاف على قولين:

القول الأول: قالوا: إن الاعتبار بالأسهم على أنها عروض تجارة، ولا ينظر إلى ما تمثله هذه الأسهم من حصص في أموال الشركة، فالأسهم اتخذت للاتجار بها، فإن صاحبها يتجر فيها بالبيع والشراء، ويكسب منها كما يكسب كل تاجر من سلعته، وهذا مذهب قال به الشيخ جاد الحق مفتي مصر العربية في وقته وغيره من الباحثين الاقتصاديين. وقد استدلوا على ذلك بأن الأسهم أصبحت سلعاً تباع وتشترى، وصاحبها يكسب منها كما يكسب كل تاجر من سلعته، وقيمتها الحقيقية التي تقدر في الأسواق تختلف في البيع والشراء عن قيمتها الاسمية.

ومعنى هذا القول: أنه لا بأس بشراء الأسهم بالآجل، أو بالتفاضل، حتى لو كانت الشركة فيها نسبة من الربا كثرت أم قلت؛ لأن الإنسان لا علاقة له بإدارة الشركة.

وهذا القول فيه مآلات عظيمة كبيرة ربما لا يلتزم بها أصحاب هذا القول، والجواب على هذا القول أن يقال: كون السهم قابلاً للتداول لا يخرجه عن ماهيته وحقيقته الشرعية، فالنقود مثلاً: كالدولار والريال والجنيه والين واليورو أصبحت سلعاً تباع وتشترى، ومع ذلك لم يقل أحد من أهل العلم المعاصرين -وإن كان هناك خلاف- أن الدولار أو أن الريال يمثل عروضاً تجارية.

القول الثاني: أن السهم يمثل حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة، وهذا ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة في دورته الرابعة وكذا المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي.

واستدلوا على ذلك بأن صك السهم -وهي الورقة المالية- ما هي إلا مستند لإثبات حق المساهم فلا قيمة لها، يعني: لا قيمة لهذا الصك في نفسه، وإنما بما تمثله من موجودات الشركة، ثم إن ملكية الشركاء لأموال الشركة ملكية حقيقية، وليست حقاً مجرداً، فيحق لحامل الورقة أو السهم التصرف في حصته بيعاً وشراء وهبة وغير ذلك.

ويترتب على هذا الخلاف جواز بيع أسهم الشركات حديثة التأسيس؛ لأن الشركة إذا كانت حديثة التأسيس على القول بأن السهم عروض تجارة، لا ينظر إلى أن أكثرها نقود أو أكثرها موجودات؛ لأنه جعل السهم عروض تجارة مع أن أكثر الفقهاء المعاصرين وأكثر المجامع الفقهية على عدم جواز بيع أسهم الشركات حديثة التأسيس كما سوف نتطرق إليه إن شاء الله لاحقاً.

حكم تداول أسهم الشركات

المقدم: وردتنا مجموعة من الفاكسات من الإخوة المستمعين لعلنا نخصص لها الجزء الأول من حلقتنا في هذا اليوم لاستعراضها والإجابة عنها مع فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي.

شيخ عبد الله ! الشركات المساهمة تختلف من حيث الغرض من إنشائها أو الغرض الذي تعمل فيه، من أعمال مباحة وأخرى محرمة، هل هذا التفريق له أثر من حيث الحكم الشرعي في تداول هذه الأسهم؟ بمعنى: ما حكم تداول أسهم الشركات؟ هل هناك حكم يطلق جملة على هذا الأمر أو أن هناك تفصيلاً بحسب نشاط الشركة؟

الشيخ: تحدثنا قبل هذا أن الأصل في إنشاء الشركة المساهمة الأصل الجواز وذكرنا أدلة ذلك، لكن يبقى الإشكال: ما هي الشركة المساهمة التي يجوز التداول فيها أو التي لا يجوز التداول فيها؟

أحب قبل البدء في هذه المسألة أن أحرر محل النزاع حتى يعلم المستمع الكريم أن ثمة إجماعاً من أهل العلم في بعض المسائل وبعضها فيها خلاف:

أولاً: لا أعلم خلافاً بين الفقهاء المعاصرين ممن يعتد بخلافه في حرمة أن المساهمة في الشركات التي نص عقدها التأسيسي على المتاجرة بالمحرمات والأنشطة، المحرمة وغرضها المتاجرة بالمحرم كالمتاجرة بالربا، وشركات التبغ، ولحوم الخنزير، وشركات الخمور، فلا يجوز الدخول في هذه الشركة ابتداء.

ثانياً: أن الاشتراك في تأسيس شركات يكون من غرضها أن تتعامل في جملة من المعاملات المحرمة، أو كان منصوصاً في نظامها على جواز ذلك أنه لا يجوز الدخول في تأسيس هذه الشركة.

ثالثاً: لا أعلم أحداً من العلماء المعاصرين له رأي مكتوب يرى جواز التعامل في مثل هذه الشركات المختلطة التي تتعامل بالربا قرضاً واقتراضاً، وإن كان غرضها الأساسي الإباحة، لم يقل أحد منهم، بالجواز من غير وضع ضوابط أو من غير وجوب إخراج نسبة المحرم من ماله بل كلهم يرون وجوب إخراج النسبة المحرمة أو التي يغلب على الظن حرمتها.

رابعاً: أن المسلم القادر على منع مزاولة الشركات لهذه الأنشطة المحرمة إما بالتصويت وإما بالتأثير في أعضاء مجلس الإدارة واجب، وأن ترك ذلك التأثير منه يعتبر محرماً؛ لأنه أعانهم على المحرم ولم ينكر المنكر في ذلك.

خامساً: أن أعضاء مجلس الإدارة الذين يعملون بالربا وأقروه وجعلوه عملاً سائراً معهم يعتبرون واقعين في الإثم والعدوان.

هذه الملاحظات أو هذه النقاط أرى أنها من الأهمية بمكان حتى نعرف أن ثمة إجماعاً من أهل العلم في بعض المسائل؛ لأن الواقع أن الذين يتعاملون في الشركات المختلطة يتعاملون فيها بحجة أن المشايخ أفتوا بها، والمشايخ لم يفتوا بها على سبيل العموم؛ بل أوجبوا الخروج منها، أو إخراج نسبة الربا إذا كانت معلومة: النصف أو الربع على حسب ما يختلفون فيه.

الشيخ: السهم: يعتبر حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة المساهمة، أو هو حصة مشاعة من مكونات الشركة ليشمل بذلك الموجودات والحقوق والالتزامات والامتيازات والديون والأرباح.

وعرفه بعضهم: بأنه صك يمثل رصيداً عينياً أو نقدياً في رأس مال الشركة قابل للتداول يعطي مالكه حقوقاً خاصة، فالسهم يطلق على معنيين:

الأول: نصيب الشريك في موجودات الشركة.

الثاني: الصك أو الورقة المكتوب فيها الحق المثبت للمساهم، ومع أن الجميع متفقون على أن الورقة المالية أعني بها السهم هي حصة مشاعة من مكونات الشركة، وهناك نظرة اقتصادية بحتة لا يعول عليها جعلت السهم عبارة عن صك يثبت حقاً مجرداً للمساهم في الشركة في الأرباح والتسويق فقط، ولا أجدني مضطراً للرد على هذا القول في تعريف السهم؛ لأن مآلاته تؤول إلى أشياء عظيمة من جواز تداول أسهم البنوك الربوية، مع العلم أنه بسبب ضغط الواقع، والاستماتة على تصحيح أخطاء الناس وجد لهذه الفكرة من يحييها ويحاول تكييفها، وأنا دائماً أقول إن المشكلة أن بعض الناس إذا وجد بعض الفوارق الشكلية يحاول يجعل لهذه الفوارق حكماً مختلفاً عن مثيلاتها.

أقول: ومع تطور المعاملات التجارية وقابلية التداول بالسهم والتسيير بسهولة، جعلت الكثير من التجار يبيع ويشتري في هذه الأسهم باعتبار قيمتها السوقية، بغض النظر عما تمثله هذه الأسهم في موجودات الشركة، فهم لا ينظرون إلى هذه الشركة أهي شركة تجارية أم صناعية أم عندها نقود أو غير ذلك؛ بل يبيع ويشتري وينظر إلى الفرق بين العرض والطلب، وبين سعر الشراء وسعر البيع فيبيع.

من أجل هذه التطورات ونظرة التجار إلى هذه الأسهم بيعاً وشراء وقع الخلاف بين العلماء في تكييف السهم أو في حقيقة هذا السهم مع اتفاقهم أن الحصة مشاعة من صافي موجودات الشركة، والخلاف على قولين:

القول الأول: قالوا: إن الاعتبار بالأسهم على أنها عروض تجارة، ولا ينظر إلى ما تمثله هذه الأسهم من حصص في أموال الشركة، فالأسهم اتخذت للاتجار بها، فإن صاحبها يتجر فيها بالبيع والشراء، ويكسب منها كما يكسب كل تاجر من سلعته، وهذا مذهب قال به الشيخ جاد الحق مفتي مصر العربية في وقته وغيره من الباحثين الاقتصاديين. وقد استدلوا على ذلك بأن الأسهم أصبحت سلعاً تباع وتشترى، وصاحبها يكسب منها كما يكسب كل تاجر من سلعته، وقيمتها الحقيقية التي تقدر في الأسواق تختلف في البيع والشراء عن قيمتها الاسمية.

ومعنى هذا القول: أنه لا بأس بشراء الأسهم بالآجل، أو بالتفاضل، حتى لو كانت الشركة فيها نسبة من الربا كثرت أم قلت؛ لأن الإنسان لا علاقة له بإدارة الشركة.

وهذا القول فيه مآلات عظيمة كبيرة ربما لا يلتزم بها أصحاب هذا القول، والجواب على هذا القول أن يقال: كون السهم قابلاً للتداول لا يخرجه عن ماهيته وحقيقته الشرعية، فالنقود مثلاً: كالدولار والريال والجنيه والين واليورو أصبحت سلعاً تباع وتشترى، ومع ذلك لم يقل أحد من أهل العلم المعاصرين -وإن كان هناك خلاف- أن الدولار أو أن الريال يمثل عروضاً تجارية.

القول الثاني: أن السهم يمثل حصة مشاعة من صافي موجودات الشركة، وهذا ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة في دورته الرابعة وكذا المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي.

واستدلوا على ذلك بأن صك السهم -وهي الورقة المالية- ما هي إلا مستند لإثبات حق المساهم فلا قيمة لها، يعني: لا قيمة لهذا الصك في نفسه، وإنما بما تمثله من موجودات الشركة، ثم إن ملكية الشركاء لأموال الشركة ملكية حقيقية، وليست حقاً مجرداً، فيحق لحامل الورقة أو السهم التصرف في حصته بيعاً وشراء وهبة وغير ذلك.

ويترتب على هذا الخلاف جواز بيع أسهم الشركات حديثة التأسيس؛ لأن الشركة إذا كانت حديثة التأسيس على القول بأن السهم عروض تجارة، لا ينظر إلى أن أكثرها نقود أو أكثرها موجودات؛ لأنه جعل السهم عروض تجارة مع أن أكثر الفقهاء المعاصرين وأكثر المجامع الفقهية على عدم جواز بيع أسهم الشركات حديثة التأسيس كما سوف نتطرق إليه إن شاء الله لاحقاً.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شركات المساهمة 2618 استماع
عبادة القلوب 2465 استماع
مسائل فقهية في النوازل 2447 استماع
التأصيل العلمي 2090 استماع
عبادة القلب 2046 استماع
البطاقات الائتمانية - بيع المرابحة للآمر بالشراء 1950 استماع
أعمال القلوب 1932 استماع
العبادة زمن الفتن 1929 استماع
كتاب التوحيد - شرح مقدمة فتح المجيد [2] 1866 استماع
الرزق الحلال وآثاره 1809 استماع