كتاب الطهارة [4]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

أقوال العلماء في ترتيب أفعال الوضوء

قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الحادية عشرة من الشروط: اختلفوا في وجوب ترتيب أفعال الوضوء على نسق الآية ].

أي هل نبدأ بالوجه، ثم اليدين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، على ما في الآية، [ فقال قوم: هو سنة، وهو الذي حكاه المتأخرون من أصحاب مالك عن المذهب ] أنه سنة [ وبه قال أبو حنيفة و الثوري و داود . وقال قوم: هو فريضة، وبه قال الشافعي و أحمد و أبو عبيد . وهذا كله في ترتيب الفرض مع الفرض ]، يعني: غسل الوجه مع اليد مع المسح، أما السنن فلها حكم آخر، بعضهم يقول: لا مانع أن يبدأ بها، والشافعي يقول: إذا غسل وجهه قبل أن يتمضمض أو يغسل يديه فقد فات محلها.

[ وأما ترتيب الأفعال المفروضة مع الأفعال المسنونة فهو عند مالك مستحب ]، وهذا على قول مالك بأنه مستحب فمعناه إذا كان قد غسل وجهه فله أن يتمضمض ويستنشق بعد غسل الوجه أو اليدين، أما من قال أنه لا بد من الترتيب، فيقول: إن المضمضة والاستنشاق قد فات محلها.

[ وقال أبو حنيفة : هو سنة ]، مستحب وسنة يعني على أن أبا حنيفة ... مستحب.

سبب الاختلاف في ترتيب أفعال الوضوء المفروضة

قال المصنف رحمه الله: [ وسبب اختلافهم شيئان ]، يعني: اختلافهم في ترتيب أفعال الوضوء المفروضة، [ أحدهما الاشتراك الذي في واو العطف، وذلك أنه قد يعطف بها الأشياء المرتبة بعضها على بعض ]، كأن تقول: عليك بأن تستنجي وتتوضأ، وقد تقول: يجب عليك أن تتوضأ وتستنجي، وقد ورد في الحديث: ( فليتوضأ وليغسل ذكره )، فقالوا: الواو لا تقتضي الترتيب. [ وقد يعطف بها غير المرتبة، وذلك ظاهر من استقراء كلام العرب ]، مثلاً خلق الموت والحياة، في قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]، قالوا: أنه لا يوجد ترتيب هنا، الحياة أولاً وبعده الموت، [ ولذلك انقسم النحويون فيها قسمين ]، رجعنا إلى النحو [ فقال نحاة البصرة: ليست تقتضي نسقاً ولا ترتيباً، وإنما تقتضي الجمع فقط ]، كقوله: جاء زيد وعمرو معه أو قبله أو بعده، [ وقال الكوفيون: بل تقتضي النسق والترتيب ].

إذاً من هنا سيأتي الخلاف: هل الترتيب واجب أو غير واجب؟

[ فمن رأى أن الواو في آية الوضوء تقتضي الترتيب، قال بإيجاب الترتيب، ومن رأى أنها لا تقتضي الترتيب لم يقل بإيجابها ]، هذا السبب الأول.

[ والسبب الثاني: اختلافهم في أفعاله عليه الصلاة والسلام هل هي محمولة على الوجوب أو على الندب؟ فمن حملها على الوجوب قال بوجوب الترتيب ]، أي: نحملها على الوجوب؛ لأنها بيان للوجوب، وبيان الموجبات واجب.

[ لأنه لم يروَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ قط إلا مرتباً. ومن حملها على الندب قال: إن الترتيب سنة ] فلو أن إنساناً توضأ ولم يغسل يديه ولا تمضمض ولا استنشق، وما غسل وجهه إلا بعد المسح، فهل نقول بأن المضمضة والاستنشاق سنة؟ من قال بالترتيب قال: فات محلها، ولا يأتي بها، ومن قال بعدم الترتيب، قال: له أن يأتي بها.

[ ومن فرق بين المسنون والمفروض من الأفعال، قال: إن الترتيب الواجب إنما ينبغي أن يكون في الأفعال الواجبة ]، أي: التي ذكرت في الآية، [ ومن لم يفرق قال: إن الشروط الواجبة قد تكون في الأفعال التي ليست بواجبة ]، يعني أن الترتيب واجب، ولكنه قد يكون في الشيء الذي ليس بواجب.

الراجح في ترتيب أفعال الوضوء بين السنية والوجوب

أقول: الراجح وجوب الترتيب؛ وذلك أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المستمر بيان لما في الواو العاطفة من الإجمال، وقد تقرر أن فعله المبين لمجمل الواجب يكون واجباً، فالوضوء واجب وفيه إجمال هنا، فيكون فعل الرسول صلى الله عليه وسلم واجباً.

وهنا تفريق مهم أن الواو تزيد في عطف النسق، وعطف النسق هو: الذي لا يعطف بالواو، ولا بأحد حروف العطف، فهي لا تفيد إلا النسق، أي: لا تفيد إلا دخوله في الحكم.

قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الحادية عشرة من الشروط: اختلفوا في وجوب ترتيب أفعال الوضوء على نسق الآية ].

أي هل نبدأ بالوجه، ثم اليدين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، على ما في الآية، [ فقال قوم: هو سنة، وهو الذي حكاه المتأخرون من أصحاب مالك عن المذهب ] أنه سنة [ وبه قال أبو حنيفة و الثوري و داود . وقال قوم: هو فريضة، وبه قال الشافعي و أحمد و أبو عبيد . وهذا كله في ترتيب الفرض مع الفرض ]، يعني: غسل الوجه مع اليد مع المسح، أما السنن فلها حكم آخر، بعضهم يقول: لا مانع أن يبدأ بها، والشافعي يقول: إذا غسل وجهه قبل أن يتمضمض أو يغسل يديه فقد فات محلها.

[ وأما ترتيب الأفعال المفروضة مع الأفعال المسنونة فهو عند مالك مستحب ]، وهذا على قول مالك بأنه مستحب فمعناه إذا كان قد غسل وجهه فله أن يتمضمض ويستنشق بعد غسل الوجه أو اليدين، أما من قال أنه لا بد من الترتيب، فيقول: إن المضمضة والاستنشاق قد فات محلها.

[ وقال أبو حنيفة : هو سنة ]، مستحب وسنة يعني على أن أبا حنيفة ... مستحب.

قال المصنف رحمه الله: [ وسبب اختلافهم شيئان ]، يعني: اختلافهم في ترتيب أفعال الوضوء المفروضة، [ أحدهما الاشتراك الذي في واو العطف، وذلك أنه قد يعطف بها الأشياء المرتبة بعضها على بعض ]، كأن تقول: عليك بأن تستنجي وتتوضأ، وقد تقول: يجب عليك أن تتوضأ وتستنجي، وقد ورد في الحديث: ( فليتوضأ وليغسل ذكره )، فقالوا: الواو لا تقتضي الترتيب. [ وقد يعطف بها غير المرتبة، وذلك ظاهر من استقراء كلام العرب ]، مثلاً خلق الموت والحياة، في قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]، قالوا: أنه لا يوجد ترتيب هنا، الحياة أولاً وبعده الموت، [ ولذلك انقسم النحويون فيها قسمين ]، رجعنا إلى النحو [ فقال نحاة البصرة: ليست تقتضي نسقاً ولا ترتيباً، وإنما تقتضي الجمع فقط ]، كقوله: جاء زيد وعمرو معه أو قبله أو بعده، [ وقال الكوفيون: بل تقتضي النسق والترتيب ].

إذاً من هنا سيأتي الخلاف: هل الترتيب واجب أو غير واجب؟

[ فمن رأى أن الواو في آية الوضوء تقتضي الترتيب، قال بإيجاب الترتيب، ومن رأى أنها لا تقتضي الترتيب لم يقل بإيجابها ]، هذا السبب الأول.

[ والسبب الثاني: اختلافهم في أفعاله عليه الصلاة والسلام هل هي محمولة على الوجوب أو على الندب؟ فمن حملها على الوجوب قال بوجوب الترتيب ]، أي: نحملها على الوجوب؛ لأنها بيان للوجوب، وبيان الموجبات واجب.

[ لأنه لم يروَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ قط إلا مرتباً. ومن حملها على الندب قال: إن الترتيب سنة ] فلو أن إنساناً توضأ ولم يغسل يديه ولا تمضمض ولا استنشق، وما غسل وجهه إلا بعد المسح، فهل نقول بأن المضمضة والاستنشاق سنة؟ من قال بالترتيب قال: فات محلها، ولا يأتي بها، ومن قال بعدم الترتيب، قال: له أن يأتي بها.

[ ومن فرق بين المسنون والمفروض من الأفعال، قال: إن الترتيب الواجب إنما ينبغي أن يكون في الأفعال الواجبة ]، أي: التي ذكرت في الآية، [ ومن لم يفرق قال: إن الشروط الواجبة قد تكون في الأفعال التي ليست بواجبة ]، يعني أن الترتيب واجب، ولكنه قد يكون في الشيء الذي ليس بواجب.

أقول: الراجح وجوب الترتيب؛ وذلك أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المستمر بيان لما في الواو العاطفة من الإجمال، وقد تقرر أن فعله المبين لمجمل الواجب يكون واجباً، فالوضوء واجب وفيه إجمال هنا، فيكون فعل الرسول صلى الله عليه وسلم واجباً.

وهنا تفريق مهم أن الواو تزيد في عطف النسق، وعطف النسق هو: الذي لا يعطف بالواو، ولا بأحد حروف العطف، فهي لا تفيد إلا النسق، أي: لا تفيد إلا دخوله في الحكم.




استمع المزيد من الشيخ محمد يوسف حربة - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الزكاة [9] 2956 استماع
كتاب الزكاة [1] 2912 استماع
كتاب الطهارة [15] 2904 استماع
كتاب الطهارة [3] 2617 استماع
كتاب الصلاة [33] 2565 استماع
كتاب الصلاة [29] 2414 استماع
كتاب الطهارة [6] 2396 استماع
كتاب أحكام الميت [3] 2387 استماع
كتاب الطهارة [2] 2364 استماع
كتاب الصلاة [1] 2327 استماع