خطب ومحاضرات
فقه الصلاة مكروهات الصلاة [2]
الحلقة مفرغة
تشبيك الأصابع
السادس من الأمور المكروهة في الصلاة: تشبيك الأصابع؛ لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامداً إلى الصلاة فلا يشبكن بين يديه؛ فإنه في صلاة).
والمعنى أن الإنسان لا يشبك بين أصابعه في الصلاة، ولا هو في الطريق إلى الصلاة، ويلحق بذلك أيضاً ما يفعله بعض الناس من أنه يجعل يديه من وراء ظهره.
وقد يقال: لم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبيك بين الأصابع؟
قيل: لما فيه من العبث، وقيل: لما فيه من التشبه بالشيطان، وقيل: لأنه دال على تشبيك الأحوال، أي أنه دليل الهم والغم والضيق والكرب، لذلك فإن بعض إخواننا لو رأى إنساناً واضعاً يديه على رأسه ينهاه ويقول له: أرسل يديك؛ لأن ذلك دليل الهم.
فرقعة الأصابع
المكروه السابع: فرقعة الأصابع، أي: غمز مفاصلها حتى تحدث صوتاً، لحديث معاذ عند البيهقي : (الضاحك في الصلاة والملتفت والمفرقع أصابعه بمنزلة واحدة)، وهذا الحديث ليس صحيحاً؛ لأن في إسناده ابن لهيعة ، وهو ضعيف، ولا يخفى أن في المتن نكارة؛ لأن الضاحك في الصلاة صلاته باطلة، والملتفت صلاته ليست باطلة، وإنما فعله ذلك مكروه، فكيف نجمع بين الضاحك والملتفت والمفرقع أصابعه؟ فالمفرقع أصابعه فعله عبث، وأقل أحواله الكراهة.
وقد يقال: لم نأتي بهذا الحديث مع كونه ضعيفاً؟
والجواب: أن هذه المذكرة كتبت على مذهب مالك رحمه الله، فما هو مذكور هاهنا هو مذهب مالك رحمه الله، فنذكره وبعضه نرد عليه، ولذلك أتيت بالحديث نقلاً من مذهب مالك ، ثم عقبت عليه بأنه ضعيف.
ولكن العلماء جميعاً ينصون على أن فرقعة الأصابع في الصلاة مكروهة؛ لأنها عبث، فإذا كنا نهينا عن الأفعال الكثيرة في الصلاة كحك البشرة وإصلاح الرداء فمن باب أولى ننهى عن الفرقعة؛ لأن الحك قد يحتاج إليه الإنسان، أما الفرقعة فلا يحتاج إليها.
الإقعاء
المكروه الثامن: الإقعاء.
والإقعاء: أن يضع المصلي أليتيه على عقبيه بين السجدتين، والعقب هو مؤخر القدم، وهو الذي يسمى العرقوب، فبعض الناس في الصلاة يجلس فيضع أليتيه على عقبيه، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عقبة الشيطان، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم فلا يقعين إقعاء الكلب).
إلا أنه قد ثبت في الصحيح أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان يجلس على عقبيه بين السجدتين، فقال له طاوس : إنا لنراه جفاءً بالرجل، فقال ابن عباس : هي سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، و طاوس بن كيسان رجل يماني فقيه من تلاميذ عبد الله بن عباس ، وكان ابن عباس يقول: والله إني لأظن طاوساً من أهل الجنة، فقد كان من الصالحين ومن العباد ومن العلماء الفضلاء.
وثبت أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه ويقول: إنه من السنة.
وعن طاوس قال: رأيت العبادلة يقعون.
والعبادلة هم عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن عمر ، و عبد الله بن عمرو بن العاص ، و عبد الله بن الزبير ، هؤلاء هم العبادلة، لكن هل أدرك طاوس ابن مسعود ؟ المهم أنَّ هؤلاء كلهم عبادلة رضي الله عنهم وأرضاهم.
يقول طاوس : رأيت العبادلة يقعون. قال الحافظ ابن حجر : وأسانيدها صحيحة.
وعندنا هنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن عقبة الشيطان، وقال: (إذا صلى أحدكم فلا يقعين إقعاء الكلب)، فالنبي عليه الصلاة والسلام نهانا عن التشبه بالحيوانات، ونهانا عن التشبه بالنساء، قال ابن القيم رحمه الله: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة عن التفات كالتفات الثعلب، وإقعاء كإقعاء الكلب، ونقر كنقر الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، ونهانا صلى الله عليه وسلم أن يرفع أحدنا يديه في الصلاة كأذناب الخيل الشمس، فبعض الناس في التشهد وهو قاعد والإمام في تشهده يحرك يديه كأنه يقول للإمام: أرحنا فيحرك يديه كهيئة الفرس إذا رفع ذيله.
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بالكلب، وعن التشبه بالثعلب، وعن التشبه بالذئب، وعن التشبه بالغراب، وعن التشبه بالسبع، ونهانا عن افتراش كافتراش السبع بأن يضع الإنسان ذراعيه على الأرض حال السجود، وذلك أن بعض الناس من كسله لا يسجد على كفيه، وإنما يمد ذراعيه على الأرض، فهذا -أيضاً- من المكروهات في الصلاة؛ لأن فيه تشبهاً بالحيوانات، فالإقعاء والافتراش والنقر والالتفات وتحريك الأيدي هذا كله فيه تشبه بالحيوانات.
وهذا النهي ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت عن ابن عباس و ابن عمر وسائر العبادلة أنهم كانوا يقعون، بمعنى أن أحدهم كان يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين، ومن هنا اختلف العلماء رحمهم الله، فقال الإمام أبو سليمان الخطابي صاحب شرح سنن أبي داود رحمه الله: الإقعاء منسوخ، ولعل ابن عباس لم يبلغه النهي. وأنكر هذا النووي و ابن الصلاح ، وقال البيهقي والقاضي عياض وجماعة من المحققين: إن الإقعاء المنهي عنه هو الذي يكون كإقعاء الكلب، وإقعاء الكلب هو أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض.
والإقعاء الذي صرح ابن عباس وغيره أنه من السنة هو وضع الأليتين على العقبين، وتكون الركبتان على الأرض، وهذا ليس فيه كراهة إن شاء الله.
التخصر
المكروه التاسع: التخصر، وهو أن يجعل يده على خاصرته؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً)، وقد فسر ذلك بأقوال:
فقيل: هو أن يمسك بيده مخصرة، أي: يتوكأ على عصا.
وقيل: هو أن يختصر السورة فيقرأ آخرها، وهذا كثير جداً، فبعض الأئمة يقرأ: وَلا الضَّالِّينَ[الفاتحة:7] وبعد (آمين) يقرأ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى[الأعلى:18-19]، فما هو الذي في الصحف الأولى؟!
وقيل: أن يختصر في صلاته، فلا يتم قيامها وركوعها وسجودها وحدودها، قال النووي : والصحيح هو أن يجعل يده على خاصرته. هذا هو معنى التخصر، والخاصرة معقد الإزار، وهو المكان الذي يربط الإنسان فيه إزاره، ويقال للجانب منه أيضاً: الحقو. فالاختصار أن يجعل الإنسان يده على خاصرته، وبعض الناس يفعل ذلك حتى على المنبر، فتجده يتكلم مع الناس ويفعل ذلك.
وقد يقال: لماذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً؟ قيل: لأنه فعل المتكبرين، فلا يليق بالصلاة، وقيل: لأنه فعل اليهود، وقيل: لأنه فعل الشيطان، وقيل: لأنه شكل من أشكال أهل المصائب، وقد سبق أن مما قيل في الحكمة من النهي عن التشبيك بين الأصابع أن النهي دال على تشبيك الأحوال، وكذلك هنا، فلو ذهبت إلى قوم بين أيديهم جنازة تجد أهل الميت واقفين في حال من الحيرة قد وضعوا أيديهم على خواصرهم.
تغميض العينين
المكروه العاشر: التغميض في الصلاة؛ لحديث ابن عباس : (إذا قام أحدكم إلى الصلاة أو في الصلاة فلا يغمض عينيه)، وهذا الحديث إسناده ليس بذاك؛ لأن فيه ليث بن أبي سليم ، وهو مدلس، لكن يمكن أن نقول: التغميض مكروه؛ لأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر إلى موضع السجود، لكن إذا كان هناك شيء يلهي المصلي ويشغله فليس له حل إلا أن يغمض عينيه.
رفع البصر إلى السماء
المكروه الحادي عشر: رفع البصر إلى السماء، فكما أن الالتفات مكروه فكذلك رفع البصر إلى السماء، وقد شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال: (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟! لينتهن عن ذلك أو لتختطفن أبصارهم)، فقوله: (لينتهن عن ذلك) أي: عن رفع البصر إلى السماء.
وقد أجمع العلماء على كراهية هذا الفعل، فمن كان في الصلاة ينظر في السقف ويتأمل في النقوش وفي القبة ونحو ذلك ففعله مكروه.
رفع الرجل ووضع رجل على أخرى وإقرانهما حال القيام
المكروه الثاني عشر: رفع رجل أو وضعها على أخرى وإقرانها؛ لأن هذا يتنافى مع هيئة الصلاة وهو من العبث الممقوت.
فتجد بعض الناس يدخل في صلاة التراويح فيطيل الإمام فيبدأ يرفع رجلاً وينزلها ويرفع الثانية وينزلها، ثم يقرنهما على هيئة العساكر، وهذا مكروه لا ينبغي، ومثله ما يفعله بعض الناس ممن يريد تطبيق السنة، حيث يفرج بين رجليه فيكون واقفاً كالهرم، وقد كان السلف يستدلون بهذا الفعل على قلة فقه الرجل، فيا عبد الله! لا تقرن ولا تفرج، وإنما افتح رجليك على قدر منكبيك ليستقيم الصف، وكلا طرفي قصد الأمور ذميمُ.
التفكر في أمر دنيوي
المكروه الثالث عشر: التفكر بأمر دنيوي.
وهذا لا يسلم منه كثير من الناس، ولكن بعض الناس يسترسل، وإذا كان التفكر في الأمر الدنيوي مكروهاً فضده -وهو تركه- فيه أجر عظيم، وقد توضأ النبي صلى الله عليه وسلم أمام الصحابة ثم قال: (ما من عبد يتوضأ نحو وضوئي هذا ثم يصلي ركعتين لا يحدث فيهما نفسه إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه).
قال العلماء: إن حديث النفس على نوعين: إما أن يكون حديثاً دنيوياً، وهذا مكروه، ومثاله من يصلي العشاء فيفكر فيها بأنه سيتعشى ثم بعد ذلك سيذهب إلى فلان، ثم يبدأ يخطط في الصلاة ويبرمج، ثم ينتقل إلى اليوم الذي يليه، ولذلك ذكر عن بعض أهل البادية أنه اختلف أهل مسجد صلى فيه أصلى الإمام ثلاثاً أم أربعاً؟ فقال لهم: الإمام صلى ثلاثاً، فقيل له: من أين عرفت ذلك؟ فقال لهم: لأني سلخت البعير ولم أشوه بعد، ففي الركعة الأولى ينحر، وفي الركعة الثانية يسلخ، وفي الركعة الثالثة يغسل، وفي الركعة الرابعة يشوى، فيجعل صلاته كلها شواء ونحراً.
وإما أن يكون التفكر في أمر أخروي، وحينئذٍ لا كراهة، فلو تفكر الإنسان في الآيات التي تتلى وهي تتحدث عن الجنة، فبدأ يتأمل في الجنة، أو كانت تتحدث عن النار فبدأ يتأمل في النار ويسأل الله العافية فهذا ليس مكروهاً، فقد ثبت أن سيدنا عمر كان يقول: إني لأجهز الجيش وأنا في الصلاة.
النظر إلى ما يلهي عن الصلاة
وهناك جملة أخرى من المكروهات في الصلاة هي على النحو الآتي:
أولاً: النظر إلى ما يلهي.
ومن ذلك تزيين المحراب بآيات تخط بخط جميل، وكذلك المفارش المزينة، فبعض الناس يبدأ يتأمل في هذه الزينة في صلاته، فهذا نظر إلى ما يلهي، وشر من هذا من يصلي والتلفزيون أمامه يبث، فهذا فعل مكروه في الصلاة، وهذا الصنف قد تبطل صلاته، نسأل الله العافية.
ودليل ذلك حديث عائشة : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وعليه خميصة ذات أعلام، فلما فرغ قال: اذهبوا بها إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانيته) فالرسول صلى الله عليه وسلم كان عليه خميصة -وهي ثوب فيه نقوش- فقال: (اذهبوا بها إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانيته).
والأنبجانية ثوب ليس فيه أعلام؛ لأن أبا جهم رضي الله عنه كان عنده قميص ليس فيه أعلام.
كف الشعر والثوب
ثانياً: أن يكف شعره وثوبه.
لحديث ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، وأن لا أكف شعراً ولا ثوباً) والمقصود ربط الشعر، هذا ليس موجوداً عندنا، فما رزقنا الله شعوراً تحتاج إلى ربط، لكن بعض الناس يربط شعره في الصلاة، فـعبد الله بن عباس رأى عبد الله بن الحارث رضي الله عنه يصلي وقد عقص رأسه؛ فذهب يكف شعر الرجل وهو يصلي فاستقر له، أي: ما عارضه، وبعدما انتهى من صلاته قال له: يا ابن عباس : ما لك ولرأسي؟ فذكر له هذا الحديث، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، وأن لا أكف شعراً ولا ثوباً).
وبعض الناس الآن لا يكف شعره، لكن إذا سجد يتدلى شعر فيكون مهموماً بتسويته وإعادته، بحيث يريد أن يسجد فينزل شعر، ومرة أخرى يقوم فيعيده، والذي ينبغي أن يضع شعره ويسجد معه.
مسح الحصى عن الجبهة والثوب
ثالثاً: مسح الحصى في الصلاة.
لما رواه معيقيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمسح الحصى وأنت تصلي).
فالإنسان قد يصلي على التراب، بحيث يأتي إلى المسجد فيجد المكان قد امتلأ والفرش قد شغلت بالمصلين، فيصلي على مكان ليس فيه فراش، فبعض الناس كلما سجد يمسح ما علق بجبهته، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، قيل: لأنه يخالف التواضع والخشوع.
قال أهل العلم: إلا إذا كان يؤلمك، فإذا كان يسبب لك ألماً ففي هذه الحالة لك أن تمسحه لإزالة الضرر.
وكذلك ما كان منه في الثوب، فإنه أيضاً يترك.
التثاؤب
رابعاً: التثاؤب.
لحديث أبي هريرة : (إذا تثاءب أحدكم وهو في الصلاة فليرده ما استطاع؛ فإن أحدكم إذا قال: ها ها ضحك الشيطان منه) رواه مسلم .
وفي صلاة الفجر يتثاءب الناس بصورة مزعجة، ويحصل ذلك أحياناً في الدروس، فالتثاؤب في الصلاة مكروه.
عد الآيات
خامساً: عد الآي في الصلاة، وذلك لأنه يشغل عن الخشوع.
ترك سنة من السنن
سادساً: ترك سنة من السنن، وهذا -أيضاً- مكروه، وهذا يرد على المالكية؛ فإنهم يقولون بكراهة دعاء الاستفتاح، ويقولون بكراهة الاستعاذة والبسملة، كل هذا عندهم مكروه، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح صلاته قال: (سبحانك -اللهم- وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، وربما قال: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي)، ولربما قال في صلاة الليل عليه الصلاة والسلام: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت ربي وأنا عبدك، لا إله إلا أنت، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك، أنا منك وإليك، تباركت ربي وتعاليت)، هذا كله كان يقوله في دعاء الاستفتاح، وهذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقالوا: الاستعاذة مكروهة، وقد ثبت (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح صلاته يقول: أعوذ بالله السمع العليم من الشيطان الرجيم)، وثبت عنه أنه في صلاة الليل كان يقول: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه).
والبسملة ثابتة أيضاً، فقد كان صلى الله عليه وسلم يبسمل، فالمالكية قالوا بكراهة هذا كله ولا كراهة إن شاء الله.
ومن ذلك ترك سنة القبض، وعند بعض المالكية أنه مكروه، وبعضهم يقول: هو مكروه إذا قصد به الاتكاء.
والقبض لا كراهة فيه إذا كان على الصفة المشروعة بأن تجعل باطن كفك اليمنى على ظاهر كفك اليسرى، أو أن تقبض باليمنى على كوع اليسرى، وتجعلهما فوق الصدر أو تحت الصدر فوق السرة.
ونلحظ أن الناس يتركون كثيراً من السنن في الصلاة، ومنها رفع اليدين في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام إلى الركعة الثالثة من صلاة ثلاثية أو رباعية، فهذا كله لو تركته فقد ارتكبت مكروهاً، وفوت على نفسك الأجر، ومثله -أيضاً- الإشارة بالأصبع عند التشهد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يقبض على أصابعه كلها ويشير بسبابته، ولربما حلق بين الإبهام والوسطى وأشار بسبابته).
وفي بعض المذاهب -كالحنفية- يقولون: هذا عبث لا يليق في الصلاة. والحق أنَّ هذا ليس فيه عبث، بل هو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن الأمور المكروهة أن تترك الدعاء الذي هو بعد التشهد، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال .
بل إن طاوس بن كيسان قال لولده: أدعوت بها في صلاتك؟ قال: لا، فقال له: فأعد صلاتك. فكأنه -رحمه الله- كان يرى الوجوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا فرغ أحدكم من التشهد فليستعذ بالله من أربع) فكأن طاوساً رحمه الله أخذ بظاهر الحديث.
فيكره لك -أيها الأخ الكريم- أن تترك شيئاً من هذه السنن، لقول الله عز وجل: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ[لقمان:4] وإقامة الصلاة: أن تؤديها في أوقاتها بكامل أركانها وشروطها وسننها وآدابها، هذه هي الإقامة، وهي الأداء على وجه التمام وبلوغ الغاية.
السادس من الأمور المكروهة في الصلاة: تشبيك الأصابع؛ لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامداً إلى الصلاة فلا يشبكن بين يديه؛ فإنه في صلاة).
والمعنى أن الإنسان لا يشبك بين أصابعه في الصلاة، ولا هو في الطريق إلى الصلاة، ويلحق بذلك أيضاً ما يفعله بعض الناس من أنه يجعل يديه من وراء ظهره.
وقد يقال: لم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبيك بين الأصابع؟
قيل: لما فيه من العبث، وقيل: لما فيه من التشبه بالشيطان، وقيل: لأنه دال على تشبيك الأحوال، أي أنه دليل الهم والغم والضيق والكرب، لذلك فإن بعض إخواننا لو رأى إنساناً واضعاً يديه على رأسه ينهاه ويقول له: أرسل يديك؛ لأن ذلك دليل الهم.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحكام الغسل أحكام التيمم | 2125 استماع |
فقه الصلاة مبطلات الصلاة | 2045 استماع |
فقه الصلاة أحكام صلاة الجمعة [1] | 1988 استماع |
مقدمة الطهارة وسائل التطهير أنواع النجاسات | 1806 استماع |
فقه الصلاة فضل الجماعة وشروط الإمامة | 1721 استماع |
فقه الصلاة أحكام العيدين | 1629 استماع |
فقه الصلاة أحكام صلاة المسافر | 1620 استماع |
فقه الصلاة أحكام صلاة الجمعة [2] | 1467 استماع |
فقه الصلاة مكروهات الصلاة [1] | 1451 استماع |
فقه الصلاة أخطاء يقع فيها بعض المصلين [2] | 1326 استماع |