ديوان الإفتاء [766]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد.

السؤال: ما حكم دخان الطلح في نهار رمضان؟

الجواب: الأفضل بأن المرأة تجتنب هذا الشيء في نهار رمضان؛ لأن بعض أهل العلم يقول: استنشاق الدخان يفطر؛ لأن للدخان جرماً يصل إلى الحلق ويجد الإنسان طعمه, أوقد بخوراً فليس هناك مانع, لكن لا يتعمد أن يستنشقه وأن يجذب بنفسه, فقضية الدخان هذه قائمة على المكان المغلق, والمرأة تكون مغطاة ببطانية ونحوها, وهذا كله مظنة إفساد الصيام, فالأولى أن تجتنبه المرأة.

السؤال: ما حكم السواك بالمعجون في نهار رمضان؟

الجواب: السواك في أثناء النهار لا بأس به؛ لأن حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يستاك وهو صائم ), يعني: رآه مرات كثيرة, ولا فرق بين السواك بعود الأراك أو السواك باستعمال الفرشاة والمعجون, والمعجون ليس طعاماً ولا شراباً, ومن ذهب من أهل العلم إلى كراهة الاستياك بعد الزوال؛ لأنه يذهب الخلوف, فإن جمهور العلماء على خلاف هذا القول, قالوا: لأن الخلوف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( أطيب عند الله من ريح المسك )، سببه خلو المعدة من الطعام, وهو باق سواء استاك الإنسان أو لم يستك.

السؤال: كفارة الجماع في نهار رمضان, واجب على الزوج فقط أم الزوج والزوجة؟

الجواب: إذا كانت الزوجة مطاوعةً للزوج مواطئةً له والصوم عليها واجب فالكفارة عليهما, يجب على الزوج كفارة وعلى الزوجة كفارة؛ لأن كلا الزوجين مخاطب بقول ربنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183], وكلاهما مخاطب بالامتناع عن الجماع في أثناء الصيام, فكان الواجب على الزوجة أن تمتنع, وأن تذكره بتقوى الله وأن تحذره من سخط الله, فإذا لم تفعل ذلك وواطأته فإنه عليها كفارة كما أن على الزوج كفارة, أما إذا كانت مكرهةً مجبرة أو كان الصيام غير واجب عليها؛ لكونها قدمت من سفر أو لكونها حائضاً مثلاً ونحو ذلك, فالكفارة على الزوج وحده.

السؤال: إذا فاتتني صلاة العشاء فأدركت المصلين في التراويح، هل أدخل معهم بنية العشاء أو أصلي فردًا, ثم أدخل معهم في صلاة التراويح؟

الجواب: الأفضل أن تدخل معهم في صلاة التراويح؛ لأن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة عند جمع من أهل العلم, وهو الراجح إن شاء الله، استدلالًا بحديث معاذ رضي الله عنه: ( أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يذهب فيصلي بقومه في محلتهم ), أي: في مكان سكنهم في مسجدهم, فلا في مانع أن تصلي العشاء خلف من يصلي التراويح, وهذا أفضل من أن تصلي وحدك, وأفضل من أن تقيموا جماعة فتشوشوا على الجماعة الراتبة.

السؤال: هل يجوز لي قراءة وردي اليومي من كتاب تفسير القرآن وأنا حائض؛ لأني لا أريد أن أضيع هذه الأيام؟

الجواب: نعم يا أختاه! يجوز لك أن تقرئي وردك اليومي جزءاً أو جزأين أو ثلاثة من كتاب التفسير, وأنا أقول: بأن المرأة الحائض تمتنع من الصلاة وتمتنع من الصيام, لكن لا ينبغي أن تمتنع من الأعمال الصالحة الأخرى, ففي رمضان مطلوب منها تفطير الصائمين, ومطلوب منها الصدقات والجود, والإكثار من قراءة القرآن, ومن ذكر الله, وأيضاً الإكثار من الدعاء, وكذلك صلة الأرحام، وغير ذلك من القربات والطاعات, فليس معنى أن المرأة حائض, أنها تغلق أبواب الخير كلها وتمتنع منها جميعها.

السؤال: هل يجوز لأم الزوجة أن تكون أمام زوج ابنتها بغير حجاب علماً بأنها محبوسة؟

الجواب: نعم يجوز, فزوج ابنتك هو محرم لك؛ لأن الله عز وجل لما ذكر المحرمات بين أن المحرمات من المصاهرة أربع فقال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا [النساء:22], ثم قال: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23], أي: زوجة الابن حرام على الوالد, ثم قال: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23], أي: أم الزوجة حرام عليك, بمجرد ما عقدت على ابنتها فقد صارت حراماً عليك, ثم قال: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23], فبنت الزوجة محرمة شريطة الدخول بأمها, فالمقصود بأن زوج بنتك هو كولدكِ, مثلما أنه يجوز للمعتدة من وفاة زوجها أن تجلس مع أولادها بغير حجاب, فكذلك لا مانع أن تجلس أمام زوج ابنتها بغير حجاب.

السؤال: ما حكم استعمال زيت الحشيش في دهن الشعر؟

الجواب: زيت الحشيش إذا كان المقصود بالحشيش هذه المادة المخدرة، فبعض العلماء قالوا: الحشيشة نجسة؛ لأنها مخدرة، وقالوا: الفرق بين المسكر والمخدر أن المسكر: هو الذي يذهب العقل دون الحواس مع نشوة وطرب, والمخدر: هو الذي يذهب العقل دون الحواس بدون نشوة وطرب, يعني: المسكر والمخدر يشتركان في إذهاب العقل, ويفترقان في النشوة والطرب التي تكون مع المسكر دون المخدر, ولذلك الإمام أبو العباس بن تيمية رحمه الله قال: هذه الحشيشة ملعونة هي وآكلها, وإذا كانت الخمرة بمنزلة البول فالحشيشة بمنزلة العذرة، يعني: جعل الحشيش نجسة كالغائظ, وعليه أقول: بأن الأفضل اجتناب هذا الشيء احترامًا لقول من يقول بنجاسة الحشيش.

السؤال: هل يجوز إخراج الفطر نقداً؟

الجواب: نعم يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً؛ لأن الزكاة ليست عبادةً محضة, وإنما هي دائرة مع مصلحة الفقير، ومصلحة المسكين, وهذا الذي قاله جمع من أهل العلم: كالإمام أبي حنيفة النعمان ، ومن قبله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز , وكذلك سفيان بن سعيد الثوري ، ومن الأئمة المتأخرين: الإمام أبو العباس بن تيمية قالو: بأنه إذا كان النقد أنفع للفقير فإنه يعطى نقداً, ولا شك أن في زماننا النقد أنفع؛ لأنه بالنقود يستطيع أن يبتاع ما يريد, وبالنقود يستطيع أن يشتري كهرباء, وأن يسدد فاتورة الماء, وأن يبتاع قمحاً أو تمراً أو أرزاً أو دواءً أو ثياباً، أو يدفع أجرة البيت، أو غير ذلك من ضرورات الحياة التي لا بد منها, أما لو أنا اقتصرنا على المواد العينية, أعني بذلك: التمر والشعير والأقِط والزبيب وما أشبه ذلك, فإنه قد يضطر إلى بيعها أو بيع بعضها بأقل من ثمنها الذي اشتريت به.

فلذلك الأفضل أن نعطيه القيمة نقداً، ومجمع الفقه الإسلامي عندنا حدد القيمة لهذا العام بثمان جنيهات, فهذه القيمة تخرجها عن نفسك وعمن تعول, من صام ومن لم يصم, يعني: تخرجها عنك وعن زوجتك أو زوجاتك، وعن أولادك جميعاً الذين تنفق عليهم، من صام ومن لم يصم, حتى الرضيع تخرج عنه, بل استحب أهل العلم إخراجها عن الحمل؛ لأن عثمان بن عفان عليه من الله الرضوان كان يخرج الزكاة عن الحمل وهو في بطن أمه.

السؤال: أفطر شخص في نهار رمضان لأنه احتلم، ولم يكن يعلم أن الشخص لا يفطر بمجرد الشهوة في المنام, فماذا عليه؟

الجواب: معنى سؤاله: بأنه فيما مضى كان يحتلم في نهار رمضان وهو نائم, وكان يظن أن الاحتلام مفسد للصيام فكان يقوم من نومه فيأكل ويشرب ظاناً أن صومه قد فسد، وأن القضاء قد وجب.

فأقول: هذا الإنسان كان واجباً عليه أن يسأل وأن يستفسر لئلا يقع في أمر منكر؛ لكنه لم يفعل غفر الله له, فيلزمه أمران، الأول: التوبة والاستغفار مما كان من التقصير في طلب العلم.

وثانيهما: أن يقضي هذه الإيام التي أفطرها، وليس مطلوب منه سوى القضاء؛ لأنه متأول أو لأنه معذور بجهله, والعلم عند الله تعالى.

المتصل: رجل في رمضان أذن الأذان الثاني ثم قام وشرب الماء، وأيضاً وضع في فمه سفة ثم سمع الإقامة فما حكم صيامه، وهل يقضي أم لا؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: يا شيخ عبد الحي! صدرت فتوى من مجمع الفقه لأهل البحر الأحمر بجواز الفطر بسبب الحرارة الموجودة عندنا، وأنا أرى أن المرحلة لا تصل إلى حد أن الناس يفطرون، لكن عندنا مصيبة نزلت علينا وهي زيادة تعرفة الكهرباء، فنحن نستعين على الصيام بتشغيل المكيفات أربعة وعشرين ساعة، فنريد منكم أن تناشدوا رئيس الجمهورية أو وزير الكهرباء ليعيدوا النظر في تسعيرة فاتورة الكهرباء، وجزاكم الله خيراً؟

الشيخ: طيب أبشر يا أسامة , إن شاء الله.

المتصل: عندي أربعة أسئلة:

السؤال الأول: يا شيخ! أنا في أول يوم من رمضان نويت أني أصوم يوم بكرة من رمضان, واكتفيت بذلك، ولم أنو بقية أيام رمضان فهل تكفيني النية الأولى؟

السؤال الثاني: الأستاذ في المدرسة قال لنا: إن ليلة القدر لا تأتي لرجل قاطع رحم أو يعق والديه, فهل هذا الكلام صحيح؟

السؤال الثالث: في المدرسة حين يكون عندنا امتحانات بعض زميلاتي يفطرن في رمضان أثناء الامتحانات، فهل الفطر جائز وقت الامتحانات؟

السؤال الرابع: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن عبر أجهزة التلفزيون أو الراديو على الهواء؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: والدتي مريضة بداء السكر، ثم قبل فترة كانت تعاني من مرض في الجيوب الأنفية، وراجعت الطبيب فأجرى لها فحوصات لوظائف الكلى، ثم قال لها الدكتور: أنا أنصحك أنك لا تصومين رمضان؛ لأن الأمر هذا سيؤثر مستقبلاً على وظائف الكلى, وإن كانت الآن وظائف الكلى جيدة، فهي عملت بنصيحته وأفطرت اليومين الأولين, فأنا قمت وسألت بعض أهل العلم وأخبروني أنها إذا وجدت مشقة في الصوم عليها أن تفطر، وطالما الأمر هذا لا يؤثر عليها حالياً فعليها أن تصوم, فأخبرتها أنها تصوم، لكني أطلب منك القول الفصل في هذا الأمر، هل تفطر أم تصوم؟

السؤال الثاني: فتاة منتقبة أتاها زوج يقيم في دولة أوروبية, وهو رجل على خلق ودين، لكن الإشكال أنها إذا رضيت به زوجًا وتزوجته فالنقاب محظور في تلك الدولة حسب قوانينها، فهل ترضى بهذا الزوج وتذهب إلى أوروبا وتنزع النقاب, أم ترفض، وجزاك الله خيرًا؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: رجل أصيب بحادث وما صلى فترة المرض حيث كان معوقاً، فكيف يعمل بما فاته من صلاته هل يقضيها أم لا؟

الشيخ: بالنسبة لسؤال أخينا عاطف بأن شخصاً حصل له حادث في نهار رمضان وهو صائم، نقول: إذا كان أغمي عليه فليس عليه قضاء, يعني: لو أنه أغمي عليه يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام مثلاً, فإنه متى ما أفاق يصلي الحاضرة, وليس عليه قضاء الأوقات التي كان خلالها في إغماء, أما إذا كان هذا الشخص لم يكن في إغماء, وإنما كان حاضر العقل, فقد كان الواجب عليه أن يصلي على الحالة التي يستطيعها, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين : ( صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب), فكان المفروض لصاحبك هذا يا عاطف أنه يصلي قائماً، وإذا كان غير قادر فيصلي قائماً مستنداً, وإذا لم يستطع يصلي قاعداً متربعاً, فإن لم فيصلي قاعداً مستنداً, فإن لم فيصلي على شقه الأيمن ووجه إلى القبلة, فإن لم فإنه يصلي مستلقياً على ظهره, يعني هذه مرتبة, إما أن يصلي قائماً أو قائماً مستنداً، أو يصلي قاعداً متربعاً، أو قاعداً مستنداً, أو يصلي على شقه الأيمن ووجه إلى القبلة، أو يصلي مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة, ويرفع رأسه قليلاً, ويومئ بالركوع والسجود.

وأخوك هذا ما فعل ذلك, وإنما ترك الصلوات تلك المدة, فيلزمه الآن أولاً: أن يستغفر الله مما كان, ثانياً: أن يقضيها قدر الاستطاعة, وليس صحيحاً ما قلته يا عاطف بأن كل وقت بوقته، وإنما تقضيها في أي وقت، يعني: الآن لو استطاع أن يأتي بالظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر, ثم يأتي بظهر وعصر ومغرب وعشاء وفجر, ثم يأتي بظهر وعصر ومغرب وعشاء وفجر, يعني: يقضي صلاة الأيام الثلاثة التي فاتته الآن فلا بأس بهذا, وهذا هو المطلوب من أجل أن تبرأ ذمته إن شاء الله, وليس صحيحاً يا عاطف بأن كل صلاة تقضى بوقتها كما يعتقد أكثر الناس.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2820 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2648 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2530 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2530 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2503 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2474 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2461 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2442 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2403 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2402 استماع