ديوان الإفتاء [554]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين, حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير, والسراج المنير, وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

إخوتي وأخوتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته, ومرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة, أسأل الله أن يجعلها نافعة مفيدة.

السؤال: ما حكم الدين في الجامعات المختلطة؟

الجواب: نقول بأن الاختلاط الأصل فيه المنع، بمعنى أن يكون الرجال والنساء في مكان واحد, تتلاصق أجسادهم وتختلط أنفاسهم, نقول: الأصل فيه المنع؛ لأن نبينا صلى الله عليه وسلم منع من ذلك في أطهر مجتمع, ومع أطيب الناس, وهم الصحابة الكرام, عليهم من الله الرضوان؛ فجعل للرجال في الصلاة صفوفاً, وللنساء صفوفاً, وجعل للرجال باباً وللنساء باباً, وفي مجلسه المبارك عليه الصلاة والسلام كان يجلس النساء خلف الرجال, ولم يكونوا يجلسون مختلطين, وهذا من الأدب الذي تحصل به طهارة القلوب, كما قال الله عز وجل: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].

وأقول للطلبة والطالبات: من يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم, والله عز وجل وعد من يجاهد نفسه بأن يهديه فقال جل شأنه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]؛ فواجب عليكم أن تغضوا أبصاركم, وأن تجاهدوا أنفسكم, وأن تستعينوا بالله على طلب العلم النافع, ولا تشتغلوا بسفاسف الأمور, والله المستعان!

السؤال: ما هو رأي الدين في بنت صائمة الست وتشاهد التلفزيون؟

الجواب: إذا كانت تشاهد البرامج النافعة والهادفة فلا حرج إن شاء الله, سواء كانت صائمة أو مفطرة؛ فالحكم يدور مع الفائدة, ومع الهدف وجوداً وعدماً, وينبغي للإنسان أن يحرص على أن يصون وقته, فإن العمر قصير, والله عز وجل سائلنا عنه.

السؤال: ما حكم فتاة أهلها يشرفون على منزل لحراسته لوريث فاقد أهلية قانونية مدى الحياة؛ لتخلفه العقلي, تتعرف الفتاة كل مرة على امرأة -وزوجها مستأجر جزءاً من المنزل- تصاحبها فتخطف زوجها الموظف بجرأة بدون حياء دون مراعاة للتقاليد, ودون مراعاة لظروف الرجل, وشعور المرأة التي تعرفت عليها, ويتم عقد قرانها سراً بالاشتراك مع إخوانها الرجال بدلاً عن منعها, وإرشادها بالتخطيط الرشيد, مقابل هدايا فقط ناتج عقد القران, أو الاشتراك في امتلاك المنزل مع العريس المخطوف الموظف, وتقوم بتعذيب المرأة وتكره اليوم الذي عرفت الفتاة؛ لأنها تعمل على فتنة الرجل بزوجته.

الجواب: هذه قصة الله أعلم بحقيقتها؛ لكنني أقول بأن النكاح السري ليس بصحيح, وهي تقول: يتم عقد قرانها سراً, ما ندري هذه السرية ما مداها؛ لأن بعض النساء تعتقد بأن الرجل إذا ذهب إلى ولي الفتاة, وتم عقد القران بدون الصورة المعروفة, من إقامة الحفل والوليمة وما إلى ذلك, يعتقدون بأن هذا عقد سر, نقول: لا, عقد السر هو الذي يتواصى الزوج وولي الفتاة والشهود على كتمانه, يكون هناك تواص بين الزوج وبين ولي الزوجة, وبين الشهود على كتمانه, هذا هو نكاح السر الذي تبطله الشريعة, أما إذا لم يحصل تواص على الكتمان؛ لكن كان الإشهار محدوداً فهذا عقد صحيح.

أما قولها بأنها تخطف الموظف, وتشترك مع إخوانها الرجال مقابل هدايا وكذا؛ فهذا كله حقيقة لو كان حاصلاً فهو مما يتنافى مع مكارم الأخلاق.

وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأن يحب أحدنا لأخيه ما يحب لنفسه, وأن يكره لأخيه ما يكره لنفسه.

السؤال: جدتي توفيت ولها من الأبناء خمسة, ثم تزوج جدي امرأة ثانية، ولها من الأبناء اثنا عشر, وجدي عنده استحقاق في الخطة الإسكانية باسم جدتي وأولادها.

الجواب: الاستحقاق هذا تنظمه اللائحة التي تصدرها الدولة, أو الجهة التي تقسم الأراضي السكنية, فإذا كان الاستحقاق باسم الجدة وأولادها, فإن هذا الأمر يئول إلى هؤلاء الأولاد بعد وفاة الجدة.

السؤال: أخي حلف على زوجته طلاقاً, بعد أن تقوم من الوضوع (الحمل) سوف يطلقها, فهل بهذا هي طالق؟

الجواب: لا, من قال لزوجته: سوف أطلقك, فهذا التسويف مجرد وعيد وتهديد, لو أن إنساناً مثلاً طلبت منه امرأته أن يطلقها فقال لها: حسناً, إن شاء الله إذا رجعت في آخر اليوم سأطلقك, أو إذا جاء أخوك أو أبوك سأطلقك, فإن هذا مجرد وعد وليس طلاقاً؛ فإن الطلاق إما أن يكون بصيغة الماضي: طلقتك, أو بصيغة الخبر الجازم: أنت طالق, أو أنت طلاق، ونحو ذلك من الألفاظ الصريحة.

وإذا كان بلفظ الكناية كقوله: أنت حرة, أو أنت خلية, أو أنت برية, أو الحقي بأهلك, أو حبلك على غاربك, ونحو ذلك من الألفاظ فمثل هذا لا يقع به طلاق إلا إذا نوى.

أما الطلاق الصريح كقوله: أنت طالق, أو أنت مطلقة, أو أنت طلاق, أو طلقتك؛ فهذا لا يحتاج إلى نية.

المتصل رأيت أخي يأخذ امرأة يذهب بها إلى مكان منعزل, ومشيت وراءهم؛ ولكني لم أستطع مواجهتهم, وأنا أعرف المرأة التي كانت معه, وسمعتها سيئة, وأظن أنهم فعلوا شيئاً خطأ, والأفكار لم تذهب من رأسي, ودماغي انفجر من كثرة التفكير, أفيدوني.

السؤال: أنا مخطوبة منذ ست سنوات، وتمللت من كثرة وعوده لي بالزواج, ولم تتم بسبب ظروف بسيطة, وأريد أن أتركه, ولكن هو ابن عمتي, وأخاف من المشاكل العائلية, وآخر مرة قال لي أخي: الزواج بعد الأضحى, أنا أخاف أن أخطئ, ما أريد أن أتكلم معه، ماذا أفعل؟

الجواب: أنت تسألين عن فسخ الخطبة وأنت بخير النظرين, إن وجدت أن ابن عمتك هذا يسوف ويماطل, وأن مواعيده كمواعيد عرقوب ولا نهاية لها؛ فما كلفك الله بأن تنتظريه أبد الآبدين, بل من حقك أن تفسخي الخطبة.

أما إذا كان الرجل جاداً, ولكن ظروفاً حالت دون إتمام الأمر, على ما يحبه الله, فاصبري، والصبر يعقبه نصر إن شاء الله, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( واعلم بأن الفرج مع الكرب, وأن النصر مع الصبر, وأن مع العسر يسراً ).

الشيخ: أما بالنسبة لأخيك الذي خلا بامرأة مشبوهة سمعتها سيئة, ولا تريدين مواجهته؛ فيمكنك بأن تسمعينه بعض الأشرطة, أو أن تهدي إليه بعض الكتيبات التي تبشع الزنا وتنفر منه, ويمكن أيضاً أن تسري بهذا الأمر إلى من يستطيع التأثير عليه, وليست هذه غيبة مذمومة, فمن طلب الإعانة في إزالة منكر فليس بمغتاب, كما قيل:

الذم ليس بغيبة في ستة متظلم ومعرف ومحذر

ولمظهر فسقاً ومستفت ومن طلب الإعانة في إزالة منكر

فأنت لو أفضيت بهذا الأمر إلى من يستطيع التأثير عليه, ما قصدت بذلك غيبته, وإنما قصدت نهيه عن هذا المنكر, ومنعه من هذا الشر, ونسأل الله الهداية للجميع.

السؤال: هل يجوز صيام الست قبل القضاء؟

الجواب: نعم يجوز, وأنا أقول لإخوتي وأخواتي بأن هذه الليلة هي ليلة السادس والعشرين من شوال, ما بقي من الشهر إلا قليل؛ ولذلك من لم يصم الست أو بقي عليه شيء من صيام الست فليبادر قبل أن يخرج الشهر.

السؤال: ما حكم الدخل الذي يعود من تأجير معدات المناسبات, أحلال أم حرام؟

الجواب: إذا كانت المناسبات حلالاً كأعراس ونحوها, وأغلب ما يمارس فيها حلال, وليس فيه مخالفة شرعية فلا حرج، والدخل حلال, أما إذا كانت المناسبات في ذاتها حراماً, كالأعياد التي لها صلة بديانات غير دين الإسلام, أو المناسبات التي تمارس فيها المنكرات, من الغناء الماجن, والاختلاط المحرم, والرقص المشترك بين الذكور والإناث؛ فإنه لا يجوز تأجير هذه المعدات لهم؛ لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان, وقد حرم الله ذلك في القرآن.

السؤال: قرأت القرآن, وأريد العمل بقول الله: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ).

الجواب: لا، هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم, وهو حديث صحيح متفق عليه من رواية عثمان عليه من الله الرضوان, أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ), فبارك الله لك في ما تعلمت, وبارك الله لك، ويسر لك أن تعلِّمي, فإنه كما قال الألبيري :

يزيد بكثرة الإنفاق منه وينقص إن به كفاً شددت

يعني: لو أن الإنسان أنفق من علمه فعلمه يزيد، والعلم ينقص لو أن الإنسان قبضه ولم يوصله، ولم ينشره ولم ينثر مسكه على الناس، فأنت أيها السائل أو أيتها السائلة، ينبغي لمن تعلم شيئاً من العلم -قرآنا أو غيره- أن يحرص على نشره ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2820 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2648 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2530 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2530 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2504 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2475 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2462 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2442 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2404 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2403 استماع