ديوان الإفتاء [370]


الحلقة مفرغة

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:2-4]، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

السؤال: ابني لم يتجاوز السنة الرابعة ويصر على أن يؤم والدته في الصلاة, فوافقت والدته على ذلك وهي تعيد صلاتها بعد, فهل هناك حرج في ذلك؟

الجواب: لا حرج إن شاء الله, ولعل ولدك يكون من أئمة الهدى, ومن أئمة المتقين رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74].

ومن شروط الإمام في صلاة الفريضة عند أكثر أهل العلم أن يكون بالغاً، ومن لم يشترط البلوغ فإنه يشترط التمييز, أما إمامنا هذا فلا هو بالغ ولا هو مميز.

السؤال: إذا أرضعت امرأة الابن الأصغر لامرأة أخرى, هل يجوز لابنتها الزواج من ابن تلك المرأة الكبير مع العلم أنها رضعات مشبعات؟

الجواب: لا يجوز, فإن هذا الابن الأصغر هو الذي رضع فلا يجوز له أن يتزوج من أي واحدة من بنات تلك المرأة التي أرضعته, سواء من كُنَّ كباراً أو من كن صغاراً؛ لأن الجميع صرن أخوات له من الرضاعة, أما إذا كانت هذه المرأة عندها ابنة وتريد أن تتزوج من أخ ذلك الذي رضع, من الأخ الأكبر أو الأصغر وهو لم يرضع فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

السؤال: ما حكم إلقاء زوجتي السلام على أخي؟

الجواب: هذه هي السنة, السنة: أن يسلم المسلم على من لقي من رجال أو نساء إذا أمنت الفتنة؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بالنساء فيسلم عليهن, فزوجتك لو أنها سلمت على أخيك بلفظ: السلام عليكم ورحمة الله, فإن هذه هي السنة.

السؤال: أنا كنت أصلي فأتتني ريح أثناء الصلاة فأمسكتها فهل صلاتي باطلة؟

الجواب: لا, ليست باطلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق البطلان على خروج الريح, فقال: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ), وفسر الحدث كما في حديث أبي هريرة بخروج الريح, وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: ( لا ينصرفن حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ).

السؤال: دخلت في صلاة المغرب في المسجد, وبعد الركعة الأولى تذكرت أني لم أصل العصر, فكيف أفعل؟

الجواب: تتمادى في صلاتك، وبعد الانتهاء منها تصلي العصر ثم تعيد المغرب.

السؤال: ما حكم من صلى العشاء بعد الساعة الثانية عشرة؟

الجواب: هذا أخرها تأخيراً لا ينبغي, فإن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يؤخر العشاء أحياناً إلى ثلث الليل الأول ), لكن ما كان يزيد على ذلك, فلو أن صلاة العشاء يؤذن لها في الثامنة والنصف فلا حرج أن يصلي الإنسان في التاسعة, أو في التاسعة والنصف, أو في العاشرة, أو في العاشرة والنصف, أو في الحادية عشرة, لكن لا يزيد على ذلك.

السؤال: متى تكون تحية المسجد وقت صلاة المغرب؟

الجواب: من دخل المسجد قبل الأذان فلا يصلين تحية المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ), وهذا ثابت في الصحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه, وثبت من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه في الصحيح أيضاً ( أن ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع, وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول, وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب ). فمن دخل قبل أذان المغرب فلا يصلين, بل يجلس, وهذا يكاد أن يكون إجماعاً بين أهل العلم. وفرق بين إنسان يصلي بعد العصر, وإنسان يصلي حال غروب الشمس, فبعد العصر المسألة محل خلاف بين الشافعية وبعض الحنابلة وبين جمهور العلماء, أما ساعة الغروب فيكاد يكون إجماعاً.

السؤال: ما حكم الدين في إمام مسجد يقول: هذا مسجدي؟

الجواب: هو على كل حال ليس مسجده, قال تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18], ولا ينافي هذا أن ينسب المسجد إلى واقفه؛ كما في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ), وكذلك في الحديث: ( فأتينا مسجد معاذ ), ولا بأس أن ينسب المسجد إلى قوم, ففي المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان هناك مسجد بني معاوية, ينسب إلى القوم الذين كانوا يقطنون ذلك المكان.

أما أن الإنسان يقول: هذا مسجدي, بحيث أنه يتصرف فيه كيف يريد, فهذا ما لا يتأتى, وأنا لا أدري ما الذي حمل الإمام على أن يقول هذا الكلام, فلربما أن بعض الشباب ممن هم حديثة أسنانهم، وقليلة علومهم، قد شغبوا عليه ببعض المسائل فقال هذا الكلام من باب أن يوقف النقاش، ويقطع في الأمر, ولربما أن بعض الناس كذلك أكثروا من التدخل في الأمور الإدارية للمسجد والتي لا يصلحها إلا الحزم, والناس لن يتفقوا على رأي واحد فيها فقال هذا الكلام, أما إذا كان يقول هذا الكلام استبداداً بالأمر, وإهمالاً للشورى, فهذا لا يتأتى.

السؤال: ما حكم من صافح زوجة جده, وهي في العدة؟

الجواب: زوجة جدك من محارمك، في العدة أو في غير العدة؛ لأن الله عز وجل قال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22], والجد أب, بدليل قول الله عز وجل على لسان يوسف: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ [يوسف:38], فـإبراهيم ما كان جده المباشر, وإنما إبراهيم أبو إسحاق وإسحاق أبو يعقوب.

السؤال: ما حكم من حرم عمل شيئاً معيناً, ثم عمله؟

الجواب: أولاً: هذه اليمين ينبغي أن يتقي الله فيها ويتوب إلى الله منها, وقد قال ربنا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة:87], وإذا كان هذا التحريم قصد به الزوجة, وقصد به الطلاق, فإنه يقع به طلاق ألبتة, أي: طلاق الثلاث, وأما إذا قصد مجرد اليمين, فإنه تلزمه كفارة يمين.