int(17144) array(0) { }

أرشيف المقالات

سلسلة شوارد وفوائد لعامة المسلمين (1)

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
سلسلة شوارد وفوائد لعامة المسلمين



• أبدأ هذه السلسلة مستعينة بربي أُقيِّد فيها بعض شوارد وفوائد.
 


• لعلَّه لا رابط يجمع بين نقاطها، ولعلَّ بعض نقاطها يكون مقالات متتابعة في موضوع بعينه لا يحتمل اختصار النقاط.
 


• هذا العصر وثورته المعلوماتية أصابت الكثير منا بالتشتُّت التامِّ.
 


• ووسائل التواصل فرضت علينا ما لم نجد فرصة كي نناقش أنفسنا حياله، هل نحن لنا قبل به؟! أم أنه التيار العام جرفنا أو كاد؟!
 


• وكي لا نبكي على اللَّبن المسكوب بكاءً نحن نُوقن أنه لن يعيده، بل سيتسبب البكاء في مزيد سكب وهدر؛ من أجل ذلك نضطر أن نُساير بعض واقعنا مسايرةً لا يرفضها الشرع.
 


• لعلَّ كُثُرًا من والجي العالم الإفتراضي ليسوا مشاريعَ طلاب علم تخصُّصي أو توسطي حد أدنى ومحاولة إحراز نتيجة قبول فقط.
 


• ولعلهم ليسوا أصحاب جادة أصلًا، وليسوا طالبي حصانة علمية أو عملية؛ إنما هم عامة يأكلون ويشربون ويمارسون دينهم الذي عرفوه.
 


• ثم هم يقتحمون هذه العوالم طالبين الترفيه، يقودهم الفضول أحيانًا والبحث عن الفائدة الخفيفة غير المرهقة أحايين أُخَر، والمؤمن كله أمره خير لو كان مؤمنًا فعلًا.
 


• لو أردنا توجيه هذه الطاقات الكبيرة والعظيمة إن لم نقل الغالبة ببضاعة علمية مفيدة، فلعل قالب (الشوارد) هو الأنسب للجميع كحدٍّ أدنى، وكمرحلة تجمعهم ولا تُفرِّقهم، ومن خلالها يتمُّ لنا ما نُريد أن نأتي بهم جميعًا على كلمة سواء، ثم من بعدها كلٌّ مُيسَّر لما خُلِق له؛ لكن بعد أن تُقام عليه الحُجَّة.
 


• من بعدها كما قلت يبدأ من فتح ربي عليه ينشد المزيد، ينشد الكثير بعد أن ذاق - بدون اضطرار- حلاوة القليل.
 


• ينشد العميق بعد أن تلمس بعفوية ودون تضييق عليه حلاوة البسيط الهادف.
 


• هذه ببساطة وعلى عجالة فكرة وهدف هذه السلسلة أن نجمع غالب الأُمَّة الإسلامية البسطاء على مشروع فوائد مجتناة تكون قائدًا لهم نحو ما هو أعمق وأفيد.
 


• وسنبدأ مباشرة بحول الله في سرد هذه الفوائد التي جمعتها، وأُكرِّر أن النقاط قد لا يوجد ترابط بينها قطُّ سوى رابط استحقاق الوقوف عندها قليلًا أو كثيرًا، والله من وراء القصد.
 


• بالتأكيد لن أكون ممن أتى بجديد حتى على مستوى جمع الفوائد.
 


• لكن ما أراهن به في سوق النجاح لبضاعتي القليلة هو القالب الواقعي والمفردات السلسة دون إسفاف وضرب الأمثلة الموصِّلة مباشرة للهدف.
 


• جمعت هذه الثلاثية في موضع واحد (الواقعية، التبسيط، ضرب المثال الحي)، والله نسأله الصواب.
 


• نبدأ فنقول بعون الله تعالى: لا شك أن العلم هو المرشد والقائد والمرجعية، وهو النبراس والنور والضوء الذي يكشف لنا ظلمات هذه الحياة ودياجيرها، وكُثُر لا يعلمون هذا، ولا يريدون أن يعلموا هذا إن لم يصرُّوا أن الحق بخلاف هذا أصلًا! وهي والله المعضلة.
 


• أن تمضي نصف أعمار أبناء هذا الكوكب وهم لم يتفقوا أصلًا على بداية الأمر والرشد والجادة، أين؟ وما هي؟
 


• كُثُر من بني إسلام يزهدون ويعزفون تمامًا عن العلم الشرعي مهما زُيِّن لهم، ومهما ومهما ومهما.
 


• في المقابل هم بيئة خصبة جدًّا لبضاعة الأعداء، ولو كانت تلك البضاعة لا يختلف على فسادها عاقلانِ.
 


• وهذا طبيعي وبدهية كونية.


أتاني هواها قبل أن أعرفَ الهوى *** فصادَف قلبًا خاليًا فتمكَّنا
 


• لِمَ لَمْ تعرِف الهوى يا صاح؟


• ولِم حين أتاك هواها قبلته وأنت الذي لم تعرِفه؟


• هذا هو حالنا يا سادة إلا من رحِم.


• لم نعرف.


• ولم نرد أن نعرف.


• وحين أتي من يعرفنا حاربناه وصددناه وردَدناه.


• وحين أتى من يجهلنا قبلناه!


• الداعية عليه أن يُصِرَّ على أن يصبر هو على هؤلاء المغيبين عمدًا أو عفوًا.
 


• ترداد الداعية لنفسه أن الهداية منه إنما هي بلاغية فقط دلالية إرشادية، وليس عليه أن يصل هؤلاء المدعوين أعني يصلون إلى بر الهداية.
 


• هذا الترداد منه لهذه القناعة قد يكون فخًّا إبليسيًّا محبوكًا بدهاء.
 


• وقد يحاول تنزيل بعض النصوص على عجزه وتقصيره درى أم جهل.
 


• كم نخدع أنفسنا، إن هذا الدرب شاقٌّ طويلٌ صعبٌ وعرٌ، لا يصلح فيه قطُّ من أتْبَع نفسه هواها وتمنَّى على الله تعالى الأماني، ولو كان يحسب نفسه من الصَّلاح أهل الخير، اللهم ثباتًا وبصيرةً وسدادًا.
 


• لنضرب مثالًا دنيويًّا مقاربًا يُوضِّح لك الفجوة والبون والهوَّة.
 


• لو أن لك ابن زهد في دراسته الأكاديمية، وطلب منك ترك الدراسة قبل أن يصل الثانوية العامة، هل ستسلم له ببساطة وأنت تُردِّد بقناعة أن ربي قدر عليه ألا يكون له حظٌّ في التعليم الأكاديمي؟ ذاك الذي فتن غالب الأُمَّة؟
 


• بلا شك لن تفعل؛ بل كل أب حريص مخلص يستشعر معنى أنه راعٍ لأهله لن يألوَ أي جهد كي يعبر بذريته بَرَّ الأمان، ولو كان الأمان عندهم حاليًّا أمانًا دنيويًّا محضًا؛ لكن من نجح في حلال الدنيا هو أرحم بمليار مرة ممن عاش وعاث فيها فسادًا وإفسادًا.
 


• هكذا الداعية المخلص الحكيم الصبور العاقل بعيد النظرة لا ييئَس قطُّ من أن الفجر سيلوح ولو بعد حين، وأن هذا (الحين) للفجر ليس مسؤوليته.
 


• بل مسؤوليته ألا يتوقَّف قطُّ عن محاولات التغيير والإصلاح والتوعية والتربية والتعليم.
 


• أي نعم رأس هذه الجهود أن يعرف الداعية أي نوع أرض تلك التي ألقى فيها بذرَه، وبدأ غرسه، وينتظر الحصاد؟
 


• عليه أن يعرف هل الأرض هذه صخرية أم طينية أم رملية أم زراعية خصبة؟
 


• هذا واجبه والدليل ما يلي: عنْ أبي موسى قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مَثَل مَا بعَثني اللَّه بِهِ منَ الْهُدَى والْعلْمِ كَمَثَل غَيْثٍ أَصَاب أَرْضًا، فكَانَتْ طَائِفَةٌ طَيبَةٌ، قبِلَتِ الْمَاءَ فأَنْبَتتِ الْكلأَ والْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمسكَتِ الماءَ، فَنَفَعَ اللَّه بِهَا النَّاس، فَشَربُوا مِنْها وسَقَوْا وَزَرَعوا، وأَصَابَ طَائِفة مِنْهَا أُخْرَى؛ إِنَّمَا هِيَ قِيعانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً، وَلا تُنْبِتُ كَلأ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِين اللَّه، وَنَفَعَه بمَا بعَثَنِي اللَّه بِهِ، فَعَلِمَ وعَلَّمَ، وَمثلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأْسًا وِلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ))؛ متفقٌ عَلَيهِ.
 


• وصف رسول الله عليه الصلاة والسلام - أحرص مَن حرَص مِن خلقِ الله على هدايتهم ووصْلهم بربهم - القلوبَ البشرية بثلاث صفات:
 


• صخرية، قيعان، لا تقبل ماء؛ وبالتالي لن تنبت زرعًا، وهؤلاء من زهدوا عن العلم والعمل والتعليم معًا، لا لأنفسهم ولا لغيرهم.
 


• أجادب أمسكت الماء فقط، وقيل: هي القلوب التي علمت وما عملت، وقيل: هي التي علمت وعملت؛ لكن لنفسها فقط، والأمر واسع؛ لكنها طائفة دون تلك التي قامت بالمنظومة كلها من علم وعمل ودعوةٍ وصبر على الطريق هذا.
 


• طائفة طيبة، هذه الطائفة الأمثل والأكمل التي تمثَّلت قوله تعالى تمثيلًا كاملًا كمالًا بشريًّا: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].
 


• إن العمل الحقيقي هو ما ذكرته النصوص الخالدات، ومنها:


• عن أبي هريرة: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110]، قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ يَأْتُونَ بِهِمْ في السَّلاسِل فِي أعْنَاقِهمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإسْلامِ.
 


• وعَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: ((عَجبَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ في السَّلاسِلِ))؛ رواهُما البُخاري.
 


ونواصل أيُّها القُرَّاء الكرام بحول الله تعالى

شارك المقال

روائع الشيخ عبدالكريم خضير