الربيع العربي وما تلاه يحسِم القضايا الفكرية - عبد المنعم منيب
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
23 ديسمبر, 2016روادتني فكرة مهمة (منذ 3 يوليو 2013) وهي:
إن الأحداث حسمت أكثر القضايا الخلافية في ما بين الحركات الإسلامية في مجال العمل الإسلامي فالقطبيون كانوا يقولون منذ السبعينات يجب تربية قاعدةٍ عريضة من الشعب عقائديًا لتتقبل الحكم الإسلامي لأننا لو حكمنا الناس على هذا الوضع من الجهل فسوف يثورون على الحكم الإسلامي وكان الإخوان والجهاد والجماعة الإسلامية يختلفون معهم في ذلك كل لأسبابه ووجهة نظره، ثم جاءت الأحداث ليثور قطاع لا بأس به من الشعب المصري ضد حكم الإسلاميين فأثبتت صحة هذه الرؤية القطبية لحد كبير.
و كان الإخوان المسلمون يرون أنه لابد أن يقوي بناءهم التنظيمي ويكبر في التزامٍ حازمٍ بالانضباط والسمع والطاعة وبتربية كفاحية لهذا الكيان بكل أفراده وبذلوا في سبيل ذلك الكثير وامتلكوا لتحقيق ذلك تكتيكات مناسبة ومكافئة لتحقيق هذا الهدف وعملوا في العديد من القطاعات مثل النقابات المهنية والأحياء والقرى السكنية والنقابات العمالية والجامعات والثانويات كما انتهزوا كل الفرص للتهدئة مع النظام الحاكم وأجهزته الأمنية كي يعطوا لأنفسهم مزيداً من الفرص لاستكمال هذا البناء ثم جاءت ثورة يناير 2011 وأحداث رابعة والنهضة وما بعدها لتثبت أن الكتلة الكبيرة الصلبة المنظمة التي يمكن الارتكاز عليها في العمل الكفاحي ويمكنها تحمل الكثير من المحن وتقديم التضحيات في سبيل المبادئ هي تلك الكتلة التي كونوها، رغم أن جماعات القطبيين والجهاد والجماعة الإسلامية كانت قبل يناير 2011 غير مُقتنعة بما يفعله الإخوان وكانوا يقللون من قيمته.
و كان تنظيم الجهاد يرى أن أهم شئٍ هو السيطرة على ما يسمى حاليًا بالدولة العميقة (كانوا هم يسمونها بالمناصب الاستراتيجية في الدولة) وكانوا يركزون على تجنيد أعدادٍ قليلة من الأعضاء وتأهيلهم لتولي هذه الأمور والقدرة على السيطرة عليها وتسييرها وكانوا يختزلون قضية الصراع كلها في هذا الأمر ويرون أنه لا الشعب ولا الجماعة كثيرة العدد ولا الإعلام لهم أهمية ويقولون إن السيطرة على المواقع الاستراتيجية في الدولة تجعل كل هؤلاء طوع يمينك وكان الإخوان والقطبيون يرفضون هذه الرؤية ويعتبرونها تبسيطية وغير صحيحة، ثم جاء تولي د.مرسي للحكم وعدم قدرته (لا هو ولا كل جماعة الإخوان المسلمين بقدراتها البشرية والمالية الضخمة) على السيطرة على المواقع الاستراتيجية للدولة بما أدى بعد سنة إلى إسقاطه وحدوث كل ما حدث، حكم مرسي الضائع هذا أثبت أهمية السيطرة على الدولة العميقة من قبل الحاكم وإلا لما اعتبر حاكمًا.
(والجماعة الإسلامية كانت كالجهاد قبل مبادرة وقف العنف ثم صارت كالإخوان فكريًا وبلا حركة بعد المبادرة بسبب عوامل عديدة فضلًا عن تفكك تنظيم الجهاد بعد 1999 لعوامل أخرى لكننا نتكلم عن الأفكار).
و لعل الناظر من الخارج يتعجب من جمع الجميع لعناصر النجاح لولا تفرقهم، وفي الواقع أنهم متفرقون وسيظلوا متفرقين لأن أغلب قادة الحركات الإسلامية المصرية يحقر ويسفه كل منهم ما عند غيره من أراء وأفكار ويعجب جدًا ويستعلي بما عند جماعته من أفكار ولذلك ليس عجيبًا أن نجد الآن من يتغزل في جماعته ويعتبر كل نكسةٍ ووكسةٍ وهزيمة لها إنما هو إنجازٌ وانتصارٌ من أعظم إنجازات وانتصارات التاريخ.