واحة القرآن - سورة الأنعام والوصايا العشر [1]


الحلقة مفرغة

الشيخ عبد الحي يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على البشير النذير، والسراج المنير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فما أكثر علل القرآن وحكمه، وقد قال ربنا جل جلاله: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]، وما أحرانا أن نتدبر ثلاث آيات وردت في خواتيم سورة الأنعام تضمنت وصايا عشراً، وهذه الوصايا مما اتفقت الشرائع عليها.

يقول الله عز وجل: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:151-153].

أبا عبد الله ! ماذا تقول في هذه الآيات؟

الشيخ محمد الخضيري: أولاً: دعنا نتفق على أن نتحدث عن الوصايا الخمس الأولى، ونرجئ الوصايا الخمس الثانية إلى حلقة أخرى.

الشيخ عبد الحي يوسف: عسى أن نوفيها.

الشيخ محمد الخضيري: بإذن الله.

الشيخ عبد الحي يوسف: نعم.

الشيخ محمد الخضيري: وهي طبعاً مجرد وقفات وإشارات، وبيان لجملة المعنى، وليس تفصيلاً لذلك الأمر.

الأولى: قال: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ [الأنعام:151]، ذكرنا في حلقات ماضية أن (قل) إذا جاءت فإنما تقال لأمر مهم وعظيم، يوصى به محمد صلى الله عليه وسلم، وتوصى به أمته.

ثم يقول: تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ [الأنعام:151].

التحذير من الشرك

الشيخ محمد الخضيري: أول ما بدأ من المحرمات بالشرك؛ لأنه أعظم المحرمات، وهو الذي لا يغفره الله عز وجل، قال الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً [النساء:48]، فكل ذنب يعصى به الله سبحانه وتعالى فهو محتمل للمغفرة إذا كان دون الشرك، إلا الشرك فإن الله سبحانه وتعالى يأخذ به جميعاً، ولا يغفره للعبد إذا توفي عليه، والمقصود (لا يغفر) يعني: إذا مات الإنسان على الشرك، أما إذا تاب فإن الله يتوب عليه، ويقبل منه توبته، كما قبل من الصحابة ومن جاء بعدهم رضي الله تعالى عنهم، فبدأ بالشرك، وقال فيه: أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [الأنعام:151]، فكلمة (شيئاً) نكرة، وجاءت في سياق النهي، والنكرة إذا جاءت في سياق النهي تدل على العموم، يعني: لا تشرك بالله ولو شيئاً يسيراً.

الشيخ عبد الحي يوسف: لا تشرك بالله نقيراً ولا قطميراً، كبيراً ولا صغيراً.

الشيخ محمد الخضيري: ولذلك روى النبي صلى الله عليه وسلم لنا عن ربه أنه قال: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه )، وفي رواية: ( فهو للذي أشرك، وليس لي منه شيء ).

فلنحذر من الرياء، ومن العجب، ومن أن نتوجه إلى أحد من عباد الله بشيء من الشرك، بأن نعبده، أو نسجد له، أو نطوف على قبره، أو نستغيث به، أو نسأله من دون الله.

الشرك الخفي وعلاجه

الشيخ عبد الحي يوسف: لا بد أن ننبه ها هنا إلى أن الشرك الخفي لا يكاد يسلم منه أحد، وقد شكا كبار الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الرياء: ( أن الواحد منهم قد يعمل عملاً يكون مشوباً بشيء من مراءاة الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك على دعاء إذا دعوت به أذهب الله عنك صغيره وكبيره؟ قل: اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئاً أعلمه، وأستغفرك مما لا أعلم ).

وقالوا أيضاً في علاج الرياء: العلم والعمل، العلم بأن الخلق لا يملكون لك شيئاً، لا نفعاً، ولا ضراً، ولا موتاً، ولا حياةً، ولا نشوراً، وأن تعلم بأن الرياء محبط للعمل؛ ولذلك يقال للمرائي يوم القيامة: ( اذهب إلى من كنت ترائي له في الدنيا فاطلب منه الأجر )، وهو لا يملك لنفسه شيئاً، فضلاً عن أن يملك لغيره شيئاً.

ثم العمل بأن تجتهد في إخفاء ما استطعت إخفاءه من صالح عملك؛ لأن لقمان عليه السلام روي عنه بأنه قال لولده: يا بني! ما كلفت إظهاره من العمل فلا تدخل فيه إلا بإخلاص؛ لأن بعض الأعمال لا بد من إظهارها، كالصلاة جماعةً، والحج وما أشبه ذلك، وما كلفت إخفاءه من العمل فاحرص ألا يطلع عليه إلا الله، لكن بعد ذلك لو اطلع عليه الناس، فتلك عاجل بشرى المؤمن.

الشيخ محمد الخضيري: وهنا مسألة وهي أن السلف رضوان الله تعالى عليهم كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل، لا يطلع عليه زوجة، ولا ولد، ولا قريب، ولا بعيد؛ من حبهم لأن يتقربوا بين يدي الله بعمل خالص ليس للنفس فيه أدنى حظ، ولا يشوبه أدنى شائبة.

الشيخ محمد الخضيري: أول ما بدأ من المحرمات بالشرك؛ لأنه أعظم المحرمات، وهو الذي لا يغفره الله عز وجل، قال الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً [النساء:48]، فكل ذنب يعصى به الله سبحانه وتعالى فهو محتمل للمغفرة إذا كان دون الشرك، إلا الشرك فإن الله سبحانه وتعالى يأخذ به جميعاً، ولا يغفره للعبد إذا توفي عليه، والمقصود (لا يغفر) يعني: إذا مات الإنسان على الشرك، أما إذا تاب فإن الله يتوب عليه، ويقبل منه توبته، كما قبل من الصحابة ومن جاء بعدهم رضي الله تعالى عنهم، فبدأ بالشرك، وقال فيه: أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [الأنعام:151]، فكلمة (شيئاً) نكرة، وجاءت في سياق النهي، والنكرة إذا جاءت في سياق النهي تدل على العموم، يعني: لا تشرك بالله ولو شيئاً يسيراً.

الشيخ عبد الحي يوسف: لا تشرك بالله نقيراً ولا قطميراً، كبيراً ولا صغيراً.

الشيخ محمد الخضيري: ولذلك روى النبي صلى الله عليه وسلم لنا عن ربه أنه قال: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه )، وفي رواية: ( فهو للذي أشرك، وليس لي منه شيء ).

فلنحذر من الرياء، ومن العجب، ومن أن نتوجه إلى أحد من عباد الله بشيء من الشرك، بأن نعبده، أو نسجد له، أو نطوف على قبره، أو نستغيث به، أو نسأله من دون الله.

الشيخ عبد الحي يوسف: لا بد أن ننبه ها هنا إلى أن الشرك الخفي لا يكاد يسلم منه أحد، وقد شكا كبار الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الرياء: ( أن الواحد منهم قد يعمل عملاً يكون مشوباً بشيء من مراءاة الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك على دعاء إذا دعوت به أذهب الله عنك صغيره وكبيره؟ قل: اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئاً أعلمه، وأستغفرك مما لا أعلم ).

وقالوا أيضاً في علاج الرياء: العلم والعمل، العلم بأن الخلق لا يملكون لك شيئاً، لا نفعاً، ولا ضراً، ولا موتاً، ولا حياةً، ولا نشوراً، وأن تعلم بأن الرياء محبط للعمل؛ ولذلك يقال للمرائي يوم القيامة: ( اذهب إلى من كنت ترائي له في الدنيا فاطلب منه الأجر )، وهو لا يملك لنفسه شيئاً، فضلاً عن أن يملك لغيره شيئاً.

ثم العمل بأن تجتهد في إخفاء ما استطعت إخفاءه من صالح عملك؛ لأن لقمان عليه السلام روي عنه بأنه قال لولده: يا بني! ما كلفت إظهاره من العمل فلا تدخل فيه إلا بإخلاص؛ لأن بعض الأعمال لا بد من إظهارها، كالصلاة جماعةً، والحج وما أشبه ذلك، وما كلفت إخفاءه من العمل فاحرص ألا يطلع عليه إلا الله، لكن بعد ذلك لو اطلع عليه الناس، فتلك عاجل بشرى المؤمن.

الشيخ محمد الخضيري: وهنا مسألة وهي أن السلف رضوان الله تعالى عليهم كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل، لا يطلع عليه زوجة، ولا ولد، ولا قريب، ولا بعيد؛ من حبهم لأن يتقربوا بين يدي الله بعمل خالص ليس للنفس فيه أدنى حظ، ولا يشوبه أدنى شائبة.