واحة القرآن - سورة الليل


الحلقة مفرغة

الشيخ عبد الحي يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فحديثنا سيكون عن سورة هي ختام أواسط المفصل، وفيها من الفوائد والحكم ما ينبغي الوقوف عنده، والانتفاع به، وهي سورة الليل، التي افتتحت بالقسم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:1-3].

ماذا أنت قائل أبا عبد الله ! في هذه الثلاث المقسم بها؟

الشيخ محمد الخضيري: قبل أن أتحدث عنها أود أن أخبر بأن هذه السورة كما قال ابن عباس : نزلت في السماحة والبخل. فمقصودها الأعظم: التحذير من البخل، وبيان فضل السماحة والإنفاق في سبيل الله عز وجل، ولذلك لما جاء الله عز وجل بالقسم، جاء به على وجه المزاوجة والمضادة، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:1-3]، ثم قال: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [الليل:4]، وهذا هو جواب القسم.

الشيخ عبد الحي يوسف: ضدان وضدان.

الشيخ محمد الخضيري: يبين الله عز وجل أنه كما يختلف المنفق عن البخيل يختلف الليل عن النهار، والذكر عن الأنثى.

الشيخ محمد الخضيري: ويبين ربنا سبحانه أن سعي العباد مختلف شتيت، ليس متحداً، فالناس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها، أو موبقها )، وقال: ( وأصدقها الحارث وهمام )؛ لأن الإنسان لا يخلو من هذين الوصفين، إما أن يسعى في الخير أو يسعى في الشر.

الشيخ عبد الحي يوسف: نعم، وبعض الناس سعيه كله للدنيا، فهي غاية همه، ومبلغ علمه، وبعض الناس سعيه كله للآخرة، حتى عمل الدنيا يبتغي به ما عند الله عز وجل، ولذلك قال ربنا سبحانه وتعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً [الإسراء:18-19]، وهذا المعنى بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ( من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة ).

والصحابة رضي الله عنهم سعوا للآخرة، فجاءتهم الدنيا، فبعدما كانوا رعاةً للغنم صاروا قادةً للأمم.

وقوله: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [الليل:4]، فهذا يسعى من أجل النساء، وهذا يسعى من أجل المال، وهذا يسعى من أجل الجاه، وبعض الناس قد يبذل المال من أجل الجاه، وبعض الناس قد يسعى للجاه من أجل المال، فهو يتخذ هذا سلماً لذاك، وبعض الناس همه الآخرة، ورضا ربه جل جلاله؛ لأنه يعلم أن الدنيا ليست إلا محطةً سريعة الزوال.

مثال السعي في الخير وجزاء صاحبه

الشيخ محمد الخضيري: وهنا بعد أن ذكر الله أن سعي الناس شتى، ذكر مثالاً لذلك، وبينه بأوضح بيان، فقال: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل:5-7]، فهذا الصنف يفعل هذه الأعمال، يؤمن، ويتقي، ويتصدق، فالله سبحانه وتعالى يجازيه بأن ييسره لليسرى في دنياه وأخراه.

قبل ذلك يا شيخ! قال: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى [الليل:5-6]، وهنا وقفة مهمة جداً، وهي: أن الرب سبحانه وتعالى لا يعطيك الجزاء، وييسرك لليسرى حتى تعطي أنت من نفسك، وتقبل على ربك، وتدين عن صدق إيمانك بأن تتقدم خطوة إلى الخير، فإذا تقدمت خطوة قدمك الله خطوتين: ( من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتى إلي يمشي أتيته هرولة )، يعني: ما يأتيك من الله ضعف ما يأتي منك، لكن بشرط أن تبدأ، وتبدأ، وتشتغل، وتعمل، وتسعى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً [الإسراء:19].

مثال السعي في الشر وجزاء صاحبه

الشيخ محمد الخضري: قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى [الليل:8-9]، ضدها تماماً، كما هو الليل والنهار، والذكر والأنثى: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى [الليل:10-11]، فالله عز وجل ذكر في هذه الآيات نموذجاً للسعي في الخير، والسعي في الشر، السعي الذي يحبه الله، والسعي الذي يبغضه الله سبحانه وتعالى.

الشيخ عبد الحي يوسف: سبحان الله! في قول الله عز وجل: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:10]، شيخنا الشيخ عطية محمد سالم عليه رحمة الله في تكملة الأضواء قال: قول الله عز وجل: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:10] قد يشكل على بعض الناس، ولكن حقيقته أن الإنسان إذا انغمس في معصية الله، صارت والعياذ بالله هينةً عليه، يتلذذ بها، ولا يتلذذ بالطاعة أبداً، حتى حكوا: أن رجلاً امتهن السرقة، وصار له مال كثير من كسب حرام من السرقة، فلما تقدمت به السن، ووهن منه العظم صار يستأجر من يسرق له، رغم أن عنده ما يكفيه، لكنه يستأجر من يسرق له، قال: وفي يوم من الأيام استأجر من يسرق له من بستان رجل آخر بعض الثمر ليأكله، فأخذ هذا المستأجر ثمراً من بستان هذا الخبيث ولم يسرق، قال: فلما أكل منها لفظها، وقال: لا أجد فيها حلاوة السرقة، نسأل الله العافية، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:10]، بعض الناس لا يستلذ بالحلال في النساء، لكن يستلذ بالحرام، وهكذا: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:10].

الشيخ محمد الخضيري: أضيف إلى ذلك أيضاً هو أن الإنسان إذا ولج باب السيئة والشر، فإن كل شر يهيئ للشر الذي هو أشد منه، وهذا من شؤم المعصية، فكل سيئة تجر ما بعدها مما يكون أكبر منها، وهذه مصيبة، وانظر مثلاً إلى الذي يبدأ بالدخان، تجده يبدأ بالسيجارة، ثم بالباكت، ثم لا يكفيه، ثم ينتقل للشيشة، وبعد الشيشة ينتقل للخمر، ثم بعدها لا يغنيه هذا الخمر، فينتقل للمخدرات والحشيش وغيرها، حتى -والعياذ بالله- يختم له بالسوء.

الشيخ عبد الحي يوسف: وهكذا من ولج باب المعصية كما قال الله عز وجل: قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً [مريم:75]، وقال: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5]، وقال: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً [البقرة:10]، وقال: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ [النساء:155] أي: بسبب كفرهم؛ لأنهم بدءوا بالمعصية فأوكلهم الله عز وجل إلى أنفسهم وإلى شياطينهم، فزينت لهم، أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً [مريم:83] تدفعهم إلى المعاصي دفعاً، وتزينها لهم تزييناً.

الشيخ محمد الخضيري: وهنا بعد أن ذكر الله أن سعي الناس شتى، ذكر مثالاً لذلك، وبينه بأوضح بيان، فقال: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل:5-7]، فهذا الصنف يفعل هذه الأعمال، يؤمن، ويتقي، ويتصدق، فالله سبحانه وتعالى يجازيه بأن ييسره لليسرى في دنياه وأخراه.

قبل ذلك يا شيخ! قال: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى [الليل:5-6]، وهنا وقفة مهمة جداً، وهي: أن الرب سبحانه وتعالى لا يعطيك الجزاء، وييسرك لليسرى حتى تعطي أنت من نفسك، وتقبل على ربك، وتدين عن صدق إيمانك بأن تتقدم خطوة إلى الخير، فإذا تقدمت خطوة قدمك الله خطوتين: ( من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتى إلي يمشي أتيته هرولة )، يعني: ما يأتيك من الله ضعف ما يأتي منك، لكن بشرط أن تبدأ، وتبدأ، وتشتغل، وتعمل، وتسعى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً [الإسراء:19].

الشيخ محمد الخضري: قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى [الليل:8-9]، ضدها تماماً، كما هو الليل والنهار، والذكر والأنثى: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى [الليل:10-11]، فالله عز وجل ذكر في هذه الآيات نموذجاً للسعي في الخير، والسعي في الشر، السعي الذي يحبه الله، والسعي الذي يبغضه الله سبحانه وتعالى.

الشيخ عبد الحي يوسف: سبحان الله! في قول الله عز وجل: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:10]، شيخنا الشيخ عطية محمد سالم عليه رحمة الله في تكملة الأضواء قال: قول الله عز وجل: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:10] قد يشكل على بعض الناس، ولكن حقيقته أن الإنسان إذا انغمس في معصية الله، صارت والعياذ بالله هينةً عليه، يتلذذ بها، ولا يتلذذ بالطاعة أبداً، حتى حكوا: أن رجلاً امتهن السرقة، وصار له مال كثير من كسب حرام من السرقة، فلما تقدمت به السن، ووهن منه العظم صار يستأجر من يسرق له، رغم أن عنده ما يكفيه، لكنه يستأجر من يسرق له، قال: وفي يوم من الأيام استأجر من يسرق له من بستان رجل آخر بعض الثمر ليأكله، فأخذ هذا المستأجر ثمراً من بستان هذا الخبيث ولم يسرق، قال: فلما أكل منها لفظها، وقال: لا أجد فيها حلاوة السرقة، نسأل الله العافية، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:10]، بعض الناس لا يستلذ بالحلال في النساء، لكن يستلذ بالحرام، وهكذا: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:10].

الشيخ محمد الخضيري: أضيف إلى ذلك أيضاً هو أن الإنسان إذا ولج باب السيئة والشر، فإن كل شر يهيئ للشر الذي هو أشد منه، وهذا من شؤم المعصية، فكل سيئة تجر ما بعدها مما يكون أكبر منها، وهذه مصيبة، وانظر مثلاً إلى الذي يبدأ بالدخان، تجده يبدأ بالسيجارة، ثم بالباكت، ثم لا يكفيه، ثم ينتقل للشيشة، وبعد الشيشة ينتقل للخمر، ثم بعدها لا يغنيه هذا الخمر، فينتقل للمخدرات والحشيش وغيرها، حتى -والعياذ بالله- يختم له بالسوء.

الشيخ عبد الحي يوسف: وهكذا من ولج باب المعصية كما قال الله عز وجل: قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً [مريم:75]، وقال: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5]، وقال: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً [البقرة:10]، وقال: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ [النساء:155] أي: بسبب كفرهم؛ لأنهم بدءوا بالمعصية فأوكلهم الله عز وجل إلى أنفسهم وإلى شياطينهم، فزينت لهم، أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً [مريم:83] تدفعهم إلى المعاصي دفعاً، وتزينها لهم تزييناً.

الشيخ عبد الحي يوسف: ثم قال الله عز وجل بعدما ذكر هذا البخيل قوله: وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى * إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى [الليل:9-12]، أي: إذا تردى في جهنم والعياذ بالله لن ينفعه مال، ولن ينفعه جاه، ولن ينفعه سلطان، ثم بين ربنا جل جلاله حقائق ينبغي أن نعبر عليها.

الشيخ محمد الخضيري: ومنها ما ورد في هذه السورة إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى [الليل:12-13]، فالله عز وجل قد أوجب على نفسه أن يبين الهدى للعباد، فيوضح لهم الحق بعدد من الطرق: بإرسال الرسل، وبإنزال الكتب، وبالآيات الكونية، وأيضاً بالفطرة، والعقل، ومعرفة الخلق بأن هذا من الخير، وهذا من الشر، كل ذلك من بيان الله عز وجل للهدى.

وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى [الليل:13]، يعني: واعلموا أيها العباد أن الآخرة والأولى كلها راجعة إلينا، فملكها بأيدينا، ونحن نتصرف فيها، فإياكم أن تخرجوا عن إرادتنا، وتكفروا بما أرسلناه إليكم، وكلفناكم به.

الشيخ عبد الحي يوسف: ثم بعد ذلك يقول الله عز وجل: فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا [الليل:14-15]، أي: لا يكتوي بحرها، ولا يقاسي حميمها، إِلاَّ الأَشْقَى [الليل:15]، ليس الشقي بل الأشقى، الذي بلغ في الشقاء مبلغاً بعيداً، من هو هذا الأشقى يا ربنا؟

الشيخ محمد الخضيري: قال تعالى: الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى [الليل:16]، فجمع بين أمرين:

الأول: التكذيب بالرسالة.

والثاني: التولي والإعراض عن الطاعة، وعدم القيام بما أوجب الله سبحانه وتعالى عليه.

الشيخ عبد الحي يوسف: أو كذب بالجنة، وأعرض عن العمل بها، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى [الليل:16].

الشيخ عبد الحي يوسف: ثم قال تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى [الليل:17]، قال ابن كثير رحمه الله: أجمع أهل التفسير على أن هذه الآيات إلى نهاية السورة نازلة في صديق هذه الأمة أبي بكر رضي الله عنه، الذي أنفق ماله على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بتسع ليال: ( والله ما نفعني مال مثلما نفعني مال أبي بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً، وما بقيت لأحد يد في الإسلام إلا جزيناه بها إلا أبا بكر ، فإن له يداً يجزيه الله بها يوم القيامة ).

وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى [الليل:17]، ما قال: التقي، بل الأتقى أي: الذي تناهى في التقى.