التوبة آثار وآفاق


الحلقة مفرغة

الحمد لله، الحمد لله فتح أبواب رحمته للمؤمنين، وبسط يده للتائبين، وأعد عفوه للمستغفرين النادمين، أحمده سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، حمداً كما يحب ربنا ويرضى، حمداً نلقى به أجراً، ويمحو الله به عنا وزراً، ويجعله لنا عنده دخراً، فله الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شاء من شيء بعد، وله الحمد على كل حال وفي كل آن، وله الحمد في الأولى والآخرة، سبحانه لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله؛ ختم به الأنبياء والمرسلين، وجعله سيد الأولين والآخرين، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ورزقنا وإياكم اتباع سنته، واحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] . يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! موسم عظيم من مواسم المغفرة، وأيام مباركة من أيام الله، ونفحات عظيمة من نفحاته جل وعلا، هبت علينا أنسامها في هذه الأيام المباركة من خلال الفريضة المعظمة، وما يزال العبد يتقلب في رحمة الله، وما يزال المؤمن ينظر إلى جود الله وعطائه، وما يزال المؤمن متعلق قلبه بما عند الله، كل ذلك مما اقتضته حكمة الله جل وعلا لتنشيط النفوس وإقبالها على التوبة والاستغفار، ولشحذ الهمم والعزائم على دوام الاتصال والمواظبة على العبادة والأذكار؛ فإن الله جل وعلا قد جعل لهذا الوجود كله غاية أوجزها في قوله سبحانه وتعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فعبودية العباد هي غاية هذا الوجود، ومن أجل تحقيقها أنزل الله الكتب، وأرسل الرسل، ونصب الموازين، وخلق الجنة والنار؛ فهي غاية عظيمة، ولأجل تحقيق هذه الغاية رسم الله جل وعلا ووضع المنهج الذي تتحقق به عبودية العبد ويتصل من خلاله بخالقه ومولاه سبحانه وتعالى، فكلما وهت حبال العبودية أو تقطعت أسبابها جاءت الفرائض والمواسم والعادات العظيمة من الله عز وجل لتعيد العبد إلى عبوديته وانكساره بين يدي الله وذلته، وإلى رجوعه وندمه، ومن ثم استغفار ربه وتوبته إليه، وهذا الذي نلحظه كلما فترت هممنا، أو ضعف إيماننا، أو غلبت دنيانا على قلوبنا، أو غرقنا في شهواتنا ولذاتنا، تجيء هذه العبادات وهذه المواسم المذكرات لتردنا إلى طريق الله لتعيد إلينا حقيقة عبوديتنا لله، وضرورة صلتنا به سبحانه وتعالى.

وليس من المشاهد والمواسم موسم أعظم من هذا الموسم الكبير؛ موسم الحج الأكبر، والأيام المباركة والمغفرة العظيمة، وقبول التوبة الذي وعد به الحق سبحانه وتعالى بعد أن بينه وبين تحققه بكمال عبوديته لله؛ فلا بد أن يحمل معوله ليهدم كل حجاب وكل مانع وحائل بينه وبين الله سبحانه وتعالى، وإنما معول هدم الذنوب هو التوبة لله جل وعلا، ودوام الاستغفار له سبحانه وتعالى، ليس بمستنكر أن يقع الإنسان في المعصية، وإنما الشقاء الأعظم في أن يلهو الإنسان، ويغفل القلب، ويسرح العقل؛ فلا يدرك أنه وقع في المصيبة العظمى والداهية الكبرى عندما عصى ربه وخالقه والمنعم عليه، وكان ذلك كله مانعاً من أن يفزع إلى التوبة إلى الله سبحانه وتعالى.

وما أعظم ما يتحقق في التوبة من معاني العبودية، فإن معظم معاني العبودية تتحقق في هذه التوبة التي ينطرح فيها العبد بين يدي ربه سبحانه وتعالى.. يعرف خطأه فيستغفر، ويعرف قدرة ربه وعظمته وجبروته فيخاف منه، ويميل إلى عفوه ومغفرته فيرجوه، ويطلب عونه وقوته وقدرته من الله سبحانه وتعالى فيسأل ويطلب، فإذا به ينصبغ بصبغة العبودية تضرعاً وخشوعاً ورهبة ورغبة ودعاء وتوسلاً واستعانة وتوكلاً، وليس مثل هذا الأمر عظمة في أثره في القلب، وفي سلوك العبد من بعد ذلك.

ذكر أهل العلم للتوبة شروطاً، إلا أن التفكر فيها يزيد من عظمة هذه التوبة وأثرها في الأوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وزيادة الإيمان، ورفع الدرجات عند الرحمن سبحانه وتعالى.

أولاها: الإقلاع عن الذنب وعلامته: المفارقة الفورية، والإقلاع النهائي، والعزم السريع على هذا الفعل في تخلص العبد مما يحجبه عن ربه، وتقع به ظلمة قلبه.

ثانيها: الندم: وعلامته: طول الحزن على ما فات وسلف من التفريط.

سئل سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: أي الأعمال أكثر عبودية لله؟ وأي العباد أشد قرباً من الله؟ فما قال: المصلي ولا الذاكر ولا التالي، وإنما قال: (رجل اجترح ذنباً؛ فكلما ذكر ذنبه استغفر ربه)، ما يزال أثر الندم يقود إلى دوام الحزن والألم، وإلى مزيد من الذكر والاستغفار، وإلى مزيد من طلب التوبة من الله سبحانه وتعالى؛ فيتجدد للعبد حينئذ عبودية ترقى به إلى أسمى مراتب العباد، ولذا فقه السلف الصالح رضوان الله عليهم هذا فعلموا صدقه وعلموا عظمته فقال قائلهم كما قال سعيد بن جبير : إن أعلى المراتب: رجل اجترح ذنباً؛ فكلما ذكر ذنبه استغفر ربه.

ثالثها: على الطاعة، وعلى عدم العود إلى المعصية: وعلامته: التدارك لما فات، تحقيقاً لقوله عز وجل: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114] .

ولقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها..).

وعلى الإنسان أن يتحلل من مظالم الناس، وأن يؤدي حقوق الناس، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو مال فليتحلل منه اليوم قبل ألا يكون درهم ولا دينار، إن كان له عمل صالح أخذ بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)، رواه البخاري في صحيحه.

فهذه المعاني كل واحد منها هو معنى من معاني العبودية يتحقق في القلب، وتعمر به النفس؛ سواء كان سبب الإقلاع الخوف من الله، أو الحياء منه، أو الندم؛ فما وقر في قلبك إلا من أثر الخشية من الله عز وجل، أو العزم والعمل؛ فما وقع إلا رغبة منك في إثبات العبودية لله، أو البراءة من الحقوق، فلم يقع منك إلا لأثر هذا الذنب الذي تخشاه في أخراك.

والله سبحانه وتعالى قد دعانا وأمرنا، وهو الغني عنا الذي لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين، لكنه جل وعلا من رحمته ومن محبته لعباده المؤمنين ناداهم بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [التحريم:8]، أي عظمة أعظم من هذا النداء الذي فيه تلطف وتحبب وتقرب للعباد بوصفهم بهذا الوصف؟ إنه وصف الإيمان الذي يحبونه ويرون فيه شرفهم وعزتهم، وكذلك يستدعي الله عز وجل بهذا النداء عزم أهل الإيمان؛ لأن للإيمان متطلبات ومقتضيات، أولها: سرعة ودوام واستمرار الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8].

قال ابن القيم وغيره من العلماء: التوبة النصوح تتضمن ثلاثة أمور:

الأول: أن تكون توبة عامة من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها، قديمها وحديثها، ما يتعلق بالعبد ونفسه والعبد والآخرين، وإننا نعلم أن العمل الذي نقدم عليه ويكون علينا فيه مؤاخذة كثير، ربما ندرك بعضه ولا ندرك بعضه الآخر، ومن ثم جاء دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في استغفاره وفي دعواته يعلمنا هذا: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلمه)، وعندما كان يستغفر ذنبه كان يستغفره كله سره وجهره، علانيته وباطنه، ما علمت منه وما لم أعلم، كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام.

الثاني: إجماع العزم: فلا تردد ولا توانٍ، أما من ترك المعصية وأقبل على التوبة حفاظاً على صحته، أو حفاظاً على سمعته، وهو متعلق بتلك المعصية ولو كان يأمن على سمعته أو صحته أو منزلته أو نحو ذلك لقارفها، فمثل هذا ما صدقت توبته، ولا نصح لله عز وجل في أوبته، ولذلك ينبغي أن نتأمل أن التوبة معانيها القلبية هي التي ينبغي مراعاتها، وهي التي ينبغي الحرص عليها، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : (يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه؛ فإني أتوب في اليوم مائة مرة) .

وإذا أراد الإنسان أن يتشجع على هذه التوبة فعليه أن يعلم أن الله سيغفر له ذنبه، ويستر عيبه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا إذا سألنا الله ودعوناه أن نوقن بالإجابة، وقد نهانا عن تعليق الدعاء بالمشيئة؛ لأن الله عز وجل لا يتعاظمه شيء، ولا يرد أمره شيء سبحانه وتعالى، ألم تستمع لقول الحق جل وعلا: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ [آل عمران:135-136]، أليس هذا وعد من الله؟ ووعد الله عز وجل -قطعاً- لا يتخلف. إن تذكرت الله، وإن حل في قلبك الندم على معصية الله، وإن وجد في نفسك العزم على طاعة الله فهذه المعاني الإيمانية التعبدية كفيلة بأن يمحو الله عز وجل لأجلها ذنبك، وقد قال الله جل وعلا: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82].

ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المغفرة من الله واقعة لا محالة. هذا أولاً، ومن الأمور التي تشد العبد إلى التوبة وتربطه بها؛ ذلكم أن الله عز وجل يحب التائبين المستغفرين، وقد قال في كتابه بالتوكيد: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]؛ فالتواب الذي يئوب ويرجع ويعترف بين يدي الله عز وجل بذنبه محبوب عند الله عز وجل.

وقد ورد في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم حمل على دابته متاعه في أرض فلاة، فضلت عنه، فبحث عنها فلم يجدها، فاستظل تحت ظل شجرة ينتظر الموت وقد أيس من دابته، فلما استيقظ وجدها وعليها متاعه، ففرح وأخطأ من شد الفرح، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك)، فالله عز وجل أشد فرحاً من فرحة هذا العبد الذي انقطعت عنه أسباب النجاة.

يفرح الله بتوبة التائبين؛ لأنها عربون وشهادة على عبودية أولئك التأبين؛ ولأن فيها خاتم الذل لله رب العالمين؛ وبصمة السجود والبكاء والتضرع والخضوع لرب الأرباب وملك الملوك سبحانه وتعالى.

ثالثاً: استمرارية فتح باب القبول من الله عز وجل، فإنه (يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار حتى تطلع الشمس من مغربها)، فأي باب أوسع من هذا؟ وأي رحمة أعظم من هذا؟ وأي توبة أوسع من هذا؟ إن هذا مما يجعل العبد يتهيج لطاعة الله، ويداوم على التوبة والاستغفار لله سبحانه وتعالى.

وقد ورد في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)، فالذي ينتبه لهذا يدرك أهمية التوبة.

رابعاً: من الأمور التي تحفز المرء على التوبة معرفته لخطر الذنوب وآثارها، فإنه إذا تفطن لهذا علم أن أعظم البلاء، وأكبر المصائب إنما تحل عليه من أثر الذنوب والمعاصي.

إن الفقه الإيماني الذي كان عليه أسلافنا يربط كل شيء من فلاح ونجاح وتوفيق بالطاعات، ويربط كل شيء من إخفاق وفشل وعناء وبلاء بالمعاصي؛ حتى قال قائلهم: (إني لأجد أثر الذنب في خلق دابتي وزوجتي)، فإذا فقهنا ذلك علمنا لم عندنا الأموال، لكنها ممحوقة البركة؟ ولم عندنا الأبناء، لكننا فقدنا برهم وفقدنا كثيراً من خيرهم؟ ولم عندنا كذا وكذا ولكننا لا نجد أثر التوفيق فيه؟ لو فقهنا ذلك لعلمنا أنه من آثار تراكم المعاصي والذنوب التي نقترفها سواء أكنا مدركين لذلك أو غير مدركين، والطبع على القلب أسوأ آثار هذه الذنوب: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ [المطففين:14]، قال بعض السلف من المفسرين: (هو الذنب بعد الذنب)، وقال آخر: (هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب) والعياذ بالله.

وإفساد العقل أيضاً من الآثار، فإن العقل نور وضياء، والمعصية ظلمة تطفئ نور العقل فيضل -والعياذ بالله- والتهاون بالمعصية من أثر هذه الذنوب، والتكاثر لها بتواردها واستمرارها من أثر هذه الذنوب، وذهاب الحياء من الله قاصمة الظهور في هذا الباب، وينتج عن أثر ذلك نسيان الله عز وجل للعبد وتركه، فلا يدافع عنه كما وعد: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38] ، ولا يتولاه برعايته كما قال عز وجل: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ [الأعراف:196]، هذه كلها يفقدها العبد عندما لا يدرك خطر الذنوب والمعاصي ويفيء إلى التوبة.

ألا أيها المستطرف الذنب جاهداً هو الله لا تخفى عليه السرائر

فإن كنت لم تعرفه حين عصيته فإن الذي لا يعرف الله كافر

وإن كنت عن علم ومعرفة به عصيت فأنت المستهين المجاهر

فأية حاليك اعتقدت فإنه عليم بما تطوى عليه الضمائر

فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من التائبين المستغفرين، وأن يجعلنا من المقرين بذنوبنا المعترفين بتقصيرنا، المبادرين إلى الاستغفار والتوبة، والعازمين على الاستمرار على الاستقامة والطاعة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! فأوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن نعم الله عز وجل على العباد لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم العظيمة: فتح أبواب التوبة، وهذه مواسمها العظيمة التي يبسطها الله عز وجل ويعيدها علينا مرة بعد مرة، وعبادة إثر عبادة؛ حتى تفيء القلوب إلى الله، وتلهج الألسن بالاستغفار لله، وتعاود الجباه السجود لله سبحانه وتعالى.

واعلم أخي المؤمن أن ثمة عوائق قد تصدك عن التوبة، ولابد أن تدركها وتعرفها، ولابد أن تتجاوزها وتقفز من فوقها؛ لئلا تجعل حاجباً وحاجزاً بينك وبين الله، فلا تتحقق حينئذ بكمال العبودية لله، ومن أعظم هذه العوائق.

التسويف

العائق الأول: التسويف الذي يستخدم سوف والسين، وغداً وبعد غد، وإذا تفرغت لكذا وكذا، أو قضيت نهمتي من شبابي أو نحو ذلك. وما يدريك أن أجلك يمتد إلى أن تبلغ هذا المبلغ فتتوب وتستغفر؟ وما يدريك أنه إذا امتد أجلك سيكون في قلبك إخبات وخضوع وخشوع لله فتتوب وتستغفر؟ ألم تسمع قول الحق جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال:24]؛ فأي ضمان لك أن يضرب على قلبك ويسود بتكاثر الذنوب فيموت ويعمى فلا يعود فيه أثر لإشراقة إيمان، ولا أمل لبارقة توبة؛ ويختم على قلبك كما يختم على قلوب أهل النفاق؛ فتظلم نفسك وروحك فلا يكون عندك انبعاث إلى توبة ولا طاعة؟ نسأل الله عز وجل السلامة.

قال ابن القيم رحمه الله: مثل المسوف كمثل رجل أراد أن يقتلع شجرة من الأرض، فلما جاء وجدها قوية راسخة في الأرض فتركها، وقال: أرجع إليها بعد عام، فإذا رجع إليها بعد عام كانت قد امتدت جذورها، وعظم رسوخها، وصعب قلعها، وكان هو قد امتد به العمر ووهنت قواه، وكلَّ عن ممارسة هذه العملية المهمة، فليس هناك أحمق من هذا الذي يترك الأمر حتى يعظم، فلئن عجز عنه وهو في مبتدئه فهو عنه في منتهاه أعجز، فلا تجعل التسويف قنطرة يقودك بها الشيطان من ذنب إلى ذنب، ومن واد للشهوات والملذات المحرمة إلى واد آخر، فما تزال تتردى من حفرة إلى حفرة إلى واد سحيق، إلا أن يتداركك الله برحمته.

التهوين

العائق الثاني: التهوين، أي: تهوين بعض المعاصي، وبعض الناس إن قلت له: استغفر الله أو تب إلى الله، قال: ما عملت شيئاً، يظن أنه لا يستغفر إلا إذا ارتكب أكبر الكبائر وأفظع الفظائع، وما يدري أنه ينبغي له أن يستغفر ويتوب من تقصيره في ذكر ربه وتعظيمه لمولاه سبحانه وتعالى، أليس قد غفر الله جل وعلا لرسوله عليه الصلاة والسلام ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ وأليس هو القائل عليه الصلاة والسلام: (إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة)، وفي روايات أخرى: (مائة مرة) ؟

أليس هو عليه الصلاة والسلام القائل: (أفلا أكون عبداً شكوراً)؟ وأي ذنب هذا الذي نستهين به ونستصغره ونحن قد وقعنا فيما هو من العظائم والفظائع التي لم ندركها؟

أليس قد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً)؟ كلمة من سخط الله تقولها -وما أكثر ما نقول- لا تلقي لها بالاً، لا تظنها من الأمور التي ينبغي أن يطول ندمك عليها، وأن يعظم استغفارك عنها، تهوي بها في النار سبعين خريفاً.

ألم تستمع لفقه أهل الإيمان من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان؟

ألم تسمع لما صح عن ابن مسعود : (إن المؤمن يرى الذنب كأصل جبل يوشك أن يقع عليه، وإن المنافق يرى الذنب كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا؟) فمن استهان بالذنوب فإنه يشبه المنافقين في عدم تعظيمه وتوقيره لرب العالمين.

ألم تستمع لقول أنس في الصحيح: (إنكم لتعملون أعمالاً هي في أعينكم أدق من الشعر -أي: تستهيون بها، وترونها هينة سهلة- كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات) لحياة قلوبهم، ولتعظيم ربهم، ولاستعظامهم لما يقع من مخالفة العبد لربه، وارتكابه ما حرمه عليه، وهم من هم ممن كانوا على قدم وساق في الطاعات، وعلى شدة ورع واحتياط من ترك الشبهات فضلاً عن التخلي والبعد عن المحرمات.

أليس قد قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (إني قد أدركت أقواماً هم أخوف ألا تقبل منهم حسناتهم منكم من أن تحاسبوا على سيئاتكم؟) فمن سلف كانوا يخافون رغم طاعاتهم أن يحرموا القبول، فما يزال خوفهم يملأ قلوبهم، ويجري بالدموع عيونهم، ويذل لله عز وجل جباههم، ويديم على مدى الزمان ندمهم وكثرة طاعتهم وعبادتهم، وما يزال في قلوبهم الخوف، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عندما سألته عائشة عن قوله عز وجل: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60] قالت: هو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر؟ قال: لا يا ابنة الصديق ، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخشى ألا يقبل منه) .

وهذا بلال بن سعد يقول: (لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت).

فهذا هو الذي ينبغي أن تستحضره، وإياك وتهوين الذنوب.

تعظيم الذنب

العائق الثالث: التعظيم: وهو تعظيم الذنب الذي يوقعه الشيطان في نفسك، فيقول: وأنى لك التوبة؟ وكيف تحصل لك المغفرة وأنت قد فعلت؟ كيف وكيف وكيف؟ وقد اقترفت كذا وكذا، وقد تقحمت من المعاصي والذنوب الكبار ما لا يعلمه إلا الله؟ فقل له: اخسأ يا عدو الله! فإن أبواب التوبة مفتوحة، وإن الله عز وجل لا يتعاظمه ذنب.

وقد ورد في الحديث الصحيح من رواية أنس عن رسول الله عليه الصلاة والسلام عن رب العزة والجلال قال: (يا بن آدم! لو لقيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً؛ لقيتك بقرابها مغفرة ولا أبالي) ، لا تستعظمن الذنب فإن استعظام غفران الذنب من الله عز وجل دليل على عدم معرفة الله، وعلى عدم الصلة الحقيقية الإيمانية بالله، ولذلك ينبغي ألا يصدك الذنب عن التوبة بل ينبغي أن يقودك الذنب إلى التوبة.. وما حيلة إبليس إلا بث اليأس في نفوس أهل الإيمان، ولا ييئس من رحمة الله إلا القوم الكافرون.

فينبغي أن نتذكر قول الله عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [الزمر:53]، ومن الذي يمنع رحمة الله أن تصيبك يا أخي المؤمن؟ ومن الذي يمنع قدرة الله عز وجل الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء أن يغفر ذنوبك وإن كانت مثل زبد البحر؟ أليس قد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام فيما صح من رواية أنس عمن صلى ثم قال دبر صلاته: (سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، وختم تمام المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، قال: إلا غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)، فالله عز وجل لا يتعاظمه ذنب؛ فثق بعظمة مغفرة الله عز وجل، ولا يصدنك التعظيم إلا الشرك؛ فإن الله عز وجل قد قال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] ، فتعرض لمشيئة الله، وانطرح بين يدي الله، ولا يغوينك التاريخ السابق والأعمال السابقة فإن الإسلام يجب ما قبله، وإن التوبة تجب ما قبلها، وإن الصلاة إلى الصلاة مكفرات لما بينهما ما اجتنبت الكبائر، وإن الحج يغفر الذنوب جميعاً ويرجعك بإذن الله عز وجل من ذنوبك كيوم ولدتك أمك، فلا تكن هذه الفرية وهذه الشبهة صادة لك عن التوبة.

التردد في التوبة

العائق الرابع: التردد الذي يجعل الإنسان يحجم عن التوبة؛ لأنه يقول: ومن يضمن لي ألا أضعف فأعاود المعصية مرة أخرى؟ ونقول: هذه حيلة إبليسية شيطانية، اعزم على ألا تعود، فإن ابتلاك الله وعدت للذنب فجدد له توبة أخرى كما كان للذنب الأول، وبهذا تكون لك عبادة أخرى إن أخلصت لله عز وجل.

وورد في صحيح مسلم : (أن عبداً أذنب ذنباً فاستغفر ربه، فقال الله عز وجل لملائكته: أعلم عبدي أن له رباً يؤاخذ بالذنب ويغفر الذنب، أشهدكم أني قد غفرت له. ثم أذنب الثانية فاستغفر ربه، فقال الله عز وجل: أعلم عبدي أن له رباً يؤاخذ بالذنب ويغفر الذنب، أشهدكم أني قد غفرت له. ثم فعل الثالثة) فتكرر القول والله عز وجل لا يعجزه شيء لكن لا يكون ذلك على سبيل الاستهتار والتهاون، وإنما يعزم ويصدق، فإذا غلبته غفلة أو استذله شيطان تذكر مرة أخرى وعاد إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف:201] .

التأثر بالبيئة

العائق الخامس: التأثر بالبيئة: فالناس ربما يفعلون أفعالاً لا يتوبون منها ولا يستغفرون؛ لأنهم يرون الآخرين يفعلون فعلهم فيظنون أن الأمر فيه سعة، وهذا مقياس عجيب وافتراء غريب من أهل الإيمان، فمتى كان فعل الناس حجة؟ ومتى كانت أقوال الناس حكماً؟ إن العبد ينظر في فعله وله في ذلك عدة أنظار:

الأول: ينظر في فعله؛ فينظر إلى الأمر والنهي، فإذا نظر إلى الأمر والنهي الوارد عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام علم إن كان وقع في مخالفة أو لا، وليس إلى أعراف الناس أو أقوالهم.

الثاني: له نظر آخر بعد تيقنه من وقوعه في الخطأ؛ ينظر إلى الوعد والوعيد فيخاف من الوعيد ويرجو في الوعد أن يوصله إلى التوبة ولا يتأثر بذلك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بالتوبة وبدوام الاستغفار، وأن يجعلنا من التائبين المستغفرين، وأن يجعلنا من النادمين على ما سلف منا من التقصير والتجاوز لحدود الله عز وجل.

اللهم مُنَّ علينا بالعفو والعافية، ومغفرة الذنوب يا رب العالمين، اللهم إنا نتوب إليك توبة نصوحاً فتقبل توبتنا يا رب العالمين، اللهم إنا نستغفرك من جميع ذنوبنا فاغفر لنا يا غفور يا رحيم، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، وأن تجعلنا هداة مهديين، اللهم تولَّ أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، اللهم إنا نسألك إيماناً كاملاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وطرفاً دامعاً، ونفساً مطمئنة، وعلماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وتوبة قبل الموت، ومغفرة بعد الموت، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا، اللهم اجعلنا أغنى الأغنياء بك، وأفقر الفقراء إليك، ولا تجعل لنا إلى سواك حاجة، واغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك الصالحين، ومن عبادك المخلصين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.

اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين، والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين، والجرحى والمرضى في كل مكان يا رب العالمين، اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، اللهم زد إيمانهم، وعظم يقينهم، وثبت أقدامهم، ونفس كربهم، وفرج همهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك أن تجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم اصرف عن بلدنا هذا خاصة الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، وعن سائر بلاد المسلمين.

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولاتنا لهداك، واجعل عملهم في رضاك، وارزقهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه، وتنهاهم عن الشر وتمنعهم منه يا سميع الدعاء.

عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56] ، وترضوا على الصحابة الكرام وخصوا منهم بالذكر والقدر العلي والمقام الجلي أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً ، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.