خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/239"> الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/239?sub=62913"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم
الحلقة مفرغة
الحمد لله جل جلاله، وعز جاهه، وتقدست أسماؤه، له الحمد سبحانه وتعالى لا يضل من استهداه، ولا يحرم من استعطاه، ولا يخيب من رجاه، من توكل عليه كفاه، ومن التجأ إليه وقاه، نحمده سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ويرضى، على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، خاتم الأنبياء والمرسلين، سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد:
أيها الإخوة الكرام! سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته، ونسأل الله جل وعلا كما جمعنا في هذا البيت من بيوته على غير أرحام تربطنا، ولا مصالح تجمعنا، أن يجمعنا في مستقر رحمته ودار كرامته، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم موضوع جليل، فإن المصطفى عليه الصلاة والسلام كان قمة سامقة تتقاصر دونها القمم، وكانت مكانته رفيعة تتوارى معها المكانة والمنزلة مهما علت وسمت، وكما نرى النجم مضيئاً مشعاً وله جماله وبهاؤه فإذا أشرقت الشمس لم يعد له أثر، فكذلك كل عظمة وكل قدر وكل مكانة لأحد من الخلق هي دون مقام وعظمة ومكانة رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، ولا شك أنه شرف عظيم لنا جميعاً المتحدث والسامع أن نطرق مثل هذا الموضوع، نشنف به آذاننا، ونسعد به نفوسنا، ونشرح به صدورنا، فإن ذكر الله جل وعلا وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة حق ومقام وقدر ذات الله سبحانه وتعالى، والوقوف على مكانة وقدر رسوله صلى الله عليه وسلم مما يحيي القلوب، ويهذب النفوس، ويقوي العزائم، وقد أسلفنا حديثاً في مفتتح هذه السلسلة المباركة عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره شعبة عظيمة من شعب الإيمان، وهذه الشعبة غير شعبة المحبة، بل منزلتها ورتبتها فوق منزلة ورتبة المحبة؛ وذلك لأن كل محب ليس معظماً، فأنت ترى الوالد يحب ولده ولكنه حب تكريم وليس حب تعظيم، وحب حنو ورحمة وليس حب إجلال وتقدير وتبجيل.
فلذلك إذا جمع العبد المؤمن تجاه رسوله صلى الله عليه وسلم المحبة التي أسلفنا القول فيها ثم توجها وكملها أو أسسها وبناها على قاعدة التعظيم والتوقير للمصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فإنه يكون قد نال حظاً عظيماً وشرفاً كبيراً، وأتى على أمر من الأمور التي هي من أصول إيمانه، وقواعد إسلامه، ومنطلقات التزامه، ولذلك ينبغي لنا أن نفرح وأن نسعد وأن نفخر بما وفقنا الله جل وعلا إليه من الحديث في مثل هذا الموضوع، والله جل وعلا قد نادانا وذكرنا في سياق آياته إلى أهمية تعظيم وتوقير وتعزير رسوله صلى الله عليه وسلم فقال جل وعلا: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157] فالمعظم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في زمرة المفلحين بإذن الله جل وعلا.
والتعزير كلمة معناها التعظيم والنصر، والتوقير كما جاء في معجم مقاييس اللغة: أصل يدل على ثقل في الشيء، فإذا قلت: إنك توقر فلاناً فمعنى ذلك أنه ذا ثقل وذا مكانة، ومنه الوقار: وهو الحلم والرزانة التي تدل على رزانة الإنسان وعدم خفته وطيشه، ووقرت الرجل إذا عظمته، ومنه قوله جل وعلا: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [الفتح:9] كما أسلفنا، والتوقير أيضاً بمعنى: التبجيل والتعظيم.
قال ابن جرير في تفسيره: فأما التوقير والتعظيم فهو الإجلال والتفخيم.
وقال ابن تيمية رحمه الله: التوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه من كل ما يخرجه عن حد الوقار، ولذلك تأتي هذه الكلمات كلها بمعنىً مترادف.
أحبتي الكرام! إن الحديث عن عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم حديث لا تمكن الإحاطة به، كما لا يمكن أن يجمع ماء البحر في كأس؛ فإن جوانب عظمته، ووجوه رفعة قدره وصور علو مكانته أكثر وأعظم وأشهر وأوسع من أن يحيط بها حديث في مثل هذا المقام، بل قد صنف العلماء ودونوا وتوسعوا وجمعوا وأوعوا، وما جاء ما فعلوه كذلك على ما كان وما ينبغي أن يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك عندما طرقت هذا الموضوع وجدت أنه لا بد لنا أن نقتصر ونختصر منه ما لعله يفي بهذا المقام، ويتناسب مع هذا الوقت، ومن هنا أردت أولاً أن نبدأ بشيء يتعلق بالمعنى والدلالة، وبالفائدة والأثر فهذا الذي أوجزناه من المعنى مقصودنا به بيان الكلام الذي يأتي عن هذه العظمة ووجوهها، ثم إن عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهين أساسين اثنين سنقسم الحديث عنهما لاحقاً:
عظمة في ذاته الشريفة عليه الصلاة والسلام، وما كان له من الخصائص، وما عرف به من الشمائل، وما سجلته سيرته من المواقف، وما سمت به شخصيته في كل جوانب الحياة المختلفة.
وجانب آخر -وهو في تصوري أعظم وأكبر- وهو جانب عظمة الإنجاز والثمرة، قد يكون لي خصيصة، قد يكون لي شرف نسب، قد يكون لي كثير علم، قد يكون عندي بعض الذكاء والفطنة، لكن ذلك وإن كان من وجوه العظمة لا يغني شيئاً ما لم يثمر ذلك كله نتيجةً وإنجازاً.
وفعله عليه الصلاة والسلام وأثره الباقي إلى قيام الساعة أعظم وجوه عظمته كما سيأتي.
أما فائدة هذه العظمة وحديثنا عنها فإني أقول: إنه يمكن لنا أن نذكر فائدتين اثنتين تكفينا لنجعل هذا الموضوع موضع اهتمامنا ورعايتنا:
الفائدة الأولى: المحبة والإجلال، فإنك لن تعرف شخصاً وتدرك عظمته، وتعرف علمه، وتلم بجوانب سماحته وخلقه وفضله، إلا غرست في قلبك محبته ومالت نفسك إليه.
الفائدة الثانية وهي مهمة أيضاً: التأثر والاقتداء، فالنفوس بطبيعتها مجبولة بالاقتداء والتأسي بالعظماء، ألا ترى الكثرة من البشر، لكنك في كل جيل، وفي كل أمة، وفي كل بلد ربما لا تجد إلا أعداداً قليلة هي التي تذكر في الناس وتشتهر بينهم، ويدور حديث الناس عنهم، أولئك الذين يتصدرون الناس لما لهم من وجوه العظمة، ولما لهم من بصمات وآثار الإنجاز والتأثير والفائدة والنفع، فحينئذ يكونون رواداً قواداً والناس على آثارهم مقتدون: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21].
لقد اقتصرت في كل جانب من هذه الجوانب على عشرة وجوه فحسب، والعشرة وراءها عشرات أخر، ولها من النصوص والشواهد القرآنية والنبوية من الأدلة ما هي عشرات وعشرات أخرى.
أخذ العهد والميثاق من الأنبياء والرسل للإيمان به ونصرته
إعلام أهل الكتاب بصفته
ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا في الكتب السابقة، لا شك أن فيه تنويهاً وإشادة به، وتشريفاً وتكريماً له صلى الله عليه وسلم.
ختم النبوات بنبوته
قال ابن القيم رحمه الله في خلق آدم: فجعل الله خلق آدم وهو أبو البشر متأخراً عن خلق كثير من المخلوقات من الملائكة والجن وغيرهم، ولا يكون المؤخر إلا معظماً، ثم ذكر وجوه العظمة في خلق آدم.
والرسل والأنبياء صفوة الخلق قال عز وجل: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [الحج:75]، اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام:124] ومع ذلك هذه الصفوة لا شك أن خاتمها هو صفوة الصفوة عليه الصلاة والسلام، فلما جعله الله خاتم الأنبياء فمعلوم أن الخاتم هو الأفضل والأكمل، فكانت نبوته وكانت شخصيته وكانت عظمته أتم وأكمل شيء في سلسلة ذهبية مشعة مضيئة من رسل الله وأنبيائه عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، وإن كان سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بتواضعه يقول: (لا تفضلوني على الأنبياء) ، وقال: (لا تفضلوني على يونس بن متى) لكنه قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة)، هذا بناء ناقص، وبقي شيء يكمله ويجمله، قال عليه الصلاة والسلام: (فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين) وهذا من وجوه العظمة.
عموم رسالته
إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم الله جل وعلا يقول الله في نبوته ورسالته: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28] ، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] بعثه الله إلى الثقلين من الإنس والجن، كل البشر منذ بعثته وإلى قيام الساعة هم من أهل أمة الدعوة التي توجه إليها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون إلى الإسلام وإلى القرآن وإلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففي حديث جابر بن عبد الله المشهور قال عليه الصلاة والسلام: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ..) إلى آخر الحديث.
إذاً: لن تكون هذه المهمة الواسعة لكل الناس، ليس هو نبياً ولا رسولاً لقوم معينين، ولا لرقعة معينة، بل للعالمين.
إذاً: هذه عظمة تتناسب مع هذه المهمة الكبيرة التي لا تحدها الجغرافيا، ولا يقطعها الزمن، ولا تتعلق ببيئة ولا بلغة ولا بثقافة، بل رسالة شاملة عامة أنيطت بخير الخلق صلى الله عليه وسلم، وهو لها أهل، ولعظمتها كان هو كذلك عظيماً كعظمة ما أسنده الله عز وجل إليه، وما كلفه به، وما ابتعثه لأجله في هذه البشرية.
إقسام الله بحياته وببعض الأمور المتعلقة به
لقد أقسم الله بحياته فقال جل وعلا: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر:72] قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ما حلف الله تعالى بحياة أحد إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم) ثم ذكر هذه الآية، رواه البيهقي وابن أبي شيبة .
ونحن نعلم وندرس في التفسير: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا [الشمس:1-2] نقول: هذا قسم، والله عز وجل له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، ولا شك أن هذا القسم للفت النظر إلى تعظيم هذه المخلوقات التي أقسم الله بها، فكيف وهو يقسم بحياة محمد صلى الله عليه وسلم؟! إن في ذلك دلالة على تعظيم الله لهذه الحياة ولصاحبها عليه الصلاة والسلام.
وأقسم الله عز وجل ببلده فقال سبحانه وتعالى: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ [البلد:1-2] .
وأقسم الله سبحانه وتعالى بالأمور المتعلقة به كما في قوله: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:1-3] القسم هذا كان لنفي القطيعة التي زُعمت عندما فتر الوحي قليلاً في أول ما نزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ومن القسم بالأمور المتعلقة به أيضاً قوله عز وجل: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:1-2] هذا القسم متعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه عظمة لا تخفى ولا تحتاج إلى تعليق.
رفع ذكره وتقديم اسمه على غيره
فنحن إذا جئنا لندخل في الإسلام أو لنذكر الشهادة قلنا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
وإذا ذكرنا توحيد الله وإخلاص العبادة ذكرنا نبوة ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
إذا جئنا في الصلاة نصلي فإننا نذكر الله ثم نصلي بالصلاة الإبراهيمية التي فيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تكاد تجد ذكراً إلا وفيه ذكر لرسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يمر بك أيها المسلم يوم إلا وأنت تذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام، في الأذان تذكره، في الصلاة تذكره، في كثير من الأذكار تذكره، كلما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم صليت عليه مع من يصلي عليه، فذكره مما لا يكاد ينقطع منه المسلم بحال من الأحوال، وهذا من عظمة ما أكرم الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن تعظيمه تقديمه لاسمه إذا ذكر الأنبياء في القرآن كما في قوله جل وعلا: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ [النساء:163] إلى آخر الآية وكذلك قوله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى [الأحزاب:7] وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل، وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقدمتهم.
حفظ الله له وللوحيين الكتاب والسنة
أما حفظه عليه الصلاة والسلام فقد قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67] كان النبي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر يحرس، كان الصحابة يتناوبون حراسته ليلاً ونهاراً؛ خوفاً عليه من الأعداء، فلما نزلت هذه الآية رفع الحرس.
ومن لطائف ما ذكر من محبة وتعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (أنه لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر وتزوج
كذلك قال الله سبحانه وتعالى: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الحجر:94-96].
أما حفظ الله جل وعلا لكتابه ففي قوله سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، أما حفظ السنة التي بينت القرآن فهي تبع لذلك، وهذا لم يكن إلا لرسولنا صلى الله عليه وسلم، أهل الكتاب قال الله عز وجل عنهم: وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ [المائدة:44] معنى ذلك أن الأحبار أوكل إليهم حفظ كتاب الله، فما الذي جرى؟ قال الله عنهم: وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران:187] ، أما كتاب الله الذي أنزله الله على رسوله عليه الصلاة والسلام وهو القرآن فقال عنه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9].
ربط الإيمان به وطاعته بالإيمان بالله
التوقير الرباني له في مخاطبته وندائه
الرسل والأنبياء في القرآن ذكروا بالنداء بأسمائهم: يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة:35] .. يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ [هود:48] .. يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا [الصافات:104-105]، ولا تجد في القرآن: يا محمد! أبداً إنما يقول عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [الأنفال:64] .. يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ [المائدة:67] .. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ [الأحزاب:28] خطاب الله جل وعلا لرسوله فيه دلالة على عظمة قدر رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإذا كان الخطاب الرباني كلام رب العالمين سبحانه وتعالى يظهر فيه هذا التعظيم، فأي تعظيم أعظم من تعظيم الله سبحانه وتعالى؟! وأي مكان ومنزلة يمكن أن تستنبط بأكثر مما تستنبط من الآيات القرآنية التي تنزلت في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في ندائه ومخاطبته؟!
إجابة الله عنه ودفاعه عنه
لكن النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكرت الأقوال عنه فإن الرد لم يأت منه، وإنما الرد من الله عز وجل فهو الذي رد عنه، وأجاب عنه، وهو الذي دافع عنه سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا: وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ [التكوير:22-28] .
وكذلك في سورة الحاقة تقرءون الآيات وفيها الرد والإجابة الربانية، وفي هذا إشارة إلى رفعة ومكانة وقدر وعظمة رسول الله عليه الصلاة والسلام.
الوجه الأول: أخذ العهد له صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء والرسل فالله سبحانه وتعالى يقول: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران:81] روى أهل التفسير عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس في تفسير هذه الآية قولهما: (ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره -أي: أمر الله ذلك النبي- أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بُعث فيهم محمد عليه الصلاة والسلام وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه) وهذا فيه رفعة للنبي صلى الله عليه وسلم وبيان لعظيم مكانته بين الأنبياء، وتعريف وتشريف بين البشرية جمعاء، إذ إن الله جل وعلا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يكون إلا في آخر الزمان، وأنه خاتم الأنبياء، فعلام جعل الميثاق على كل نبي بعث أنه يقر إن بعث محمد وهو حي أو بعث في أمته بعد وفاته أن يأخذ العهد والميثاق على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى نصرته واتباعه؟ أفلا ترون ذلك عظمة بين العظماء وهم الرسل والأنبياء؟! أفلا ترونه يدل على النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته ودينه وكتابه؟! والأعظم الأكمل أن جعل الله عز وجل حكمته مستوفية لكل ما أراده من الهداية التامة والكمال في هذه الرسالة، فجعل كل رسل الله وأنبيائه عليهم العهد، وأمروا أن يأخذوا على أتباعهم وعلى أممهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأن ينصروه، ولا شك أن هذا وجه ظاهر واضح بين في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: إعلام أهل الكتاب بصفته صلى الله عليه وسلم والتعريف به، وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى على وجه الخصوص، وفي رسالة موسى عليه السلام وما أنزله الله عليه من التوراة، وفي رسالة عيسى عليه السلام وما أنزله الله عليه من الإنجيل ذكر مفصل، ووصف دقيق، وسمات معنوية وأخرى حسية لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا النبي الذي سيبعثه الله من بعد هو نبي عظيم، ومكانته عالية، وقدره رفيع، ومن هنا ذكرت هذه الأوصاف، قال جل وعلا: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة:146] ما معنى (كما يعرفون أبناءهم؟) أي: كما لا يشك الرجل أن هذا الابن من صلبه لعلمه بحاله وحال زوجه، بل قد أحياناً لا يكون عنده من الجزم بهذا مثل ما عنده من الجزم بصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؛ بما ذكر من أوصافه الدقيقة في هذه الكتب، والله جل وعلا قد قال أيضاً: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ [الأعراف:157] التوراة ليست كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينزل الإنجيل على محمد صلى الله عليه وسلم، لكن ذكره فيهما مشع، وصفته فيهما ظاهرة، وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص الحديث الذي يرويه البخاري حين سئل عن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أكثر الصحابة علماً بكتب أهل الكتاب، فقال: (أجل، والله! إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفض ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعيناً عمياً، وآذناً صماً، وقلوباً غلفا).
ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا في الكتب السابقة، لا شك أن فيه تنويهاً وإشادة به، وتشريفاً وتكريماً له صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث: ختم النبوات بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40] ودائماً نقول في حديثنا المعتاد: ختامه مسك، أليس آخر عمل تعمله يكون أكثر إتقاناً وأوضح كمالاً؟! قد تكون صاحب تجربة أو حرفة كنجار، ففي أول أمرك تصنع لكن بعد عشرين سنة أو ثلاثين سنة آخر عمل تقوم به يكون مستوفياً لوجوه الكمال والعظمة، ويكون على أحسن وأتم شيء؛ لأنك قد أتقنت وجربت وخبرت وعرفت.
قال ابن القيم رحمه الله في خلق آدم: فجعل الله خلق آدم وهو أبو البشر متأخراً عن خلق كثير من المخلوقات من الملائكة والجن وغيرهم، ولا يكون المؤخر إلا معظماً، ثم ذكر وجوه العظمة في خلق آدم.
والرسل والأنبياء صفوة الخلق قال عز وجل: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [الحج:75]، اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام:124] ومع ذلك هذه الصفوة لا شك أن خاتمها هو صفوة الصفوة عليه الصلاة والسلام، فلما جعله الله خاتم الأنبياء فمعلوم أن الخاتم هو الأفضل والأكمل، فكانت نبوته وكانت شخصيته وكانت عظمته أتم وأكمل شيء في سلسلة ذهبية مشعة مضيئة من رسل الله وأنبيائه عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين، وإن كان سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بتواضعه يقول: (لا تفضلوني على الأنبياء) ، وقال: (لا تفضلوني على يونس بن متى) لكنه قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة)، هذا بناء ناقص، وبقي شيء يكمله ويجمله، قال عليه الصلاة والسلام: (فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين) وهذا من وجوه العظمة.
الوجه الرابع: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم، عندما يكون هناك إنسان له قدرات معينة كأن يكون مدرساً متخصصاً في علوم التاريخ، ماذا يدرس؟ إنه سيدرس مادة التاريخ أليس كذلك؟ لكن لو قيل لك: إن مدرساً معيناً جعلوه يدرس في التاريخ والجغرافيا والفيزياء والكيمياء ونحو ذلك ماذا ستقول عنه؟ ستقول عنه: إنه رجل عظيم؛ لأنه استطاع أن يفعل هذا كله أو استطاع أن يقوم بمهمات عديدة لا يقوم بها إلا أشخاص كثر.
إذاً: الرسول صلى الله عليه وسلم الله جل وعلا يقول الله في نبوته ورسالته: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28] ، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] بعثه الله إلى الثقلين من الإنس والجن، كل البشر منذ بعثته وإلى قيام الساعة هم من أهل أمة الدعوة التي توجه إليها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون إلى الإسلام وإلى القرآن وإلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففي حديث جابر بن عبد الله المشهور قال عليه الصلاة والسلام: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ..) إلى آخر الحديث.
إذاً: لن تكون هذه المهمة الواسعة لكل الناس، ليس هو نبياً ولا رسولاً لقوم معينين، ولا لرقعة معينة، بل للعالمين.
إذاً: هذه عظمة تتناسب مع هذه المهمة الكبيرة التي لا تحدها الجغرافيا، ولا يقطعها الزمن، ولا تتعلق ببيئة ولا بلغة ولا بثقافة، بل رسالة شاملة عامة أنيطت بخير الخلق صلى الله عليه وسلم، وهو لها أهل، ولعظمتها كان هو كذلك عظيماً كعظمة ما أسنده الله عز وجل إليه، وما كلفه به، وما ابتعثه لأجله في هذه البشرية.
الوجه الخامس: الأقسام الربانية المتعلقة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذه وجوه عظمة لم تكن لأحد من الخلق إلا له عليه الصلاة والسلام:
لقد أقسم الله بحياته فقال جل وعلا: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر:72] قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ما حلف الله تعالى بحياة أحد إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم) ثم ذكر هذه الآية، رواه البيهقي وابن أبي شيبة .
ونحن نعلم وندرس في التفسير: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا [الشمس:1-2] نقول: هذا قسم، والله عز وجل له أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، ولا شك أن هذا القسم للفت النظر إلى تعظيم هذه المخلوقات التي أقسم الله بها، فكيف وهو يقسم بحياة محمد صلى الله عليه وسلم؟! إن في ذلك دلالة على تعظيم الله لهذه الحياة ولصاحبها عليه الصلاة والسلام.
وأقسم الله عز وجل ببلده فقال سبحانه وتعالى: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ [البلد:1-2] .
وأقسم الله سبحانه وتعالى بالأمور المتعلقة به كما في قوله: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:1-3] القسم هذا كان لنفي القطيعة التي زُعمت عندما فتر الوحي قليلاً في أول ما نزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ومن القسم بالأمور المتعلقة به أيضاً قوله عز وجل: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:1-2] هذا القسم متعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه عظمة لا تخفى ولا تحتاج إلى تعليق.