المرأة والدعوة [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض -اللهم- عنهم وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

أما بعد:

فحديثنا بعنوان: (المرأة والدعوة)، وهذا الموضوع سينقسم إلى قسمين:

قسم مختص بالمرأة.

وقسم آخر يتعلق بالمرأة وصلتها بالدعوة.

وحتى لا يطغى جانب على جانب، وحتى يأخذ هذا الموضوع حقه من الوقت والعرض فإنه سينقسم إلى قسمين في درسين، سيكون الشق الأول هو موضوع درسنا، وأما الشق الثاني المتصل بتفصيلات أمر الدعوة في حياة المرأة المسلمة فهو -بإذن الله عز وجل- موضوع درس قادم.

وسينصب الحديث في هذا الموضوع على نقاط قليلة، لكنها مركزة وتهدف إلى ما يتصل بكليات مهمة بالنسبة للنظرة والتعامل والعمل للمرأة المسلمة.

فسيكون أول أمر ينصب عليه الحديث: لماذا المرأة والدعوة؟

ثانياً: المرأة في التصور والمنهج والإسلامي.

ثالثاً: صور حية للمرأة في عصر النبوة.

ثم نختم بما يربط هذه النقاط جميعاً بإذن الله عز وجل.

المرأة نصف المجتمع

لماذا الحديث عن المرأة والدعوة على وجه الخصوص؟ ولأي أمر وسبب يكون الاهتمام بالمرأة؟

أولاً: لأنها نصف المجتمع حساً ومعنى، وهذه عبارة تتكرر كثيراً، وهي عبارة كل يستخدمها كما يرى، غير أن الأمر من الناحية المادية ظاهر، فالتعداد السكاني غالباً ما يكون عدد النساء فيه أكثر من الرجال، وعلى أقل تقدير يكون مساوياً للرجال، ومن حيث المعنى فإن المرأة سكن للزوج لا يتم استقرار حياته ولا بناء أسرته ولا تكامل آماله وطموحاته وتغذية شهواته وغرائزه إلا من خلال وجود الزوجة معه، ثم كذلك هي نصف المجتمع من حيث الإعداد والتربية والتهيئة للأجيال، فهي تتولى الشطر الأساسي المهم لإعداد الأجيال المسلمة في مرحلة الطفولة حتى تسلمهم إلى الآباء وإلى الرجال عند بدايات البلوغ والتكليف والمراهقة، مع مشاركتها -أيضاً- في هذه المرحلة، وإضافة إلى ذلك فإن الصورة تكاد تكون مطردة في كون المرأة نصف المجتمع على أكثر من صعيد، فحق علينا أن يكون لنا اهتمام يتناسب مع كون المرأة نصف المجتمع.

الاستفادة من خصائص المرأة

الأمر الثاني: للمرأة خصوصيات كثيرة لا يمكن أن يستفاد منها إلا بتوجيهها وإرشادها ودعوتها، ولا يتم ذلك إلا لمن يكون أبصر بها وأعلم بها وأكثر معرفة وخبرة ومعايشة لها، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال المرأة نفسها، فإن للمرأة عواطف وطبيعة فطرية مهما عرف الرجل عنها من خلال قراءة أو اطلاع أو معاشرة عدد محدود من النساء يتمثل في المحارم من أم أو أخت وكذا الزوجة فإنه لا يمكن أن يكون ذلك الخبير العارف بالطبيعة الفطرية والجبلة الغريزية التي طبعت وجبلت عليها المرأة.

ومن الخصوصيات أيضاً ما يتعلق ببعض الأحكام الفقهية التي هي من خواص النساء، كأحكام الطهارة من الحيض والنفاس والحمل وما يتعلق بذلك من تفصيلات كثيرة لا يعرفها الرجال إلا من خلال العلم فحسب، ودائرة العلم التي يضبطها الرجال ليست بالكثرة الكافية، إضافة إلى أن في ملابسة المرأة للرجال ومساءلتهم في مثل هذه الأمور وافتقارها الدائم إليهم حرجاً غير قليل، وكذلك لا يلتفت الرجل في الغالب إلى بعض تلك التفصيلات وتفريعاتها، ولا يخطر على باله أنه لابد من أن يطرقها وأن يعرضها حتى تنتفع بها النساء.

فالمرأة أبصر ببنات جنسها في طبعهن وفطرتهن، وكذا فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بهن في أمور كثيرة، كأمور الطهارة والحجاب وما يلحق بهذا، ولذلك فإن لسان المرأة في هذا أبلغ، وعلمها -إن كانت متعلمة- أكثر قدرة على الوصول والبلوغ والإفهام والتفصيل والتبيين للنساء حتى يكن على بصيرة من أمرهن وعلى علم من دينهن.

استهداف الأعداء للمرأة

الأمر الثالث: أن المرأة المسلمة اليوم مستهدفة استهدافاً عظيماً من قبل الأعداء، والمراهنة في الحقيقة إنما هي على المرأة ليتم صرفها عن صلتها بدينها واعتزازها بقيمها وارتباطها بتاريخها، لتكون مستغربة في أفكارها، متحللة في سلوكها، متبرجة في هيئتها، ويقع بذلك إفساد لها عظيم، ثم من خلالها تقوض الأسرة المسلمة، فلا يكون هناك ذلك الرباط الشرعي الوثيق، ولا ذلك التصون العظيم الذي فيه أبلغ صور المحافظة، ولا يعود هناك تلك التربية للجيل الصاعد الناشئ على منهج هذا الدين.

ومن هنا فإن إهمال المرأة المسلمة وعدم توجيه الجهود العلمية والتربوية لصياغة المرأة المسلمة على النحو المطلوب يكون هذا التقصير سبباً عظيماً من أسباب تمكن الأعداء، ولا شك أننا نعلم يقيناً أن الفترة التي سلفت -سيما في أوائل هذا القرن- كانت المعركة فيها واضحة في إخراج المرأة من بيتها، ونزع حجابها، وسلخها من حيائها، وتجردها من أنوثتها، وجر ذلك على المجتمعات الإسلامية ويلات كثيرة وشروراً عظيمة، مازال الناس يجأرون منها ويشكون منها، وهذه الآثار لست بصدد التفصيل فيها، لكنها آثار في الإيمان تضعفه وتذهب حيويته وقوته في نفوس الرجال والنساء، وهي كذلك آثار أخلاقية تفسد قيم المجتمع، وتذهب الموازين الصحيحة التي جاء بها شرع الله عز وجل، وهي -كذلك- آثار اقتصادية تضعف من اقتصاد الأمة بما يقع من سرف، وبما يقع من تفويت لكثير من المصالح بحجج كثيرة واهية، وهي -كذلك- آثار بالنسبة للمجتمع من الناحية الأمنية، حيث يكثر الاعتداء على الأعراض، ويرتبط ذلك الإفساد الأخلاقي والتحلل الذي يقع في صفوف المجتمع من خلال إفساد المرأة المسلمة؛ يرتبط بالمسكرات والمخدرات وجرائم القتل، وحسبنا ما سمعنا من الحدود التي أقيمت في أكثر من مدينة عندنا، ورأينا أن المرأة عامل مشترك، لا أقول: إنها مؤاخذة في تلك الحوادث. لكن أقول: إن إفساد نظام المرأة من الناحية الإسلامية وعدم اكتمال التزامها بشرع الله سبحانه وتعالى يؤدي إلى كثير من هذه المفاسد.

النظرة الخاطئة للمرأة من قبل بعض المسلمين

السبب الرابع: أن النظرة عند بعض المسلمين للمرأة نظرة خاطئة من الناحية الإسلامية، فإن كثيرين من الرجال في مجتمعات غير قليلة ينظرون نظرة خاطئة من الناحية الشرعية، فهم ينظرون إليها نظرة دونية فيها احتقار وازدراء، وأنها سبب للعار والشنار، وأنه ينبغي أن لا تكون لها أدنى مشاركة ولا أية صورة إيجابية في هذه الحياة الاجتماعية وحياة الأمة المسلمة.

وللأسف أن هذه النظرة موجودة عند بعض الأخيار الصالحين، بل ربما عند بعض المشتغلين بأمر الدعوة والدين، فإن بعضاً منهم ينطلق ليصاحب الناس ويخالطهم، ويعظهم ويذكرهم، ويربيهم ويقيمهم على أمر الله عز وجل وهو مهمل لزوجته وأبنائه، بل ناظر إلى المرأة والزوجة على أنها لا يمكن أن تفهم ولا أن تتعلم، فضلاً عن أن تكون داعية، أو أن تكون ذات أثر إيجابي فعال في المجتمع المسلم.

وهذه النظرة في كثير من الأحوال نظرة مرتبطة بالتقاليد وبالعادات، وببعض الرسوم التي بعضها قد يكون قبلياً، وبعضها قد يكون موروثاً تاريخياً، هذه النظرة في حد ذاتها هي التي أوجدت ردة فعل عندما داعب أعداء الإسلام من أهل التغريب والعلمنة خيالات وعواطف المرأة لينتشلوها من هذا الوضع باعتباره وضعاً إسلامياً، يقولون لها: إن هذا الوضع إسلامي لا يمكن أن يكون مقبولاً ولا مناسباً، وينبغي أن تخرجي منه إلى الوضع الذي فيه الحرية الشخصية. وغير ذلك من الأحلام التي يداعبون بها خيالات المرأة، فتظن الأمر صحيحاً، ولا تعلم هي أنها ليست في وضع إسلامي، بل في وضع اجتماعي فيه كثير من المخالفات لمنهج الإسلام.

وردة الفعل هذه هي التي جنحت ببعض النساء بعد أن كن مستعبدات مقهورات إلى أن يتمردن تمرداً لم يكن أربابهن وأولياؤهن من الآباء أو الأزواج يتصورونه منهن، ولابد من أن نعلم أن كل فعل له رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه كما يقول أهل الفيزياء.

الحاجة إلى المرأة الداعية

السبب الخامس: أننا بحاجة إلى المرأة الداعية على وجه الخصوص لتربية بناتنا وأخواتنا وزوجاتنا عندما لا يكون عندنا القدرة على تعليمهن وتربيتهن، أو عندما نحتاج إلى مزيد من هذا الجانب في التعليم والتربية والدعوة للاختلاط ببنات جنسها ممن لهن حظ في العلم وقدم في الدعوة وخبرة في التربية، فلذلك عندما نتحدث عن المرأة لابد من أن نشعر بأن الحديث يمسنا مساساً مباشراً، فأنت تريد لزوجتك أن تتعلم وأن تتفقه في الدين، وأنت تريد لها أن تكون مرتبطة بدين الله عز وجل غيورة عليه، وأنت تريد لابنتك أن تنشأ نشأة إسلامية، وتريد لها أن تعيش في بيئة إسلامية، ونحن نعلم اليوم أن الفتن محيطة من كل جانب، وأن الإغراءات تدعو بكل قوة في كل مجال وعلى كل مستوى حتى غزتنا في عقر دارنا عبر شاشات التلفاز، وعبر أوراق المجلات الملونة، وعبر البث المباشر.

فإذا لم نستطع أن نوجد المرأة الداعية التي تساعد على هذه المهمة العظمى فإن كثيرين منا لشغلهم وانشغالهم، أو لجهلهم وعدم علمهم، أو لعدم قدرتهم على التوجيه والتربية، أو لكثرة ما يحتاج إليه من وقت وجهد بالنسبة للزوجة وعدد من البنات فحينئذ سنكون كلنا متضررين إذا لم يوجد في مجتمعاتنا المرأة المسلمة الداعية.

توجيه طاقات المرأة إلى ما هو نافع

ومن الأسباب أيضاً: أن للمرأة طاقات عندما لا يكون هناك توجه نحو إرشادها وطلب مشاركتها لتنفع نفسها وتنفع غيرها فإن هذه الطاقات توأد وتموت، ولا يمكن أن نقبل التصور الذي يعتبر المرأة ليس عندها قابلية الحفظ ولا الفهم، فإن بعض الناس يفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن ناقصات عقل ودين أنه ضعف عقلي لا يتيح لها أن تتعلم، ولا أن تحفظ، ولا أن تفهم، ولا أن تحسن التصرف والتدبير.

أقول: وهناك صور أخرى معاكسة، فإننا نجد في بعض الرجال بلادة في الأذهان وضعفاً في العقول، بينما نجد من النساء من يكن على ذكاء مفرط وعلى حافظة واسعة، وحسبنا ما ذكر في سيرة عائشة رضي الله عنها أعظم راوية من النساء لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وحسبنا كثير من المواقف من أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، وما سأذكر من الوقائع والأحداث التالية.

فلذلك هذه الطاقات لابد أن تستثمر، ولا تعجب عندما ترى أن أئمة من شيوخ الإسلام كان من بين شيوخهم نساء، فهذا ابن الجوزي من مشايخه ثلاث من النساء، وذكر الذهبي في مشيخته -وهو كتاب عن شيوخ الذهبي- عدداً من النساء ممن أخذ عنهن العلم، وهناك أعداد هائلة من النساء في تاريخ الإسلام كن راويات للسنة، عالمات بالأخبار، محدثات، أو مؤرخات، أو أديبات، أو مشاركات، مع التزام النهج الإسلامي وتوجيه هذه الطاقات فيما ينفع الأمة المسلمة بوجه عام والمرأة المسلمة بوجه خاص.

ومن هنا رأينا عائشة رضي الله عنها راوية للحديث، ورأينا خديجة رضي الله عنها مثبتة للداعية الأول صلى الله عليه وسلم، ورأينا فاطمة رضي الله عنها وهي تنشئ على يديها الحسن والحسين اللذين أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنهما سيدا شباب أهل الجنة، وسأذكر فيما يأتي كثيراً مما يتعلق بهذا الجانب، وهناك أسباب أخرى كثيرة وعديدة فيا يتصل بسبب الحديث عن المرأة والدعوة.

لماذا الحديث عن المرأة والدعوة على وجه الخصوص؟ ولأي أمر وسبب يكون الاهتمام بالمرأة؟

أولاً: لأنها نصف المجتمع حساً ومعنى، وهذه عبارة تتكرر كثيراً، وهي عبارة كل يستخدمها كما يرى، غير أن الأمر من الناحية المادية ظاهر، فالتعداد السكاني غالباً ما يكون عدد النساء فيه أكثر من الرجال، وعلى أقل تقدير يكون مساوياً للرجال، ومن حيث المعنى فإن المرأة سكن للزوج لا يتم استقرار حياته ولا بناء أسرته ولا تكامل آماله وطموحاته وتغذية شهواته وغرائزه إلا من خلال وجود الزوجة معه، ثم كذلك هي نصف المجتمع من حيث الإعداد والتربية والتهيئة للأجيال، فهي تتولى الشطر الأساسي المهم لإعداد الأجيال المسلمة في مرحلة الطفولة حتى تسلمهم إلى الآباء وإلى الرجال عند بدايات البلوغ والتكليف والمراهقة، مع مشاركتها -أيضاً- في هذه المرحلة، وإضافة إلى ذلك فإن الصورة تكاد تكون مطردة في كون المرأة نصف المجتمع على أكثر من صعيد، فحق علينا أن يكون لنا اهتمام يتناسب مع كون المرأة نصف المجتمع.

الأمر الثاني: للمرأة خصوصيات كثيرة لا يمكن أن يستفاد منها إلا بتوجيهها وإرشادها ودعوتها، ولا يتم ذلك إلا لمن يكون أبصر بها وأعلم بها وأكثر معرفة وخبرة ومعايشة لها، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال المرأة نفسها، فإن للمرأة عواطف وطبيعة فطرية مهما عرف الرجل عنها من خلال قراءة أو اطلاع أو معاشرة عدد محدود من النساء يتمثل في المحارم من أم أو أخت وكذا الزوجة فإنه لا يمكن أن يكون ذلك الخبير العارف بالطبيعة الفطرية والجبلة الغريزية التي طبعت وجبلت عليها المرأة.

ومن الخصوصيات أيضاً ما يتعلق ببعض الأحكام الفقهية التي هي من خواص النساء، كأحكام الطهارة من الحيض والنفاس والحمل وما يتعلق بذلك من تفصيلات كثيرة لا يعرفها الرجال إلا من خلال العلم فحسب، ودائرة العلم التي يضبطها الرجال ليست بالكثرة الكافية، إضافة إلى أن في ملابسة المرأة للرجال ومساءلتهم في مثل هذه الأمور وافتقارها الدائم إليهم حرجاً غير قليل، وكذلك لا يلتفت الرجل في الغالب إلى بعض تلك التفصيلات وتفريعاتها، ولا يخطر على باله أنه لابد من أن يطرقها وأن يعرضها حتى تنتفع بها النساء.

فالمرأة أبصر ببنات جنسها في طبعهن وفطرتهن، وكذا فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بهن في أمور كثيرة، كأمور الطهارة والحجاب وما يلحق بهذا، ولذلك فإن لسان المرأة في هذا أبلغ، وعلمها -إن كانت متعلمة- أكثر قدرة على الوصول والبلوغ والإفهام والتفصيل والتبيين للنساء حتى يكن على بصيرة من أمرهن وعلى علم من دينهن.

الأمر الثالث: أن المرأة المسلمة اليوم مستهدفة استهدافاً عظيماً من قبل الأعداء، والمراهنة في الحقيقة إنما هي على المرأة ليتم صرفها عن صلتها بدينها واعتزازها بقيمها وارتباطها بتاريخها، لتكون مستغربة في أفكارها، متحللة في سلوكها، متبرجة في هيئتها، ويقع بذلك إفساد لها عظيم، ثم من خلالها تقوض الأسرة المسلمة، فلا يكون هناك ذلك الرباط الشرعي الوثيق، ولا ذلك التصون العظيم الذي فيه أبلغ صور المحافظة، ولا يعود هناك تلك التربية للجيل الصاعد الناشئ على منهج هذا الدين.

ومن هنا فإن إهمال المرأة المسلمة وعدم توجيه الجهود العلمية والتربوية لصياغة المرأة المسلمة على النحو المطلوب يكون هذا التقصير سبباً عظيماً من أسباب تمكن الأعداء، ولا شك أننا نعلم يقيناً أن الفترة التي سلفت -سيما في أوائل هذا القرن- كانت المعركة فيها واضحة في إخراج المرأة من بيتها، ونزع حجابها، وسلخها من حيائها، وتجردها من أنوثتها، وجر ذلك على المجتمعات الإسلامية ويلات كثيرة وشروراً عظيمة، مازال الناس يجأرون منها ويشكون منها، وهذه الآثار لست بصدد التفصيل فيها، لكنها آثار في الإيمان تضعفه وتذهب حيويته وقوته في نفوس الرجال والنساء، وهي كذلك آثار أخلاقية تفسد قيم المجتمع، وتذهب الموازين الصحيحة التي جاء بها شرع الله عز وجل، وهي -كذلك- آثار اقتصادية تضعف من اقتصاد الأمة بما يقع من سرف، وبما يقع من تفويت لكثير من المصالح بحجج كثيرة واهية، وهي -كذلك- آثار بالنسبة للمجتمع من الناحية الأمنية، حيث يكثر الاعتداء على الأعراض، ويرتبط ذلك الإفساد الأخلاقي والتحلل الذي يقع في صفوف المجتمع من خلال إفساد المرأة المسلمة؛ يرتبط بالمسكرات والمخدرات وجرائم القتل، وحسبنا ما سمعنا من الحدود التي أقيمت في أكثر من مدينة عندنا، ورأينا أن المرأة عامل مشترك، لا أقول: إنها مؤاخذة في تلك الحوادث. لكن أقول: إن إفساد نظام المرأة من الناحية الإسلامية وعدم اكتمال التزامها بشرع الله سبحانه وتعالى يؤدي إلى كثير من هذه المفاسد.