خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/337"> الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/337?sub=60519"> سلسلة تفسير القرآن الكريم.
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
تفسير سورة الحشر [9-10]
الحلقة مفرغة
قا الله تعالى: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]. قوله تعالى: (( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ )) أي: توطنوا دار الهجرة وهي المدينة. (( وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ )) أي: من قبل مجيء المهاجرين إليهم، فالكلام هنا في الأنصار، وعطْف الإيمان على الدار بتقدير عامل، والعامل هنا فعل، أي: والذين تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان. وقيل: استُعمل التبوّء في لازم معناه، وهو اللزوم والتمكّن، والمعنى: لزموا الدار والإيمان. فالمقصود: (( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ )) أي: لزموا الدار، وهي دار الهجرة بالإقامة فيها والاستقرار، ولزموا أيضاً الإيمان بأن ثبتوا عليه ولم يتحولوا، وجُوَّز أيضاً تنزيل الإيمان منزلة المكان الذي يتمكن فيه، وكأن الإيمان نفسه مكان يستقر فيه الإنسان. قوله: (( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ )) أي: لوجود الجنسية في الصفاء والموافقة في الدين والإخاء؛ وذلك لأن المحبة لا تكون إلا عن تناسب، وكلما كثرت وجوه المناسبة والائتلاف والتوافق ازدادت هذه المحبة، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21]، فلم يجعل الله تعالى هؤلاء الأزواج من الجن مثلاً، أو من خلق غير الإنس، وإلا لما وجد هذا التناسب، فقوله: (( مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا )) يشير إلى هذا التناسب وهذه الموافقة، وكذلك كل محتابين تزداد المحبة بينهما كلما ازداد هذا التناسب والتوافق. وكذلك هنا؛ فهؤلاء الأنصار إنما أحبوا المهاجرين لوجود أعظم أسباب الجنسية والتناسب والموافقة، ألا وهي أخوّة الإيمان. (( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ )) مع أنهم من غير بلادهم، ولا يكون ذلك إلا بسبب أخوّة العقيدة. وتأملوا فيما حصل بعد ما يقارب خمسين سنة من الحرب العالمية الثانية، وما حصل من تقسيم برلين إلى نصفين، فحصل انقطاع بين الأسر في هذه المدة البعيدة، ثم بعد ذلك هللوا لتحطيم سور برلين وتوحيد ألمانيا، ولكن تعجب بعد ذلك مما فعلوه -كما سمعنا من بعض إخواننا ممن يقيمون في ألمانيا- فقد قيل: إن الذين كانوا في ألمانيا الشرقية التي ابتليت بالشيوعية ذهبوا وهرعوا عند ذلك إلى أقاربهم الذين هم من نفس الأسر في برلين الغربية، فما كانوا يفتحون لهم الأبواب أصلاً! ويرفضون أن يدخلوهم، ويردوهم عن أبوابهم كأنهم متسولون! وهذا شيء لا يستغرب في العلاقات الاجتماعية في الغرب، بل أوضاعهم أشنع من ذلك. فالشاهد: أن الذي حدا بهؤلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم من الأنصار، وجعلهم يرحبون بإخوانهم المهاجرين ويؤثرونهم على أنفسهم، ولا يحسدونهم على نعمة أنعمها الله عليهم أو على عطاء قد خصوا به -إنما هو غاية الإيثار مع شدة الحاجة إلى هذه الأموال، وأخبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم في ذلك كثيرة مما لا تجد له مثلاً في التاريخ كله على الإطلاق، فلم يوجد جيل مثل هذا الجيل الفذ الذي رباه النبي صلى الله عليه وسلم على عينه. قوله: (( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ )) لوجود الجنسية -أي: التجانس-، والتوافق في الصفاء وطهارة القلوب، والموافقة في الدين والإخاء؛ لأن أقوى رابطة على الإطلاق هي رابطة الدين، فالله سبحانه وتعالى ربط المسلم بأخيه المسلم كما ربطت الكف بالمعصم، وكما ربطت القدم بالساق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ونحن نعجب أشد العجب أنه في الوقت الذي يُنكَّل فيه الأقذار الأنجاس الأخباث أرذل خلق الله من اليهود -لعنهم الله سبحانه وتعالى- بإخواننا المستضعفين، ونحن هنا نحتفل بالنصر عن طريق الأغاني والرقص وغيرها، فهل هذه هي المشاركة الإيمانية؟! فتجد برامج اللهو واللعب والكرة والعبث وإخواننا ينكَّل بهم على يد هؤلاء الأنجاس أخبث خلق الله من أحفاد القردة والخنازير وعبدة الطاغوت. فما يحصل الآن مع الإخوة في فلسطين شيء لا يتصوره العقل، فأين حقوق الإنسان؟! وأين الأمم المتحدة؟! وأين هذا السراب كله؟! وأين أثر تلك الصورة التي يقولون: إنها هزت ضمير العالم؟ أعني صورة الأب وابنه اللذي كانا يحتميان وراء البرميل، فقتلوا الطفل الصغير عن سبق إصرار وتعمد، وهذا كان واضحاً في الصورة! مع أنه لم يشارك في المظاهرة، ولا كان يحمل سلاحاً ولا غيره!! وهكذا تقوم الطائرات المروحية بقصف الفلسطينيين بصواريخ مضادة للدبابات!! وكل ذلك يقوم به المجرم السفاح شارون، الذي هو مجرم دولي معروف، وهو الذي كان وراء مجزرة صبرة وشاتيلا، ومثل هؤلاء لا يقال عليهم: إرهابيون! لكن الإرهابية صارت حكراً على المسلمين إذا دافعوا عن دينهم وبلادهم وأوطانهم! فالله المستعان! فينبغي أن نتذكر ونحن نتكلم عن ترحيب الرعيل الأول والتعاطف والمجانسة والمناصرة التي كانت بين المهاجرين والأنصار؛ ما نحن عليه الآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله! (( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ))، قال الشهاب : المراد بمحبة المهاجرين هنا مواساتهم، وعدم الاستثقال والتبرم منهم إذا احتاجوا إليهم، (( وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ )) أي: في أنفسهم: (( حَاجَةً )) أي: طلباً أو حسداً، (( مِمَّا أُوتُوا )) أي: مما أوتي المهاجرون من الفيء وغيره؛ لسلامة قلوبهم وطهارتها عن دواعي الفرك، (( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )) أي: حاجة وفاقة.
الإيثار في حظوظ النفس لا في الطاعات
المعاملة بالمال تكشف حقيقة الإنسان
خطورة الشح
هل هذه الآية معطوفة على ما قبلها أم مقطوعة؟
المفاضلة بين مكة والمدينة
من الصور المشرقة في الإيثار
مدح التنافس في الآخرة وذمه في أمور الدنيا
سخاء أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
سخاء بعض الصحابة
حكم التصدق بجميع ما يملكه الإنسان
أعلى درجات الإيثار: الإيثار بالنفس
يقول السيوطي في (الإكليل): في الآية مدح الإيثار في حظوظ النفس والدنيا. وإنما قيد السيوطي مدح الإيثار بأن يكون في حظوظ النفس والدنيا؛ لأن الإيثار في الطاعات لا يمدح، بل نحن في الطاعات مطالبون بالتنافس والمسابقة، وقد عكس الناس الآن هذا الأمر، فصاروا يتنافسون في الدنيا ولا يتنافسون في الدين، والصواب أن يكون هناك إيثار في حظوظ الدنيا كما ستأتي آثار عن الصحابة وغيرهم رضي الله تعالى عنهم في ذلك، فتؤثر أخاك المسلم بالطعام وبالملبس وبالأموال وتواسيه بذلك، لكن إذا كانت هناك مسابقة في الآخرة فلا إيثار، فمثلاً تجد بعض المسلمين بسبب قلة الفقه في الدين كل واحد منهم يعزم على صاحبه أن يتقدم إلى الصف الأول فيقول له: تفضل.. تفضل، فيقول الثاني: لا، تفضل أنت!! فالطاعات ليس فيها إيثار؛ لأننا أمرنا بالتنافس في أمر الآخرة، وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26]، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول لاستهموا على ذلك)، أي: لحصل بينهم من المشاكل ما لا ينهيها إلا القرعة! وقد كان الصحابة يبتدرون السواري إذا أُذن لصلاة المغرب، وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26]، سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [الحديد:21]، ومعنى المسابقة أن كل واحد يريد أن يكون هو الأول، فكذلك المسابقة في أعمال الآخرة، فإنه يكره ولا يستحب الإيثار فيها، وقد اختلف أحد الصحابة مع ابنه فيمن يخرج للجهاد، وفيمن يمكث عند النساء والأولاد يرعاهم، فقال له ابنه: والله يا أبي! لولا أنها الجنة لآثرتك على نفسي!! فهكذا كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يفقهون هذا المعنى، فالإيثار إنما يكون في أمور الدنيا، وأما أمور الدين فلا، فمثلاً عندما تسمِّع القرآن على الشيخ لا تضحي بدورك وتعطيه لشخص آخر، بل تسابق ولا تتنازل عن دورك؛ لأن تنازلك هذا فيه معنى الإعراض والزهد في ذلك، فالإنسان في أمور الطاعات والعبادات لا يؤثر على نفسه؛ لأننا -كما قلنا- أمرنا بالتنافس في الآخرة، وأما أمور الدنيا وحظوظها من المال والطعام ونحو ذلك فهذا هو محل الإيثار المستحب؛ فلأجل هذا قال السيوطي هذه العبارة: في الآية مدح الإيثار في حظوظ النفس والدنيا. وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: هذا المقام أعلى من حال الذين وصفهم الله بقوله تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا [الإنسان:8]، وقوله: وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى [البقرة:177] ... إلى آخره، فهاتان الآيتان دلتا على أنهم يحبون ما تصدقوا به، وكقوله: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، وقد لا يكون لهم حاجة إليه ولا ضرورة به، فهم يحبونه لكنهم غير محتاجين إليه، وليسوا في حالة اضطرار ولا فقر ولا عَوز، وأما هؤلاء المذكورون هنا في هذه الآية فإنهم آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وشدة الحاجة، فهم بلا شك يحبون هذا المال، لكن يزيدون على المذكورين في الآيات الأولى بأنهم محتاجون إلى هذا المال، فقد آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوا، ومن هذا المقام تصدُّق الصديق رضي الله تعالى عنه بجميع ماله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أبقيت لأهلك؟ فقال رضي الله تعالى عنه: أبقيت لهم الله ورسوله). ومثل ذلك الماء الذي عرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك، فكان كل واحد منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه، وهو جريح مثقل أحوج ما يكون إلى الماء، فرده الآخر إلى الثالث فما وصل إلى الثالث حتى ماتوا عن آخرهم، ولم يشرب أحد منهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.