عرض كتاب الإتقان (9) - النوع الثامن معرفة آخر ما نزل [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:

قوله: [أول سورة نزلت بمكة: اقرأ باسم ربك، وآخر سورة نزلت بها: المؤمنون، ويقال: العنكبوت، وأول سورة نزلت بالمدينة: ويل للمطففين، وآخر سورة نزلت بها: براءة، وأول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة: النجم]. يلاحظ في أول سورة على الإطلاق انتهينا منها على أن الصحيح أنها الخمس الآيات الأولى من اقرأ.

وما بعد ذلك من الأوائل هذه فهو مختلف فيها، أو الأواخر كذلك، فليس فيها قول يمكن أن يقال: إنه هو الصحيح دون غيره، وكل واحد من الصحابة أو التابعين أو من جاء بعدهم يحكي ما بلغه أو ما يظن هو أنه أول أو آخر، سوى السابق الذي ذكرناه.

وقوله: (أول سورة أعلنها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة: النجم)، هذا يدخل في الأوليات المخصوصة التي ستأتي بعد قليل، أما ما ذكره ابن حجر رحمه الله من قوله: [اتفقوا على أن سورة البقرة أول سورة أنزلت بالمدينة] فهذا فيه نظر، وخصوصاً أنه -أيضاً- في تفسير سورة ويل للمطففين ورد عن ابن عباس : (أن أهل المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً، فلما جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم نزل عليه: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين:1]) وإن كان هذا ليس فيه ذكر الأولية، إلا أنه يشير أنه من أوائل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المقصد أنه من الصعب الحكم على الأولية في المدينة، وهناك خلاف في ذلك.

وذكر [عن الواقدي : أن أول سورة نزلت بالمدينة سورة القدر]، ثم أورد الأثر الذي سبق عن جابر بن زيد وفيه ترتيب السور في النزول.

وهذا الذي ذكره جابر بن زيد علق عليه فقال: [هذا سياق غريب وفي هذا الترتيب نظر. و جابر بن زيد من علماء التابعين بالقرآن] ثم ذكر اعتماد الجعبري على هذا الأثر في قصيدته التي تلاها المؤلف.

أوائل مخصوصة لما نزل من القرآن

ثم ذكر الفرع الذي بعده في الأوائل المخصوصة، وهذه الأوائل المخصوصة أيضاً في بعضها خلاف، لكن التقييد أنها أوائل مخصوصة جميل؛ فكأنها موضوعات محددة، فمثلاً: أول ما نزل في القتال: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ [الحج:39]، وأيضاً أول ما نزل في الخمر قال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [البقرة:219]، وبعض علماء التفسير يذكر آية النحل: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا [النحل:67] فيجعلون هذه أول آية نزلت في الخمر.

فإذاً: المقصد أنه حتى في الأوليات المخصوصة هذه قد يكون هناك شيء من الخلاف.

وأول ما نزل في الأطعمة، كما قال: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا [الأنعام:145]، ثم آية النحل إلى آخرها، وبالمدينة آية البقرة ثم آية المائدة، ونسبه إلى ابن الحصار .

ولاحظ مثلاً أول سورة أنزلت فيها سجدة: النجم، وكونها أول سورة نزلت فيها سجدة هذا قد يشكل عليه فيما لو ذكر سورة نزلت قبلها وفيها سجدة، لكن هذا -كما قلنا-: إنه علم عزيز أن يعرف ترتيب النزول.

وأول ما نزل من سورة براءة: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ [التوبة:25]، وهذا ورد عن مجاهد وهو يحتاج إلى تثبت، لأنه ذكر بعده عن أبي الضحى أن أول ما نزل من براءة: انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا [التوبة:41]، فإذاً: هذا فيه خلاف حتى بين التابعين.

وأيضاً هذا مروي عن أبي مالك غزوان الغفاري : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا [التوبة:41] وكذلك عن عامر الشعبي . فكأنه اتفق ثلاثة من التابعين على: انفِرُوا خِفَافًا [التوبة:41] خلافاً لـمجاهد .

وعن سعيد بن جبير قول: أول ما نزل من آل عمران: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:138]، وكل هذه تحتاج إلى سند عمن شاهد هذا الحدث وهم الصحابة، فقول الصحابي في مثل هذا الأصل فيه أنه حجة إذا لم يخالف، أما قول من بعد الصحابي فيستدل له ولا يستدل به، وإنما يستأنس به، لكن حينما يروى مثلاً عن أبي مالك و عامر و أبي الضحى أن أول ما نزل آية كذا فلاشك أن هذا القول يكون معتبراً ويستأنس بالكثرة على صحة هذا القول.

فهذا ما يتعلق بالأوليات المخصوصة، ولا شك أنها في حكم المراسيل.

ثم ذكر الفرع الذي بعده في الأوائل المخصوصة، وهذه الأوائل المخصوصة أيضاً في بعضها خلاف، لكن التقييد أنها أوائل مخصوصة جميل؛ فكأنها موضوعات محددة، فمثلاً: أول ما نزل في القتال: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ [الحج:39]، وأيضاً أول ما نزل في الخمر قال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [البقرة:219]، وبعض علماء التفسير يذكر آية النحل: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا [النحل:67] فيجعلون هذه أول آية نزلت في الخمر.

فإذاً: المقصد أنه حتى في الأوليات المخصوصة هذه قد يكون هناك شيء من الخلاف.

وأول ما نزل في الأطعمة، كما قال: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا [الأنعام:145]، ثم آية النحل إلى آخرها، وبالمدينة آية البقرة ثم آية المائدة، ونسبه إلى ابن الحصار .

ولاحظ مثلاً أول سورة أنزلت فيها سجدة: النجم، وكونها أول سورة نزلت فيها سجدة هذا قد يشكل عليه فيما لو ذكر سورة نزلت قبلها وفيها سجدة، لكن هذا -كما قلنا-: إنه علم عزيز أن يعرف ترتيب النزول.

وأول ما نزل من سورة براءة: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ [التوبة:25]، وهذا ورد عن مجاهد وهو يحتاج إلى تثبت، لأنه ذكر بعده عن أبي الضحى أن أول ما نزل من براءة: انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا [التوبة:41]، فإذاً: هذا فيه خلاف حتى بين التابعين.

وأيضاً هذا مروي عن أبي مالك غزوان الغفاري : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا [التوبة:41] وكذلك عن عامر الشعبي . فكأنه اتفق ثلاثة من التابعين على: انفِرُوا خِفَافًا [التوبة:41] خلافاً لـمجاهد .

وعن سعيد بن جبير قول: أول ما نزل من آل عمران: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:138]، وكل هذه تحتاج إلى سند عمن شاهد هذا الحدث وهم الصحابة، فقول الصحابي في مثل هذا الأصل فيه أنه حجة إذا لم يخالف، أما قول من بعد الصحابي فيستدل له ولا يستدل به، وإنما يستأنس به، لكن حينما يروى مثلاً عن أبي مالك و عامر و أبي الضحى أن أول ما نزل آية كذا فلاشك أن هذا القول يكون معتبراً ويستأنس بالكثرة على صحة هذا القول.

فهذا ما يتعلق بالأوليات المخصوصة، ولا شك أنها في حكم المراسيل.