أبواب الفتن [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله: [ باب العقوبات.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو معاوية عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته, ثم قرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102] ).

حدثنا محمود بن خالد الدمشقي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب عن ابن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر، قال: ( أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين! خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله، إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم ) ].

وهذا ظاهر في الأمة، فبعدم الحكم بما أنزل الله جعل الله بأس الأمة فيما بينها يقتل بعضها بعضاً، تتصارع الدول الإسلامية فيما بينها, ويتصارع المجتمع الواحد فيما بينهم؛ بسبب عدم الحكم بما أنزل الله، فإذا ترابطت وحكمت بما أنزل الله جل وعلا فإنه لا يجعل الله عز وجل بأسها فيما بينها وإنما يجعل بأسها على عدوها.

قال: [ حدثنا عبد الله بن سعيد قال: حدثنا معن بن عيسى عن معاوية بن صالح عن حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير ).

حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا عمار بن محمد عن ليث عن المنهال عن زاذان عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة:159], قال: دواب الأرض ).

حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب الصبر على البلاء.

حدثنا يوسف بن حماد المعني و يحيى بن درست، قالا: حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص، قال: ( قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى العبد على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض، وما عليه من خطيئة ).

حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، قال: ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فوضعت يدي عليه، فوجدت حره بين يدي فوق اللحاف، فقلت: يا رسول الله! ما أشدها عليك! قال: إنا كذلك، يضعف لنا البلاء ويضعف لنا الأجر, قلت: يا رسول الله! أي الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء, قلت: يا رسول الله! ثم من؟ قال: ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر، حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يجوبها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء ).

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله، قال: ( كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي نبياً من الأنبياء، ضربه قومه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ).

حدثنا حرملة بن يحيى و يونس بن عبد الأعلى، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260], ويرحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الداعي ).

حدثنا نصر بن علي الجهضمي ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا حميد عن أنس بن مالك، قال: ( لما كان يوم أحد، كسرت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشج، فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول: كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم، وهو يدعوهم إلى الله؟ فأنزل الله عز وجل: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:128] ).

حدثنا محمد بن طريف قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس، قال: ( جاء جبريل ذات يوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس حزين، قد خضب بالدماء، قد ضربه بعض أهل مكة، فقال: ما لك؟ فقال: فعل بي هؤلاء وفعلوا, قال: أتحب أن أريك آية؟ قال: أرني, فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، قال: ادع تلك الشجرة. فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: قل لها فلترجع، فقال لها، فرجعت حتى عادت إلى مكانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبي ).

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أحصوا لي كل من تلفظ بالإسلام, قلنا: يا رسول الله! أتخاف علينا، ونحن ما بين الست مائة إلى السبع مئة؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لا تدرون، لعلكم أن تبتلوا.

قال: فابتلينا، حتى جعل الرجل منا ما يصلي إلا سراً ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه ليلة أسري به، وجد ريحاً طيبة، فقال: يا جبريل، ما هذه الريح الطيبة؟ قال: هذه ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها، قال: وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل، وكان ممره براهب في صومعته، فيطلع عليه الراهب، فيعلمه الإسلام، فلما بلغ الخضر، زوجه أبوه امرأة، فعلمها الخضر، وأخذ عليها أن لا تعلمه أحداً، وكان لا يقرب النساء فطلقها، ثم زوجه أبوه أخرى، فعلمها وأخذ عليها أن لا تعلمه أحداً، فكتمت إحداهما وأفشت عليه الأخرى. فانطلق هارباً، حتى أتى جزيرة في البحر، فأقبل رجلان يحتطبان فرأياه، فكتم أحدهما وأفشى الآخر، وقال: قد رأيت الخضر، فقيل: ومن رآه معك؟ قال: فلان، فسئل فكتم، وكان في دينهم أن من كذب قتل، قال: فتزوج المرأة الكاتمة، فبينما هي تمشط ابنة فرعون، إذ سقط المشط، فقالت: تعس فرعون! فأخبرت أباها، وكان للمرأة ابنان وزوج، فأرسل إليهم، فراود المرأة وزوجها أن يرجعا عن دينهما فأبيا، فقال: إني قاتلكما، فقالا: إحساناً منك إلينا، إن قتلتنا أن تجعلنا في بيت، ففعل، فلما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وجد ريحاً، طيبة، فسأل جبريل، فأخبره ).

حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط ).

حدثنا علي بن ميمون الرقي قال: حدثنا عبد الواحد بن صالح قال: حدثنا إسحاق بن يوسف عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ).

حدثنا محمد بن المثنى و محمد بن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاث من كن فيه وجد طعم الإيمان - وقال بندار: حلاوة الإيمان-: من كان يحب المرء، لا يحبه إلا لله، ومن كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان أن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع في الكفر، بعد إذ أنقذه الله منه ).

حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال: حدثنا ابن أبي عدي (ح)، وحدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء؛ قالا: حدثنا راشد أبو محمد الحماني عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء، قال: ( أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن: لا تشرك بالله شيئاً، وإن قطعت وحرقت، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمداً، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمة، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب شدة الزمان.

حدثنا غياث بن جعفر الرحبي قال: حدثنا الوليد بن مسلم، سمعت ابن جابر يقول: سمعت أبا عبد رب يقول: سمعت معاوية يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الملك بن قدامة الجمحي عن إسحاق بن أبي الفرات عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة, قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة ).

حدثنا واصل بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن فضيل عن أبي إسماعيل الأسلمي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين إلا البلاء ).

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا طلحة بن يحيى عن يونس عن الزهري عن أبي حميد- يعني: مولى مسافع

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله، فليذهبن خياركم، وليبقين شراركم، فموتوا إن استطعتم ).

حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال: حدثني محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدباراً، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب أشراط الساعة.

حدثنا هناد بن السري و أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد قالا: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا أبو حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بعثت أنا والساعة كهاتين, وجمع بين إصبعيه ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن فرات القزاز عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد، قال: ( اطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم من غرفة، ونحن نتذاكر الساعة، فقال: لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات: الدجال، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها ).

حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا عبد الله بن العلاء قال: حدثني بسر بن عبيد الله قال: حدثني أبو إدريس الخولاني حدثني عوف بن مالك الأشجعي، قال: ( أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في غزوة تبوك، وهو في خباء من أدم، فجلست بفناء الخباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخل يا عوف! فقلت: بكلي يا رسول الله؟ قال: بكلك, ثم قال: يا عوف! احفظ خلالاً ستاً بين يدي الساعة, إحداهن موتي, قال: فوجمت عندها وجمة شديدة، فقال: قل: إحدى، ثم فتح بيت المقدس، ثم داء يظهر فيكم يستشهد الله به ذراريكم وأنفسكم، ويزكي به أموالكم، ثم تكون الأموال فيكم، حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، وفتنة تكون بينكم لا يبقى بيت مسلم إلا دخلته، ثم تكون بينكم وبين بني الأصفر هدنة، فيغدرون بكم، فيسيرون إليكم في ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي قال: حدثنا عمرو مولى المطلب عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى تقتلوا إمامكم، وتجتلدوا بأسيافكم، ويرث دنياكم شراركم ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بارزاً للناس، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله! متى الساعة؟ فقال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأخبرك عن أشراطها، إذا ولدت الأمة ربتها، فذاك من أشراطها. وإذا كانت الحفاة العراة رؤوس الناس، فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاء الغنم في البنيان، فذاك من أشراطها، في خمس لا يعلمهن إلا الله, فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ [لقمان:34], الآية ).

حدثنا محمد بن بشار و محمد بن المثنى، قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك، قال: ( ألا أحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يحدثكم به أحد بعدي, سمعته منه: إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنى، وتشرب الخمر، ويذهب الرجال ويبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فيقتتل الناس عليه، فيقتل من كل عشرة تسعة ).

حدثنا أبو مروان العثماني قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تقوم الساعة حتى يفيض المال، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج, قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل، القتل، القتل, ثلاثاً ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب ذهاب القرآن والعلم.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن زياد بن لبيد، قال: ( ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، فقال: ذاك عند أوان ذهاب العلم, قلت: يا رسول الله! وكيف يذهب العلم، ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ قال: ثكلتك أمك زياد! إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل، لا يعملون بشيء مما فيهما؟ ).

حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة. وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها. فقال له صلة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة، ثم ردها عليه ثلاثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صلة، تنجيهم من النار، ثلاثاً ).

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي ووكيع عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون بين يدي الساعة أيام، يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج، والهرج: القتل ).

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من ورائكم أياماً، ينزل فيها الجهل، ويرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج, قالوا: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: القتل ).

حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، يرفعه قال: ( يتقارب الزمان، وينقص العلم، ويلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج, قالوا: يا رسول الله! وما الهرج؟ قال: القتل )].

قال المصنف رحمه الله: [ باب ذهاب الأمانة.

حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة، قال: ( حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين: قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر؛ حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال - قال الطنافسي: يعني: وسط قلوب الرجال - ونزل القرآن، فعلمنا من القرآن وعلمنا من السنة، ثم حدثنا عن رفعها، فقال: ينام الرجل النومة، فترفع الأمانة من قلبه، فيظل أثرها كأثر الوكت، ثم ينام النومة، فتنزع الأمانة من قلبه، فيظل أثرها كأثر المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبراً، وليس فيه شيء, ثم أخذ حذيفة كفا من حصًى، فدحرجه على ساقه.قال: فيصبح الناس يتبايعون ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، حتى يقال للرجل: ما أعقله! وأجلده! وأظرفه! وما في قلبه حبة خردل من إيمان.

ولقد أتى علي زمان ولست أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلماً ليردن علي إسلامه، ولئن كان يهودياً أو نصرانياً ليردن علي ساعيه، فأما اليوم فما كنت لأبايع إلا فلاناً وفلاناً ).

حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا محمد بن حرب عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة كثير بن مرة عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبداً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء، لم تلفه إلا مقيتاً ممقتاً، فإذا لم تلفه إلا مقيتاً ممقتاً، نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة، لم تلفه إلا خائناً مخوناً، فإذا لم تلفه إلا خائناً مخوناً، نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة، لم تلفه إلا رجيماً ملعناً، فإذا لم تلفه إلا رجيماً ملعناً، نزعت منه ربقة الإسلام ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب الآيات.

حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن فرات القزاز عن عامر بن واثلة أبي الطفيل الكناني عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة، قال: ( اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة، ونحن نتذاكر الساعة، فقال: لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، والدابة، ويأجوج ومأجوج، وخروج عيسى ابن مريم عليه السلام، وثلاث خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن أبين، تسوق الناس إلى المحشر، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا ).

حدثنا حرملة بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث و ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، ودابة الأرض، والدجال، وخويصة أحدكم، وأمر العامة ).

حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا عون بن عمارة قال: حدثنا عبد الله بن المثنى بن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أبيه عن جده عن أنس بن مالك عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الآيات بعد المائتين ).

حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا نوح بن قيس قال: حدثنا عبد الله بن معقل عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أمتي على خمس طبقات، فأربعون سنة أهل بر وتقوى، ثم الذين يلونهم إلى عشرين ومئة سنة أهل تراحم وتواصل، ثم الذين يلونهم إلى ستين ومئة أهل تدابر وتقاطع، ثم الهرج الهرج، النجاء النجاء ).

حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا خازم أبو محمد العنزي قال: حدثنا المسور بن الحسن عن أبي معن عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمتي على خمس طبقات: كل طبقة أربعون عاماً، فأما طبقتي وطبقة أصحابي فأهل علم وإيمان، وأما الطبقة الثانية، ما بين الأربعين إلى الثمانين، فأهل بر وتقوى ). ثم ذكر نحوه ].

جل أشراط الساعة الصغرى ظهرت وبقي الكبرى, وهي إذا ظهر واحد منها انفرطت كالعقد تباعاً.

قال المصنف رحمه الله: [ باب الخسوف.

حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا بشير بن سلمان عن سيار عن طارق عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف ).

حدثنا أبو مصعب قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( يكون في آخر أمتي خسف ومسخ وقذف ).

حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: حدثنا أبو صخر عن نافع ( أن رجلاً أتى ابن عمر فقال: إن فلاناً يقرأ عليك السلام، قال: إنه بلغني أنه قد أحدث، فإن كان قد أحدث، فلا تقرئه مني السلام، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون في أمتي - أو في هذه الأمة - مسخ وخسف وقذف, في أهل القدر ).

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو معاوية ومحمد بن فضيل عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب جيش البيداء.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان ].

وأهل القدر النفاة الذين ينفون قدرة الله عز وجل وينظرون إلى المعادلات المادية ويسمونها بحتمية الكون, وهم أشبه ما يكونون بالماديين، نشأت تصوراتهم بفكر اعتقادي ديني ثم تحولت بعد ذلك إلى فكر عقلي محض.

قال: [ عن أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان أنه سمع جده عبد الله بن صفوان يقول: ( أخبرتني حفصة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض، خسف بأوسطهم، ويتنادى أولهم آخرهم، فيخسف بهم، فلا يبقى منهم إلا الشريد الذي يخبر عنهم, فلما جاء جيش الحجاج ظننا أنهم هم، فقال رجل: أشهد عليك أنك لم تكذب على حفصة، وأن حفصة لم تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي إدريس المرهبي عن مسلم بن صفوان عن صفية، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت، حتى يغزو جيش، حتى إذا كانوا بالبيداء -أو ببيداء من الأرض - خسف بأولهم وآخرهم، ولم ينج أوسطهم, قلت: فإن كان فيهم من يكره؟ قال: يبعثهم الله على ما في أنفسهم ) ].

وهذا فيه أن الصحابة رضوان الله تعالى قد يظنون ظناً أن النبي عليه الصلاة والسلام قصد واقعة بعينها ولا يكون ذلك صحيحاً، وفيه أنه يسوغ للإنسان أن يجتهد بتوقع أن المراد بالنص في أشراط الساعة أو الفتن أو نحو ذلك نازلة بعينها؛ ولهذا اجتهد عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى في الدجال، بل أقسم على ذلك، كذلك هنا أيضاً في الجيش الذي يغزو الكعبة ولم يكن هو الحجاج.

يعني: أنهم يجتهدون، والأمر فيه سعة إلا أنه لا يلتزم من ذلك عملاً, وإنما هو قول وظن لاحتياط الإنسان لدينه.

قال: [ حدثنا محمد بن الصباح ونصر بن علي وهارون بن عبد الله الحمال، قالوا: قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن سوقة أنه سمع نافع بن جبير يخبر عن أم سلمة، قالت: ( ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الجيش الذي يخسف بهم، فقالت أم سلمة: يا رسول الله! لعل فيهم المكره؟! قال: إنهم يبعثون على نياتهم )].

قال المصنف رحمه الله: [ باب دابة الأرض.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تخرج الدابة ومعها خاتم سليمان بن داود، وعصا موسى بن عمران، عليهما السلام، فتجلو وجه المؤمن بالعصا، وتخطم أنف الكافر بالخاتم، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون، فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر ).قال أبو الحسن القطان: حدثناه إبراهيم بن نصر قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد بن سلمة، فذكر نحوه. وقال فيه مرة: ( فيقول هذا: يا مؤمن، وهذا: يا كافر ).

حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو زنيج قال: حدثنا أبو تميلة قال: حدثنا خالد بن عبيد قال: حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه، قال: ( ذهب بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية، قريب من مكة، فإذا أرض يابسة حولها رمل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تخرج الدابة من هذا الموضع. فإذا فتر في شبر ).

قال ابن بريدة: فحججت بعد ذلك بسنين، فأرانا عصاً له، فإذا هو بعصاي هذه، كذا وكذا ].

ولا يثبت في موضع الدجال ولا في موضع الدابة ولا في المهدي خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ثبوت ذلك فهو على مراتب, منها ما هو قطعي متواتر؛ وذلك كالدابة و الدجال، ومنه ما هو صحيح إلا أنه دون التواتر من جهة من جهة ثبوت حدوثه أصلاً؛ وذلك كـالمهدي.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
أبواب الأذان والسنة فيها 2550 استماع
أبواب التجارات [1] 2408 استماع
أبواب الوصايا 2393 استماع
أبواب الطهارة وسننها [3] 2382 استماع
أبواب الأحكام 2344 استماع
أبواب الجنائز [2] 2271 استماع
أبواب الحدود 2230 استماع
أبواب الزكاة 2225 استماع
أبواب المساجد والجماعات 2217 استماع
أبواب الرهون 2171 استماع