أبواب التجارات [1]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله: [ أبواب التجارات.

باب الحث على المكاسب.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب ، قالوا: قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب الزبيدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما كسب الرجل كسباً أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه، فهو صدقة ).

حدثنا أحمد بن سنان قال: حدثنا كثير بن هشام قال: حدثنا كلثوم بن جوشن القشيري عن أيوب عن نافع

عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( التاجر الأمين الصدوق المسلم، مع الشهداء يوم القيامة ) ].

فإنما عظم أمر التاجر الأمين الصادق, باعتبار أن التاجر يحتاج إلى الوعد, وذلك أنه يتعامل مع الناس في يومه وليلته, فيحتاج إلى الوعد والوفاء به, فربما أخل بمصالح الناس, فيغلب على التجار الكذب؛ ولهذا يروى في الخبر قال: ( أكذب الناس الصواغون والصباغون ), وجاء في رواية: ( التجار ), يعني بذلك أنه يكون ثمة وعد ثم يخلفون, وهذا يشتهر عند أهل الحرف.

قال: [ حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث مولى ابن مطيع عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالذي يقوم الليل ويصوم النهار ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا خالد بن مخلد قال: حدثنا عبد الله بن سليمان عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن عمه، قال: ( كنا في مجلس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء، فقال له بعضنا: نراك اليوم طيب النفس. فقال: أجل، والحمد لله، ثم أفاض القوم في ذكر الغنى، فقال: لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة لمن اتقى خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم ) ].

والتجارة جاء أنها أصل الكسب, وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في خبر مرسل من حديث نعيم بن عبد الرحمن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( تسعة أعشار الرزق في التجارة, والعشر الباقي في سائر الخلق ), وجاء في رواية: ( في الغنم ), وحث النبي عليه الصلاة والسلام على بعض أنواع التجارة, منها الأرض, ويقصد بذلك تجارة الأرض, وكذلك الزراعة وغير ذلك, وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أم هانئ في المسند قال: ( عليك بالغنم فإنها بركة ).

قال المصنف رحمه الله: [ باب التوقي في التجارة.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن قيس بن أبي غرزة ، قال: ( كنا نسمى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: السماسرة، فمر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمانا باسم هو أحسن منه، فقال: يا معشر التجار! إن البيع يحضره الحلف واللغو، فشوبوه بالصدقة ) ].

قد روى عبد الرزاق في المصنف من حديث قتادة و الحسن مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن شئتم أقسمت أن التاجر فاجر )، يعني: لما يغلب عليه من اليمين والقسم, وكذلك أكل أموال الناس, وربما شعر أو لم يشعر, ولهذا يشرع لمن كان في مثل هذا أن يكثر من الصدقة والنفقة في مواضعها, ومتى اجتمعت مناسباتها.

قال: [ حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده رفاعة ، قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا الناس يتبايعون بكرة، فناداهم: يا معشر التجار! فلما رفعوا أبصارهم، ومدوا أعناقهم، قال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً، إلا من اتقى وبر وصدق ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب إذا قسم للرجل رزق من وجه فليلزمه.

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا فروة أبو يونس عن هلال بن جبير عن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أصاب من شيء، فليلزمه ).

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرني أبي عن الزبير بن عبيد: عن نافع، قال: ( كنت أجهز إلى الشام وإلى مصر، فجهزت إلى العراق، فأتيت عائشة أم المؤمنين فقلت لها: يا أم المؤمنين! كنت أجهز إلى الشام، فجهزت إلى العراق، فقالت: لا تفعل، مالك ولمتجرك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سبب الله لأحدكم رزقاً من وجه فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب الصناعات.

حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد القرشي عن جده عن سعيد بن أبي أحيحة عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما بعث الله نبياً إلا راعي غنم، قال له أصحابه: وأنت يا رسول الله! قال: وأنا، كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط ).

قال سويد: يعني: كل شاة بقيراط.

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي، والحجاج والهيثم بن جميل، قالوا: قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كان زكريا نجاراً ).

حدثنا محمد بن رمح قال: حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أصحاب الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم ).

حدثنا عمرو بن رافع قال: حدثنا عمرو بن هارون عن همام عن فرقد السبخي عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكذب الناس الصباغون والصواغون ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب الحكرة والجلب.

حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل عن علي بن سالم بن ثوبان عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون ) ].

والمراد بالمحتكر الذي يحبس السلعة, ينتظر نفاد الذي في السوق حتى يضع سلعته ويغالي في سعرها, فهذا محتكر, أو في حال حاجة الناس لها ولا توجد إلا عنده، ثم يقوم بحبسها عنهم ليزداد السعر في ذلك غلاء؛ ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( الجالب مرزوق ), في ذلك أن الله عز وجل يعطيه بركة ما جلب الخير للناس, ولو كان السعر في ذلك دون غيره.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الله بن نضلة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحتكر إلا خاطئ ).

حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا الهيثم بن رافع قال: حدثني أبو يحيى المكي عن فروخ مولى عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من احتكر على المسلمين طعاما ضربه الله بالجذام والإفلاس ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب أجر الراقي.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن جعفر بن إياس عن أبي نضرة

عن أبي سعيد الخدري، قال: ( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين راكباً في سرية، فنزلنا بقوم، فسألناهم أن يقرونا، فأبوا، فلدغ سيدهم، فأتونا فقالوا: أفيكم أحد يرقي من العقرب؟ فقلت: نعم أنا، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنماً، قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، فقبلنا، فقرأت عليه الحمد سبع مرات، فبرئ وقبضنا الغنم، فعرض في أنفسنا منها شيء، فقلنا: لا تعجلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدمنا ذكرت له الذي صنعت، فقال: أوما علمت أنها رقية؟ اقتسموها واضربوا لي معكم سهماً ).

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا أبو بشر عن ابن أبي المتوكل عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

قال أبو عبد الله: والصواب هو أبو المتوكل ].

وأخذ الأجر على الرقية لا حرج فيه؛ لثبوت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام, أنه أقر أصحابه عليه.

وهنا مسألة هل يشرع للإنسان أن يرقي كافراً؟ نعم، وهذا ظاهر النص عن النبي عليه الصلاة والسلام, كذلك هل يقال برقية الكافر للمسلم بغير المحرم؟ جاء هذا عن عائشة عليها رضوان الله, وعن غيرها من السلف.

وجاء أيضاً عن عبد الله بن مسعود رقية البهيمة.

ولكن يظهر والله أعلم أن السلف يكرهون أن ينصب الإنسان نفسه راقياً، ولهذا سعد بن أبي وقاص جاءه رجل فسأله أن يرقيه فقال: أجعلتني نبياً, ارق نفسك, فالرقية التي تطلب من الإنسان لا حرج عليه أن يعطيها غيره إذا احتاج, وأن يرفع البلاء عنه, ولكن أن ينصب نفسه لكل طالب أن يأتيه, فهذا لا أرى السلف يحبذونه, بل ظاهر الأمر أنهم يكرهونه, ولكن على سبيل الاعتراض فيما يوافق الإنسان في مسجده، في بيته, في ذهابه وإيابه، ونحو ذلك, وأفضل الرقية أن يرقي الإنسان نفسه.

والمؤثر في أمر الرقية أمران, الأمر الأول: هو الآي المقروء, وذلك أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام اختيار بعض آي للرقية, كما في الفاتحة وفي الكرسي والمعوذات, وقل هو الله أحد، وغيرها.

الثاني: هو صدق الراقي, وبركته, والناس يتباينون في ذلك, وكلا الأمرين متعلقة بالله سبحانه وتعالى.

قال المصنف رحمه الله: [ باب الأجر على تعليم القرآن.

حدثنا علي بن محمد ومحمد بن إسماعيل قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا مغيرة بن زياد الموصلي عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة: ( عن عبادة بن الصامت ، قال: علمت ناساً من أهل الصفة القرآن والكتابة، فأهدى إلي رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها ).

حدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ثور بن يزيد قال: حدثني عبد الرحمن بن سلم عن عطية الكلاعي: ( عن أبي بن كعب ، قال: علمت رجلاً القرآن، فأهدى إلي قوساً، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخذتها أخذت قوساً من نار، فرددتها ) ].

ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من الأحاديث أنه منع وحرم أخذ الأجر على الرقية، ولهذا البخاري و مسلم في صحيحيهما لم يخرجا شيئاً من ذلك, وما تنكباه إلا لعلة ظاهرة فيه.

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وعسب الفحل.

حدثنا هشام بن عمار و محمد بن الصباح ، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي مسعود : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن ).

حدثنا علي بن محمد و محمد بن طريف ، قالا: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا الأعمش عن أبي حازم

عن أبي هريرة ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وعسب الفحل ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: أخبرنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن السنور ) ].

والمراد بالسنور هو الهرة, واختلف العلماء في ثمنها وبيعها, هل تلحق في السباع بالكلب أم لا, وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم النهي عنها, وجاء أيضاً عن بعض السلف الإذن بذلك, أما قنيتها, فتجوز قنيتها بخلاف الكلب؛ وذلك أنه قد ثبت هذا عن غير واحد من السلف, سواء من الصحابة والتابعين.

قال المصنف رحمه الله: [ باب كسب الحجام.

حدثنا محمد بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطاه أجره ).

قال أبو عبد الله: تفرد به ابن أبي عمر وحده.

حدثنا عمرو بن علي أبو حفص الصيرفي قال: حدثنا أبو داود (ح)

وحدثنا محمد بن عبادة الواسطي قال: حدثنا يزيد بن هارون ، قالا: حدثنا ورقاء عن عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي ، قال: ( احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني فأعطيت الحجام أجره ).

حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي قال: حدثنا خالد بن عبد الله عن يونس عن ابن سيرين عن أنس بن مالك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني الأوزاعي عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود عقبة بن عمرو ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة بن سوار عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه: ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام، فنهاه عنه، فذكر له الحاجة، فقال: اعلفه نواضحك ) ].




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
أبواب الأذان والسنة فيها 2548 استماع
أبواب الوصايا 2389 استماع
أبواب الطهارة وسننها [3] 2378 استماع
أبواب الأحكام 2341 استماع
أبواب الجنائز [2] 2264 استماع
أبواب الحدود 2227 استماع
أبواب الزكاة 2219 استماع
أبواب المساجد والجماعات 2215 استماع
أبواب الرهون 2169 استماع
أبواب الكفارات 2137 استماع