توبة صادقة


الحلقة مفرغة

الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً كما يرضى ربنا جل وعلا، الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، واجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية بفعل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر.

معاشر المؤمنين! كلنا نقع في الذنوب والمعاصي، ولا يسلم أحدٌ من صغير أو كبير على اختلافٍ وتباينٍ فمستقل ومستكثر، فمن الناس من يظلم نفسه ظلماً تكفره الصلوات والعبادات والأعمال الصالحات، يقول الله جل وعلا: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما ظلم العبد نفسه بصغائر الذنوب والمعاصي من غير إصرار، فذلك تكفره آيتا النجم والنساء، بقول الله جل وعلا: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً [النساء:31] وبقول الله جل وعلا: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ [النجم:32] فمن أذنب ذنباً من الصغائر وأعقبه استغفاراً وعبادة وحسناتٍ ماحية للسيئات، فحري أن يعفى عنه.

واعلموا أيضاً -يا عباد الله- أن الذنب لا ينسى، وأن الديان لا يموت، وأن لكل حسنة ثواباً، ولكل سيئة عقاباً، ويتساهل الكثير منا مع إصراره على مجموعٍ من الصغائر والكبائر وهو يرى نعم الله عليه تترا، ويرى من نفسه إصراراً واستمراراً على الذنوب، يرى أن ليس للذنوب شؤمٌ ولا عاقبة، وكما قال ابن القيم رحمه الله: يزعم بعضهم أن هذا على حد قول القائل:

إذا لم يغبر حائطٌ في وقوعه     فليس له بعد الوقوع غبارُ

وقد نسي الكثير أن شؤم المعصية يدرك العبد ولو بعد أربعين سنة، إلا من تاب إلى الله توبة صادقة.

معاشر المؤمنين! ما المخرج من شؤم المعصية؟ ما المخرج من شؤم الكبيرة؟ ما المخرج من شؤم الذنب؟

أيبقى الذنب وصمة -كما يراه النصارى- وصمة باقية لا تزول إلا بدم المسيح المخلص على حد خزعبلاتهم وهرطقاتهم؟!

لا والله، المخرج من شؤم الذنب والمخرج من بلاء المعصية هو التوبة الصادقة، التوبة النصوح، وكلنا ندعي التوبة وما أكثر ما نتوب فنعود، وما أكثر ما نعاهد فننكث، وما أكثر ما نعاهد الله على ترك أمرٍ فنعود إليه أسرع ما نكون، ما أحلم الله عنا، إن الله غفور حليم.

أيها الأحبة! إن لمن أعظم دلالات صدق التوبة الندم! الندم الذي يجعل القلب منكسراً أمام الله، مخبتاً لذكر الله، وجلاً من هول عذاب الله، إن من تمام صدق التوبة العودة بالإيمان إلى أعلى درجاته: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2] فمن رأى وجلاً وإخباتاً وخشوعاً وانقياداً لله بعد توبته فذاك دليلٌ على صدقها.

أما أن يكون الواحد يذنب الذنب، فيقول: أستغفر الله بلسانه، ولكن جوارحه لا تقلع، وقلبه لا يفتر عن الهم والقصد والتزيين، فذاك قد يصدق عليه الأثر: إنما المنافق الذي يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به: هكذا فطار، أما المؤمن فيرى ذنوبه كجبلٍ يوشك أن يقع على رأسه، فهو خائفٌ وجلٌ من ذلك.

أيها الأحبة! ولقد جاء في سير الصحابة والتابعين والسلف الصالحين ما يدل على صدق توبتهم وصدق أوبتهم إلى الله جل وعلا، فمن الماضي والصدر الزاهر من عصر النبوة أذكر لكم قصة امرأة زنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلسعها حر المعصية، وآلمها حر الكبيرة، وأقلقها حر الفاحشة، فجاءت إلى رسول الله، وقالت: يا نبي الله! أصبت حداً فطهرني، عجباً لها ولشأنها ولأمرها، تعلم أنها جاءت وهي محصنة حدها الرجم بالحجارة حتى الموت، جاءت إلى رسول الله تقول: يا رسول الله! إنني حبلى من الزنا فطهرني، فانصرف عنها صلى الله عليه وسلم بوجهه يمنة، فعادت إليه، فالتفت يسرة، فعادت إليه، حتى الرابعة، فقال: (اذهبي حتى تضعي هذا الذي في بطنك) فذهبت فلما أن تمت حمله فصاله، عادت إلى رسول الله، قالت: يا رسول الله! أنا المرأة التي جئتك حبلى من الزنا فانصرفتَ عني وقلتَ: (اذهبي حتى تضعي حملك) وها أنا وضعته وهذا هو بين يديك، أقم حد الله علي، طهرني من ذنبٍ ارتكبته، ومن فحشٍ أجرمته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهبي حتى ترضعيه حولين كاملين) فذهبت به ترضعه حولين كاملين، وحرارة المعصية تلسع فؤادها، وتحرق قلبها، وتقض مضجعها، وتقلق ضميرها، فلما أن أتمت فصاله جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! أنا المرأة التي جئتك حبلى من الزنا، فقلت: (اذهبي حتى تضعي جنينك) فذهبت فوضعته، ثم جئتك، فقلت: (اذهبي حتى تكملي رضاعه) وقد أتممت رضاعه حولين كاملين، وجاءت بالصبي وفي يده كسرة خبزٍ إشارة إلى أنه استغنى بأكله عن ثديها، لماذا؟ حتى لا يردها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أمر واحداً من الصحابة بكفالة رضيعها، فشدت عليها ثيابها رضي الله عنها، وجمعنا بها في دار كرامته مع نبينا والصحب الراشدين والأبرار الصادقين، فشدت عليها ثيابها، فرجمت، فأخذ أحد الصحابة فهراً رمى به على رأسها؛ فسالت دماؤها على ثوبه؛ فكأنه نال منها، فقال صلى الله عليه وسلم: (والله لقد تابت توبة لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم) لو زنا أهل المدينة، أو شربوا الخمر، أو أكلوا المكس كلهم لوسعتهم توبة هذه المرأة، مما بلغ بقلبها من الخوف والتعظيم لله، ومن كان بالله أعرف، كان منه أخوف.

أيها الأحبة! هذه قصة وحادثة، وحديثٌ ما كان يفترى من الصدر الأول، دليلٌ على عمق التربية الإيمانية التي ربى النبي صلى الله عليه وسلم الفرد والأسرة والمجتمع عليها، وإنها والله لمؤثرة، وفي القصص تأثير وعبر: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف:176] .. لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى [يوسف:111] ليس من نسج الأوهام والخيال.

وفي زمننا هذا وفي عصرنا تعود صور التوبة صادقة لامعة، براقة مشرفة، متوجة بصدق اللجوء والرجوع إلى الله جل وعلا، وقبل أن أذكر لكم هذه الحادثة التي ستسمعون وقائعها، وقد يطول المقام بذكرها، أقول: إن الشيطان سيأتي إلى قلوب وعقول البعض ويقول: هذا من نسج الخيال، أو هذا من المبالغة، أو هذا مما يصاغ للتأثير والتعبير، والله ثم والله ما كانت هذه القصة حديث مجالسٍ، وإنما هي من شابٍ لعله يكون من بيننا، هو الذي أخبرني بها، سلسلتها ذهبية، وسندها عالٍ، من هذا الشاب الذي أخبرني بها في مجلسٍ، ودعوته صباح هذا اليوم لأكتب وقائعها ولأسمعكم إياها، هذا الشاب هو الذي يذكرها مع صاحبنا التائب الذي نذكر تفاصيل توبته.

أيها الأحبة! يقول صاحبنا هذا: كنت ذاهباً إلى دولة عربية مجاورة، يستغرق مدة السفر في هذه المهمة يوماً واحداً، ورجعت إلى المطار استعداداً للإياب، وقد أنهكني التعب، لم أجد فندقاً نظيفاً، ولم أتعود السفر، دخلت فندقاً لأول وهلة فإذا بالنساء والرجال والفساد والعهر والدعارة، فقال لي رجل: ما الذي جاء بك إلى هنا، لما رأى من حسن مظهره، وصلاح سمته، فقال: هي والله أول مرة آتي هنا، وليس لي حاجة سوى مهمة تدوم يوماً واحداً، فقال: اخرج يا شيخ عن هذا المكان فليس لائقاً بمثلك وأمثالك، قال: كيف أفعل والنهار يمضي والليل مقبل؟ فمضيت إلى حديقة أجلس فيها، حتى بزغ الصباح، وأنهيت مهمتي، وعدت إلى المطار استعداداً للإياب وأنا في تعبٍ ونصبٍ من هذه الرحلة التي ما ذقت فيها النوم إلا غفوات، فالتفت يمنة ويسرة أبحث عن مكانٍ أجلس فيه، فوجدت مكاناً أعد للصلاة في زاوية هذا المطار، وجدت مصلىً صغيراً فذهبت ونمت فيه نوماً عميقاً؛ لأنني متعبٌ، وفي قرابة وقبيل الظهر استيقظت على بكاء شاب يصلي، فالتفت فإذا بشابٍ فوق العشرين ودون الثلاثين يصلي ويبكي بكاءً مريراً؛ يبكي بكاء زوجةٍ فقدت زوجها وهي تنظر، أو بكاء ثكلى فقدت ولدها من بين يديها، قال: فعدت وقد أعياني التعب والنصب لنومي.

ثم دنا ذلك الباكي بعد لحظات، وأيقظني للصلاة، ثم قال: هل تستطيع أن تنام؟! هل تستطيع أن تنام؟! قلت: نعم. قال: أما أنا فلا أقدر على النوم، ولا أستطيع أن أذوق طعمه، فقلت له: نصلي وبعد الصلاة يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

سفر التائب أحمد إلى إحدى الدول ووقوعه في فاحشة الزنا

فأقبلت عليه بعد ذلك، قلت له: ما شأنك؟ قال: أنا من الرياض، من أسرة غنية، كل ما نريده مهيأ لنا من المال والملبس والمركب، لكنني مللت الروتين والحياة، فأردت أن أخرج خارج البلاد، فأجلت النظر هل أذهب إلى دولة يذهب إليها الناس؟! فخشيت أن يعرفوني فيفضحوني، فاخترت من بين دولٍ عدة، وقررت الذهاب إلى هذه البلاد التي أنا وإياك في مطارها، حتى لا يعرفني أحد، وما كان همي فعل فاحشة، بل لعبٌ وقضاء وقتٍ ولهوٌ وتفسحٌ، والشيطان لا يأتي عبداً من عباد الله -أيها الإخوة- ليقول له: اخرج لتزني، أو اخرج لتشرب خمراً، وإنما يقول: انظر إلى معالم السياحة، وقلب بصرك في حضارة الدول المختلفة، خرج وهذا همه، فلما وصل إذا برفقة سوءٍ كانت قد أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم، فاطمأن إليها بادئ الأمر وما زالوا معه من ملاهٍ إلى ملاهٍ، ومن لعبٍ إلى عبث، حتى أتوا به رويداً رويداً إلى خطوات الزنا، إلى بدايات الزنا مع الجواري والنساء والفتيات الغانيات الرشيقات، وما زالوا به حتى انفرد بواحدة منهن وما زالت تلاعبه حتى وقع بها وزنا بها، ولما بلغ به الأمر مبلغه، وبلغت فيه الشهوة ذروتها وأخرج ما في جوفه، إذا بلسعة حرارة تلسع قلبه، وتضرب ظهره، وسياطاً في فؤاده يجدها، فجعل يبكي، وقام عنها وهو يبكي ويصيح: زنيت وأول مرة أزني! كيف انتهكت هذا الجدار، وهذا السور المنيع من الفاحشة؟!!

كيف وقعت في الزنا؟!! إني سأحرم حور الجنة.

ندم التائب أحمد بعد الزنا وشدة بكائه

انطلق به شأن وأمر عجيب، فخرج من الباب باكياً وإذا بفاجرٍ من القوادين ينتظره، فقال: ما لك تبكي؟

قال: لقد زنيت أتعرف كيف زنيت؟! لقد زنيت، ماذا قال ذلك الماجن الداعر؟! قال: الأمر هين، خذ كأساً من الخمر تنسى ما أنت فيه.

قال: حتى أنتم ما زلتم بي حتى فقدت حور الجنة بفعل هذا الزنا! وتريد أن تحرمني خمر الجنة تقدم لي هذا الكأس!

سبحان مقلب القلوب يا عباد الله!

قال ذلك القواد الفاجر: إن الله غفورٌ رحيم، وقد نسي أن الله شديد العقاب، وأعد للمجرمين ناراً تلظى: لا يَصْلاهَا إِلَّا الْأَشْقَى [الليل:15] تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمامٍ سبعون ألف ملك، إذا رأت المجرمين سمعوا لها تغيظاً وزفيراً وشهيقاً.

ثم أخذ الشاب يبكي من حرقة ما أصابه، ثم ذهب يهيم على وجهه، ويقول لصاحبه الذي يحدثه في المطار: يا ليتهم أخذوا مالي! لقد مضوا بي إلى الزنا! لقد أفسدوا وكسروا ديني وإيماني! يقول الشاب: وفي تلك اللحظة التي انتهيت فيها من الزنا ومنذ تلك اللحظة وأنا لا أزال باكياً قلقاً حزيناً.

محاورة التائب أحمد مع صديقه وتوديعه له

فقال صاحبنا هذا: أتلو عليك آية من كلام الله فلتسمع، فتلا عليه قول الله جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53] هذه أرجى آية أقرؤها عليك وأراها لك.

فأجاب ذلك التائب الذي بلغت التوبة في قلبه ذلك المبلغ قال: كلٌ يغفر الله له إلا أنا، لا نقول هذا موافقة على القنوط، وإنما لقد بلغ الأمر به مبلغاً لا يزال به متأثراً.

ثم رد عليه قائلاً: ألا تعلم أني زنيت؟! ثم سأل ذلك التائب صاحبه: هل زنيت أنت؟ قال: لا والله، قال: إذاً أنت لا تعلم حرارة المعصية التي أنا فيها، قال: وما هي إلا لحظات حتى أعلن منادي المطار إقلاع الرحلة التي سأعود فيها إلى الرياض، فأخذت عنوانه وودعته ثم انصرفت، وأنا واثقٌ أن ندمه سيبقى يوماً أو يومين أو ثلاثة، ثم ينسى ما فعل.

إصرار التائب أحمد على تسليم نفسه للمحكمة

فلما مكثت في الرياض قليلاً بعد وصولي إذا به يتصل بي، فواعدته ثم قابلته، فلما رآني انفجر باكياً ويقول: والله مذ فارقتك وفعلت فعلتي تلك ما تلذذت بنومٍ إلا غفوات.

ما قولي أمام الله يوم أن يسألني ويقول: عبدي زنيت؟

فأقول: نعم. زنيت وسرت بقدمي هاتين إلى الزنا، فقال صاحبنا لذلك التائب: هون عليك إن رحمة الله واسعة، إن الله غفور رحيم.

ثم قال ذلك الشاب التائب لصاحبنا هذا: ما جئتك زائراً ولكني جئتك مودعاً.

قلت: إلى أين؟

قال: جئتك مودعاً ولعلي ألقاك في الجنة إن أدركتني رحمة الله، أو رحمني الله بواسع رحمته، قلت: إلى أين تذهب؟

قال: أسلم نفسي إلى المحكمة، وأعترف بجرم الزنا حتى يقام حد الله علي.

فقلت له: أمجنونٌ أنت؟!

أنسيت أنك متزوج؟!

أنسيت أن حد الزاني المحصن الرجم بالحجارة حتى الموت؟!

قال: ذاك أهون على قلبي من أن أبقى زانياً، وألقى الله زانياً غير مطهرٍ بحدٍ من حدوده.

قال صاحبنا: أما تتقي الله! استر على نفسك، استر على أسرتك، استر على جماعتك.

قال: كلهم لا ينقذونني من النار، وأنا أريد النجاة من عذاب الله.

قال: فضاقت بي المذاهب، وأخذته وقلت: أريد منك شيئاً واحداً.

فقال التائب: اطلب كل شيء إلا أن تردني عن تسليم نفسي إلى المحكمة.

قال: غير ذلك أردت منك وأريد أن توافقني عليه.

قال: ما دام غير ذلك أوافقك.

فقال صاحبنا له: امدد يدك عاهد بالله على أن تعمل وتصبر لما أقول.

قال: نعم. فعاهدني.

قال: فقلت: نتصل بالشيخ فلان من أكبر العلماء وأتقاهم لله، حتى نسأله في شأنك فإن قال: سلم نفسك إلى المحكمة، أنا الذي أذهب بك بنفسي، وإن قال: لا. فلا يسعك إلا أن تسمع وتطيع. قال: نعم.

فسألت الشيخ، قال الشيخ: لا يسلم نفسه، وقال الشيخ الذي سئل عن تسليم الشاب نفسه إلى المحكمة: إن هذا الشاب قد أقلقه بالهاتف، واتصل به مراراً يريد أن يقنعه أن يسلم نفسه، ويجادل ويلح ويصر على تسليم نفسه، قال: فلما قابلته، قلت: لماذا أزعجت الشيخ بهذا الاتصال، وأنا الذي قد كفيتك مئونة الاتصال به؟! فقال: أحاول فيه لعلي أقنعه فيوافقني أن أسلم نفسي.

قال: ومن كلام هذا الشاب التائب للشيخ إني قلت له: اتق الله يا شيخ! فأنا أتعلق برقبتك يوم القيامة وأقول: إني يا رب! أردت أن أسلم نفسي ليقام حد الله علي فردني ذلك الشيخ، فقال الشيخ: هذا ما ألقى الله به، وما أفتيتك إلا عن علم.

ذهاب التائب أحمد إلى الحج

ثم قال الشاب التائب لصاحبنا: إني أودعك! قلت: إلى أين؟ قال: أريد الحج، وكان الحج وقتها على الأبواب، فطلبت منه أن يحج معنا، قال: لا، فظننته قد اختار رفقة يريد أن يحج معهم.

قال: فحججت وحج صاحبنا هذا وأنا لا أعلم مَنْ رفقته، وفي ثاني أيام التشريق، رأيته من بعيد فناديته وكان اسمه أحمد، يا أحمد! يا أحمد! فالتفت إلي ورآني، ثم ولى هارباً، فقلت: سبحان الله! ما الذي غير قلبه علي، لعلي أراه في الرياض .

قال: فلما قضينا مناسكنا وعدنا إلى البلاد، قابلته فسألته فقال: قد حججت وحدي، وتنقلت بين المشاعر على قدمي -وهذا الكلام يقوله التائب مقولة سر لصاحبنا هذا الذي أخبرنا بالقصة، ما يقوله تفاخراً أو رياءً أو سمعة- يقول: تنقلت بين المشاعر على قدمي لعل الله أن ينظر إلي ذاهباً من منى إلى عرفة، أو واقفاً على صعيد عرفة، أو ذاهباً إلى مزدلفة أو ماضياً إلى الجمرات لعل الله أن ينظر إلي فيرحمني.

قلت له: لماذا هربت يوم ناديتك ثاني أيام التشريق؟ فقال: كنت مشغولاً بالاستغفار، أستغفر من الزنا الذي فعلت.

قلت: هلَّا جئت معنا؟ يقول صاحبنا له: هلَّا جئت معنا أو جلست معنا؟! قال: أنا أجلس معكم! أنتم أطهار تريدون أن أدنسكم بالزنا! أنا رجلٌ زانٍ لا أستطيع أن أدنس مجالسكم! وكان التائب في حجه تارة يقول: أخشى ألا يغفر الله لمن حولي بشؤم ذنبي، وتارة يقول: لعل الله أن يرحمني بهؤلاء الجمع المسبحين الملبين.

تأثر التائب أحمد بقصة الربيع بن خثيم وآيات من سورة الفرقان

قال: ثم إنه دامت الصلة والزيارات بيني وبينه، وما زلنا نقرأ في سير التائبين والصالحين، وكنا نتمعن ذلك ونتدبره، قال صاحبنا الذي يذكر لنا هذه الواقعة: ثم إن التائب هذا بعد الحج حفظ القرآن كله، وأصبح يصوم يوماً ويفطر يوماً، يقول: وفي ذات يومٍ كنا مجتمعين نقرأ في سير الصالحين الأولين، فمرت بنا قصة الربيع بن خثيم؛ ذلك الشاب الذي لم يجاوز الثلاثين من عمره، شابٌ، وسيمٌ، قويٌ، حييٌ، عالمٌ بالله، خائفٌ منه، وكان في تلك البلاد الذي فيها الربيع بن خثيم من الفساق والفجار الذين يتمالئون ويتواطئون على إفساد الناس، وإفساد الأبرار والأطهار الصالحين، قال: ثم إن أولئك تمالئوا وقالوا: نريد أن نفسد الربيع بن خثيم، قالوا: ومن ذا الذي يفسده؟

قالوا: نأتي إلى غانية -والغانية: هي التي استغنت بجمالها عن المحسنات والمجملات- نأتي إلى غانية باغية فندفع لها ما يكون سبباً في أن تغوي الربيع بن خثيم، فأتوا إلى أجمل من عرفوا من البغايا وقالوا: لك ألف دينار، قالت: على ماذا؟ قالوا: على قبلة واحدة من الربيع، أن يقبلك الربيع بن خثيم فلك ألف دينار، قالت: ولكم فوق هذا أن يزني وأن يفعل.. ويفعل.. ثم إنها تهيأت إلى الربيع من قبله على طريقه في مكان خالٍ، ثم سفرت عن لباسها وتعرضت له في ساعة خلوةٍ، شاب أمام فاتنة جميلة.

فلما رأى بدنها في تلك اللحظة الخالية صرخ بها قائلاً: كيف بك لو نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟! أم كيف بك لو نزل ملك الموت وقطع منك حبل الوريد؟! أم كيف بك لو سألك منكرٌ ونكير؟! فصرخت صرخة عظيمة، ثم ولَّت هاربة وأصبحت من العابدات حتى لقبت بعابدة الكوفة، ثم قال أولئك المفسدون الذين تمالئوا على إفساد الربيع: لقد أفسدها الربيع علينا.

قال صاحبنا هذا: فلما سمع التائب هذه القصة تأثر وبكى، وانفجر باكياً، يقول: الربيع يردها وأنا بقدمي أذهب لأزني بها! الربيع يردها هذه -التي اعترضت أمامه في الطريق- وأنا أذهب لأزني بها! قال: ثم انصرف عن مجلسه باكياً متأثراً، حزيناً منكسراً، ثم بعد ذلك قال صاحبنا: ورأيت أحد العلماء فأخبرته بقصته، وما كان منه من انكسار، وإياب، وصيام، وحفظ للقرآن، وصلاة، فقال: لعل زناه هذا قد يكون سبباً لدخوله الجنة، ولعل بعض الآيات قد تصدق في حقه بل قد تنص في حقه بعينها، وهي قول الله جل وعلا: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70].

قال صاحبنا: لما سمعت هذه الآية عجبت، وقلت: كيف غفلت عن هذه الآية؟! فوليت إلى بيت صاحبنا، وليت إلى بيته في دار أبيه العامرة في قصر أبيه الفسيح، ذهبت إليه لأبشره قالوا: إنه في المسجد، فذهبت إليه في المسجد فوجدته منكسراً تالياً للقرآن، فقلت: عندي لك بشرى!

قال: ما هي؟

فقلت له: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68] قال: فلما بلغت هذه الآية كأني أطعنه بخنجرٍ في قلبه، قال: فمضيت تالياً: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] قال: فلما أكملت هذه الآية قفز فاحتضنني وقبل رأسي، وقال: والله إني أحفظ القرآن ولكن كأني أقرؤها أول مرة، لقد فتحت لي باباً من الرجاء عظيماً، وأرجو الله أن يغفر لي بها، ثم أذن المؤذن فانتظرنا إقامة الصلاة، وغاب الإمام ذاك اليوم، فقام مؤذن المسجد وقدم صاحبنا التائب، فلما كبر وقرأ الفاتحة تلا قول الله جل وعلا: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ [الفرقان:68] فلما بلغ: إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:70] لم يستطع أن يكملها، فركع، ثم اعتدل، ثم سجد، ثم اعتدل، ثم سجد، ثم قام، فقرأ في الركعة الثانية الفاتحة وأعاد الآية، يريد أن يكملها فلما بلغ: إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:70] لم يستطع أن يكملها، فركع وأتم صلاته باكياً.

توديع التائب أحمد للدنيا ولحوقه بربه

ومضى على هذه الحال زمناً إلى أن جاء يومٌ من الأيام الماضية، وكان يوم الجمعة، من عطلة الربيع عام (1409هـ) وبعد العشاء من ذلك اليوم اتصل بي رجلٌ، فقال: -واسم صاحبنا الذي أخبرني بالقصة أحمد، والشاب التائب اسمه أحمد- فقال: أنا والد صاحبك أحمد وأريدك أن تأتي إلي مسرعاً في أمرٍ مهم، قال: فخرجت مسرعاً خائفاً، فلما بلغت باب قصره إذا بالأب واقفٌ على الباب فسألته ما الخبر؟

فقال: صاحبك أحمد يطلبك السماح وهو يودعك إلى الدار الآخرة، لقد انتقل مغرب هذا اليوم إلى ربه، ثم انفجر الأب باكياً، يقول صاحبنا: وأنا أهون عليه وبقلبي على فراق حبيبي وصديقي مثل الذي بقلب والده، ثم دخلنا، فأدخلني في غرفةٍ، يقول صاحبنا الذي يذكر القصة: كان صاحبي فيها مسجىً مغطى، فكشفت عليه ووجهه يتلألأ نوراً، كشفت وجهاً قد فارق الحياة لكنه أنور وأبهى وأبهج وأجمل من قبل موته، كله نور، ورأيت محياً كله سرور، فقال لي والده: إني أسألك ما الذي فعله ولدي يوم أن سافر منذ أن جاء من السفر وهو على حاله؟!

قال صاحبنا هذا -وكان قد عاهد ألا يخبر بالقصة بعينها، وإنما يذكرها على سبيل العظة والاعتبار، دون تحديدٍ لاسم شخصية عائلة هذا الشخص حتى لا يعرف- قال: صاحبنا لوالده: إن ولدك يوم أن سافر فقد عزيزاً عليه في سفره ذلك، نعم، فقد في تلك اللحظة إيماناً عظيماً، فقد في لحظة الزنا إخباتاً وإقبالاً لقد فقد عزيزاً.

أما زوجة هذا التائب، فتقول: إن نومه غفوات، وما استغرق في نومٍ بعد رجوعه من السفر، وهم لا يعرفون حقيقة القصة، قال صاحبنا: فسألت والده عن موته، فقال الأب: إن ولدي هذا كما تعلم، يصوم يوماً، ويفطر يوماً، وفي يوم الجمعة هذا، بقي عصر يومه في المسجد يتحرى ساعة الإجابة، وقبيل المغرب ذهبت إلى ولدي فقلت: يا أحمد! تعال وأفطر في البيت، فقال: يا والدي إني أحس بسعادة فدعني الآن، قال: يا ولدي! تعال لتفطر في البيت، قال: أرسلوا لي ما أفطر عليه في المسجد، قال: أنت وشأنك، وبعد الصلاة قال الأب لولده: يا ولدي! هيا إلى البيت لتتناول عشاءك، فقال التائب أحمد: إني أحس براحة عظيمة الآن، وأريد البقاء في المسجد، ولكن بعد صلاة العشاء سآتيكم لذلك، فقال الوالد: أنت وما أردت، ولما عاد الأب إلى المنزل أحس بشيء يخالج قلبه، ويخاطر فؤاده، يقول الأب: أحسست بشعورٍ غريب، فبعثت ولدي الصغير، فقلت: اذهب إلى المسجد، وانظر ما الذي بأخيك.

فذهب الولد وعاد صارخاً، يا أبت! يا أبت! أخي أحمد لا يكلمني، يقول الأب: فخرجت مسرعاً إلى المسجد، فوجدت ولدي أحمد ممدداً، وهو في ساعة الاحتضار، وكان يتكئ على مستند ليرتاح عليه في خلوته بربه، واستغفاره وتلاوته، قال: فأبعدت عنه المستند الذي يتكئ عليه، وأسندته إلي، فنظرت إليه، فإذا هو يذكر اسم صاحبنا هذا الذي يقص علينا القصة، هذا الذي بلغنا الواقعة، وكأنه يوصي بإبلاغ السلام إليه، ثم إن التائب أحمد هذا الذي توفي ابتسم ابتسامة في ساعة الاحتضار، يقول أبوه: والله ما ابتسم ابتسامة مثلها من يوم أن جاء من سفره، ثم قرأ في تلك اللحظة -التي يحتضر فيها ويتبسم- وهو يرتل: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:68-70]

قال: فلما بلغ هذه فاضت روحه، وأسلم الروح إلى باريها.

يقول الأب لصاحبنا هذا: والله لا أدري هل أبكي على حسن خاتمته فرحاً، أم أبكي على فراق ولدي، وفلذة كبدي، ثم إن هذا القصة أصبحت سبباً في صلاح أسرته وإخوانه.

فيا أيها الأحبة! البدار البدار إلى التوبة، فإن الموت لا يمهل المذنبين، ووالله ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار، وما بعد الموت من مستعتب، فهل يفقه هذا مذنب؟!

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

فأقبلت عليه بعد ذلك، قلت له: ما شأنك؟ قال: أنا من الرياض، من أسرة غنية، كل ما نريده مهيأ لنا من المال والملبس والمركب، لكنني مللت الروتين والحياة، فأردت أن أخرج خارج البلاد، فأجلت النظر هل أذهب إلى دولة يذهب إليها الناس؟! فخشيت أن يعرفوني فيفضحوني، فاخترت من بين دولٍ عدة، وقررت الذهاب إلى هذه البلاد التي أنا وإياك في مطارها، حتى لا يعرفني أحد، وما كان همي فعل فاحشة، بل لعبٌ وقضاء وقتٍ ولهوٌ وتفسحٌ، والشيطان لا يأتي عبداً من عباد الله -أيها الإخوة- ليقول له: اخرج لتزني، أو اخرج لتشرب خمراً، وإنما يقول: انظر إلى معالم السياحة، وقلب بصرك في حضارة الدول المختلفة، خرج وهذا همه، فلما وصل إذا برفقة سوءٍ كانت قد أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم، فاطمأن إليها بادئ الأمر وما زالوا معه من ملاهٍ إلى ملاهٍ، ومن لعبٍ إلى عبث، حتى أتوا به رويداً رويداً إلى خطوات الزنا، إلى بدايات الزنا مع الجواري والنساء والفتيات الغانيات الرشيقات، وما زالوا به حتى انفرد بواحدة منهن وما زالت تلاعبه حتى وقع بها وزنا بها، ولما بلغ به الأمر مبلغه، وبلغت فيه الشهوة ذروتها وأخرج ما في جوفه، إذا بلسعة حرارة تلسع قلبه، وتضرب ظهره، وسياطاً في فؤاده يجدها، فجعل يبكي، وقام عنها وهو يبكي ويصيح: زنيت وأول مرة أزني! كيف انتهكت هذا الجدار، وهذا السور المنيع من الفاحشة؟!!

كيف وقعت في الزنا؟!! إني سأحرم حور الجنة.