خطب ومحاضرات
أهمية الوقت في حياة المسلم
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الأحبة في الله! إنه لمن دواعي السرور والغبطة أن يشرفني إخوانكم بالمثول أمامكم والتحدث إليكم، أسأل الله جل وعلا أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعل هذا الاجتماع مرحوماً برحمته إنه هو أرحم الراحمين.
أيها الإخوة! الحديث عن الوقت، حديث مهم جداً؛ لأنه حياة الإنسان، ولأن الوقت ظرف لكل فعل، ولكل دقيق وجليل يخرج من هذا الإنسان المكلف في سائر تصرفاته وأقواله وأفعاله، فكل ما يحدث في هذا الكون إنما يحدث في حيز الوقت.
القرآن يتحدث عن الوقت
فإذا تأملت قول الله جل وعلا: وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [آل عمران:190] فتغير هذا الليل بنهار بعده، ونسخ هذا الظلام بنور يزيله، هذه آية من آيات الله جل وعلا، والوقت والساعات دائرة بين فلك الليل وفلك النهار، من أجل ذلك قال الله جل وعلا: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [آل عمران:190] أصحاب العقول من هم؟ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191] ويقول الله جل وعلا في آية أخرى: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً [الفرقان:61].
وهذه البروج، وهذا القمر مرتبط بتحديد الأوقات والأزمان، ثم قال بعد ذلك: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:62] فالمتذكر والمتأمل يتأمل في هذا الليل والنهار، وفي انقضاء الليل وإتيان النهار بعده، في زوال النهار وهجوم الظلام عليه، تلك آية عظيمة، ومن أجل ذلك كانت أشد المشاهد رهبةً للنفس الإنسانية مشهد الغروب، ومشهد الإشراق.
حينما ترى جيشاً من الظلام قد هجم على هذه البسيطة ليغطيها بسحابة سوداء، فينسخ هذا النور الذي هو فيها، حينما تتأمل غروب هذه الشمس، وكذلك حينما يأتي الصباح، ثم يأتي ضوء هذا الشمس رويداً رويداً ليهزم حلول الظلام، تذهب على أدراجها، ثم يعلو النور أجزاء هذه المعمورة، آية كونية عظيمة لمن تأملها.
الوقت محل العبادات
هذا الوقت أيها الإخوة! في كل جزء من أجزائه، وفي كل ساعة من ساعاته، وفي كل لحظة من لحظاته فيه وظيفة عبادة يتعبد الناس فيها إلى الله جل وعلا، فمنها وظيفة يجتمع الناس فيها، ومنها وظيفة تختلف بحسب قدرات الناس ومنازلهم ودرجاتهم وعلمهم ومكانتهم، فأما الوظيفة التي يجتمع الناس فيها في هذا الوقت؛ ألا وهي الصلوات، نلاحظ أن الناس مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالصلوات في وقت محدد معين قد قاله الله جل وعلا وبينه، وقد جاء به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى به فيه، وقال: (الوقت من هاهنا إلى هاهنا، والوقت من هاهنا إلى هاهنا) كل ذلك أهميةً للوقت، وربطاً للناس في هذه الأوقات.
يقول الله جل وعلا: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78] قال العلماء: فاشتملت هذه الآية على أوقات الصلوات قاطبة، دلوك الشمس: زوالها، وغسق الليل: نهايته، والعبادات التي هي فيه (وقرآن الفجر) صلاة الفجر.
إذاً فهذه الآية قد اشتملت وجمعت، وجاءت السنة مفصلة لأوقات العبادة، بل إن الوقت شرط أساسي في كثير من العبادات، الصلاة من شروطها: دخول الوقت، لو صليت قبل الوقت، ما وقعت الصلاة في محلها، ومن ثمّ لا تكون هذه الصلاة مقبولة، لأن من أتى بشيء لم يقم بشرطه، لزمه إعادته، حينما تصلي في غير الوقت، يلزمك أن تعيد صلاتك، وعندما ترى إنساناً يقول: أنا أريد أن أصوم في شوال، فهذا غير مقبول؛ لأن العبادة مرتبطة بالوقت، والصيام يكون في رمضان.
إنسان يريد أن يحج في محرم، نقول له: لا، العبادة مرتبطة بالوقت في أشهر الحج، وفي أيام معدودة من ذي الحجة، إذاً فالعبادة مرتبطة بالأوقات ارتباطاً عظيماً جداً.
كذلك النوع الثاني من وظائف العبادة في الأوقات: كل بحسب قدرته ومكانه وعلمه، هذا عالم يُعلم، وهذا مدرس يدرس، وهذا عامل يعمل، وهذا تاجر يتاجر، وهذا قاض يقضي، وهذا وهذا، كلٌ في مهمته، مدار أعمالهم في حيز هذه الأوقات وساعاتها، ومن حكمة الله جل وعلا أن جعل هذا الوقت يمضي رويداً رويداً بين الليل والنهار إلا أن فيه ميزاناً يجعل الناس ينضبطون فيه ألا وإن ميزان اليوم: الصلوات الخمس، ومن أجل ذلك نرى الذين يحافظون على الصلوات حفاظاً دقيقاً هم أشد الناس محافظةً لأوقاتهم بالجملة، فالجمعة ميزان الأسبوع، والصوم ميزانٌ في كل سنة، والحج ميزانٌ في العمر، وبعض السلف الصالح يسمي ذلك موازين الأعمال.
وتتمةً للحديث عن الوظائف المتعلقة بالوقت نذكر كلاماً جاء لـأبي بكر الصديق رضي الله عنه حينما أوصى بالخلافة لـعمر، قال: [يا
المهم أن تعمل العمل المطلوب في الوقت المناسب الذي حدده الشارع، فهذا نلاحظ آثاره في أنفسنا، وفي شبابنا، وفي إخواننا.
أنتم حينما تلاحظون بعض الشباب من الذين يقضون ساعات الليل، الذي جعله الله جل وعلا سكناً، وستراً، وظلاماً، وهدوءاً وراحةً، الذين يُشغلون هذا الليل في معصية الله جل وعلا، وتراهم مع شياطين الإنس وتؤزهم شياطين الجن إلى معصية الله ومخالفة أوامره في الليل، فتجدهم بهذه المخالفة في أعمالهم في ظرف الوقت يخسرون جانباً آخر من الوقت وهو الصباح، فإذا جاء وقت الصباح، وقت الفلاح، وقت الجد، وقت التشمير، تراهم جيفاً نائمةً على فروشهم، تراهم كُسالى قد أهلكهم الخور والسهر والضعف؛ لأنهم خالفوا هذا النظام الذي قرره الله جل وعلا، وسنه في الكون، ومن أجل ذلك يبقى الإنسان في مخالفة، حينما تسهر طول الليل، فإن صلاة الفجر في الغالب تفوت، والصباح وقت تقسم فيه الأرزاق لكن تجد الإنسان غافلاً، تجد الأعمال الإدارية والحكومية والمصالح العامة في الصباح لكن تجد هذا الإنسان نائماً، وإذا عاد الناس في حر الظهيرة إلى بيوتهم آن له أن يستيقظ، وقد طارت الطيور بأرزاقها، وعاد الناس بمكاسبهم، واشتغل أصحاب الأعمال بأعمالهم وعادوا إلى بيوتهم.
هذا الضعيف المسكين السهران البارحة الذي خالف سنة الوقت، والسنة التي قررها الله جل وعلا في هذا الوقت، تجده محروماً، والعياذ بالله.
نلاحظ الكثير منهم عاجزاً عن العمل، إذا عمل عملاً للحظات، أو أيام، أو أشهر بالكثير، ثم يتركه، لأن فيه مخالفة، إذاً الأوقات مرتبطة بالأعمال، والعمل ليس وحده مهم، بل العمل المناسب في الوقت المناسب.
ولذلك لا عجب أن نرى كتاب الله جل وعلا مليئاً بكثير من الآيات المتعلقة بهذا الوقت إما مباشرةً، أو إيحاءً، أو دلالةً على أهمية هذا الوقت وقيمته خاصةً لعباد الله الذاكرين الموحدين أولي الألباب، يقول الله جل وعلا: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:190-191].
فإذا تأملت قول الله جل وعلا: وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ [آل عمران:190] فتغير هذا الليل بنهار بعده، ونسخ هذا الظلام بنور يزيله، هذه آية من آيات الله جل وعلا، والوقت والساعات دائرة بين فلك الليل وفلك النهار، من أجل ذلك قال الله جل وعلا: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [آل عمران:190] أصحاب العقول من هم؟ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191] ويقول الله جل وعلا في آية أخرى: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً [الفرقان:61].
وهذه البروج، وهذا القمر مرتبط بتحديد الأوقات والأزمان، ثم قال بعد ذلك: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:62] فالمتذكر والمتأمل يتأمل في هذا الليل والنهار، وفي انقضاء الليل وإتيان النهار بعده، في زوال النهار وهجوم الظلام عليه، تلك آية عظيمة، ومن أجل ذلك كانت أشد المشاهد رهبةً للنفس الإنسانية مشهد الغروب، ومشهد الإشراق.
حينما ترى جيشاً من الظلام قد هجم على هذه البسيطة ليغطيها بسحابة سوداء، فينسخ هذا النور الذي هو فيها، حينما تتأمل غروب هذه الشمس، وكذلك حينما يأتي الصباح، ثم يأتي ضوء هذا الشمس رويداً رويداً ليهزم حلول الظلام، تذهب على أدراجها، ثم يعلو النور أجزاء هذه المعمورة، آية كونية عظيمة لمن تأملها.
ومن حكمة الله جل وعلا أن تُعبدنا بشيء من العبادات في هذه الأوقات: صلاة الفجر وصلاة المغرب مرتبطة أشد الارتباط بهذا الوقت الذي هو وقت عظيم ومهم جداً، بل إن من أهمية الأوقات أن الله جل وعلا أقسم بأجزاء منها، فقال: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى [الليل:1-2] والله إذا أقسم بشيء عظمه، وقال تعالى: وَالضُّحَى [الضحى:1] وقال تعالى: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2] إلى آخر ذلك.
هذا الوقت أيها الإخوة! في كل جزء من أجزائه، وفي كل ساعة من ساعاته، وفي كل لحظة من لحظاته فيه وظيفة عبادة يتعبد الناس فيها إلى الله جل وعلا، فمنها وظيفة يجتمع الناس فيها، ومنها وظيفة تختلف بحسب قدرات الناس ومنازلهم ودرجاتهم وعلمهم ومكانتهم، فأما الوظيفة التي يجتمع الناس فيها في هذا الوقت؛ ألا وهي الصلوات، نلاحظ أن الناس مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالصلوات في وقت محدد معين قد قاله الله جل وعلا وبينه، وقد جاء به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى به فيه، وقال: (الوقت من هاهنا إلى هاهنا، والوقت من هاهنا إلى هاهنا) كل ذلك أهميةً للوقت، وربطاً للناس في هذه الأوقات.
يقول الله جل وعلا: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78] قال العلماء: فاشتملت هذه الآية على أوقات الصلوات قاطبة، دلوك الشمس: زوالها، وغسق الليل: نهايته، والعبادات التي هي فيه (وقرآن الفجر) صلاة الفجر.
إذاً فهذه الآية قد اشتملت وجمعت، وجاءت السنة مفصلة لأوقات العبادة، بل إن الوقت شرط أساسي في كثير من العبادات، الصلاة من شروطها: دخول الوقت، لو صليت قبل الوقت، ما وقعت الصلاة في محلها، ومن ثمّ لا تكون هذه الصلاة مقبولة، لأن من أتى بشيء لم يقم بشرطه، لزمه إعادته، حينما تصلي في غير الوقت، يلزمك أن تعيد صلاتك، وعندما ترى إنساناً يقول: أنا أريد أن أصوم في شوال، فهذا غير مقبول؛ لأن العبادة مرتبطة بالوقت، والصيام يكون في رمضان.
إنسان يريد أن يحج في محرم، نقول له: لا، العبادة مرتبطة بالوقت في أشهر الحج، وفي أيام معدودة من ذي الحجة، إذاً فالعبادة مرتبطة بالأوقات ارتباطاً عظيماً جداً.
كذلك النوع الثاني من وظائف العبادة في الأوقات: كل بحسب قدرته ومكانه وعلمه، هذا عالم يُعلم، وهذا مدرس يدرس، وهذا عامل يعمل، وهذا تاجر يتاجر، وهذا قاض يقضي، وهذا وهذا، كلٌ في مهمته، مدار أعمالهم في حيز هذه الأوقات وساعاتها، ومن حكمة الله جل وعلا أن جعل هذا الوقت يمضي رويداً رويداً بين الليل والنهار إلا أن فيه ميزاناً يجعل الناس ينضبطون فيه ألا وإن ميزان اليوم: الصلوات الخمس، ومن أجل ذلك نرى الذين يحافظون على الصلوات حفاظاً دقيقاً هم أشد الناس محافظةً لأوقاتهم بالجملة، فالجمعة ميزان الأسبوع، والصوم ميزانٌ في كل سنة، والحج ميزانٌ في العمر، وبعض السلف الصالح يسمي ذلك موازين الأعمال.
وتتمةً للحديث عن الوظائف المتعلقة بالوقت نذكر كلاماً جاء لـأبي بكر الصديق رضي الله عنه حينما أوصى بالخلافة لـعمر، قال: [يا
المهم أن تعمل العمل المطلوب في الوقت المناسب الذي حدده الشارع، فهذا نلاحظ آثاره في أنفسنا، وفي شبابنا، وفي إخواننا.
أنتم حينما تلاحظون بعض الشباب من الذين يقضون ساعات الليل، الذي جعله الله جل وعلا سكناً، وستراً، وظلاماً، وهدوءاً وراحةً، الذين يُشغلون هذا الليل في معصية الله جل وعلا، وتراهم مع شياطين الإنس وتؤزهم شياطين الجن إلى معصية الله ومخالفة أوامره في الليل، فتجدهم بهذه المخالفة في أعمالهم في ظرف الوقت يخسرون جانباً آخر من الوقت وهو الصباح، فإذا جاء وقت الصباح، وقت الفلاح، وقت الجد، وقت التشمير، تراهم جيفاً نائمةً على فروشهم، تراهم كُسالى قد أهلكهم الخور والسهر والضعف؛ لأنهم خالفوا هذا النظام الذي قرره الله جل وعلا، وسنه في الكون، ومن أجل ذلك يبقى الإنسان في مخالفة، حينما تسهر طول الليل، فإن صلاة الفجر في الغالب تفوت، والصباح وقت تقسم فيه الأرزاق لكن تجد الإنسان غافلاً، تجد الأعمال الإدارية والحكومية والمصالح العامة في الصباح لكن تجد هذا الإنسان نائماً، وإذا عاد الناس في حر الظهيرة إلى بيوتهم آن له أن يستيقظ، وقد طارت الطيور بأرزاقها، وعاد الناس بمكاسبهم، واشتغل أصحاب الأعمال بأعمالهم وعادوا إلى بيوتهم.
هذا الضعيف المسكين السهران البارحة الذي خالف سنة الوقت، والسنة التي قررها الله جل وعلا في هذا الوقت، تجده محروماً، والعياذ بالله.
نلاحظ الكثير منهم عاجزاً عن العمل، إذا عمل عملاً للحظات، أو أيام، أو أشهر بالكثير، ثم يتركه، لأن فيه مخالفة، إذاً الأوقات مرتبطة بالأعمال، والعمل ليس وحده مهم، بل العمل المناسب في الوقت المناسب.
أيها الإخوة! هذا الوقت له خصائص، ألا وإن من أهم خصائصه:
سرعة انقضاء الوقت
شيئان ينقشعان أول وهلةٍ شرخ الشباب وقلة الأشرار |
هذه سريعاً ما تتقشع كما يقول القائل:
سحائب صيفٍ عن قريبٍ تقشع |
إذاً فهذه خاصيةٌ من خصائص الوقت، وإن كانت لحظات الأسى والحزن والألم تمر بطيئةً على النفس، كما يقول القائل:
مرت سنون بالوصال وبالهنا فكأنها من قصرها أيام |
ثم انثنت أيام هجرٍ بعدها فكأنها من طولها أعوام |
ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام |
فهذا الوقت سرعان ما ينقضي ويتذكره الإنسان، وأنت تذكر نفسك كيف كانت طفولتك؟ كيف كان صباك؟! والآن تجد نفسك شاباً يافعاً كبيراً ذا أسرة أو متحملاً لمسئولية.
نوح بعث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، هذه مدة بعثته، أما عمره، فقيل: هو على الألف، أو نيف على الألف سنة، قيل له: يا أطول الأنبياء عمراً، كيف وجدت العمر؟ كيف وجدت الوقت؟ كيف وجدت الحياة؟ قال: وجدت الدنيا كداخلٍ من باب ثم خرج من باب آخر. ألف سنة! فما بالك أيها المسكين يا من وقتك بين الستين إلى السبعين، إذا قدر لك أن تحيا وإلا تخطفك المنون في شبابك، أو في صباك.
يُقال: إن في عهد الأنبياء المتقدمين وجد رجلٌ امرأة تبكي على ولدها، قال: يرحمك الله كم كان عمره يوم أن مات؟ قالت: مات في شبابه كان عمره أربعمائة سنة، قال: فما بالكِ إذا أدركت قوماً أعمارهم بين الستين إلى السبعين؟ قالت: والله لو علمت أن ليّ عمراً بين الستين إلى السبعين؛ لأمضيته في سجدةٍ لله، إذاً وقتنا قصير، ونحن في غفلة عن قيمته وأهميته.
الوقت لا يعود
حينما نعد خصائص الوقت، يعني ذلك أن ننتبه لأهمية الوقت، قال الحسن البصري: [ما من يومٍ يخرج على ابن آدم إلا وينادي فيه منادٍ: يا بن آدم أنا خلقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني لا أعود أبداً] هذه من خصائص هذا الوقت أنه يمضي ولا يعود.
ولذلك يقول كثير من الناس: إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، بل إنه أدق عبارة للوقت.. لأن كثيراً من الحكماء والعقلاء شبهوا الوقت، فقال بعضهم: الوقت من ذهب، والحقيقة أن الوقت أثمن من الذهب؛ لأن الإنسان قد يخسر الذهب، ثم يتاجر مرة أخرى، فيكسب ذهباً أكثر، لكن الوقت لو تاجرت، ثم تاجرت لا ترده، ولذلك قال أحد أكبر الدعاة رحمه الله رحمةً واسعةً: الوقت هو الحياة، وقتك هو حياتك، ما مضى من وقتك هو شيء وجزء قد مضى من حياتك.
الوقت أنفس ما يملك الإنسان
الوقت يمضي سريعاً، خاصةً أيام السعادة والشباب والسرور والفرح، هذه أوقات سرعان ما تنقضي، يقول الشاعر:
شيئان ينقشعان أول وهلةٍ شرخ الشباب وقلة الأشرار |
هذه سريعاً ما تتقشع كما يقول القائل:
سحائب صيفٍ عن قريبٍ تقشع |
إذاً فهذه خاصيةٌ من خصائص الوقت، وإن كانت لحظات الأسى والحزن والألم تمر بطيئةً على النفس، كما يقول القائل:
مرت سنون بالوصال وبالهنا فكأنها من قصرها أيام |
ثم انثنت أيام هجرٍ بعدها فكأنها من طولها أعوام |
ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكأنها وكأنهم أحلام |
فهذا الوقت سرعان ما ينقضي ويتذكره الإنسان، وأنت تذكر نفسك كيف كانت طفولتك؟ كيف كان صباك؟! والآن تجد نفسك شاباً يافعاً كبيراً ذا أسرة أو متحملاً لمسئولية.
نوح بعث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، هذه مدة بعثته، أما عمره، فقيل: هو على الألف، أو نيف على الألف سنة، قيل له: يا أطول الأنبياء عمراً، كيف وجدت العمر؟ كيف وجدت الوقت؟ كيف وجدت الحياة؟ قال: وجدت الدنيا كداخلٍ من باب ثم خرج من باب آخر. ألف سنة! فما بالك أيها المسكين يا من وقتك بين الستين إلى السبعين، إذا قدر لك أن تحيا وإلا تخطفك المنون في شبابك، أو في صباك.
يُقال: إن في عهد الأنبياء المتقدمين وجد رجلٌ امرأة تبكي على ولدها، قال: يرحمك الله كم كان عمره يوم أن مات؟ قالت: مات في شبابه كان عمره أربعمائة سنة، قال: فما بالكِ إذا أدركت قوماً أعمارهم بين الستين إلى السبعين؟ قالت: والله لو علمت أن ليّ عمراً بين الستين إلى السبعين؛ لأمضيته في سجدةٍ لله، إذاً وقتنا قصير، ونحن في غفلة عن قيمته وأهميته.
الخاصية الثانية للوقت بعد سرعة انقضائه هي: أن ما مضى منه لا يمكن أن يعود أبداً، الدقيقة تمضي لكن لا يمكن أن تردها بكل ما أوتيت من وسائل الدنيا بخيلها ورجلها وأموالها ورجالها وسلاحها وعتادها، لا يمكن أن ترد من هذا الوقت لحظة واحدة.
حينما نعد خصائص الوقت، يعني ذلك أن ننتبه لأهمية الوقت، قال الحسن البصري: [ما من يومٍ يخرج على ابن آدم إلا وينادي فيه منادٍ: يا بن آدم أنا خلقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني لا أعود أبداً] هذه من خصائص هذا الوقت أنه يمضي ولا يعود.
ولذلك يقول كثير من الناس: إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، بل إنه أدق عبارة للوقت.. لأن كثيراً من الحكماء والعقلاء شبهوا الوقت، فقال بعضهم: الوقت من ذهب، والحقيقة أن الوقت أثمن من الذهب؛ لأن الإنسان قد يخسر الذهب، ثم يتاجر مرة أخرى، فيكسب ذهباً أكثر، لكن الوقت لو تاجرت، ثم تاجرت لا ترده، ولذلك قال أحد أكبر الدعاة رحمه الله رحمةً واسعةً: الوقت هو الحياة، وقتك هو حياتك، ما مضى من وقتك هو شيء وجزء قد مضى من حياتك.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
حقوق ولاة الأمر | 2700 استماع |
المعوقون يتكلمون [2] | 2660 استماع |
توديع العام المنصرم | 2653 استماع |
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] | 2556 استماع |
من هنا نبدأ | 2512 استماع |
أنواع الجلساء | 2465 استماع |
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] | 2464 استماع |
الغفلة في حياة الناس | 2450 استماع |
إلى الله المشتكى | 2448 استماع |
نساء لم يذكرهنَّ التاريخ | 2430 استماع |