شرح لامية الأفعال [13]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

يقول ابن مالك رحمه الله تعالى: ( فصل في ما زاد على الثلاثة )، يقصد هنا أنه عقد هذا الفصل لبيان مصادر الفعل الذي زاد على ثلاثة أحرف، وهو الرباعي بشقيه المجرد والمزيد فيه، والخماسي والسداسي، وكلاهما لا يكون إلا مزيداً فيه، فقال:

مصدر الفعل المبدوء بهمزة الوصل بكسر ثالث الهمزة ومد ما قبل آخره

بكسر ثالث همز الوصل مصدر فعـ ـلٍ حازه مع مد ما الأخير تلا

هذه هي القاعدة الأولى من قواعد مصادر ما زاد على الثلاثة، وهذه القواعد تنتظم ما تحتها انتظاماً كلياً، فكل فعل زاد على الثلاثة فلا بد أن يكون له مصدر قياسي، بخلاف الفعل الثلاثي، فقد لا يصنع فيه مصدره المقيس، لكن ما زاد على الثلاثة لا بد أن يكون له مصدر قياسي، ولهذا قال في الألفية:

وغير ذي ثلاثة مقيس مصدره كقدس التقديس

وزكه تزكيةً وأجملا إجمال من تجملاً تجملا

واستعذ استعاذةً ثم أقم إقامةً وغالباً ذا التا التزم

قال هنا: ( بكسر ثالث همز الوصل مصدر فعل حازه ) معناه أن الفعل المفتتح بهمز الوصل يتحقق مصدره بكسر ثالث همز الوصل مع مد ما قبل الأخير منه والفعل المفتتح بهمز الوصل لا يكون إلا خماسياً أو سداسياً، فالخماسي كـ(انطلق)، والسداسي كـ(استخرج)، فمصدر انطلق انطلاق، فتكسر الطاء وهي ثالثته، وتمد ما قبل آخره بألف، فتقول: انطلاق، فالفرق بين المصدر والفعل الكسرة التي على الثالث والمدة التي قبل الآخر.

وكذلك (استخراج) فتكسر التاء، وتمد فتحة الراء بألف، تقول: استخراج بدل استخرج، فهذا هو مقيس مصدر الفعل المفتتح بهمزة الوصل، لا مسموعه كـ (قشعريرة وطمأنينة)، أما المسموع منه فلا يكون كذلك، وسيأتينا بيانه، فقشعريرة مصدر اقشعر، وهي مصدر فعل مبدوء بهمزة الوصل الزائدة، لكن مصدره المقيس هو اقشعرار، بكسر ثالثه ومد ما قبل آخره، وأما قشعريرة فهي مصدر سماعي، وكذلك (طمأنينة) مصدر اطمأن، وهي مصدر فعل مبدوء بهمز الوصل، ولكنها غير مقيسة، فالمقيس فيه اطمئنان، بكسر ثالثه ومد ما قبل آخره، وأما (طمأنينة) فهي مصدر سماعي.

مصدر الفعل المبدوء بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة بضم ثالثه

قال:

واضممه من فعلٍ التا زيد أوله واكسره سابق حرفٍ يقبل العللا

القاعدة الثانية من قواعد مصادر ما زاد على الثلاثة هي أن الفعل المفتتح بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة يضم الحرف الثالث منه، ولا يكون إلا خماسياً مفتوحاً ثانيه، التاء الزائدة المعتادة الزيادة لا تكون إلا في الخماسي.

(واضممه من فعلٍ التا زيد أوله) اضممه؛ أي: ما قبل الأخير، ( من فعل )، من مقيس مصدر فعل، ( التاء زيد أوله ) زيد التاء أوله، والمقصود بالتاء هنا الزائدة المعتادة الزيادة، وهي المتحرك ما بعدها، لا كترمس، فالتاء التي فيها ليست معتادة الزيادة؛ ولذلك لا نظير لها في العربية، ومحل هذا الضمير إذا كانت لامه صحيحةً، وإلا فمن محل القاعدة الثالثة التي سنذكرها إن شاء الله، وذلك كتعلم، فمصدره تعلم، تضم ما قبل الآخر فيأتي المصدر، ولا تحدث فيه؛ أي: تغيير غير الضمة هذه، كتغافل تغافلاً، وتدحرج تدحرجاً، تنبه تنبهاً.. وهكذا.

مصدر الفعل المبدوء بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة معتل الآخر بكسر آخره

واضممه من فعلٍ التا زيد أوله واكسره سابق حرفٍ يقبل العللا

القاعدة الثالثة هي قوله:

(واكسره سابق حرفٍ يقبل العللا).

يقول: إن ما قبل الآخر من الفعل الزائد على ثلاثة أحرف، المفتتح بالتاء الزائدة المعتادة في الزيادة، ولا يكون إلا خماسياً، إذا كان معتل الآخر فإن ما قبل آخره يكسر، ولا يمكن ضمه حينئذ؛ لأنه لو ضم لكان الحرف الأخير منه واواً، وليس في لغة العرب اسم معرب آخره واو لازمة مكسور ما قبلها، ولا ما آخره ياء أيضاً لازمة مضموم ما قبلها؛ فلذلك تكسره، فلا يمكن أن يضم آخره قبل الواو أو قبل الياء، وكذلك كـ (توانى توانياً)، و(تدلى تدلياً)، و(تدانى تدانياً)، و(تسلقى تسلقياً)، فيكسر ما قبل آخره في كل ذلك، وهذا قاعدته الكسر فلا نحتاج فيه إلى تقدير؛ لأن ما لا تقدير فيه أولى مما فيه تقدير، وبالأخص أن التقدير لا بد أن يكون مبنياً على أن يكون قد سمع من قبل ثم غير، والمعتل كله هكذا، كالتواني والتداني والتدلي والتسلقي، وهذا في مقيسه لا مسموعه كتحمال ورمياً، فالمسموع منه لا يجب فيه ذلك، وهو مثل التحمال من تحمل، تسلقاء استلقى على قفاه، ذكرناها من قبل، فالتحمال مصدر من تحمل، وهي فعل مبدوء بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة، ولم يكسر ما قبل آخره، هي مصدر من فعل مفتتح بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة، لم يضم ما قبل آخره، ولم يكسر ما قبل آخره؛ ذلك أنه مسموع لا مقيس، فيقال: تحمال.

وكذلك ترامى القوم، مصدرها القياسي ترامياً، والمسموع رمياً، فتحمال ليست من القاعدة الأولى التي يجب فيها الضم، ورمياً ليس من القاعدة الثانية التي يجب فيها الكسر؛ لأن كلتيهما مسموعة، بالنسبة للتحمال من القاعدة الثانية؛ لأن المصدر تحمل، نعم مصدرها التحمل، القياس فيها تحمل تحملاً، والتحمال مصدر مسموع، وترامى القوم ترامياً، هي المصدر المقيس، وهي من القاعدة الثالثة، ورمياً هي المصدر المشهور.

بكسر ثالث همز الوصل مصدر فعـ ـلٍ حازه مع مد ما الأخير تلا

هذه هي القاعدة الأولى من قواعد مصادر ما زاد على الثلاثة، وهذه القواعد تنتظم ما تحتها انتظاماً كلياً، فكل فعل زاد على الثلاثة فلا بد أن يكون له مصدر قياسي، بخلاف الفعل الثلاثي، فقد لا يصنع فيه مصدره المقيس، لكن ما زاد على الثلاثة لا بد أن يكون له مصدر قياسي، ولهذا قال في الألفية:

وغير ذي ثلاثة مقيس مصدره كقدس التقديس

وزكه تزكيةً وأجملا إجمال من تجملاً تجملا

واستعذ استعاذةً ثم أقم إقامةً وغالباً ذا التا التزم

قال هنا: ( بكسر ثالث همز الوصل مصدر فعل حازه ) معناه أن الفعل المفتتح بهمز الوصل يتحقق مصدره بكسر ثالث همز الوصل مع مد ما قبل الأخير منه والفعل المفتتح بهمز الوصل لا يكون إلا خماسياً أو سداسياً، فالخماسي كـ(انطلق)، والسداسي كـ(استخرج)، فمصدر انطلق انطلاق، فتكسر الطاء وهي ثالثته، وتمد ما قبل آخره بألف، فتقول: انطلاق، فالفرق بين المصدر والفعل الكسرة التي على الثالث والمدة التي قبل الآخر.

وكذلك (استخراج) فتكسر التاء، وتمد فتحة الراء بألف، تقول: استخراج بدل استخرج، فهذا هو مقيس مصدر الفعل المفتتح بهمزة الوصل، لا مسموعه كـ (قشعريرة وطمأنينة)، أما المسموع منه فلا يكون كذلك، وسيأتينا بيانه، فقشعريرة مصدر اقشعر، وهي مصدر فعل مبدوء بهمزة الوصل الزائدة، لكن مصدره المقيس هو اقشعرار، بكسر ثالثه ومد ما قبل آخره، وأما قشعريرة فهي مصدر سماعي، وكذلك (طمأنينة) مصدر اطمأن، وهي مصدر فعل مبدوء بهمز الوصل، ولكنها غير مقيسة، فالمقيس فيه اطمئنان، بكسر ثالثه ومد ما قبل آخره، وأما (طمأنينة) فهي مصدر سماعي.

قال:

واضممه من فعلٍ التا زيد أوله واكسره سابق حرفٍ يقبل العللا

القاعدة الثانية من قواعد مصادر ما زاد على الثلاثة هي أن الفعل المفتتح بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة يضم الحرف الثالث منه، ولا يكون إلا خماسياً مفتوحاً ثانيه، التاء الزائدة المعتادة الزيادة لا تكون إلا في الخماسي.

(واضممه من فعلٍ التا زيد أوله) اضممه؛ أي: ما قبل الأخير، ( من فعل )، من مقيس مصدر فعل، ( التاء زيد أوله ) زيد التاء أوله، والمقصود بالتاء هنا الزائدة المعتادة الزيادة، وهي المتحرك ما بعدها، لا كترمس، فالتاء التي فيها ليست معتادة الزيادة؛ ولذلك لا نظير لها في العربية، ومحل هذا الضمير إذا كانت لامه صحيحةً، وإلا فمن محل القاعدة الثالثة التي سنذكرها إن شاء الله، وذلك كتعلم، فمصدره تعلم، تضم ما قبل الآخر فيأتي المصدر، ولا تحدث فيه؛ أي: تغيير غير الضمة هذه، كتغافل تغافلاً، وتدحرج تدحرجاً، تنبه تنبهاً.. وهكذا.