شرح لامية الأفعال [16]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد ختم ابن مالك لاميته بقوله:

وقد وفيت بما قد رمت منتهيًا والحمد لله إذ ما رمته كملا

(وقد وفيت بما قد رمت منتهياً) أي: الذي رمته وقصدته، رام الشيء، بمعنى: قصده، قد وفيت به، كأنه وعدك به من قبل؛ لأنه قال: ( فهاك نظماً محيطاً بالمهم )، فكأنه وعدك، والآن يفي بهذا الوعد، والوعد يجتمع فيه عطاءان؛ لأنه في البداية عندما يعدك منَّاك بشيء لتتعلق نفسك به، ثم بعد ذلك يفي لك به فقد أعطاك، ومن هنا يقال: إن الوعد لا ينافي الجود إذا حصل معه الوفاء.

( وقد وفيت بما قد رمت ) (وفيت) من وفى يفي، بمعنى: صدق وعده، ( بما قد رمت ) أي: بما قصدت من هذا النظم الذي هو محيط بالمهم من هذا العلم، ( منتهياً ) أي: بالغاً النهاية، وهي حال مني، أو من (ما رمت)، يمكن أن تكون حالة من ابن مالك نفسه، أو مما قد رام، يكون حالاً من ما أو حالاً من التاء.

( والحمد لله إذ ما رمته كملا )، أثنى على الله سبحانه وتعالى في النهاية، وهذا الحمد على النعمة؛ لأن من نعم الله عليه أن أكمل هذا النظم، ووفى بما وعد، وأدى ما أراد، فحمد الله سبحانه وتعالى على كماله؛ فلذلك قال: ( والحمد لله إذ ما رمته كملا )، (إذ) هنا يمكن أن تكون حرف تعليل، معناه: لأن ما رمته قد كملا، فالله يستحق الحمد على نهاية هذه النعمة، ويمكن أن تكون ظرفاً، معناه: والحمد لله حين كماله، وهذا الحمد في مكانه المناسب، الحمد لله أولاً وآخراً.

( والحمد لله إذا ما رمته ) أي: ما قصدته ( كملا )، وأراد أن يختم بمثل ما ابتدأ به بالحمد لله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:

ثم الصلاة وتسليم يقارنها على الرسول الكريم الخاتم الرسلا

ثم بعد حمد الله، الصلاة والسلام وتسليم يقارنها؛ أي: يقارن الصلاة بالعطف عليها، والعطف بالواو يقتضي المقارنة؛ لأن الواو تعطف السابق على اللاحق، واللاحق على السابق، وتعطف المقارن الموافق أيضاً، والصلاة والسلام مقترنان لعطفهما بالواو؛ فلذلك قال: ( ثم الصلاة ) معناه: ثم بعد حمدي لله تعالى، والصلاة والسلام على الرسول، معناه: صلاة الله وسلامه على الرسول، ( وتسليم يقارنها )، وجملة يقارنها نعت للفظة (تسليم).

( على الرسول الكريم الخاتم الرسلا )، (على الرسول الكريم) صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يميزه؛ لأن كل الرسل كذلك، لكنه ميزه بقوله: ( الخاتم الرسلا )، هذا الذي يميزه عن غيره من الرسل صلى الله عليه وسلم، وهو خاتمهم، فيجوز أن يقال: الخاتِم الرسلا، أو الخاتَم الرسلا، الله تعالى يقول: وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40] (وخاتِم النبيين) كل ذلك مقروء به في السبع، فـ(الرسلَ) مفعول لقوله: الخاتم، والوصف محلى بأل، المفعول هنا أيضاً محلى بأل (خاتم الرسلا)، وهذا المنصوب بعد الوصف الراجح فيه أنه منصوب على التشبيه بالمفعول به، ويقال غير ذلك، حيث قال: ( الخاتم الرسلا ).

وآله الغر والصحب الكرام ومن إياهم في سبيل المكرمات تلا

( وآله ) عطف على النبي صلى الله عليه وسلم آله وهم: -كما سبق- المؤمنون به في مقام الدعاء، وفي مقام التشريف هم: آلُ بيته الذين حرموا الصدقة بعده.

( الغر ) وهم: جمع أغر، والأغر: الأبيض الوجه، والمقصود بذلك بياض السمعة، وطهارة العرض، لا بشرط بياض الوجوه، والعرب يمتدحون ببياض الوجوه، من ذلك قول حسان رضي الله عنه:

بيض الوجوه كريمة أحسابهم شم الأنوف من الطراز الأول

وكذلك قول امرئ القيس:

ثياب بني عوف طهارى نقية وأوجههم عند المجالس غران

فهنا امتداحهم ببياض الوجه إنما يقصد به أنهم لم تدنسهم الأطماع والأدران، ولم يزر بهم ما يزري بغيرهم من إدالة الوجوه، فقد أعزهم الله بعز الطاعة والغنى، ولم يذلهم بذل المعصية والفقر، هذا الذي يؤدي إلى سواد الوجوه، ولذلك يقول العرب:

ما ابيض وجه باكتساب كريمة حتى يسوِّدَه شحوب المطلب

فبياض الوجه بمعنى: البياض المعنوي بين الناس.

( والصحب الكرام )، كذلك الصلاة والتسليم مع النبي صلى الله عليه وسلم على صحبه، قد سبق أن الصحب جمع صاحب، والكرام جمع كريم، وهي صفة كاشفة تتناول كل أصحابه، وهو مَن آمن به، واجتمع معه، ومات على دينه.

( ومن إياهم في سبيل المكرمات تلا )، كذلك يدخل معهم كل من تلاهم، أي: تبعهم في سبيل المكرمات، أي: اقتفى أثرهم في الحق، سبيل المكرمات هو: سبيل الله؛ لأن الحسنات هي: المكرمات، فهي التي يكرم الله من قام بها، فالمكرمات الأفعال التي يكرم من فعلها، وهي الحسنات، فكل من تبعهم بإحسان، واقتفى أثرهم فهو معطوف عليهم، فلهذا قال: ( ومن إياهم ) معناه: ومن تلا إياهم في سبيل المكرمات، وإياهم مفعول مقدم لـ(تلا).

وأسأل الله من أثواب رحمته سترًا جميلاً على الزلات مشتملا

من المناسب في نهاية الكتاب لما كان قربةً يتقرب بها إلى الله أن يدعو في نهايته ككل قربة، وكل من عمل طاعةً لله سبحانه وتعالى، وأكملها، فالمقام متاح لأن يدعو، كما قال الله تعالى في الحج: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:200-201]، وكذلك في كل عبادة، فبعد نهايتها وأدائها يشرع الدعاء؛ كالصلاة مثلاً يشرع الدعاء بعد التشهد الأخير، فلهذا أراد أن ينتهز هذه الفرصة، فيسأل الله، ووفق في السؤال، فسأل الله الستر الجميل، فقال: ( وأسأل الله من أثواب رحمته )، وجعل الرحمة ذات أثواب لسترها؛ لأن الستر الجميل هو من آثار رحمة الله تعالى، وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ [القصص:73]، آثار الرحمة كثيرة جداً، وهذه الآثار جعلها أثواباً؛ لأنها تستر ما تحتها وتزينه، فالثوب يستر ويزين، ولهذا جاء في حديث لبس الثوب: ( الحمد لله الذي كساني ما أستر به عورتي، وأتجمل به في حياتي )، فكذلك أثواب الرحمة تستر وتجمل.

(... من أثواب رحمته ستراً جميلاً )، والسِّتْر بكسر السين ما يستتر به، وأما السَّتْر بالفتح، فتطلق أيضاً عليه، وتطلق على المصدر، وبهما روي دعاء من أدعية الصباح والمساء: ( اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وسِتر، أو وسَتر، فأتمم نعمتك علي وعافيتك وسَترك في الدنيا والآخرة، أو وسِترك في الدنيا والآخرة ).

( ستراً جميلاً ) أي: غير قبيح؛ لأن الستر قد يكون جميلاً وقد يكون قبيحاً، فالستر الجميل: هو الذي لا يقتضي من الإنسان مذلةً ولا عيباً، والستر القبيح هو: أن يستر عيب الإنسان في الدنيا بعيب آخر، نسأل الله السلامة والعافية؛ كمن به برص، أو جذام، أو نحو ذلك، أو من به نقص عقل، فإن ذلك يستر عيوبه الأخرى، فيغتفر له بعض التصرفات بسبب ما فيه من نقص العقل مثلاً، أو نحو ذلك.

( على الزلات مشتملا ) أي: أن يكون هذا الستر، الذي هو من أثواب رحمة الله تعالى مشتملاً على كل الزلات، أي: على كل الذنوب التي وقعت فيها ليسترها، وذلك بعدم فضيحتي في الدنيا، وعدم مؤاخذتي في الآخرة، على الزلات مشتملا.

وأن ييسر لي سعـيًا أكون به مستبشرًا جذلاً لا باسرًا وجلا

الدعاء ينقسم إلى قسمين: إلى دعاء رغب، ودعاء رهب، فبدأ هو بدعاء الرهب؛ لأنه من باب دفع المضار ودرء المفاسد مقدم على جلب المنافع المصالح، فبدأ أولاً بدعاء الرهب، ثم ثنى بدعاء الرغب، فقال:

وأن ييسر لي سعـيًا أكون به مستبشرًا آمناً لا باسرًا وجلا

معناه: وأسأل الله أن ييسر لي سعياً؛ أي: عملاً صالحاً، (أكون به مستبشراً) في الدنيا والآخرة، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ [عبس:38-39].

( آمناً في الدنيا والآخرة ) أيضاً، الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82].

( لا باسراً وجلاً )، لا باسراً هذه مقابلة لقوله: (مستبشراً)؛ لأن الباسر هو: العبوس المقنطر الوجه، ووجلاً مقابلة لقوله: (آمناً)؛ لأن الوجل هو: الخوف، وهذا تفسير للكلمتين بما يقابلهما ويضادهما، وهنا سأل الله أن ييسر له طاعته، وهذا امتثال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )، وهذا تيسير للطاعة، هذه هي الخاتمة التي وضعها ابن مالك .

وزاد الحسن بن زين على خاتمة ابن مالك قوله:

فيه اقتفيت أبا الأنوار سيدنا سيدي قطب الرحى بدر الدجى المثلا

(فيه) أي: في بعض هذا النظم، (اقتفيت) أي: اتبعت، أبا الأنوار، وهذه كنيته، سيدنا هذا لقبه، سيدي وهذا اسمه، واسمه الشيخ سيدي بن المختار بن هيبة الأبييري الجعفري من ذرية جعفر بن أبي طالب، وهو من علماء ذلك الزمان وأعيانه، وقد اشتهر بالعلم والكرم والصلاح، وهو من الذين كانت لهم همم عالية أدت بهم إلى معالي الدرجات، وقد اشتهر في زمانه في بلده بأنه مقصد القاصدين لأي شيء يريدون، إذا كانوا طلاب علم فهو مكان العلم، وإذا كانوا طلاب دنيا فإليه يذهبون، وإذا كانوا يريدون القضاء أو الفتيا فإليه كذلك، ولهذا يقول أحد الشعراء في مدحه:

إن سائلاً يممت بحر مواهب أو جاهلاً يممت بحر علوم

أو مشتك من ذي عداء مظلم يممت رفع شكاية المظلوم

فترى بساحته الدماء وفرثها ولقى العظام جديدة ورميم

لم يكفه المير الكثير لدى القرى كلا ورِسْل الكوم نحر الكوم

كذلك يقول فيه آخر:

ما للمشيب وفعل الفتية الشببة وللبيب يواصي في الصبا خببه

آلت لذي شمط الخدين رجعته إن القتير ليحمي ذو النهى طربه

لما تأوب لي من طول ما جمحت نفسي هموم رمت صبري بما سلبه

ناجيت فكري وقد أمعنت من نظري ثم استمر بي الرأي الذي اكتسبه

إن يممت شرف الدين الكمال بنا علياء تعتسف الآكام والهضبه

حتى وضعت عصا سيري بباب فتىً يأوي الطريد ويولي الراغب الرغبه

من نبعة طيب الباري أرومتها بيتاً أحل ذرى المجد العلا نسبه

حارت أناس بجدوى حاتم ولقد نرى سخاءً كمال الدين قد غلبه

أحنى على الشعف والأيتام من نصف على صغير لها قد أكبرت عطبه

أشد عند تمادي أزمتي فرحاً بالمعتفين من العافي بكل هبه

يلقى العفاة بوجه من سماحته كالهندواني تجلو متنه الجلبه

وإن ألم به ضيف فمرتحل يثني وكان حميد الظن إذ رغبه

ولى يفرق مدح الشيخ في فرق شتى ويكثر مما قد رأى عجبه

رأى هنالك أخلاق الكرام إلى زي الملوك وزي السادة النخبه

رأى مصرعة الأنعام قد قسمت بين الصفيف وبين الجونة الرحبه

رأى العفاة على باب الكمال كما يرى الدثور على عجل حمت قلبه

من معتف وأخي حوجا وملتمس فصل القضا ومريد كشف ما حجبه

أو كشف مسألة والكل قد وسعت جفانه ولكل منه ما طلبه

فالله بارك في نفس الكمال وفي ما الله موليه من قصوى ومقتربه

إن تستبق حلبات المجد راكضةً نحو المعالي تراه سابق الحلبه

لا يضمر الضغن من جار أساء ولا من المصاحب يوهي صبر من صحبه

وكم ذءاً بينما حيي أصلحه خرز الصناع لمسني أجرة قربه

أما الرقاع فأعناق يجود بها والسير نصح بليغ يبتغي القربه

رآه ذو العرش علام الغيوب لذا أهلاً فساق إليه قبله سببه

علماً وفهماً يصيد المشكلات به درك الطمرة من سرب المها عطبه

ومص كل درور من مخيرة دراً تخيره للمجد من ثقبه

لما تغلغل في علم الشريعة من صافيه أعمل في نيل العلى نجبه

شد الرحال على كوم العتاق إلى تاج الأئمة من ساداتنا النخبه

فنال ما نال إذ حط الرحال وما أدراك ما نال يا واهاً لها رتبه

فأصبح الشيخ مأوى كل ذي ظمأ كما يصبح مسقى دجلة القلبه

إلى آخر القصيدة.

وفيه يقول آخر في مرثيته:

الأرض بعد الشيخ ثكلى يا لها قد زلزلت من فقده زلزالها

أنَّى لها تجد السلو وراءه عز السلو وراءه أنَّى لها

شيخ الهدى قطب الرحى من جاءه يجد الرحى أبداً تحك ثفالها

ويجد كريمة سرحه معقولةً بالباب قد خضب النجيع عقالها

وغير هذا كثير، الأول اسمه محمد بن محمدي، وهذا الأخير أيضاً أخوه اسمه الهادي بن محمدي، والأوسط اسمه محمد بن أحمد دان الحسني .

(قطب الرحى) وهذا استعارة, والرحى الذي يطحن به له قطب, وهو ما يدور عليه، فلما كان هذا الشيخ يدور حوله العفاة, ويأتيه الناس من كل وجه، فكأنه قطب الرحى فيدور عليه أهل الحوائج أجمعين، ويمر به أجناس الناس، فكان كقطب الرحى.

ثم قال: (بدر الدجى) أي: القمر الكامل، والدجى: الظلام؛ أي: الذي يظهر في الظلام، ويشبه هذا الشيخ في وقت مجيئه واشتهاره بالبدر في وقت طلوعه في وقت الظلام، فما حوله ظلمات بعضها فوق بعض، فلما خرج هو أنار.

(المثلا) أي: يضرب به المثل في كل شيء، فالناس يضربون به المثل في العلم، وفي الكرم، وفي الفهم، وفي غير ذلك، يضربون به المثل في كل شيء.

وإنني أبتغي ممن رأى خللاً فيما انتدبت له أن يصلح الخللا

(إذا تيقنه جنبًا وإن على رب البرية لي لا غير متكلا

قال: (وإنني أبتغي) أي: أطلب، (ممن رأى خللاً)؛ أي: ممن اطلع على خللي, وهو الخطأ فيما انتدبت له؛ أي: في هذه الزيادة التي جردت لها, وأردت أن أعملها، (أن يصلح الخللا)، أبتغي منه أن يصلح الخلل، وهذا تواضع منه، وكل عمل بشري فلا بد أن يكون فيه خلل، ولذلك فإن الشافعي رحمه الله حين أكمل كتابه سلمه إلى الربيع بن سليمان المرادي، فقال: يا ربيع خذ هذا الكتاب على خطأٍ كثير فيه، قال: قلت: يا أبا عبد الله أصلحه لنا، قال: كيف, وقد قال الله تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82].

ولذلك فإن تعقب بعض العلماء لبعض سنة مطردة في العصور كلها، بل إن الإنسان نفسه لا يكتب كتاباً فيراجعه, ويعود إليه إلا وجد فيه كثيراً مما يحتاج إلى مراجعة وتغيير، وهذا ما ذكره الجاحظ في مقدمة كتابه (الحيوان)، وسلك هذا الطريق أيضاً بعده عدد من الأئمة، فمثلاً يقول الثعالبي في مقدمة كتابه (يتيمة الدهر): إنه لا يمكن أن يؤلف مؤلف كتاباً فيبيت عنده ليلةً واحدة فيراجعه، إلا تعجب كيف وضع هذا هنا، فيرى أنه لا بد من زيادة منقوص، ونقص مزيد, وتقديم وتأخير، وغير ذلك، فإذا كان هذا في حق الشخص نفسه، فغيره من باب أولى؛ لأنه ميسر لأن يطلع على بعض الأمور التي قد تخفى على صاحب الكتاب.

ومن هنا يقول الناس: إن شروح المؤلفين لا ينتفع بها؛ لأن المؤلف لا يعرف مكان الغموض من كتابه، فهذا أسلوبه, وهو يظنه واضحاً، فلا يحتاج إلى شرحه، بخلاف من سواه، ولذلك فإن الحسن هنا أرشد إلى أن يتعقب، وأن يصلح ما في كتابه من الأخطاء لكن بشرطين بينهما بقوله: (إذا تيقنه جنباً)، الشرط الأول: إذا تيقنه، فليس هذا الإصلاح متاحاً لكل من هب ودب، إذ لو كان كذلك لما استقر حال كتاب على وجهه، بل المعتمد في الكتب الرواية عن أصحابها، ومن الأمانة العلمية إذا أصلحت خللاً أن تنبه على ذلك, وعلى ما للمؤلف، ولا بد أن يكون الإصلاح بعد التيقن، فمن ليس متيقناً للخطأ لا ينبغي أن يستعجل فيصلح، إما عسى أن يكون خطؤه من سوء فهمه هو، وقديماً قال العرب:

وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم

الشرط الثاني: أن يكون ذلك جنباً؛ أي: بالهامش لا بأصل الكتاب؛ ليحافظ على أصل كتابه، وهذا أيضاً من الأمانة العلمية أن يوضع التصحيح جنباً حتى لا يتوهم الناس أنه من وضع المؤلف.

ثم قال: (وإن على رب البرية لي لا غير متكلا).

بعد أن ذكر أنه اقتفى في هذا الكتاب أبا الأنوار الشيخ سيدي، لكنه أراد أن يختم بأنه غير متوكل على مخلوق, وإنما توكله على الله وحده؛ لهذا قال: ( وإن على رب البرية ), وهو الله سبحانه وتعالى، والبرية، معناه: خلق الله تعالى، وهي مشتقة من: براه بمعنى: أنشأه، ويقال فيها: البرية والبريئة، وبهما قرئ في السبع، (أولئك هم خير البريئة) أو (البرية)، أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6]، أو (البريئة).

( لي لا غير متكلاً ) معناه: وإن على رب البرية لي متكلاً لا غير، (لا غير) أي: لا على غيره مطلقاً، بمن في ذلك الشيخ وغيره، فالاتكال والاعتماد على الله وحده لا على أحد من خلقه، بهذا انتهى هذا النظم, ونحمد الله أولاً, وآخراً، ونسأله من فضله المزيد.

اللهم اجعل خير أعمالنا آخرها، وخير أعمارنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك.

اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، واختم بالحسنات آجالنا، واجعلنا هداةً مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، واجعل أعمالنا كلها خالصةً لوجهك الكريم.

ومن سمع مني هذا الكتاب فإن سماعه متصل بالمؤلف، فأنا سمعته بكامله على نحو ما سمعتم من شيخي جدي محمد علي بن عبد الودود رحمه الله، وهو سمعه من خاله أحمد محمود بن أمين, وابن عمه أيضاً، وهذا سمعه من الحسن بن زين المؤلف، وسمعه بواسطة أيضاً يحظيه بن عبد الودود العلامة الذي يسمى في وقته سيبويه زمانه، وهو سمعه من الحسن المذكور، وشيخي رحمه الله كان قد قرأ هذا الكتاب في صباه على خاله، فبعد أن أكمل حفظ القرآن, وغيره من المتون الصغيرة حفظ هذه الطرة مع المتن، فمكث ستة أشهر يختمها كل ليلة بأمر خاله، مع كتاب الله, وغيره من المتون، لكن مكث ستة أشهر متوالية، يختم هذه الطرة من أولها إلى آخرها تسميعاً كل ليلة حتى تثبت، وقد وصلت إليه نسخة المؤلف بخطه, وما زالت عندنا نسخة الحسن بخط يده، وهذا فيما يتعلق بنظم الحسن، لكن الحسن أيضاً روى نظم ابن مالك عن بلا الشقراوي الحسني، وهو رواه عن المختار بن بونة الجكني، وهو رواه عن عدة أشخاص منهم عمر بن محمد آقيت المشهور بـالتنبكتي، وذلك رواه عن ابن عمه أحمد بابا التنبكتي، وهذا رواه عن عمه أيضاً عمر التنبكتي، وهو يرويه عن الأشموني، و الأشموني رحمه الله متصل الإسناد أيضاً بـابن مالك من طريق زكريا الأنصاري عن عدد من الأئمة منهم الأزهري وغيره، والإسناد بهذا متصل بـابن مالك رحمه الله تعالى في نظمه أيضاً.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، محمد, وعلى آله وأصحابه أجمعين.

هذا كتاب لامية الأفعال في تصريف الأفعال من محمد بن مالك، مع توشيحها للحسن بن زين القناني .

الحمد لله لا أبغي به بدلا حمدًا يبلغ من رضوانه الأملا

ثم الصلاة على خير الورى وعلى ساداتنا آله وصحبه الفضلا

وبعد فالفعل من يحكم تصرفه يحز من اللغة الأبواب والسبلا

فهاك نظمًا محيطًا بالمهم وقد يحوي التفاصيل من يستحضر الجملا

بـ(فعلل) الفعل ذو التجريد أو (فعلا) يأتي ومكسور عينٍ أو على (فعلا)

تضعيف ثانٍ أو ان الياء آخره أو عينه كالوقوع قلما نقلا

وهو لمعنًى عليه من يقوم به مجبول او كالذي عليه قد جبلا

وجاء ثالثها مطاوعًا ويجي مغنٍ لزومًا ونقلاً عن بنا فعلا

والطبع واللون والأعراض جاء لها وللجسامة فالتقصير فيه علا

وصوغ أولها مما يناسبه من اسم عينٍ لمعنىً كالأخير جلا

فاعمل به وأصب مع الأخير وخذ أنل به مفردًا تمرته نزلا

واجمع وفرق وأعط وامنعن وفه واغلب ودفع وإيذاء به حصلا

به تحول وحول واستقر وسر واستر وجرد وأصلح وارم من نبلا

وبالمقدم حاك واجعلن وبه أظهر أو استر كـ(قرمدت البناء طلا)

ولاختصار كلامٍ صيغ منفردًا من المركب بسمل إن وبا نزلا

فبان مما ذكرنا أن بينهما وجهي عمومٍ وتخصيصٍ لمن عقلا

والضم من (فعل) الزم في المضارع وافـ ـتح موضع الكسر في المبني من (فعلا)

مضاعفًا مدغمًا أم لا كـ(حس به) و(عض) (مص) و(حم) (مله مللا)

و(خب) (صب) و(طب) (لج) (بح) و(ود د) (بر) (لذ) و(شلت كفه شللا)

(قرت) و(حر) و(مر) (مس) (هش له) و(بش) (سف) و(شم) (ضن) مع (زللا)

وجهان فيه من (احسب) مع (وغرت) (وحر) (أنعم) (بئست) (يئست) (اوله) (يبس) (وهلا)

ومثل يحسب ذي وجهين من فعل يلغ يبق تحم الحبلى اشتهت أكلا

وأفرد الكسر فيما من (ورث) و(ولي) (ورم) (ورعت) (ومقت) مع (وفقت) حلا

وخمسةٍ كـ(يرث) بالكسر وهي (وجد) (وقه له) و(وكم) (ورك) (وعق) عجلا

(وثقت) مع (وري) المخ احوها وأدم كسرًا لعين مضارعٍ يلي فعلا

ذا الواو فاءً أو اليا عينًا أو كـ(أتى) كذا المضاعف لازمًا كـ(حن طلا

وضم عين معداه ويندر ذا كسرٍ كما لازم ذا ضم احتملا

وفي الصحاح انبناء الضم فيه على لمح التعدي لذاك اللمح قد نقلا

فردًا بـ(ذب) و(نص) (غض) (حف به) و(حط) (عق) و(صف) (من) لا حللا

فذو التعدي بكسرٍ (حبه) وع ذا وجهين (هر) و(شد) (عله عللا)

ومثل (هر) (ينث) (شجه وكذا كـ (أضه) (رمه) أي أصلح العملا

و(بت) قطعًا و(نم) واضممن مع الـ ـلزوم في (امرر به) و(جل) مثل جلا

(هبت) و(ذرت) و(أج) (كر) (هم) به و(عم) (زم) و(سح) (مل) أي ذملا

و(أل) لمعًا وصرخًا (شك) (أب) (وشد د) أي عدا (شق) (خش) (غل) أي دخلا

و(قش) قوم، عليه الليل (جن) و(رش ش) المزن (طش) و(ثل) أصله ثللا

أي راث، (طل) دم (خب) الحصان ونبـ ـت (كم) نخل و(عست) ناقة بخلا

ومع ثمانيةٍ عشرٍ كـ(مت) به يمت (ثج) و(سج) (أح) أي سعلا

(سخت) و(أد) و(حد) (عر) (حص) و(لط طت ناقة) (كف) (شق طرفه) فعلا

و(بق) (فك) و(عك) اليوم (غم) و(أم مت) أمنا (حن) عنه معرضًا كملا

قست، كذا وع وجهي (صد) (أت) و(خر ر) الصلد (حدت) و(ثرت) (جد) من عملا

(ترت) و(طرت) و(درت) (جم) (شب) حصا ن (عن) (فحت) و(شذ) (شح) أي بخلا

ومثل (صد) بوجهيه ثمانية (عرت) و(شت) و(أز القدر) حين غلا

(قر النهار) و(أصت ناقة) وكذا (رز الجراد) و(كع) (خل) أي هزلا

و(شطت) الدار (نس) الشيء (حر) نها ر، والمضارع من فعلت إن جعلا:

عينًا له الواو أو لامًا يجاء به مضموم عينٍ وهذا الحكم قد بذلا:

لما لبذ مفاخرٍ وليس له داعي لزوم انكسار العين نحو (قلا)

إذ مقتضي كسر عينٍ إذ يزاحم ما يدعو إلى الضم يطوي كلما سدلا

وكف جالب فتحٍ إذ يزاحم ما يدعو إلى غيره وامنعه ما سألا

إلا شذوذًا أو لامًا كضع وسعى فالفتح ما لم تكن بالشهرة انخزلا

فذو الشذوذ كهب عن كسرةٍ وكما عن ضمةٍ شذ (يطهى لحمه) عجلا

(يمحى) و(ينحى) و(يدحى) الأرض ثمت قل (يصغى) و(يضحى) وفيها قيسها نقلا

وفتح ما حرف حلقٍ غير أوله عن الكسائي في ذا النوع قد حصلا

في غير هذا لذي الحلقي فتحًا أشع بالاتفاق كآتٍ صيغ من (سألا)

إن لم يضاعف ولم يشهر بكسرةٍ أو ضم كـ(يبغي) وما صرفت من (دخلا)

أو يشتهر بهما كـ(أنغم نغمت) وقد يروى بتثليثها كـ(اجنح) إلى الفضلا

وقد يصاحب فتح العين ضمتها أو كسرها كـ(اسعط) الدوى (انزح) الوشلا

وقد يثلث ذا الماضي رجحت منًا والضم والفتح في آتيه قد عقلا

وإن يكن بهما عين المضي شكلت يصلح مضارعه لما به شكلا

واجنأ على الفتح إن كسر يصاحبه في عين ماضٍ ولا تطلب به بدلا

عين المضارع من (فعلت) حيث خلا من جالب الفتح كالمبني من عتلا

فاكسر أو اضمم إذا تعيين بعضهما لفقد شهرةٍ أو داعٍ قد اعتزلا

وقد يثلث ذا أنست به وفي المضارع ما في الماضي قد حصلا

طورًا وطًورًا يثنى فتح أوسطه بالضم لا ترفثن وانقب إذا سفلا

وقد يعاقب فتح العين ضمتها ويمكث الضم في الآتي وقد عقلا

بالضم والكسر لا تحقر وعز وإن يكسر مع الفتح ذا الماضي فقد جعلا

منه المضارع مضمومًا ومنفتحًا كاركن إلى الحق ترشد إن تئا شملا

وقد يرى كالمضي شكلاً خصبت رجا فاغتبط ولا تحقرن واحنف إذا هزلا

فصل

وانقل لفاء الثلاثي شكل عينٍ اذا اعـ ـتلت وكان بتا الإضمار متصلا

أو نونه وإذا فتحًا يكون فعنـ ـه اعتض مجانس تلك العين منتقلا

باب أبنية المزيد فيه ومعانيه

كـ(أعلم) الفعل يأتي بالزيادة مع (والى) و(ولى) (استقام) (احرنجم) (انفصلا)

بـ(أفعل) استغن أو طاوع مجردةٍ وللإنالة والوجدان قد حصلا

وقد يوافق مفتوحًا ومنكسرًا ثلاثيا كوعى والمرء قد نملا

(أعن) و(كثر) و(صير) عرضن به وللبلوغ كـ(أمئي جعفر إبلا)

وعدين به وأطلقن وقس ونقلنا غيره من هذه نقلا

شارك بفاعل أو وافق ثلاثيه أو أفعل الجعل تابعت الصيام ولا

كثر بـ(فعل) (صير) (اختصر) وأزل وافق (تفعل) أو وافق به (فعلا)

)فكر) و(شمر) ويغني عن مجرده وجاء في تضعيفه من همزةٍ بدلا

وللتوجه والتوجيه لو نسبت له كتقبيلنا الموتى لما ثقلا

بـ(استفعل) اطلب (تحول) طاوع (أفعل) أو وافق (تفعل) أو وافق به (افتعلا)

أو الثلاثي كـ(استغنى) وجاء به وقد يكون على الوجدان مشتملا

بـ(احرنجمت) طاوعن وردفها وبذا وافق مجردًا أو يغني انطلق عجلا

وفي مطاوعة (ملا) (لوى) و(رمى) وصلته أو نقلت جابه افتعلا

و(افعل) ذا ألفٍ في الحشو رابعةٍ وعاريًا وكذاك (اهبيخ) (اعتدلا)

عن الأحم والألمى نح بنية ذا والعيب واللون معناه به انعزلا

وعن مداه (ارعوى) كـ(احوو خارجة) و(ارقد) و(ازور عن) معناته انفصلا

طاوع بتي واتخذ واختر بها وبها وافق (تفاعل) أو وافق بها (فعلا)

بها تسبب وبالنفس افعلن وعن أخي الثلاثة تغني كـ(التحى) فجلا

(تدحرجت) (عذيط) (احلولى) (اسبطر) (توا لى) مع (تولى) و(خلبس) (سنبس) اتصلا

بـ(افعوعلت) بالغن وطاوعن فعلا وصيرن به أو وافق (افتعلا)

(تفاعل) أشرك بها وطاوعن وقد تبين عكس الذي بفاعلٍ نزلا

(تعاللت) هند أو معنى التجرد أو إهماله فـ(تعالى) الله جل وعلا

(تفعل) اطلب بهما وطاوعن وقد تجيء طبقًا لما عن تائها انخزلا

وعنه تغني وتغني عن مجردها وقد توافقه تعد من بخلا

بها تكلف وجانب واتخذ وبها كرر (تجرع) مطيلاً شربك العسلا

و(احبنطأ) (احونصل) (اسلنقى) (تمسكن) (سلـ ـقى) (قلنست) (جوربت) (هرولت) مرتحلا

(زهزقت) (هلقمت) (رهمست) (اكوأل) (ترهـ ـشفت) (اجفأظ) (اسلهم) (قطرن) الجملا

(ترمست) (كلتبت) (جلمطت) و(غلصم) ثم م (اولمس) (اهرمعت) و(اعلنكس) انتخلا

و(اعلوط) (اعثوججت) (بيطرت) (سنبل) (زمـ ـلق) اضممن (تسلقى) واجتنب خللا

فصل في المضارع

ببعض (نأتي) المضارع افتتح وله ضم إذا بالرباعي مطلقًا وصلا

وافتحه متصلاً بغيره ولغيـ ـر الياء كسرًا أجز في الآت من فعلا

أو ما تصدر همز الوصل فيه أو الت تا زائدًا كـ(تزكى) وهو قد نقلا

في اليا وفي غيرها إن ألحقا بـ(أبى) أو ما له الواو فاء نحو قد وجلا

وكسر ما قبل آخر المضارع من ذا الباب يلزم إن ماضيه قد حظلا:

زيادة التاء أولاً وإن حصلت له فما قبل الآخر افتحن بولا

فصل فيما لم يسم فاعله

إن تسند الفعل للمفعول فأت به مضموم الاول واكسره إذا اتصلا

بعينٍ اعتل واجعل قبل الآخر في الـ ـمضي كسرًا وفتحًا في سواه تلا

ثالث ذي همز وصلٍ ضم معه ومع تاء المطاوعة اضمم تلوها بولا

وما لفا نحو (باع) اجعل لثالث نحـ ـو (اختار) و (انقاد) كاختير الذي فضلا

فصل في فعل الأمر

من (أفعل) الأمر (أفعل) واعزه لسوا ه كالمضارع ذي الجزم الذي اختزلا

أوله وبهمز الوصل منكسرًا صل ساكنًا كان بالمحذوف متصلا

والهمز قبل لزوم الضم ضم ونحـ ـو اغزي بكسر مشم الضم قد قبلا

وشذ بالحذف (مر) و(خذ) و(كل) وفشا (وأمر) ومستندر تتميم (خذ) و(كلا)

أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين

كوزن (فاعلٍ) اسم فاعلٍ جعلا من الثلاثي الذي ما وزنه فعلا

ومنه صيغ كـ(سهلٍ) و(الظريف) وقد يكون (أفعل) أو (فعالاً) أو (فعلا)

وكـ(الفرات) و(عفرٍ) و(الحصور) و(غمـ ـرٍ) (عاقرٍ) (جنبٍ) ومشبهًا (ثملا)

وصيغ من لازمٍ موازنٍ فعلاً بوزنه كـ(شجٍ) ومشبهٍ (عجلا)

و(الشأز) و(الأشنب) (الجزلان) ثمت قد يأتي كـ(فانٍ) وشبه واحد البخلا

حملاً على غيره لنسبةٍ كـ(خفيـ ـفٍ) (طيبٍ) (أشيبٍ) في الصوغ من فعلا

و(فاعل) صـالح في كـلٍ ان قـصد الـ ـحـدوث نحـو (غدًا ذا جـاذل جـذلا)

وباسم فاعل غير ذي الثلاثة جي وزن المضارع لكن أولا جـعـلا:

ميم تضم وإن ما قبل آخره فتحت صار اسم مفعولٍ وقد حصلا:

من ذي الثلاثة بالمفعول متزنًا وما أتى كـ (فعيلٍ) فهو قد عدلا:

به عن الأصل واستغنوا بنحو (نجًا) و(النسي) عن وزن مفعولٍ، وما عملا

أبنية المصادر

وللمصادر أوزان أبينها فللثلاثي ما أبديه منتخلا

(فعل) و(فعل) و(فعل) أو بتاء مؤنـ ـنثٍ أو الألف المقصور متصلا

(فعلان) (فعلان) (فعلان) ونحو (جلاً) (رضًى) (هدًى) (وصلاحٍ) ثم زد (فعلا) )

( مجردًا وبتا التأنيث ثم (فعا لةً) وبالقصر و(الفعلاء) قد قبلا

(فعالة) و(فعالة) وجئ بهما مجردين من التا و(الفعول) صلا

ثم (الفعيل) وبالتا ذان و(الفعلا ن) أو كـ(بينونةٍ) ومشبهٍ فعلا

و(فعللٍ) و(فعولٍ) مع (فعاليةٍ) كذا (فعيلية) (فعلة) (فعلى)

مع (فعلوتٍ) (فعلى) مع (فعلنيةٍ) كذا (فعولية) والفتح قد نقلا

وَ(مَفْعَلٌ) (مَفْعِلٌ) (مَفْعُلٌ) وبتا الت تأنيث فيها وضم قلما حملا

(فعل) مقيس المعدى و(الفعول) لغيـ ـره سوى فعل صوتٍ ذا (الفعال) جلا

وما على (فعل) استحق مصدره إن لم يكن ذا تعـد كونه فعلا

وقس (فعالة) أو (فعولةً) لـ(فعلـ ـت) كالشجاعة والجاري على سهلا

وما سوى ذاك مسموع وقد كثر (الـ ـفعيل) في الصوت، والداء الممض جلا:

معناه وزن (فعالٍ) فليقس ولذي فرارٍ أو كفرارٍ بـ(الفعال) جلا

(فعالة) لخصالٍ، و(الفعالة) دع لحرفةٍ أو ولايةٍ ولا تهلا

لمرةٍ (فعلة) و(فعلةً) وضعوا لهيئةٍ غالبًا كمشية الخيلا

و(فعلة) لاسم مفعول وإن فتحت من وزنه العين يرتد اسم من فعلا

فصل في أبنية ما زاد على الثلاثة

بكسر ثالث همز الوصل مصدر فعـ ـلٍ حازه مع مد ما الأخير تلا

واضممه من فعلٍ التا زيد أوله واكسره سابق حرفٍ يقبل العللا

لـ(فعلل) ائت بـ(فعلالٍ) و(فعللةٍ) و(فعل) اجعل له (التفعيل) حيث خلا )

من لامٍ اعتل للحاويه (تفعلةً) ألزم وللعار منه ربما بذلا

ومن يصل بـ(تفعالٍ) (تفعل) و(الـ ـفعال) (فعل) فاحمده بما فعلا

وقد يجاء بـ(تفعالٍ) لـ(فعل) في تكثير فعلٍ كـ(تسيارٍ) وقد جعلا:

ما للثلاثي (فعيلي) مبالغةً ومن (تفاعل) أيضًا قد يرى بدلا

وبـ(الفعليلة) (افعلل) قد جعلوا مستغنيًا لا لزومًا فاعرف المثلا

لـ(فاعل) اجعل (فعالاً) أو (مفاعلةً) و(فعلة) عنهما قد ناب فاحتملا

ما عينه اعتلت (الإفعال) منه و(الاس تفعال) بالتا وتعويض بها حصلا

من المزال، وإن تلحق بغيرهما يبن بها مرة من الذي عملا

ومرة المصدر الذي تلازمه بذكر واحدةٍ تبدو لمن عقلا

فصل في اسم المصدر

سماة مبناه ما زيدت بمبدئه ميم بكلمتها الإشراك ما عقلا

أو ما خلت من حروف الفعل بنيته لفظًا وقصدًا وما أعطي به بدلا

ومنه الاعلام والميمي قسه ولا تقس سواه ولكن نقله قبلا

من (فعل) اجعل لمبناه (الفعال) ومن وزان (أفعل) في الفاشي له (فعلا)

محل ذي القصر جا ذو المد منه كما محل ذي المد ذا المقصور قد نزلا

وجاء (فعلى) بفتح الفا وضمتها وجا (فعولاً) بشكلي فائها شكلا

وجاء بالفعل مضمومًا ومنكسرًا مجردين من التا أو بها وصلا

وبالفعيل أتى والفعل متزنًا عنا الوعيد انثنى والعون قد وصلا

باب المفعَل والمفعِل

من ذي الثلاثة -لا (يفعل)- له ائت بـ(مفـ ـعلٍ) لمصدرٍ أو ما فيه قد عملا

كذاك معتل لامٍ مطلقًا وإذا الـ ـفا كان واوًا بكسرٍ مطلقًا حصلا

ولا يؤثر كون الواو فاءً إذا ما اعتل لام كمولًى فارع صدق ولا

في غير ذا عينه افتح مصدرًا وسوا ه اكسر وشذ الذي عن ذلك اعتزلا

(مظلمة) (مطلع) (المجمع) (محمدة) (مذمة) (منسك) (مضنة) البخلا

(مزلة) (مفرق) (مضلة) و(مدبـ ـب) (محشر) (مسكن) (محل) من نزلا

و(معجز) و بتاءٍ ثم (مهلكة) (معتبة) مفعل من (ضع) ومن (وجلا)

معها من (احسب) و(ضربٍ) وزن مفعلةٍ (موقعة) كل ذا وجهاه قد حملا

والكسر أفرد لـ(مفرقٍ) و(معصيةٍ) و(مسجدٍ) (مكبرٍ) (مأوٍ) حوى الإبلا

من (ايو) و(اغفر) و(عذرٍ) و(احم) مفعلة ومن (رزا) و(اعرف) (اظنن) (منبت) وصلا:

بمفعلٍ (اشرق) مع (اغرب) و(اسقطن) (رجع) (اج زر) ثم (مفعلة) (اقدر) و(اشرقن) بخلا

و(اقبر) ومن (أربٍ) وثلث اربعها كذا لـ(مهلكٍ) التثليث قد بذلا

ونون (محنية) الوادي كذلك مع حرف اعتلالٍ يضاهي ما به شكلا

تثليث (ميسرةٍ) صحح و(مزرعةٍ) وفتح (مزبلةٍ) وضمها قبلا

و(مألك) (مكرم) و(معون) وبتا تنضم فردًا وما ينضم قد كملا

وكالصحيح الذي اليا عينه وعلى رأيٍ توقف ولا تعد الذي نقلا

وكاسم مفعول غير ذي الثلاثة صغ منه لما (مفعل) و(مفعل) جعلا

وشذ بالفتح (ممسانا) و(مصبحنا) و(مخدع) (مجزأ) (مأوى) ومعه جلا

في كلها قيسها إلا الأخير فلم يضمم وذا كله المصباح قد نقلا

فصل

من اسم ما كثر اسم الأرض (مفعلة) كمثل (مسبعةٍ) والزائد اختزلا

من ذي المزيد كـ(مفعاةٍ)، و(مفعلة) و(أفعلت) عنهم في ذلك احتملا

غير الثلاثي من ذا الوضع ممتنع وربما جاء منه نادر قبلا

فصل

كـ(مفعلٍ) وكـ(مفعالٍ) و(مفعلةٍ) من الثلاثي صغ اسم ما به عملا

وكالفعال وصاغوا منه مفعلةً لما على الفعل من أسبابه حملا

وبالفعال بتجريدٍ أتوا وبتا لما ينحونه من تافهٍ رذلا

شذ (المدق) و(مسعط) و(مكحلة) و(مدهن) (منصل) آلات من نخلا

ومن نوى عملاً بهن جاز له فيهن كسر ولم يعبأ بمن عذلا

خاتمة

وقد وفيت بما قد رمت منتهيًا والحمد لله إذ ما رمته كملا

ثم الصلاة وتسليم يقارنها على الرسول الكريم الخاتم الرسلا

وآله الغر والصحب الكرام ومن إياهم في سبيل المكرمات تلا

وأسأل الله من أثواب رحمته سترًا جميلاً على الزلات مشتملا

وأن ييسر لي سعيًا أكون به مستبشرًا جذلاً لا باسرًا وجلا

فيه اقتفيت أبا الأنوار سيدنا سيدي قطب الرحا بدر الدجى المثلا

وإنني أبتغي ممن رأى خللاً فيما انتدبت له أن يصلح الخللا

إذا تيقنه جنبًا وإن على رب البرية لي لا غير متكلا