خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/975"> الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/975?sub=4858"> شرح متن الرحبية
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح متن الرحبية [4]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
بعد أن انتهى الناظم من مقدمته عن علم المواريث وفضله، عقد باباً لأسباب الإرث (أسباب الميراث)، وقبل ذلك أبين أن الإرث له أركان وأسباب وموانع، فأبدأ أولاً بأركانه، هذه أركان الإرث، وهي ثلاثة:
الأول: المورِّث.
الثاني: الوارث.
الثالث: الموروث.
فإذاً أركان الإرث ثلاثة: المورث بالكسر، وهو الميت، أو من هو في حكم الميت؛ أي: الذي حكم بفقده وانتهى أمد تعميره، فهذا هو المورث.
الركن الثاني: الوارث، وهو الحي الذي تُحُقِّقت حياته بعد الميت حقيقةً أو حكماً حتى يحوز ماله، وهو من كان عمره امتداداً لعمر الميت.
والثالث: الموروث، وهو التركة، سواءً كانت من مال الميت أو من ديته، فالتركة تنقسم إلى قسمين: ما كان من مال الميت، وما كان من ديته، فدية الخطأ موروثة عن الميت، فديته لم يملكها هو في حياته، ولكنها معدودة مع تركته، فهي موروثة مع التركة، إذاً الأركان ثلاثة.
تعريف الركن
الركن: جانب الشيء القوي، ومنه رَكِنَ إلى الشيء بمعنى: اعتمد عليه، ومال إليه، وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [هود:113]؛ أي: لا تعتمدوا عليهم، ولا تميلوا إليهم.
وأركان الإرث ثلاثة: المورِّث، وهو الميت حقيقةً أو حكماً، الميت حقيقةً كمن مات ودفن، أو حكماً كمن فقد وحدد له القاضي أمداً للتعمير، وانتهى ذلك الأمد.
والوارث، وهو من تُحققت حياته بعد مورِّثه، فالإنسان إذا مات مع مورثه في وقت واحد، أو شك في سابقهما، لا يكون وارثاً أبداً، وسنذكر إن شاء الله تعالى موانع الإرث.
والموروث: هو المال، أو الحق الذي هو داخل في التركة، أو الدية، فالمورِّث إما أن يترك مالاً، أو ديةً، فكلاهما يدخل في الموروث، فإذاً هذه هي الأركان الثلاثة.
بعد هذا ذكر أسباب الإرث فقال: باب أسباب الميراث؛ أي: باب أسباب الإرث، والميراث هنا المقصود به: الإرث؛ أي: المصدر، وليس المقصود به الميراث الذي هو الموروث، الذي هو ركن من أركان الإرث.
قال:
أسباب ميراث الورى ثلاثة كل يفيد ربه الوراثة
تعريف السبب في اللغة
أي: الأسباب، والأسباب جمع سبب، والسبب في اللغة: الحبل كما قال الله تعالى: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [الحج:15]، فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ [الحج:15] أي: بحبل إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [الحج:15] معناه: من ظن أن الله لن ينصر محمداً صلى الله عليه وسلم فليعقد حبلاً في رقبته، وليعقده بالسماء، وليقطعه، فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [الحج:15]، فلا بد أن ينصر الله محمداً صلى الله عليه وسلم بعز عزيز، أو بذل ذليل.
تعريف السبب في اصطلاح الأصوليين
(ولو رام أسباب السماء بسلم)، ولو رام أسباب السماء معناه: حبالها، ويطلق في الاصطلاح على ما يؤدي إلى غيره، وفي اصطلاح الأصوليين: هو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم؛ كدخول وقت الصلاة، فهو سبب لوجوبها، وعدم دخول الوقت سبب لعدم الوجوب، فلا تجب الصلاة ما لم يدخل وقتها، وإذا دخل الوقت لزمت الصلاة، وهذه الأسباب داخلة في الخطاب الوضعي لا في الخطاب التكليفي.
أقسام خطاب الله تعالى لعباده
فخطاب الله ينقسم إلى قسمين: إلى خطاب تكليفي، وخطاب وضعي، فالخطاب التكليفي يشمل الواجب، والمندوب، والمباح، والمحرم، والمكروه، والخطاب الوضعي، معناه: جعل الشارع شيئاً علامةً على غيره، وذلك ينقسم إلى قسمين: إلى قسم مستقل، وقسم تابع، فالخطاب الوضعي المستقل أربعة أقسام: وهي: السبب، والعلة، والشرط، والمانع، والخطاب الوضعي التابع أقسام، منها: القضاء، والأداء، والإعادة، ومنها: الصحة، والفساد، ومنها: العزيمة، والرخصة، فهذه السبعة كلها من أقسام الخطاب الوضعي التابع، فهي تابعة لغيرها لا يمكن أن تستقل، بخلاف السبب، والعلة، والشرط، والمانع، فتكون مستقلةً، والفرق بين العلة والسبب: أن العلة يعرف العقل وجه تعلق الحكم بها، والسبب لا يعرف العقل وجه تعلق الحكم به، فمثلاً غروب الشفق سبب لوجوب صلاة أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه ذلك؟ طلوع الفجر سبب لوجوب ركعتين في الحضر والسفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه ذلك؟ زوال الشمس عن كبد السماء سبب لوجوب أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، دلوك الشمس سبب لوجوب أداء أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، غروب الشمس سبب لوجوب ثلاث ركعات في الحضر والسفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه التفاوت؟ لماذا كان هذا يوجب أربعاً، وهذا يوجب ثلاثاً، وهذا يوجب اثنتين؟ لا يدرك العقل ذلك، فإذاً هذا هو السبب، مثل وقت الصلاة، والعلة: هي الوصف الظاهر المنضبط الذي علق الشارع به الحكم، فلا بد أن يكون وصفاً ظاهراً، والوصف الخفي لا يمكن أن يكون علةً للحكم؛ لأن العلة يدور معها المعلول حيث دارت، ولا بد أن يكون منضبطاً، فالوصف غير المنضبط -كالمشقة مثلاً- لا يمكن أن يكون علةً، فالقصر في السفر علته هي السفر، لا المشقة؛ لأن الإنسان إذا سافر على رجليه، أو على حمار، أو على جمل، يجد مشقةً، وإذا ركب في الدرجة الأولى في طائرة إيرباص -مثلاً- لا يجد مشقةً، وسيقطع مسافةً أكثر، ومع ذلك فالحكم متحد؛ لأن العلة ليست المشقة؛ لأن المشقة غير منضبطة، فلا يمكن أن يناط بها الحكم، بل العلة هي السفر، والسفر موجود على كل حال؛ لأنه قطع المسافة، سواءً قطعتها في طائرة، أو على سيارة، أو على حمار، أو على رجليك، فالجميع قطع للمسافة.
وأسباب الميراث؛ أي: العلامات التي ربط الشارع بها الميراث، فجعله متعلقاً بها، وهي كما قال: (ثلاثه) (كل يفيد ربه)؛ أي: من اتصف به، ورب الشيء معناه: صاحبه، والمختص به، كما يقال: رب الدابة؛ أي: صاحبها، وكما قال عبد المطلب: (أنا رب الإبل، وللبيت رب سيمنعه)، (أنا رب الإبل)؛ أي: صاحبها، فكل يفيد صاحبه (الوراثة)؛ أي: وصف الوراثة؛ أي: أن يكون وارثاً.
الركن: جانب الشيء القوي، ومنه رَكِنَ إلى الشيء بمعنى: اعتمد عليه، ومال إليه، وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [هود:113]؛ أي: لا تعتمدوا عليهم، ولا تميلوا إليهم.
وأركان الإرث ثلاثة: المورِّث، وهو الميت حقيقةً أو حكماً، الميت حقيقةً كمن مات ودفن، أو حكماً كمن فقد وحدد له القاضي أمداً للتعمير، وانتهى ذلك الأمد.
والوارث، وهو من تُحققت حياته بعد مورِّثه، فالإنسان إذا مات مع مورثه في وقت واحد، أو شك في سابقهما، لا يكون وارثاً أبداً، وسنذكر إن شاء الله تعالى موانع الإرث.
والموروث: هو المال، أو الحق الذي هو داخل في التركة، أو الدية، فالمورِّث إما أن يترك مالاً، أو ديةً، فكلاهما يدخل في الموروث، فإذاً هذه هي الأركان الثلاثة.
بعد هذا ذكر أسباب الإرث فقال: باب أسباب الميراث؛ أي: باب أسباب الإرث، والميراث هنا المقصود به: الإرث؛ أي: المصدر، وليس المقصود به الميراث الذي هو الموروث، الذي هو ركن من أركان الإرث.
قال:
أسباب ميراث الورى ثلاثة كل يفيد ربه الوراثة
أي: الأسباب، والأسباب جمع سبب، والسبب في اللغة: الحبل كما قال الله تعالى: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [الحج:15]، فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ [الحج:15] أي: بحبل إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [الحج:15] معناه: من ظن أن الله لن ينصر محمداً صلى الله عليه وسلم فليعقد حبلاً في رقبته، وليعقده بالسماء، وليقطعه، فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [الحج:15]، فلا بد أن ينصر الله محمداً صلى الله عليه وسلم بعز عزيز، أو بذل ذليل.
(ولو رام أسباب السماء بسلم)، ولو رام أسباب السماء معناه: حبالها، ويطلق في الاصطلاح على ما يؤدي إلى غيره، وفي اصطلاح الأصوليين: هو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم؛ كدخول وقت الصلاة، فهو سبب لوجوبها، وعدم دخول الوقت سبب لعدم الوجوب، فلا تجب الصلاة ما لم يدخل وقتها، وإذا دخل الوقت لزمت الصلاة، وهذه الأسباب داخلة في الخطاب الوضعي لا في الخطاب التكليفي.
فخطاب الله ينقسم إلى قسمين: إلى خطاب تكليفي، وخطاب وضعي، فالخطاب التكليفي يشمل الواجب، والمندوب، والمباح، والمحرم، والمكروه، والخطاب الوضعي، معناه: جعل الشارع شيئاً علامةً على غيره، وذلك ينقسم إلى قسمين: إلى قسم مستقل، وقسم تابع، فالخطاب الوضعي المستقل أربعة أقسام: وهي: السبب، والعلة، والشرط، والمانع، والخطاب الوضعي التابع أقسام، منها: القضاء، والأداء، والإعادة، ومنها: الصحة، والفساد، ومنها: العزيمة، والرخصة، فهذه السبعة كلها من أقسام الخطاب الوضعي التابع، فهي تابعة لغيرها لا يمكن أن تستقل، بخلاف السبب، والعلة، والشرط، والمانع، فتكون مستقلةً، والفرق بين العلة والسبب: أن العلة يعرف العقل وجه تعلق الحكم بها، والسبب لا يعرف العقل وجه تعلق الحكم به، فمثلاً غروب الشفق سبب لوجوب صلاة أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه ذلك؟ طلوع الفجر سبب لوجوب ركعتين في الحضر والسفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه ذلك؟ زوال الشمس عن كبد السماء سبب لوجوب أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، دلوك الشمس سبب لوجوب أداء أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، غروب الشمس سبب لوجوب ثلاث ركعات في الحضر والسفر، هل يمكن أن يدرك العقل وجه التفاوت؟ لماذا كان هذا يوجب أربعاً، وهذا يوجب ثلاثاً، وهذا يوجب اثنتين؟ لا يدرك العقل ذلك، فإذاً هذا هو السبب، مثل وقت الصلاة، والعلة: هي الوصف الظاهر المنضبط الذي علق الشارع به الحكم، فلا بد أن يكون وصفاً ظاهراً، والوصف الخفي لا يمكن أن يكون علةً للحكم؛ لأن العلة يدور معها المعلول حيث دارت، ولا بد أن يكون منضبطاً، فالوصف غير المنضبط -كالمشقة مثلاً- لا يمكن أن يكون علةً، فالقصر في السفر علته هي السفر، لا المشقة؛ لأن الإنسان إذا سافر على رجليه، أو على حمار، أو على جمل، يجد مشقةً، وإذا ركب في الدرجة الأولى في طائرة إيرباص -مثلاً- لا يجد مشقةً، وسيقطع مسافةً أكثر، ومع ذلك فالحكم متحد؛ لأن العلة ليست المشقة؛ لأن المشقة غير منضبطة، فلا يمكن أن يناط بها الحكم، بل العلة هي السفر، والسفر موجود على كل حال؛ لأنه قطع المسافة، سواءً قطعتها في طائرة، أو على سيارة، أو على حمار، أو على رجليك، فالجميع قطع للمسافة.
وأسباب الميراث؛ أي: العلامات التي ربط الشارع بها الميراث، فجعله متعلقاً بها، وهي كما قال: (ثلاثه) (كل يفيد ربه)؛ أي: من اتصف به، ورب الشيء معناه: صاحبه، والمختص به، كما يقال: رب الدابة؛ أي: صاحبها، وكما قال عبد المطلب: (أنا رب الإبل، وللبيت رب سيمنعه)، (أنا رب الإبل)؛ أي: صاحبها، فكل يفيد صاحبه (الوراثة)؛ أي: وصف الوراثة؛ أي: أن يكون وارثاً.
وهي نكاح وولاء ونسب ما بعدهن للمواريث سبب
هي ثلاثة: النكاح، والولاء، والنسب، (ما بعدهن)؛ أي: ما بعد هذه الثلاثة للمواريث سبب، فالمواريث أسبابها هي هذه الثلاثة، ويمكن حصرها في اثنين هما: النسب، والسبب، فالسبب يشمل الإرث، والولاء.
فالنكاح مصدر نكح الشيء، بمعنى: خالطه وداخله، ومنه قول الشاعر:
أنكحت صم حصاها خف يعملة تغشمرت بي إليك السهل والجبلا
وهو يصف أرضاً قاحلةً قطعها على ناقته، فيقول:( أنكحت صم حصاها)؛ أي: صم حصى هذه الأرض، الصم منها: التي ليس فيها ثقب ولا كسر، (خف يعملة)، وهي الناقة، (تغشمرت)؛ أي: قطعت بتعسف، (تغشمرت بي إليك السهل والجبلا).
ويقال: نكحت المرأة صبيها؛ أي: ضمته إلى صدرها، كما قال الشاعر:
ضممت إلى صدري معطر صدرها كما نكحت أم الغلام صبيها
(كما نكحت أم الغلام صبيها)؛ معناه: ضمته إلى صدرها، وهو يطلق على أمرين: يطلق على العقد، ويطلق على الدخول، فيطلق على العقد فقط، ويطلق على الدخول فقط، والدخول لا يكون إلا بعد عقد، فالإطلاق على الدخول متناول للعقد بخلاف الإطلاق على العقد وحده، فقول الله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230]، عند الجمهور المقصود بالنكاح: الدخول، من نكاح صحيح، من عقد صحيح، واستدلوا لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك )، فهذا دليل على أن المبيح هو الدخول، وسعيد بن جبير يرى أن المقصود هنا: مجرد العقد لا الدخول، ويستدل لذلك بأن الله قال: حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، ولم يقل: حتى ينكحها زوج غيره، والذي ينسب إلى المرأة ووليها هو العقد لا الدخول، فالدخول ينسب إلى الرجل لا إلى المرأة، فلو كان المقصود الدخول، لقال: حتى ينكحها زوج غيره، ولكن قال: حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230]، ونسب الفعل إليها هي فالفعل الذي يصدر عن المرأة هو العقد؛ لأنها ذات طرف فيه، وهو الإيجاب، وهو مقدم على القبول، فهذا مذهب سعيد.
ومذهب الجمهور أقوى، لكن الدلالة على الدخول ليست مأخوذةً من الآية، بل من الحديث.
الإرث حق تابع للعقد لا يتعلق بالدخول
والنكاح الذي يحصل به الإرث هو العقد الصحيح، فلو تزوج المرء المشرقي مغربيةً، أو المغربي مشرقيةً، ولم يرها، ومات قبل أن يراها، فهي وارثة له، فالإرث حق تابع للعقد لا يتعلق بالدخول، وهذا العقد يرث به الرجل امرأته، وترث به المرأة زوجها، وقد ذكرنا الآية التي تضمنت ميراث الرجل من امرأته، وميراث المرأة من زوجها، ولكن محله إذا كان مستمراً، فإن حصلت فرقة فسيأتي تفصيلها.
أقسام المطلقات من حيث استحقاق الإرث
فالمطلقة أربعة أقسام:
القسم الأول: مطلقة طلاقاً رجعياً، وهي في عدتها، فهذه ترث إجماعاً تقريباً، ترث من مطلقها إذا مات وهي في عدتها.
والقسم الثاني: المطلقة البائن، التي سبب طلاقها لا يتهم فيه الرجل، كما إذا خالعته، أو سألته الطلاق فطلقها لطلبها، وبناءً على رغبتها، ولا يتهم هو بإخراجها من الميراث، وهذه أيضاً لا ترث، والإجماع تقريباً منعقد على ذلك.
القسم الثالث: المطلقة البائن التي يتهم هو في طلاقها؛ أي: يتهم أنه أراد إخراجها، وهذه اختلف في توريثها على أربعة أقوال:
القول الأول: أنها لا ترث مطلقاً، وهذا أصح قولي الشافعي، فقال: سبب الإرث هو النكاح، والنكاح قد انفصل، وبانت منه.
القول الثاني: أنها ترث ما دامت في عدتها، فإذا انتهت عدتها لم ترث، وهذا مذهب أبي حنيفة.
والقول الثالث: أنها ترث ما لم تتزوج رجلاً غيره أو ترتد عن الإسلام، وهذا مذهب الحنابلة.
والقول الرابع: أنها ترث منه مطلقاً، ولو تزوجت رجلاً غيره، ولو تزوجت رجالاً، وهذا مذهب المالكية.
الرابع: أنها ترث مطلقاً، ولو تزوجت غيره، ولو انتهت عدتها، ولو ارتدت عن الإسلام ثم رجعت إليه، فإنها ترث مطلقاً، هذا مذهب المالكية، كما قال خليل: (وورثت أزواجاً)، وسبب هذا الخلاف: أن الرجل متهم في أن يكون أراد منعها من حقها، وقد طلقها هو في مرض مخوف متصل بالموت؛ فلذلك أراد منعها من حقها، فيعامل بنقيض قصده عند المالكية مطلقاً، فالحق قد ترتب لها بمجرد النكاح، فكان كالصداق، فلو لم يدفع إليها الصداق حتى مات، فإنه يؤخذ صداقه من إرثه قطعاً إجماعاً، فالمالكية قالوا: هذا حق ترتب على أصل العقد، فلا يبطل؛ لأن الذمة إذا عمرت بمحقق لا تبرأ إلا به.
والشافعية قالوا: العلاقة بين الزوجين كانت حاصلةً بالعقد، فلما فرق الشرع بينهما فرقةً لا رجعة بها فإن السبب لم يعد موجوداً، والحكم معلق بسببه، فلا يمكن أن ترث من ليس زوجاً لها، فيقولون: أسباب الإرث منتفية عن المطلقة البائن مطلقاً، فلا هي زوجة، ولا هي ذات نسب ترث به، ولا هي مولاة له حتى ترثه.
والحنفية يرون أنها ما دامت في عدتها فهي محبوسة عن الرجال، وتجب نفقتها وسكناها عليه؛ فلذلك ترث منه، فيجعلون ذلك من بقايا النكاح، فإذا انتهت العدة لم يبق بينهما علاقة أصلاً، فلا ترث.
والحنابلة يرون أنها إنما ترث لأنه متهم بإخراجها، فإذا نكحت زوجاً غيره، فإنه لم يعد هو متهماً بإخراجها؛ لأنها هي اختارت طريقها، وكذلك إذا ارتدت؛ لأن الردة تبطل العقد، لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، فهي مقتضية لبطلان العقد، حتى لو قدرنا أن العقد موجود، فقد أبطلته هي من قبلها بردتها ثم رجوعها إلى الإسلام.
والمالكية رأوا أن السبب قد حصل، فتعلق به الملك، فلو زال السبب لا يقتضي ذلك زوال الحكم الذي قد ترتب؛ لأن الذمة عمرت به.
القسم الرابع من المطلقات: المطلقة البائن في مرض غير مخوف، أو مرض غير متصل بالموت، أو في الصحة، إذا طلقها وهو صحيح طلاقاً بائناً ثم قدر أنه مات وهي في عدتها أو خارج عدتها، فإنها لا ترث مطلقاً، لا في العدة ولا في غيرها إجماعاً.
إذاً رأيتم أن المطلقات فيما يتعلق بالميراث أربعة أقسام:
القسم الأول: المطلقة الرجعية ما دامت في عدتها، سواءً كان طلاقها من قِبله، أو من قِبلها، فهي وارثة؛ لأنها كالزوجة.
والقسم الثاني: البائن في الصحة، أو في مرض غير مخوف، فهذه لا ترث إجماعاً.
والقسم الثالث: البائن في مرض مخوف متصل بالموت، ولكن لا يتهم الزوج بمنعها، فإنها لا ترث؛ كالتي خالعته أو طالبته بالطلاق.
والقسم الرابع: هو البائن في مرض مخوف متصل بالموت، حيث يتهم الزوج بمنعها، وهذه هي المشكلة؛ لأن فيها أربعة أقوال، وأصل المسألة: أن عثمان رضي الله عنه قضى بميراث ابنة الأصبغ، وهي زوجة عبد الرحمن بن عوف منه، وقد طلقها في مرض موته طلاقاً بائناً، طلقها فبتها في مرض موته، فأجمع الصحابة على ذلك، ولم ينكره أحد منهم، وقد أخذ المالكية بعموم الدليل، قالوا: حصل الإجماع من الصحابة على توريث البائن في مرض الموت، فدل ذلك على أن هذا هو الأصل، ولا يُخرج منه إلا بدليل.
السبب الثاني من أسباب الإرث: هو الولاء، والولاء بفتح الواو في اللغة: هو النصرة، فيقال: والى فلان فلاناً؛ أي: نصره، والولاء بمعنى النصرة كثير الاستعمال، فيقال: فلان مولى فلان، أو فلان ولي فلان، معناه: ناصره، وفي مقابل ذلك يقال: فلان عدو فلان، فالولي ضد العدو، فأولياء الله معناه: الناصرون لله الذين ينصرهم الله، وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ [الحج:40]، وأعداء الله معناه: الذين لم ينصروا الله جل جلاله، فلم ينصرهم، والولاية متدرجة بحسب ذلك، فأولياء الله متفاوتون في ولايته، كما أن أعداءه متفاوتون في عداوته، فقد يجمع الإنسان الواحد بين الولاية من وجه والعداوة من وجه، فالمؤمن العاصي هو ولي لله بإيمانه عدو لله بمعصيته، فيحب على قدر إيمانه، ويبعض على قدر معصيته، والمؤمن الطائع هو ولي لله لا عدو له، فيحب على قدر ولايته أيضاً، والعاصي الذي لا يظهر عليه شيء من شواهد الإيمان، والكافر كفراً صريحاً هذا عدو لله عداوةً تامة، فيعادى على قدر ذلك.