شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [12]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم.

أخبرنا سليمان بن داود والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير أن أبا السائب أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب) ].

هذا الحديث فيه النهي عن اغتسال الإنسان في الماء الدائم وهو جنب، والنهي للتحريم، وهو يقتضي الفساد، فلا يجوز للإنسان أن يغتسل بالماء الدائم وهو جنب، بمعنى: أن يغمس جسمه في الماء الدائم، والدائم هو الذي لا يجري، أما إذا كان يجري فلا حرج أن يغتسل في وسط الماء؛ لأن كل جرية تذهب ويأتي بعدها بدلها.

لكن إذا كان الماء راكداً كأن يكون في بركة فهو منهي عن الاغتسال فيه؛ لأنه قد يكدره على غيره، فإذا اغتسل هذا واغتسل هذا واغتسل هذا، صار الماء مستعملاً، والنهي يقتضي الفساد، فلا يجوز للإنسان أن يغتسل في وسط الماء الراكد، لكن كما قال أبو هريرة لما اغتسل: أغرف منه اغترافاً، فيغترف بيده إلى خارج الماء الدائم، إلى خارج البركة، أو خارج الإناء الذي فيه الماء.

أما أن يغتسل وسطه ويغمس نفسه في الماء الراكد فإن هذا لا يجوز.

وظاهر الحديث أنه لو اغتسل في وسطه لا يجزئه؛ لأنه منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، وإنما يغتسل خارج الماء الدائم، وخارج البركة أو خارج الإناء الكبير الذي فيه الماء.

فلا يجوز للإنسان أن يغتسل في وسطه؛ لأنه منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، وإنما يغتسل خارج الماء الدائم، أو خارج البركة، أو خارج الإناء الكبير الذي فيه الماء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن البول في الماء الراكد والاغتسال منه.

أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري عن سفيان عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبولن أحدكم في الماء الراكد، ثم يغتسل منه) ].

هذا الحديث فيه تحريم البول في الماء الراكد ثم الاغتسال فيه؛ لأنه إذا بال فيه الأول وبال فيه الثاني تنجس، وقد لا يتنجس إذا كان الماء كثيراً، لكنه منهي عن البول فيه؛ لأن هذا وسيلة لتنجيسه، فلا يجوز للإنسان أن يبول في الماء الراكد، ثم يغتسل منه.

وقوله: (ثم يغتسل) بالجزم عطف على البول؛ يعني: لا يجمع بين البول والاغتسال، ويصح: ثم يغتسل منه؛ لأنه قد يحتاج إلى الاغتسال به، والمقصود أنه منهي عن الاغتسال في الماء الراكد، وإذا بال فيه يكون النهي أشد؛ لأنه وسيلة إلى تنجيسه.

ومادام أن الماء لا يجري فهو راكد، لكن إذا كان يجري فهذا لا إشكال فيه؛ لأن الجريان لا يترك مجالاً للنجاسة أن تستقر، فإذا بال في الماء الذي يجري أو اغتسل في الماء الذي يجري فلا حرج، وذلك أنها تذهب الجرية ويأتي بعدها غيرها، لكن إذا كان راكداً لا يجري سواء تحرك أو لم يتحرك فهو راكد سواء كان في بركة أو في إناء كبير، كالإناء المصنوع من حصى أو من القرو فلا يجوز للإنسان أن يغتسل في وسطه، وإذا بال فيه يكون أشد نهياً، وإنما إذا أراد الاغتسال يغترف منه اغترافاً كما سئل أبو هريرة : ماذا يفعل؟ قال: يغترف منه اغترافاً، فيغترف بيده أو بإناء، ويكون خارج الماء، أما أن يغتسل فيه فهذا منهي عنه.

وإذا اغتسل وسط الماء يكون الماء مستعملاً ولا يكون نجساً؛ لأن البول وسيلة للتنجيس، وأما الاغتسال فليس وسيلة للتنجيس، لكن يكون الماء مستعملاً.

وإذا غمس الإنسان نفسه فيه وأتى الثاني والثالث وغمس نفسه فيه أيضاً صار هذا وسيلة إلى أن -مثلاً- يسقط فيه شيء من الفضلات.

والجمهور يرون أنه إذا غمس نفسه فيه يكون الماء مستعملاً ولا يرتفع الحدث؛ لأن النهي يقتضي الفساد، ولا يقتضي هذا إراقة الماء، بل يتركه ليستفاد منه فيستعمل في شيء آخر، فالماء ليس بنجس، لكنه مستعمل.

وإذا بال في الماء الراكد وكان قليلاً -أي: دون القلتين- فهو نجس؛ لحديث: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)، والقلتان خمس قرب.

والقول الثاني للمحققين: أنه لا ينجس إلا إذا تغيرت أحد أوصافه الثلاثة، لحديث أبي سعيد : (الماء طهور لا ينجسه شيء).

وعلى كل، فالحديث الأول فيه النهي عن الاغتسال في الماء الراكد، لكن الثاني فيه النهى عن البول فيه، ثم الاغتسال منه حتى ولو لم يغتسل فيه، فهو نجس في هذه الحالة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الاغتسال أول الليل.

أخبرنا عمرو بن هشام قال: حدثنا مخلد عن سفيان عن أبي العلاء عن عبادة بن نسي ، عن غضيف بن الحارث رضي الله عنه أنه سأل عائشة رضي الله عنها: (أي الليل كان يغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ربما اغتسل أول الليل، وربما اغتسل آخره. قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة) ].

هذا الحديث فيه أنه لا بأس أن يغتسل الجنب أول الليل أو آخره، لكن عليه أن يتوضأ قبل أن ينام؛ كما ثبت في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال: (أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ) أي: إذا توضأ فلا بأس أن يؤخر الاغتسال إلى آخر الليل، وإن اغتسل أول الليل فهو أفضل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الاغتسال أول الليل وآخره.

أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي أخبرنا حماد عن برد عن عبادة بن نسي عن غضيف بن الحارث قال: (دخلت على عائشة رضي الله عنها فسألتها، قلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من أول الليل أو من آخره؟ قالت: كل ذلك، ربما اغتسل من أوله وربما اغتسل من آخره، قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة) ].

برد هذا : هو برد بن سنان وهو مختلف في توثيقه، والأرجح أنه ثقه.

وعبادة بن نسي بضم النون وفتح المهملة الخفيفة الكندي أبو عمر الشامي قاضي طبرية، ثقة فاضل من الثالثة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الاستتار عند الاغتسال.

أخبرنا مجاهد بن موسى حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثني يحيى بن الوليد حدثني محل بن خليفة قال: حدثني أبو السمح رضي الله عنه قال: (كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: ولني قفاك، فأوليه قفاي، فأستره به) ].

في الحديث مشروعية الاستتار عند الاغتسال، بل يجب الاستتار إذا كان عنده أحد، ولا يجوز للإنسان أن يغتسل عرياناً أمام الناس، أما إذا لم يكن عنده أحد فلا حرج.

وغضيف بالضاد المعجمة مصغراً، ويقال بالطاء المهملة ابن الحارث السكوني ويقال: الثمالي يكنى أبا أسماء وهو حمصي مختلف في صحبته، قال ابن حبان : من قال: الحارث بن غطيف وهم، ومنهم من فرق بين غضيف بن الحارث فأثبت صحبته، وغطيف بن الحارث فقال: إنه تابعي، وهو أشبه، مات عن بضع وستين.

والخلاصة: أن غضيف بن الحارث أبو أسماء الحمصي عن عمرو وبلال وعنه مكحول وعبادة بن نسي وثقه العجلي والنسائي ، قال الخليفة : مات في زمان مروان .

شرح حديث اغتسال النبي عليه الصلاة والسلام يوم الفتح وفاطمة تستره بثوب

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن عبد الرحمن عن مالك عن سالم عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب عن أم هانئ رضي الله عنها: (أنها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب، فسلمت، فقال: من هذه؟ قلت: أم هانئ ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات في ثوب ملتحفاً به) ].

هذا الحديث مخرج في الصحيحين، وفيه مشروعية الاستتار عند الاغتسال ووجوبه، وفيه جواز سلام المرأة على الرجل إذا لم يكن هناك ريبة، فـأم هانئ سلمت على رسول الله، أما قول الشارح أنه يحتمل أنها سلمت على فاطمة فليس بوجيه، فلا بأس بالسلام إذا لم يكن هناك ريبة، أما إذا كانت هناك ريبة فلا، وقوله: (سلمت، فقال: من هذه؟ فقالت: أم هانئ ) يعني: الإنسان إذا قيل له: من؟ فليسم نفسه ويقول: فلان ابن فلان، أما أن يقول: أنا، فهذا جاء فيه الكراهة؛ وذلك: (أن جابراً لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من؟ قال: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أنا! كأنه كره ذلك)؛ لأنها لا تفيد التعريف، لكن إذا قيل: من؟ فليقال: فلان، أو أبو فلان، أما أن يقول: أنا، فهذا ليس تعريفاً. وفيه جواز الصلاة بالثوب الواحد، أو القطعة الواحدة مثل الشرشف فيجوز أن يصلى فيه، فإن كان ضيقاً ائتزر به، وإن كان واسعاً التحف به وجعل طرفيه على كتفيه. وفيه مشروعية صلاة الضحى، وقال بعضهم: إنها صلاة الفتح، واحتج النووي بهذا على أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات، والصواب أنه لا حد لأكثرها.

فإن قيل: وهل يؤخذ من حديث أم هانئ جواز رد السلام بلفظ (مرحباً)؟

قلنا: إنما كان ذلك بعد السلام، فلما رد عليها السلام، قال: (مرحباً بـأم هانئ ).

وفيه أن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ولو كانت امرأة، فإذا أمنت امرأة أحد فإنه يؤمن، ففي رواية لـمسلم : (أنها قالت: يا رسول الله! ابن أمي زعم أنه قاتل رجلاً قد أجرته، فقال: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ !)؛ لأن الرجل كافراً، وعلي رضي الله عنه أخوها، أراد أن يقتله، فشكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأثبت إجارته وأمانه وقال: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن عبد الرحمن عن مالك عن سالم عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب عن أم هانئ رضي الله عنها: (أنها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب، فسلمت، فقال: من هذه؟ قلت: أم هانئ ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات في ثوب ملتحفاً به) ].

هذا الحديث مخرج في الصحيحين، وفيه مشروعية الاستتار عند الاغتسال ووجوبه، وفيه جواز سلام المرأة على الرجل إذا لم يكن هناك ريبة، فـأم هانئ سلمت على رسول الله، أما قول الشارح أنه يحتمل أنها سلمت على فاطمة فليس بوجيه، فلا بأس بالسلام إذا لم يكن هناك ريبة، أما إذا كانت هناك ريبة فلا، وقوله: (سلمت، فقال: من هذه؟ فقالت: أم هانئ ) يعني: الإنسان إذا قيل له: من؟ فليسم نفسه ويقول: فلان ابن فلان، أما أن يقول: أنا، فهذا جاء فيه الكراهة؛ وذلك: (أن جابراً لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من؟ قال: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أنا! كأنه كره ذلك)؛ لأنها لا تفيد التعريف، لكن إذا قيل: من؟ فليقال: فلان، أو أبو فلان، أما أن يقول: أنا، فهذا ليس تعريفاً. وفيه جواز الصلاة بالثوب الواحد، أو القطعة الواحدة مثل الشرشف فيجوز أن يصلى فيه، فإن كان ضيقاً ائتزر به، وإن كان واسعاً التحف به وجعل طرفيه على كتفيه. وفيه مشروعية صلاة الضحى، وقال بعضهم: إنها صلاة الفتح، واحتج النووي بهذا على أن أكثر صلاة الضحى ثمان ركعات، والصواب أنه لا حد لأكثرها.

فإن قيل: وهل يؤخذ من حديث أم هانئ جواز رد السلام بلفظ (مرحباً)؟

قلنا: إنما كان ذلك بعد السلام، فلما رد عليها السلام، قال: (مرحباً بـأم هانئ ).

وفيه أن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ولو كانت امرأة، فإذا أمنت امرأة أحد فإنه يؤمن، ففي رواية لـمسلم : (أنها قالت: يا رسول الله! ابن أمي زعم أنه قاتل رجلاً قد أجرته، فقال: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ !)؛ لأن الرجل كافراً، وعلي رضي الله عنه أخوها، أراد أن يقتله، فشكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأثبت إجارته وأمانه وقال: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للغسل.

أخبرنا محمد بن عبيد حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن موسى الجهني قال: (أتي مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال: حدثتني عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا) ].

قوله: (ثمانية أرطال) أي: ما يقارب صاعاً ونصف؛ لأن الصاع خمسة أرطال ونصف بالعراقي.

شرح حديث اغتسال النبي عليه الصلاة والسلام بالصاع

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد حدثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص قال: سمعت أبا سلمة يقول: (دخلت على عائشة رضي الله عنها وأخوها من الرضاعة، فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم، فدعت بإناء فيه ماء قدر صاع، فسترت ستراً، فاغتسلت فأفرغت على رأسها ثلاثاً) ].

هذا الحديث ظاهره أن أبا سلمة رآها، لكن الأقرب أنها سترت واغتسلت، ورآها أخوها من الرضاعة، أما أبو سلمة فلم يرها.

شرح حديث اغتسال النبي عليه الصلاة والسلام بالفرق

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل في القدح وهو الفرق، وكنت أغتسل أنا وهو في إناء واحد) ].

الفرق إناء يسع ثلاثة آصع، وفيه جواز اغتسال الرجل وزوجته جميعاً من إناء واحد؛ وفيه فوائد منها: جواز اغتسال الرجل وزوجته جميعاً، وفيه تعلم أحدهما من الآخر، وفيه جواز نظر الرجل إلى امرأته ونظرها إليه، وجواز نظر الرجل إلى فرج امرأته، وهي تنظر إلى فرجه؛ لأنها حل له وهو حل لها، وهو يدل على ضعف الحديث الآخر حديث عائشة : (ما رأيت منه ولا رأى مني) يعني: العورة، فهذا ضعيف وليس بصحيح، وفيه جواز اغتسال الرجل بفضل المرأة؛ لأن المرأة إذا اغترفت من الماء صار فضلاً لها، ومع ذلك فليغترفان وفي اللفظ الآخر: (حتى أقول: دع لي، وهو يقول: دعي لي)، وذلك من باب المداعبة، يعني: الماء يقل، فيقول: دعي لي، أبقي لي شيئاً من الماء، وهي تقول: أبق لي.

والفرق: ستة عشر رطلاً، وكل خمسة أرطال تعني: صاعاً، فيكون التقدير ثلاثة أصواع ورطل.

شرح حديث اغتسال النبي عليه الصلاة والسلام بخمسة مكاكي

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله حدثنا شعبة عن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمكوك، ويغتسل بخمسة مكاكي) ].

المكوك: هو المد، وهو ملء كفي الرجل، وقوله: (يتوضأ بمكوك، ويغتسل بخمسة مكاكي)؛ يعني: صاعاً ومداً، صاع وربع في الغالب؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، والمكوك هو المد، ويتوضأ بالمد، وربما توضأ بثلثي المد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد.

شرح حديث: (يكفي من الغسل من الجنابة صاع)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق عن أبي جعفر قال: تمارينا في الغسل عند جابر بن عبد الله رضي الله عنه، فقال جابر : يكفي من الغسل من الجنابة صاع من ماء، قلنا: ما يكفي صاع ولا صاعان، قال جابر : قد كان يكفي من كان خيراً منكم وأكثر شعراً. ].

يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو خيراً منهم وأكثر شعراً عليه الصلاة والسلام، فقد كان كث اللحية، وكان طويل شعر الرأس كذلك.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد حدثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص قال: سمعت أبا سلمة يقول: (دخلت على عائشة رضي الله عنها وأخوها من الرضاعة، فسألها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم، فدعت بإناء فيه ماء قدر صاع، فسترت ستراً، فاغتسلت فأفرغت على رأسها ثلاثاً) ].

هذا الحديث ظاهره أن أبا سلمة رآها، لكن الأقرب أنها سترت واغتسلت، ورآها أخوها من الرضاعة، أما أبو سلمة فلم يرها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل في القدح وهو الفرق، وكنت أغتسل أنا وهو في إناء واحد) ].

الفرق إناء يسع ثلاثة آصع، وفيه جواز اغتسال الرجل وزوجته جميعاً من إناء واحد؛ وفيه فوائد منها: جواز اغتسال الرجل وزوجته جميعاً، وفيه تعلم أحدهما من الآخر، وفيه جواز نظر الرجل إلى امرأته ونظرها إليه، وجواز نظر الرجل إلى فرج امرأته، وهي تنظر إلى فرجه؛ لأنها حل له وهو حل لها، وهو يدل على ضعف الحديث الآخر حديث عائشة : (ما رأيت منه ولا رأى مني) يعني: العورة، فهذا ضعيف وليس بصحيح، وفيه جواز اغتسال الرجل بفضل المرأة؛ لأن المرأة إذا اغترفت من الماء صار فضلاً لها، ومع ذلك فليغترفان وفي اللفظ الآخر: (حتى أقول: دع لي، وهو يقول: دعي لي)، وذلك من باب المداعبة، يعني: الماء يقل، فيقول: دعي لي، أبقي لي شيئاً من الماء، وهي تقول: أبق لي.

والفرق: ستة عشر رطلاً، وكل خمسة أرطال تعني: صاعاً، فيكون التقدير ثلاثة أصواع ورطل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله حدثنا شعبة عن عبد الله بن جبر قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمكوك، ويغتسل بخمسة مكاكي) ].

المكوك: هو المد، وهو ملء كفي الرجل، وقوله: (يتوضأ بمكوك، ويغتسل بخمسة مكاكي)؛ يعني: صاعاً ومداً، صاع وربع في الغالب؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، والمكوك هو المد، ويتوضأ بالمد، وربما توضأ بثلثي المد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [20] 2927 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [4] 2569 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [18] 2401 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [22] 2209 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [9] 2198 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [11] 1924 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [10] 1920 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [21] 1903 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [7] 1831 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [2] 1790 استماع