فتاوى منوعة [1]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل الذي يودع ماله في البنوك الربوية ولا يأخذ فوائد يعتبر ماله ربا، أم أنه متعاون على الإثم والعدوان فقط؟

الجواب: إذا احتاج أن يودع ماله في البنوك الربوية ولا يأخذ فائدة، فلا بأس عليه؛ لأن هذا من باب الضرورة، أما أخذ فائدة ربوية فلا يجوز له ذلك؛ لأنه لا يستحقها، لقول الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] فإن أخذ الفائدة وتصدق بها فلا يستحقها إنما يستحق رأس المال فقط، فإذا أخذها فيجب عليه ردها، فإن لم يردها فيجب عليه أن ينفقها في المصالح العامة بنية التخلص منها لا بنية التقرب إلى الله، فقول بعض الناس: أنا آخذها وأتصدق بها، هذا غلط من وجهين:

الوجه الأول: أنه لا يستحقها فكيف يعطيها؟!

الوجه الثاني: أن الشيطان حريص على أن يأخذها، ثم بعد ذلك إذا أخذها غلبه حب المال، ويمنعه الشيطان من إنفاقها فتصير مالاً له.

فالواجب على الإنسان ألا يأخذ إلا رأس ماله، وإذا دخل عليه شيء من مال الربا ولا يستطيع رده أنفقه في المصالح العامة بنية التخلص منه.

السؤال: ما حكم من حج مفرداً، فبعدما أحرم طاف طواف القدوم وسعى سعي الحج ولم يبق عليه إلا طواف الإفاضة مع بقية الشعائر، وفي اليوم الثاني عشر رمى الجمار بعد الزوال، ونظراً لكثرة الزحام نسي أن ينوي طواف الإفاضة والوداع معاً، فنوى طواف الوداع فقط؟

الجواب: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) فمن نوى نية طواف الوداع فلا تقع عن طواف الإفاضة، فلابد من نية طواف الإفاضة، وتكفي عن طواف الوداع؛ لأن الفرع يدخل في الأصل، والمفضول في الأفضل، أو يجب نيتهما معاً، فمن نوى طواف الوداع ولم ينو طواف الإفاضة، فإن طواف الإفاضة باق عليه، فتحرم عليه زوجته حتى يرجع إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة، فإذا كان قد جامع زوجته فيجب عليه أن يذبح شاة في مكة.

السؤال: قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] هل يدخل فيه الشرك الأصغر، وما هو تعريف الشرك الأصغر؟

الجواب: قال بعض العلماء: إن الشرك الأصغر يدخل في الشرك الأكبر لعموم الآية، وتأدباً مع القرآن.

ومعنى: لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48] أن الشرك الأكبر صاحبه مخلد في النار، وأما الشرك الأصغر فإنه يقابل بالحسنات، فإن كانت الحسنات كثيرة فإنها تسقط ما يقابلها من هذا الشرك، فيدخل صاحبه الجنة، وإن كانت السيئات كثيرة عذب بهذا الشرك الأصغر في النار.

أما الكبيرة فإن صاحبها تحت المشيئة، فقد يغفر الله له ولا يسقط شيئاً من الحسنات، وقد يعذب في النار. وقال البعض الآخر: إن الشرك الأصغر مثل الكبائر.

السؤال: ما عقيدة بعض الشراح الذي يذكرهم ابن حجر رحمه الله تعالى كـابن بطال ، وأبي جمرة وغيرهما؟

الجواب: هؤلاء ليسوا على مذهب أهل السنة والجماعة؛ لأنهم يؤولون الصفات في الغالب، فمسألة العقيدة إذا تكلموا فيها أو في الصفات فلا يؤخذ عنهم، لكن يستفاد من شرحهم للحديث، كذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله فهو يفسر الصفات على طريقة الأشاعرة في الغالب، وإن كان من العلماء الكبار الذين لهم أيادي عظيمة في طرق الحديث.

فهؤلاء العلماء لم يوفقوا لمشايخ من أهل السنة والجماعة ينشئونهم على معتقد أهل السنة والجماعة، فاجتهدوا وظنوا أن هذا هو الحق.

فلا يؤخذ عن هؤلاء الشراح العقيدة كـابن حجر وابن بطال وابن التين وغيرهم.

السؤال: ما حكم من حج فوقف بعرفة ثم مرض ولم يكمل بقية المناسك، فماذا يترتب عليه؟

الجواب: الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم، فمن وقف بعرفة فإنه يكمل بقية المناسك كالمبيت في منى ومزدلفة، إلا أن يكون معذوراً كالمريض فإنه لا يبيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للعباس بالمبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته.

أما رمي الجمار فيوكل من يرمي عنه، ويبقى عليه طواف الإفاضة فيجعله مع طواف الوداع، فينتظر حتى يشفى من مرضه، وإلا يطاف به محمولاً إذا كان شعوره معه، فينوي طواف الإفاضة والوداع.

فمن وقف بعرفة فإن حجه صحيح، ويبقى عليه بقية المناسك كالمبيت في منى ومزدلفة والرمي وطواف الإفاضة، فإن كان معذوراً فإن المبيت يسقط عنه، وأما الرمي فيوكل من يرمي عنه، وأما الطواف فيطاف به ولو محمولاً، فإن أركان الحج لا تسقط لا سهواً ولا عمداً ولا جهلاً، ولا بد من الإتيان بها ولا يتم الحج إلا بها، فلو عجز عن إتيان هذه المناسك، فإنه كالمحصور، فيذبح دماً في مكانه ويحلق أو يقصر، فذلك هو التحلل، قال الله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196].

السؤال: ما حكم من أحرم للحج ثم نقض إحرامه قبل الطواف؟

الجواب: ليس له أن ينقض، قال الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، فإذا أحرم بحج أو عمرة وجب عليه إكماله، ولو كان نفلاً في حقه فيكون فرضاً إذا دخل فيه فلا يتحلل، فمن أحرم بالحج أو العمرة فلا يتخلص منها إلا بواحدة من ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن يتم أعمال الحج أو العمرة.

الأمر الثاني: أن يكون مريضاً أو خائفاً فيقول عند الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فهذا إذا حبسه حابس يتحلل ولا شيء عليه؛ لأنه اشترط على ربه.

الأمر الثالث: أن يكون محصوراً، أي: ممنوعاً من الوصول إلى مكة، ففي هذه الحالة يذبح ويتحلل.

أما من أحرم بالحج ثم جاء ونقض إحرامه في اليوم الثامن فتحلل وترك الحج ثم جامع زوجته، فهو لا يزال محرماً وقد أفسد حجه بالجماع، وعليه أن يتحلل بعمرة، وتجب عليه بدنة، ويجب عليه قضاء هذا الحج في العام القادم.

السؤال: ما حكم من رمى الجمرات في يوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة في تمام الساعة الواحدة والنصف ليلاً، فهل عليه شيء مع العلم أن ذلك لعذر؟

الجواب: ليس عليه شيء؛ لأن الصواب الذي أفتى به هيئة كبار العلماء أن الرمي يمتد من الظهر إلى طلوع الفجر، لكن عليه أن يرمي في اليوم الثاني عشر نهاراً إذا أحب أن يتعجل قبل غروب الشمس، فإن غربت الشمس في اليوم الثاني عشر فإن عليه أن يبيت ليلتها ويرمي في اليوم الثالث عشر.

السؤال: رجل رأى في المنام أن شخصاً تشتعل في يديه ناراً، فما تأويل ذلك؟

الجواب: على صاحب الرؤيا أن يستغفر له، وكذلك على أقارب الميت أن يستغفروا له.

السؤال: الإصرار على الصغيرة كبيرة، فهل يغفرها الله أم يجب على صاحبها التوبة، وإذا كان كلما أقيم عليه الحد عاد لما كان عليه، فهل تعتبر هذه العقوبة كفارة له كلما عاد؟

الجواب: العقوبة على الذنب تعتبر كفارة، فإن عاد إلى الذنب مرة ثانية، فإن الذنب يبقى عليه إلى أن يتوب منه أو يعاقب به، فإذا عوقب به أو تاب منه كان كفارة، لكن بشرط أن تكون التوبة نصوحاً، بأن يعزم على ألا يعود إليه.

وإذا ابتلي به مرة أخرى عاد عليه الذنب من جديد، فإن عليه التوبة، لكن على الإنسان أن يجاهد نفسه؛ لأنه قد لا يوفق للتوبة فقد يموت، يقول العلماء: الصغيرة إذا كان يصر عليها قد تصل إلى الكبيرة، ويقولون: لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار يعني مع التوبة، فالصغيرة إذا داوم عليها الإنسان قد تصل إلى الكبيرة، والكبيرة إذا تاب منها كانت التوبة ماحية.

السؤال: النهي عن سؤال الناس هل يدخل فيه سؤال الابن والأخ وابن الأخ.. وهكذا؟

الجواب: نعم، لكن سؤال الزوجة والابن أسهل؛ لأنه يلزمه نفقتهم، وله حق عليهم، وهذا من باب الكراهة، فلا يسأل الناس شيئاً.

وإنما المحرم سؤال الناس بغير حق، ويدخل في النهي عن السؤال أيضاً السؤال العلمي إذا كان من باب التعنت والإيذاء للمسئول أو تعجيزه، وكذلك إذا كان للرياء والسمعة، أما إذا كان للاسترشاد والفائدة فهذا مطلوب، قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].