خطب ومحاضرات
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [19]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [ وإحدى علامات أهل السنة: حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها وأوليائها، وبغضهم لأئمة البدع الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة؛ فضلاً منه جل جلاله ومنة ].
هذه قاعدة ذكرها المؤلف قبل في المقاطع السابقة، وذكر أيضاً مقابلها: (وهو أن من علامات أهل البدع بغض أهل السنة والجماعة)، أقول: وينضاف إلى هذا أنه ما من أحد من أهل الأهواء تعرض لأحد أئمة السنة الأحياء أو الأموات فيما يتعلق بإمامته في الدين أو لمزه بأمر يتعلق بالسنة التي كان عليها، أو طعن في منهجه، أو طعن في دينه وذمته في أمر يتعلق بمصالح الدين والأمة، إلا ويصاب بفتنة، ويفضحه الله أمام الخلائق، نسأل الله العافية، وفي عصرنا هذا وقعت وقائع تأملتها، ووجدت أن هناك من تجرءوا على بعض أئمة الهدى المعاصرين الأحياء والأموات، وكانت جرأتهم عن هوى -والله أعلم بحالهم، لكن فيما يظهر-، وكانت هذه الجرأة تتعلق بمناهج الدين، فلمزوهم وقالوا فيهم قولاً لا يليق بمسلم أن يقوله، وطعنوا في ذممهم وفي مناهجهم في أمر يتعلق بمصالح المسلمين، فوجدت هؤلاء الذين لمزوا أهل العلم والفضل وأئمة الدين أصيبوا بفتنة، نسأل الله العافية.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أحمد بن سلمة : قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وشعبة وابن المبارك وأبا الأحوص وشريكاً ووكيعاً ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ، فاعلم أنه صاحب سنة.
قال أحمد بن سلمة رحمه الله: فألحقت بخطي تحته: ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، فلما انتهى إلى هذا الموضع نظر إلينا -أهل نيسابور- وقال: هؤلاء القوم يتعصبون لـيحيى بن يحيى ، فقلنا له: يا أبا رجاء ما يحيى بن يحيى ؟ قال: رجل صالح إمام المسلمين، وإسحاق بن إبراهيم إمام، وأحمد بن حنبل أكبر ممن سميتهم كلهم.
وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكرهم قتيبة رحمه الله أن من أحبهم فهو صاحب سنة من أئمة أهل الحديث الذين بهم يقتدون وبهديهم يهتدون، ومن جملتهم ومتبعيهم وشيعتهم أنفسهم يعدون، وفي اتباعهم آثارهم يجدون، جماعة آخرين منهم: محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الإمام المقدم والسيد المعظم، العظيم المنة على أهل الإسلام والسنة، الموفق الملقن الملهم المسدد، الذي عمل في دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من النصر لهما والذب عنهما ما لم يعمله أحد من علماء عصره ومن بعدهم، ومنهم الذين كانوا قبل الشافعي رحمه الله، كـسعيد بن جبير والزهري والشعبي والتيمي ومن بعدهم، كـالليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد ويونس بن عبيد وأيوب السختياني وابن عون ونظرائهم، ومن بعدهم مثل: يزيد بن هارون وعبد الرزاق وجرير بن عبد الحميد ، ومن بعدهم مثل: محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري وأبي داود السجستاني وأبي زرعة الرازي وأبي حاتم وابنه، ومحمد بن مسلم بن وارة ومحمد بن أسلم الطوسي وعثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة الذي كان يدعى: إمام الأئمة، ولعمري كان إمام الأئمة في عصره ووقته، وأبي يعقوب إسحاق بن إسماعيل البستي ، وجدي من قبل أبي أبي سعيد يحيى بن منصور الزاهد الهروي وعدي بن حمدويه الصابوني ، وولديه سيفي السنة: أبي عبد الله الصابوني وأبي عبد الرحمن الصابوني .. وغيرهم من أئمة السنة الذين كانوا متمسكين بها ناصرين لها داعين إليها دالين عليها ].
هؤلاء نماذج لأئمة السنة، وأئمة السنة لا يحصون عداً، والمشاهير منهم لو كتبت أسماؤهم مجردة عن التراجم لجاءت مجلدات، لكن هؤلاء من أبرز الأئمة وأشهرهم، ولهم جهود مشهودة مشكورة معروفة بين العالمين، وهؤلاء -بحمد الله- لم يختلف عليهم، وقد سرد عدداً منهم اللالكائي وابن بطة.. وغيرهما من الأئمة الذين توسعوا في ذكر أسماء أئمة الدين؛ ذكروا منهم الآلاف، فهؤلاء الذين ذكروا كلهم على السنة، وكلهم أطبقوا على تقرير مناهج السلف ولم يختلفوا فيها، ولم يختلفوا عليها، وبهم تمثلت السنة، وبها أيضاً اشتهروا، وبهم تميز غيرهم أيضاً ممن خالفهم أو لمزهم أو عيرهم أو خالف مناهجهم، وكل من خالف فهو مخالف لهم.
وقد يكون من هؤلاء الأئمة ومن غيرهم من يكون له رأي أو تكون له زلة في أمر من الأمور التي اتفق عليها السلف، لكن أولاً: هذا الزلة ليست بخفية على بقية السلف.
وثانياً: الغالب أنها تكون عن تأول واجتهاد.
فهؤلاء الآلاف حدث من بعضهم ممن قد يعدون على الأصابع بعض الزلات التي خالفوا فيها السلف في مسائل في الدين، وقد يكون فيها تأول لهم، ولم تنقص من إمامتهم وقدرهم وكونهم من أئمة الدين؛ لأنهم عرفوا أنهم أهل اجتهاد، وهذه الزلة أيضاً لم تخف على بقية الأئمة، فقد بينت وبين الحق فيها واستبان، ولم يعد لأحد حجة باتباع تلك الزلات.
وأيضاً: قد ينسب لأحدهم قول لا يثبت عنه، وهذا كثير جداً، فالعبرة بما ثبت وما رواه أئمتهم العدول عن سائرهم وهو الأصل.
وأيضاً: قد يكون لأحدهم قول رجع عنه، كما أثر عن أبي حنيفة أن له بعض الأقوال، لكن الراجح أنه رجع عن كثير منها.
وقد يكون أيضاً ممن ابتلي بطائفة أو بقوم من أهل البدع، فيكون بالغ في تقرير الحق على وجه لا يعرفه بقية السلف، وقد يكون في ذلك معذوراً.
وهذه الزلات قد تكون مصدر فتنة لكثير من المنتسبين للعلم، أو لأهل الأهواء الذين قد يحتجون بزلة إمام من أئمة الدين، فيجعلونها حجة على أهل الحق، وهذا لا شك أنه مما عرف بموازين الشرع، فإن العبرة بالدليل بالكتاب والسنة، ولا عصمة إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والكمال لله سبحانه وحده، والزلة إذا حدثت لا يمكن أن تخفى على بقية أهل العلم، فلذلك لم يجمع أهل الحق على ضلالة أبداً، بل نجد أن من زل من العلماء لا يكون له أتباع من أهل السنة، من كانت له زلة تخالف العقيدة من أئمة الدين قد يفتن بها أهل الأهواء وأهل البدع والافتراق، لكن لا يفتن أحد من أهل السنة، فحينما زل الإمام عبد الرزاق بن همام رحمه الله في مسألة التشيع لم يتبعه أحد فيها على قوله، وحينما زل قتادة -وقيل: إنه رجع- لم يتبعه أحد من أهل السنة على قوله، وحينما قال بعض الأئمة بمسائل في القدر والإرجاء لم يتبعهم أحد من أهل السنة على قولهم، إنما تبعهم بعض أهل الافتراق، وهذا من باب الفتنة والابتلاء.
فعلى هذا فالحق بين ولا يمكن نقض الحق بزلة عالم؛ لأن العصمة لا تكون إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك -كما قلت- فإن الزلات معدودة جداً ينبغي ألا تكون محل وقفة؛ لكن نبهنا عليها لأننا في مقام يقتضي التنبيه، ولأن هناك من فتن من المعاصرين تبعاً لأهل الأهواء الأولين، هناك من فتن من المعاصرين بمثل هذه الزلات واتكأ عليها لاتخاذها مطعناً على السنة ومناهجها وأهلها.
منهج أهل السنة تجاه أهل الأهواء
هذه العبارات تمثل منهج أهل السنة تجاه أهل الأهواء، أو في معاملة أهل الأهواء، والشيخ لم يرتبها ترتيباً علمياً، وربما بدأ بالأخف قبل الأغلظ، أو أنه خلط بين هذه المسائل.
فأول درجات المنهج في التعامل مع أهل الأهواء: بغضهم وبغض بدعهم، وهذا أمر لا يعذر به أحد من أهل السنة؛ لأن البغض قلبي، أقول: أول درجات التعامل مع أهل الأهواء وأهل البدع البغض لما هم فيه من البدع والأهواء، وهذا يسع جميع أهل السنة؛ لأن البغض أمر قلبي لا يستطيع أحد أن يمنع أحداً منه، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم كذلك، والتقرب بالمجانبة القلبية هذا أمر أيضاً يستطيعه كل مسلم وكل صاحب سنة.
أما بقية الأمور فتختلف باختلاف أحوال الناس حسب الزمان والمكان والظرف والقدرة والاستطاعة، وحسب المصلحة ودرء المفسدة.
أما المصاحبة والمعاشرة فالأصل أن كل صاحب سنة يستطيع ألا يصاحب صاحب بدعة ويعاشره، إلا في حالات نادرة قد تستثنى عند الضرورة.
أما ما يتعلق بالقهر والإذلال والإخزاء والإبعاد والإقصاء والتباعد الجسماني، وكذلك ما يترتب على هذا من الهجر، وأيضاً ما يملكه ولي الأمر أو أهل الحل والعقد من التأديب والضرب والحبس.. ونحو ذلك، فهذه أمور تكون بحسب المصلحة ودرء المفسدة، وتكون مشروطة بحسب الإمكان والقوة والقدرة، وما لا يترتب على ذلك فتنة.
إذاً: منهج التعامل مع أهل الأهواء ممكن أن نقسمه إلى ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: البغض القلبي، وهذا يملكه كل مسلم وكل صاحب سنة.
والدرجة الثانية: ترك المصاحبة والمجالسة، وهذه يملكها أغلب أهل السنة؛ فأغلب أهل السنة يملكون ترك مصاحبة أهل البدع والأهواء.
والدرجة الثالثة: التعزير بأنواعه، وهذه غالباً لا يملكها إلا أهل الولاية والقوة وأهل الحل والعقد، ومن له سلطة أو ولاية، وهذه مشروطة أيضاً بقدير المصلحة ودرء المفسدة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم بعضاً، بل أجمعوا عليها كلها، واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم ].
هذه العبارات تمثل منهج أهل السنة تجاه أهل الأهواء، أو في معاملة أهل الأهواء، والشيخ لم يرتبها ترتيباً علمياً، وربما بدأ بالأخف قبل الأغلظ، أو أنه خلط بين هذه المسائل.
فأول درجات المنهج في التعامل مع أهل الأهواء: بغضهم وبغض بدعهم، وهذا أمر لا يعذر به أحد من أهل السنة؛ لأن البغض قلبي، أقول: أول درجات التعامل مع أهل الأهواء وأهل البدع البغض لما هم فيه من البدع والأهواء، وهذا يسع جميع أهل السنة؛ لأن البغض أمر قلبي لا يستطيع أحد أن يمنع أحداً منه، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم كذلك، والتقرب بالمجانبة القلبية هذا أمر أيضاً يستطيعه كل مسلم وكل صاحب سنة.
أما بقية الأمور فتختلف باختلاف أحوال الناس حسب الزمان والمكان والظرف والقدرة والاستطاعة، وحسب المصلحة ودرء المفسدة.
أما المصاحبة والمعاشرة فالأصل أن كل صاحب سنة يستطيع ألا يصاحب صاحب بدعة ويعاشره، إلا في حالات نادرة قد تستثنى عند الضرورة.
أما ما يتعلق بالقهر والإذلال والإخزاء والإبعاد والإقصاء والتباعد الجسماني، وكذلك ما يترتب على هذا من الهجر، وأيضاً ما يملكه ولي الأمر أو أهل الحل والعقد من التأديب والضرب والحبس.. ونحو ذلك، فهذه أمور تكون بحسب المصلحة ودرء المفسدة، وتكون مشروطة بحسب الإمكان والقوة والقدرة، وما لا يترتب على ذلك فتنة.
إذاً: منهج التعامل مع أهل الأهواء ممكن أن نقسمه إلى ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: البغض القلبي، وهذا يملكه كل مسلم وكل صاحب سنة.
والدرجة الثانية: ترك المصاحبة والمجالسة، وهذه يملكها أغلب أهل السنة؛ فأغلب أهل السنة يملكون ترك مصاحبة أهل البدع والأهواء.
والدرجة الثالثة: التعزير بأنواعه، وهذه غالباً لا يملكها إلا أهل الولاية والقوة وأهل الحل والعقد، ومن له سلطة أو ولاية، وهذه مشروطة أيضاً بقدير المصلحة ودرء المفسدة.
قال المصنف رحمه الله: [ وأنا بفضل الله عز وجل متبع لآثارهم مستضيء بأنوارهم، ناصح لإخواني وأصحابي ألا يزلقوا عن منارهم، ولا يتبعوا غير أقوالهم، ولا يشتغلوا بهذه المحدثات من البدع التي اشتهرت فيما بين المسلمين وظهرت وانتشرت، ولو جرت واحدة منها على لسان واحد في عصر أولئك الأئمة لهجروه وبدعوه، ولكذبوه وأصابوه بكل سوء ومكروه ].
الشيخ الصابوني هنا يقصد ما حدث في وقته مما لم يحدث في وقت السابقين.
والشيخ عاش بين القرن الرابع والخامس، وشاهد في وقته كثيراً من البدع: بدع المتصوفة، وبدع الفلاسفة، وبدع الباطنية، وبدع غلاة المتكلمين الذين أنكروا أسماء الله وصفاته، وتكلموا في ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله بما لم يتكلم به حتى الجهمية الأوائل، وتجرءوا بأن يظهروا مصطلحاتهم وأعمالهم البدعية الظاهرة بألسنتهم وبأعمالهم وأقوالهم وأفعالهم وعلاقاتهم، مثل: وحدة الوجود، والاتحاد والحلول، ومثل دعوى الكشف والذوق، ومثل: التعطيل المعلن، ومثل: القول بأن للشريعة ظاهراً وباطناً.. وغير ذلك مما حدث في وقت الصابوني ولم يكن في عهد الذين سبقوه في القرن الثاني والثالث.
فيقول: إن هذه المحدثات التي في وقته ظهرت وانتشرت، وإنها لو جرت في عهد السلف لوقفوا منها موقفاً أحزم مما وقفه المعاصرون له. نعم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولا يغرن إخواني حفظهم الله كثرة أهل البدع ووفور عددهم، فإن ذلك من أمارات اقتراب الساعة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن من علامات الساعة واقترابها أن يقل العلم ويكثر الجهل) والعلم هو السنة والجهل هو البدعة.
ومن تمسك اليوم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمل بها واستقام عليها، ودعا إليها كان أجره أوفر وأكثر من أجر من جرى على هذه الجملة في أوائل الإسلام والملة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (له أجر خمسين، فقيل: خمسين منهم؟ قال: بل منكم)؛ وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك لمن يعمل بسنته عند فساد أمته.
وجدت في كتاب الشيخ الإمام جدي أبي عبد الله محمد بن عدي بن حمدويه الصابوني رحمه الله: أنبأنا أبو العباس الحسن بن سفيان النسوي أن العباس بن صبيح حدثهم: حدثنا عبد الجبار بن مظاهر حدثني معمر بن راشد سمعت ابن شهاب الزهري يقول: تعليم سنة أفضل من عبادة مائتي سنة.
وقال عمرو بن محمد كان أبو معاوية الضرير يحدث هارون الرشيد فحدثه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه: (احتج آدم وموسى..)، فقال عيسى بن جعفر : كيف هذا وبين آدم وموسى ما بينهما؟ قال: فوثب به هارون وقال: يحدثك عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتعارضه بكيف؟ قال: فما زال يقول حتى سكن عنه.
هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد رحمه الله مع من اعترض على الخبر الصحيح الذي سمعه بكيف؛ على طريق الإنكار والاستبعاد له، ولم يتلقه بالقبول كما يجب أن يتلقى جميع ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ].
هذه الحقيقة خاتمة جيدة ومناسبة وكثيراً ما نجد أن المؤلفين من السلف قديماً وحديثاً يتحرون في خواتيم أقوالهم ومحاضراتهم وكتبهم ما يناسب المقام، فالشيخ الصابوني رحمه الله هنا ختم عقيدته هذه التي سرد فيها مناهج السلف وأصولهم وقواعدهم ومناهجهم وذكر أئمتهم.. ختمها بخاتمة مناسبة؛ كأنه يقول فيها: هذه عقيدة السلف التي ندين الله بها المأخوذة من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي ينبغي أن يكون المسلم مسلماً بها؛ لأن العقيدة تنبني على التسليم، بل الدين كله ينبني على القبول والتسليم والتصديق، وأنه لا يجوز لمسلم أن يتردد ولا أن يشك ولا أن يكون عنده ريب أو عنده شيء من التحرج في إثبات هذه العقيدة، بل يسلم كمال التسليم.
فكما بدأ كلامه بضرورة التسليم أيضاً ختم كلامه بضرورة التسليم، وأن مبنى العقيدة على التسليم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ جعلنا الله سبحانه من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويتمسكون في دنياهم مدة محياهم بالكتاب والسنة، وجنبنا الأهواء المضلة والآراء المضمحلة، والأسواء المذلة، فضلاً منه ومنة.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم ].
وبهذا ينتهي هذا الكتاب القيم، ونحمد الله على التمام، ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد والرشاد، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين المستمسكين بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبسبيل المؤمنين.
استمع المزيد من الشيخ ناصر العقل - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [11] | 2986 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [7] | 2890 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [12] | 2561 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [2] | 2556 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [6] | 2423 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [18] | 2302 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [10] | 2296 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [16] | 2235 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [14] | 2222 استماع |
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [15] | 2177 استماع |