تفسير سورة الحجرات (2)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فها نحن مع سورة الحجرات المدنية، ومع هذه الآيات، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ * وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:4-8].

سبب نزول قوله تعالى: (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ...)

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:4-5] ما سبب نزول هذه الآية؟

سبب نزولها أن وفداً من أعراب بني تميم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلن عن إسلامه وطاعته، ولكن مع البداوة والجهل أخذوا ينادونه من وراء الحجرات من باب عائشة وباب فلانة فلان وهو في القيلولة، والرسول نائم صلى الله عليه وسلم، فأزعجوه وأيقظوه وهو صلى الله عليه وسلم ينام ليستريح؛ لأنه في الليل والنهار في عمل، فيستريح في القيلولة، فجاءوا فأيقظوه، فأدبهم الله تعالى بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [الحجرات:4] ما هم بعقلاء، بل بدو عوام، كانوا يفعلون هذا الفعل بأعلى أصواتهم: يا محمد! يا محمد!

معنى قوله تعالى: (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم والله غفور رحيم)

إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [الحجرات:4-5] لو صبروا ساعة وساعتين وثلاث ساعات حتى يخرج إلى المسجد من بيته لكان خيراً لهم، لكن الجهل هذه عواقبه، حتى أدبهم الله في هذه الآية، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:5] فلذا غفر لهم ورحمهم، ولم يؤاخذهم بهذه الجهالة.

هذا معنى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:4-5]، وما صبروا، وهذه حال الجهل والبربرية وعدم العلم، لو كانوا عقلاء بصراء فحين سألوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقيل: نائم؛ فسيجلسون ساعة وساعتين حتى يستريح ويخرج.

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:4-5] ما سبب نزول هذه الآية؟

سبب نزولها أن وفداً من أعراب بني تميم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلن عن إسلامه وطاعته، ولكن مع البداوة والجهل أخذوا ينادونه من وراء الحجرات من باب عائشة وباب فلانة فلان وهو في القيلولة، والرسول نائم صلى الله عليه وسلم، فأزعجوه وأيقظوه وهو صلى الله عليه وسلم ينام ليستريح؛ لأنه في الليل والنهار في عمل، فيستريح في القيلولة، فجاءوا فأيقظوه، فأدبهم الله تعالى بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [الحجرات:4] ما هم بعقلاء، بل بدو عوام، كانوا يفعلون هذا الفعل بأعلى أصواتهم: يا محمد! يا محمد!

إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [الحجرات:4-5] لو صبروا ساعة وساعتين وثلاث ساعات حتى يخرج إلى المسجد من بيته لكان خيراً لهم، لكن الجهل هذه عواقبه، حتى أدبهم الله في هذه الآية، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:5] فلذا غفر لهم ورحمهم، ولم يؤاخذهم بهذه الجهالة.

هذا معنى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الحجرات:4-5]، وما صبروا، وهذه حال الجهل والبربرية وعدم العلم، لو كانوا عقلاء بصراء فحين سألوا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقيل: نائم؛ فسيجلسون ساعة وساعتين حتى يستريح ويخرج.

ثم نادانا تعالى بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6] هذا النداء لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً، وهو شامل لكل المؤمنين، إذا جاءكم فاسق كذاب فاجر بنبأ فلا تصدقوه على الفور.

سبب نزول قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة ...)

وسبب هذه الحادثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق -قبيلة أسلمت ودخلت في الإسلام- ليأتي بالزكاة لينفقها على الجهاد والمؤمنين والمؤمنات، فهذا الوليد لما وصل شاهد أمة كثيرة واستقبله رجال، وكان بين قومه وبينهم عداوة، بين قوم الوليد وبني المصطلق عداوة، فخاف أن يقتلوه، فوسوس له الشيطان أنهم يقتلونه فهرب، وجاء إلى المدينة يشكو ويقول: يا رسول الله! كفروا وارتدوا وأرادوا قتلي. فماذا يصنع الرسول صلى الله عليه وسلم؟

ما كان إلا أن نادى خالد بن الوليد وكون جيشاً وقال: اذهبوا إليهم، فمشى الجيش وخالد على رأسه فاستقبلوهم مؤمنين، وسمعوا الأذان يؤذن، لما ناموا بالليل قريباً من المنطقة سمعوا المؤذن يؤذن، فعلموا أنهم مؤمنون مسلمون، أرأيتم لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب القوم وسلط عليهم أما يندمون؟ فهذا الخبر كاذب، فاسق جاء بنبأ.

وهنا على المسئولين وعلى كل المؤمنين ألا يقبلوا قول كل إنسان يقول: فلان فيه كذا وكذا، فلانة فعلت كذا، فلان يفعل كذا، لا يجوز أبداً، ولا تصدقه إلا إذا كان مؤمناً صادقاً ربانياً معروفاً بالصدق والطهارة، أما شخص معروف بالكذب والباطل أو الفسق والفجور ويقول كلمة فكيف تصدقه؟

ورجال الإعلام شبيهون بهؤلاء، فلهذا لا يُصدقون.

وجوب التثبت من خبر الفاسق

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ [الحجرات:6] من هو الفاسق؟ الكاذب فاسق، الزاني فاسق، المرابي فاسق.. كل مرتكب كبيرة هو فاسق، يعني: خرج عن طاعة الله ورسوله، ومنه: الفويسقة التي خرجت من جحرها، فكل من خرج عن طاعة الله ورسوله فاسق كافراً كان أو مؤمناً، إن كان كافراً فهو كافر، وإن كان مؤمناً فهو مؤمن ولكنه فاسق والعياذ بالله تعالى.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ [الحجرات:6]، والنبأ: الخبر العظيم، خبر فيه ما يترتب عليه من فوائد أو ضرر، فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6] تأكدوا، راجعوا القضية، فكروا فيها، اسألوا غيره حتى تهتدوا، أما بمجرد أنه قال فلان تقولون؛ فهذا حرمه الله علينا بنص الآية الكريمة: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]، يجب أن تتبينوا قبل أن تقولوا أو تفعلوا، حتى لا يترتب على ذلك ألم وفساد لكم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6] لماذا؟ خشية أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ [الحجرات:6] القوم الذين قيل فيهم كذا وكذا تضربونهم وتقاتلونهم، بعد ذلك يتبين لكم أنكم مخطئون، وأنهم ما هم بأهل لهذا أبداً، أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6] وقطعاً سيندمون.

هذه الآية بالذات للمستمعين والمستمعات، ما نقبل قول قائل: فلان وفلانة وكذا أبداً، إلا أن يكون الخبر من مؤمن صادق القول والبيان يجزم به فنعم، أما مجرد قالت فلانة وقال فلان فما يقبل هذا أبداً، نهينا عنه؛ لأنه يترتب عليه عداوة أو بغضاء أو فساد أو شر بدون داع إلى هذا، هذا توجيه الله عز وجل وتربيته لأمة الإسلام.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6] لماذا؟ أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات:6] ولا ينفعكم الندم.

وسبب هذه الحادثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق -قبيلة أسلمت ودخلت في الإسلام- ليأتي بالزكاة لينفقها على الجهاد والمؤمنين والمؤمنات، فهذا الوليد لما وصل شاهد أمة كثيرة واستقبله رجال، وكان بين قومه وبينهم عداوة، بين قوم الوليد وبني المصطلق عداوة، فخاف أن يقتلوه، فوسوس له الشيطان أنهم يقتلونه فهرب، وجاء إلى المدينة يشكو ويقول: يا رسول الله! كفروا وارتدوا وأرادوا قتلي. فماذا يصنع الرسول صلى الله عليه وسلم؟

ما كان إلا أن نادى خالد بن الوليد وكون جيشاً وقال: اذهبوا إليهم، فمشى الجيش وخالد على رأسه فاستقبلوهم مؤمنين، وسمعوا الأذان يؤذن، لما ناموا بالليل قريباً من المنطقة سمعوا المؤذن يؤذن، فعلموا أنهم مؤمنون مسلمون، أرأيتم لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب القوم وسلط عليهم أما يندمون؟ فهذا الخبر كاذب، فاسق جاء بنبأ.

وهنا على المسئولين وعلى كل المؤمنين ألا يقبلوا قول كل إنسان يقول: فلان فيه كذا وكذا، فلانة فعلت كذا، فلان يفعل كذا، لا يجوز أبداً، ولا تصدقه إلا إذا كان مؤمناً صادقاً ربانياً معروفاً بالصدق والطهارة، أما شخص معروف بالكذب والباطل أو الفسق والفجور ويقول كلمة فكيف تصدقه؟

ورجال الإعلام شبيهون بهؤلاء، فلهذا لا يُصدقون.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة الأحقاف (8) 3862 استماع
تفسير سورة الفتح (8) 3473 استماع
تفسير سورة الأحقاف (7) 3331 استماع
تفسير سورة ق (6) 3236 استماع
تفسير سورة الفتح (1) 3128 استماع
تفسير سورة الأحقاف (1) 3062 استماع
تفسير سورة ق (2) 3049 استماع
تفسير سورة الفتح (3) 3024 استماع
تفسير سورة الأحقاف (4) 2964 استماع
تفسير سورة الفتح (4) 2896 استماع