أرشيف المقالات

الشرك أعظم الذنوب

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الشرك أعظم الذنوب

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: ((أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك))، قلت: إن ذلك لعظيم، قلت: ثم أي؟ قال: ((وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك))، قلت: ثم أي؟ قال: ((أن تُزاني حليلة جارك))؛ متفق عليه[1].
 
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: الند هو الشبيه والشريك والمثيل، ومعنى الحديث: النهي عن جعل شريك لله تعالى في العبادة؛ كما قال تعالى: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]، والشرك: صرف شيءٍ من العبادة لغير الله تعالى، مثل: دعاء غير الله، أو الاستغاثة بغير الله، أو الذبح لغير الله، أو النذر لغير الله من الأولياء وأصحاب الأضرحة والقبور، أو السجود لغير الله تعظيمًا له، وكل هذا شركٌ أكبر، مخرجٌ من الدين، وصاحبه مخلد في النار.

الفائدة الثانية: الشرك أعظم الذنوب وأشدها، وهو الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله تعالى؛ فالواجب على كل مسلم اجتناب الشرك، كبيرِه وصغيره، والحذر من الوقوع فيه، والتحذير منه، والبعد عن جميع الأسباب المفضية إليه من البدع والوسائل الشركية بأنواعها؛ كالبناء على القبور، واتخاذ الأضرحة، وبناء المساجد على القبور، وغير ذلك.
ولقد كان إبراهيم عليه السلام - وهو أبو الأنبياء عليهم السلام وسيد الحنفاء - يخاف الشرك على نفسه وذريته، ويدعو ربه قائلًا: ﴿ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]؛ فكيف بمن سواه؟

الفائدة الثالثة: مَن جهِل الشرك ولم يخَفْ منه، أوشك أن يقع فيه، كما وقع فيه كثيرٌ من المسلمين اليوم، ومنذ أزمنة بعيدة، والشيطان حريصٌ على إيقاع الناس في هذا الذنب العظيم، وذلك منتهى غايته ومطلوبه؛ ليخرج الناس من دين الله تعالى ويلبسه عليهم؛ كما قال تعالى: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16].

والشيطان يزيِّن الشرك في القلوب بحيل شتى، منها: إيعازه بأن هذا من حب الأولياء والصالحين، أو أن التقرب إليهم ليس من عبادتهم، إنما هو من باب اتخاذهم وسيلة عند الله لصلاحهم وقربهم منه، وهذا هو عين شرك المشركين؛ كما قال تعالى: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾ [الزمر: 3].



[1] رواه البخاري في كتاب التفسير، تفسير سورة البقرة، باب قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]، 4/ 1626 (4207)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب، وبيان أعظمها بعده 1/ 90 (86).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢