تفسير سورة الأحقاف (1)


الحلقة مفرغة

تفويض معاني الحروف المقطعة في فواتح السور إلى الله تعالى

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

وها نحن مع فاتحة سورة الأحقاف سابعة آل حم، ومع هذه الآيات، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:1-6].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الأحقاف:1-2].

هذه آخر سورة من آل حم، وهي سبع سور: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، مفتتحة بهذين الحرفين: الحاء والميم: (حم).

والذي علمناه وعلمتموه وأصبح من علمنا أنا نقول: معنى حم أو طسم: الله أعلم بمراده به، نفوض أمر معناه إلى الله منزله، ولا نقول: هو بمعنى كذا ولا كذا، وهذا مذهب السلف الصالح.

حكم وفوائد الحروف المقطعة في فواتح السور

‏وهناك فائدتان أفادتهما هذه الحروف لصالح هذه الدعوة الإسلامية:

الفائدة الأولى: لما كان الكتاب الكريم مؤلفاً مركباً من هذه الحروف فلم تعجزون عن الإتيان بمثله أيها العرب؟ فأتوا بسورة من مثله. فإن عجزتم فسلموا إذاً أنه كلام الله تعالى.

فهو مركب من هذه الحروف: (طسم) (كهيعص)، فألفوا أنتم سورة فقط، وقد تحداهم بمثله كاملاً إذ قال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:88] فعجزوا، ثم تحداهم بعشر سور فعجزوا، وأخيراً تحداهم بسورة واحدة فعجزوا، إذاً: فسلموا أنه كلام الله ووحيه وليس من الشعر ولا من السحر ولا من كلام البشر. فهذه فائدة عظيمة.

الفائدة الثانية: لما كانوا ما يريدون أن يسمعوا القرآن، واتخذوا قراراً حكومياً نصه: لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت:26]، إذا سمعتم من يقرأ هذا القرآن فصيحوا بأسوأ الكلام؛ حتى لا يتسرب إلى قلوبكم.

إذاً: فمن فائدة هذه الحروف التي ما سمعوا بها قبل قط ولا نطقوا بها أن يسمع السامع: طسم، فيضطر إلى أن يسمع، فيخرج من طاعة الحاكم الذي أمره بألا يسمع فيسمع، ومن ثم يتسرب النور إلى قلوبهم فيؤمنون.

هاتان الفائدتان أفادتهما هذه الحروف المقطعة من الم [البقرة:1] إلى ن وَالْقَلَمِ [القلم:1].

معنى قوله تعالى: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم)

يقول تعالى: حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ [الأحقاف:1-2] المراد من الكتاب هنا: القرآن العظيم، من نزله؟ الله جل جلاله وعظم سلطانه، مصدره من العزيز، ألا وهو الله عز وجل، الغالب الذي لا يُغالب، العزيز في سلطانه وحكمه وملكوته، الحكيم في تدبيره، فهاتان صفتان جليلتان من صفات الرب تبارك وتعالى: العز والحكمة، هو عزيز لا يغالب، وحكيم لا يخطئ أبداً.

فما دام القرآن من حكيم عليم فكله هدى ونور، وكله حكم ومعرفة وعلم، إذاً: فاستجيبوا لله واقرءوا كتابه وآمنوا به، واعملوا بما فيه.

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

وها نحن مع فاتحة سورة الأحقاف سابعة آل حم، ومع هذه الآيات، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:1-6].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الأحقاف:1-2].

هذه آخر سورة من آل حم، وهي سبع سور: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، مفتتحة بهذين الحرفين: الحاء والميم: (حم).

والذي علمناه وعلمتموه وأصبح من علمنا أنا نقول: معنى حم أو طسم: الله أعلم بمراده به، نفوض أمر معناه إلى الله منزله، ولا نقول: هو بمعنى كذا ولا كذا، وهذا مذهب السلف الصالح.

‏وهناك فائدتان أفادتهما هذه الحروف لصالح هذه الدعوة الإسلامية:

الفائدة الأولى: لما كان الكتاب الكريم مؤلفاً مركباً من هذه الحروف فلم تعجزون عن الإتيان بمثله أيها العرب؟ فأتوا بسورة من مثله. فإن عجزتم فسلموا إذاً أنه كلام الله تعالى.

فهو مركب من هذه الحروف: (طسم) (كهيعص)، فألفوا أنتم سورة فقط، وقد تحداهم بمثله كاملاً إذ قال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:88] فعجزوا، ثم تحداهم بعشر سور فعجزوا، وأخيراً تحداهم بسورة واحدة فعجزوا، إذاً: فسلموا أنه كلام الله ووحيه وليس من الشعر ولا من السحر ولا من كلام البشر. فهذه فائدة عظيمة.

الفائدة الثانية: لما كانوا ما يريدون أن يسمعوا القرآن، واتخذوا قراراً حكومياً نصه: لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت:26]، إذا سمعتم من يقرأ هذا القرآن فصيحوا بأسوأ الكلام؛ حتى لا يتسرب إلى قلوبكم.

إذاً: فمن فائدة هذه الحروف التي ما سمعوا بها قبل قط ولا نطقوا بها أن يسمع السامع: طسم، فيضطر إلى أن يسمع، فيخرج من طاعة الحاكم الذي أمره بألا يسمع فيسمع، ومن ثم يتسرب النور إلى قلوبهم فيؤمنون.

هاتان الفائدتان أفادتهما هذه الحروف المقطعة من الم [البقرة:1] إلى ن وَالْقَلَمِ [القلم:1].

يقول تعالى: حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ [الأحقاف:1-2] المراد من الكتاب هنا: القرآن العظيم، من نزله؟ الله جل جلاله وعظم سلطانه، مصدره من العزيز، ألا وهو الله عز وجل، الغالب الذي لا يُغالب، العزيز في سلطانه وحكمه وملكوته، الحكيم في تدبيره، فهاتان صفتان جليلتان من صفات الرب تبارك وتعالى: العز والحكمة، هو عزيز لا يغالب، وحكيم لا يخطئ أبداً.

فما دام القرآن من حكيم عليم فكله هدى ونور، وكله حكم ومعرفة وعلم، إذاً: فاستجيبوا لله واقرءوا كتابه وآمنوا به، واعملوا بما فيه.

ثم قال تعالى: مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ [الأحقاف:3] ما خلقناهما للباطل وللهو واللعب، تعالى الله عن اللهو واللعب، كيف يخلق هذه السماوات السبع لا لشيء وإنما للهو واللعب فقط؟ كيف يخلق هذه الأرض وكل ما فيها للهو والباطل؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، ولكن خلقهما بالحق.

وسر خلقهما كما علمتم أن يذكر تعالى ويشكر من عباده من الملائكة والإنس والجن: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، خلق السماء وما فيها والأرض وما فيها، وكل ذلك من مظاهر قدرته وعلمه وحكمته وسلطانه وقوته، خلقهما وخلق هذا النوع من المخلوقات من الإنس والجن من أجل أن يُعبد بذكره وشكره، فعبادة الله ذكر الله وشكره، طاعته فيما يأمر به وينهى عنه.

هكذا يقول تعالى: مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى [الأحقاف:3] وهو أجل الفناء ونهاية الدنيا وهو يوم القيامة، هذه السماوات وما فيها، هذه الأرض وما فيها، كل ذلك مخلوق وله أجل سوف ينتهي إليه، فلا تبقى سماء ولا أرض.

يقول تعالى: مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى [الأحقاف:3] فمن سماه؟ الله تعالى، حدد موعده باليوم والتاريخ، باللحظة لا بالساعة والدقيقة فحسب، وهو يوم القيامة، يوم الساعة، يوم الفناء، يوم نهاية الدنيا.

معنى قوله تعالى: (والذين كفروا عما أنذروا معرضون)

ثم قال تعالى في خبر آخر: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [الأحقاف:3] يا للأسف! هذه العلوم والمعارف الإلهية والذين كفروا بكتابنا ورسولنا وبتوحيدنا معرضون، ما يسمعون ولا يسألون ولا يتعلمون؛ حتى لا يعبدوا الله ولا يوحدوه.

والذين كفروا مع هذا الكمال والجمال من مظاهر القدرة والعلم والحكمة، كالموت والفناء والحياة الثانية، مع هذا كله ما يريدون أن يسمعوا!

الآن ملايين البشر ما يريدون أن يسمعوا، هل جاءك يهودي أو نصراني وقال: أسمعني كلام الله؟ كلا. فما يريدون أن يسمعوا.

هذا خبر الصدق أو لا؟ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا [الأحقاف:3] به وخوفوا منه، ألا وهو ذل الدنيا وخسارتها، وشقاء الآخرة ودوام عذابها،كل هذا هم عنه مُعْرِضُونَ [الأحقاف:3].

وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [الأحقاف:3] من الذي أنذرهم؟ رسل الله، ما من رسول إلا أنذر قومه عذاب الآخرة وشقاء الدنيا وخسرانها، وهذا خاتمهم وسيدهم صلى الله عليه وسلم أنذر أبيضهم وأصفرهم، وخوفهم عذاب الله في الدنيا والآخرة، ولكنهم معرضون إلى الآن.