تفسير سورة الحجرات (3)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فها نحن مع سورة الحجرات المدنية، ومع هذه الآيات، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:9-13].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات:9] هذا أمر الله، هذا شرع الله، هذا قانون الله، فعلى المسلمين أن يطبقوه ولا يهربوا منه ولا يمتنعوا عنه، هذا إرشاد إلهي وتربية ربانية للمجتمع الإسلامي القرآني.

فيقول تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ [الحجرات:9] كبرتا أو صغرتا، وإن اثنان من الناس أو أربعة أو عشرة، وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الحجرات:9] ممن آمنوا بالله رباً لا رب غيره وإلهاً لا إله سواه، وآمنوا بمحمد نبي الله ورسول الله، وآمنوا بلقاء الله وما يجري في الدار الآخرة من جزاء، هؤلاء المؤمنون الصادقون إذا اقتتلوا، أي: وقع قتال بين فئتين منهم وطائفتين، جماعتين، فردين؛ فما هو واجبكم؟

قال تعالى: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] يجب أن ندخل وأن نصلح بين الفئتين أو الحزبين أو الجماعتين أو الدولتين المختلفتين.

معنى قوله تعالى: (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ...)

ثم قال تعالى: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ [الحجرات:9]، فإن أصلحنا بينهما بالكتاب والسنة، بقانون السماء لا بآراء الرجال والعلماء، بقال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أصلحنا بينهما ثم بغت إحداهما وظلمت الأخرى، ما رضيت بحكم الله وما صدر عليها، ورفضته وبغت على الطائفة الأخرى؛ فما هو واجبنا؟

يجب أن نقاتل التي تبغي حتى ترجع إلى الحق، فقاتلوا التي تبغي وتظلم حتى تعود إلى الحق وتقنع به وتذل له، هذا واجب المسلمين: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ [الحجرات:9] ورجعت فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا [الحجرات:9] ولا تظلموا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9] هذا حكم الله.

ونرى اليوم جماعات تتقاتل وطوائف تتقاتل والمسلمون نائمون لا يتحركون، ومع الأسف فرطنا في هذا الواجب الإلهي؛ وذلك لقساوة قلوبنا، لجهلنا، لظلمنا، لعدم بصيرتنا، لعوامل كثيرة عملت هذا.

ثم قال تعالى: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ [الحجرات:9]، فإن أصلحنا بينهما بالكتاب والسنة، بقانون السماء لا بآراء الرجال والعلماء، بقال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أصلحنا بينهما ثم بغت إحداهما وظلمت الأخرى، ما رضيت بحكم الله وما صدر عليها، ورفضته وبغت على الطائفة الأخرى؛ فما هو واجبنا؟

يجب أن نقاتل التي تبغي حتى ترجع إلى الحق، فقاتلوا التي تبغي وتظلم حتى تعود إلى الحق وتقنع به وتذل له، هذا واجب المسلمين: فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ [الحجرات:9] ورجعت فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا [الحجرات:9] ولا تظلموا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9] هذا حكم الله.

ونرى اليوم جماعات تتقاتل وطوائف تتقاتل والمسلمون نائمون لا يتحركون، ومع الأسف فرطنا في هذا الواجب الإلهي؛ وذلك لقساوة قلوبنا، لجهلنا، لظلمنا، لعدم بصيرتنا، لعوامل كثيرة عملت هذا.

ثم قال تعالى في حكم آخر: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10]، هذا يشجعنا على أن نقوم بذلك الواجب، فالمؤمنون إخوة، المؤمن أخو المؤمن، أخوة أعظم من أخوة النسب، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ [الحجرات:10] في هذا ولا تعصوه ولا تخرجوا عن طاعته، وأدوا هذا الواجب لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10] أي: لكي ترحموا وتسعدوا في الدنيا والآخرة.

هذا الخبر الإلهي: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] إذاً: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10] إذا اختلفوا وتنازعوا فأصلحوا فيما بينهم، ولا تسكتوا ولا تبطلوا هذا الإصلاح لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10]، ليعدكم الله تعالى للرحمة في الدنيا وفي الآخرة، أما أن تشاهدوا إخوانكم يتقاتلون وأنتم صامتون ساكتون فما يجوز ذلك، كيف ترضون بسفك دمائهم، وكيف ترضون بعذابهم؟

ثم نادانا بنداء خاص: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ [الحجرات:11]، فلا يحل لمؤمن أن يسخر من مؤمن أو يستهزئ به ويضحك منه، ويستخف به ولا يبالي به، أو يهينه ولا يبالي بكرامته، حرام هذا لا يجوز، لا يجوز أن يسخر مؤمن من مؤمن، فلا يقول: يا أعمى، ولا يا أعرج، ولا يا فقير.

لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ [الحجرات:11]، المسخور منهم يكونون عند الله خيراً من الساخرين منهم قطعاً بدون شك، و(عسى) تفيد التحقيق من الله.

وَلا نِسَاءٌ [الحجرات:11] أيضاً مِنْ نِسَاءٍ [الحجرات:11]، فلا يحل لمؤمنة أن تسخر من مؤمنة أو تستهزئ بها أو تستخف بها أبداً، عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ [الحجرات:11] أيضاً، المسخور منها المستهزأ بها قد تكون عند الله خيراً من الساخرة المستهزئة.

سبحان الله! هذا تطهير للمجتمع ليصبح المؤمنون ربانيين كالملائكة في السماء، وتم هذا في القرون الذهبية الأولى.

معنى قوله تعالى: (ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب)

ثانياً: وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ [الحجرات:11]، اللمز: الطعن، لا تطعن في أخيك أبداً، ولا تنابزوا بالألقاب، لا تقول: يا كافر! يا أعمى! يا مجنون! يا فاسق! لا يجوز هذا الكلام أبداً.

أما أن تقول: يا أهل الخير، يا أهل الصلاح فنعم، أما اللقب بتلك الألفاظ المحرمة فلا يحل أبداً: وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ [الحجرات:11] فتقولوا: هذا به كذا، هذا عنده كذا، هذا يقول كذا، يأكل بعضكم بعضاً، هذا لا يجوز في الإسلام أبداً، تجلس مع المؤمن سنة كاملة فما تسمعه يقول: فلان فيه كذا أو فلانة بها كذا أبداً.

وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ [الحجرات:11]، كقول: يا فاسق، يا كذاب، لا يجوز هذا أبداً.

معنى قوله تعالى: (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)

ثم قال تعالى: بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات:11] ما شيء أقبح من كلمة: يا فاسق، فكيف تقول لأخيك: يا فاسق، أو يا كاذب، أو يا فاجر؟

وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11] من لم يتب من اللمز والطعن والتنابز بالألقاب -والعياذ بالله- فهو من الظالمين، والظالمون هلكى عند الله عز وجل.

ثانياً: وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ [الحجرات:11]، اللمز: الطعن، لا تطعن في أخيك أبداً، ولا تنابزوا بالألقاب، لا تقول: يا كافر! يا أعمى! يا مجنون! يا فاسق! لا يجوز هذا الكلام أبداً.

أما أن تقول: يا أهل الخير، يا أهل الصلاح فنعم، أما اللقب بتلك الألفاظ المحرمة فلا يحل أبداً: وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ [الحجرات:11] فتقولوا: هذا به كذا، هذا عنده كذا، هذا يقول كذا، يأكل بعضكم بعضاً، هذا لا يجوز في الإسلام أبداً، تجلس مع المؤمن سنة كاملة فما تسمعه يقول: فلان فيه كذا أو فلانة بها كذا أبداً.

وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ [الحجرات:11]، كقول: يا فاسق، يا كذاب، لا يجوز هذا أبداً.

ثم قال تعالى: بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات:11] ما شيء أقبح من كلمة: يا فاسق، فكيف تقول لأخيك: يا فاسق، أو يا كاذب، أو يا فاجر؟

وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11] من لم يتب من اللمز والطعن والتنابز بالألقاب -والعياذ بالله- فهو من الظالمين، والظالمون هلكى عند الله عز وجل.