عنوان الفتوى : حكم عمل الطبيبة في المستشفيات المختلطة وعلاج الرجال
أنهيت دراسة الطب هذه السنة، وأنا الآن طبيبة، وتم قبولي بوظيفة بالمستشفى ستبدأ خلال شهرين بإذن الله.
أنا -ولله الحمد- ملتزمة بالحجاب، ولا أضع المكياج، ولا أتعطر بالعمل، وأحاول تجنب الكلام في غير العمل مع الرجال، ولكن للأسف كما هو معلوم، فجميع المستشفيات الآن العمل بها مختلط؛ سواء من ناحية العمل مع الرجال، أو كون المرضى رجالًا ونساءً، أنا لم ألتحق بالعمل لحاجة شخصية، ولكن التحقت بهذه الكلية كي أكون طبيبة تفيد المجتمع المسلم.
أنا سأحاول أن آخذ حالات من المرضى النساء أكثر من الرجال، ولكن لن يكون هذا متاحا دائما، فنظام المستشفى لا يعير هذا الأمر اهتمامًا، وسأضطر في بعض الأحيان من الكشف على الرجال بالطبع، وكما ذكرت سابقًا نحن نعمل مع الأطباء أيضا، ولكن سأحاول قدر استطاعتي أن أكشف على النساء أكثر من الرجال.
وأعلم أن الاختلاط محرم، ولكن سؤالي: هل بهذه الحالة يرخص لي بالعمل، ومن الأفضل الاستمرار به، وأتقي الله ما استطعت؟ أم يجب عليَّ ترك العمل؟ فأنا لا أريد أن أكسب ذنوبًا جراء هذا العمل، خصوصًا أنه عمل شاق جدًا، وأبتغي به الأجر، وليس الذنوب.
رجاءً لا تقولوا لي: ابحثي عن مشفى خاص بالنساء؛ لأنه لا يوجد ذلك، خصوصًا لمن تخرج حديثًا، حيث لا بد من العمل بمستشفيات كبيرة لنكون تحت التدريب، ونكتسب خبرة كافية.
جزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تعمل في مكان تختلط فيه بالرجال اختلاطا محرما إلا لضرورة أو حاجة شديدة، وسبق بيان ذلك في الفتويين التاليتين: 3859، 125751. وفيها بيان ضابط الاختلاط المحرم. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن الأصل أن تطبب المرأة النساء، ولا يجوز لها تطبيب الرجال إلا لضرورة أو حاجة شديدة، كما أوضحناه في الفتويين التاليتين: 8107، 133317.
والغالب في الاختلاط الموجود في كثير من المؤسسات الصحية وغيرها أنه من جنس الاختلاط المحرم، ويتجاوز الأمر مجرد كونه اختلاطا إلى التساهل في التعامل بين الجنسين في الأنس، والضحك، ونحو ذلك من دواعي الفتنة.
ولكن لا شك في أنه من المهم أن يوجد في هذه المؤسسات بعض الصالحين والصالحات الذين يتحرون الصدق والإخلاص، ويحرصون على نفع الناس، والذين يمكن أن يحصل بسببهم تخفيف للشر والمنكرات.
فإن كنت تأمنين على نفسك الفتنة بالعمل في هذه المستشفى، فلا حرج عليك -إن شاء الله- في العمل فيها، وتحري الضوابط الشرعية قدر الإمكان، والتعامل عند العلاج مع كل حالة بما تقتضيه ضوابط الشرع عند الحاجة أو الضرورة، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
والله أعلم.